روماف – مقالات
شادي حاجي
إعلان تاريخي تخلى بسببه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت (24 أبريل/ نيسان 2021) عن عقود من الدبلوماسية الحذرة بحجة الخوف من الإضرار بالعلاقة الأمريكية التركية واعترف ووصف مذبحة الأرمن التي ارتكبت على يد الإمبراطورية العثمانية في عام 1915 بأنها “إبادة جماعية” وهو تصنيف تجنبه الرؤساء الأمريكيون لفترة طويلة.
طبعاً وكما تعلمون أن هذا القرار لم يأتِ هكذا في ليلة وضحاها بل بعد حملة ضغط طويلة قام بها أعضاء في الكونغرس وجماعات أمريكية أرمينية تحرص على استخدام البيت الأبيض لهذا المصطلح.
من هي الجماعات الأمريكية الأرمنية (اللوبي الأرمني) ؟
أول ما يلفت السؤال نظرنا إليه هو ما يسمعه الناس كثيراً حول اللوبي الاسرائيلي ونفوذه على السياسة الأمريكية عن طريق تأثيره القوي على عملية صنع القرار في أمريكا ولكن على مايبدو فإن اللوبي الاسرائيلي لم يعد وحده الموجود على الساحة السياسية، فهناك العديد من مجموعات الضغط (اللوبيات) والتي ظلت تحاول دائماً بطريقة أو بأخرى التحالف مع اللوبي الإسرائيلي باعتباره يمثل “اللوبي الرئيسي” من بين اللوبيات المنظمة التي تحترف الضغط والتأثير على عملية صنع واتخاذ القرار.
ومن إحدى مجموعات الضغط تلك هي جماعات الضغط الأرمنية (اللوبي الأرمني) والذي يُعدّ على مستوى العالم قوة لا يستهان بها فهو صاحب الفضل الأول في التعريف بقضية الأرمن والقيام بمجموعة من الأعمال والنشاطات (أفراد ومنظمات) في دول الشتات للتأثير على السياسة الخارجية لدولهم بالشكل الذي يتناسب فيه مع مصالح الأرمن وأرمينيا واكتساب هذا التعاطف العالمي وعلى سبيل المثال لا الحصر يشكل الأرمن جالية كبيرة في أمريكا ولهم الكثير من الجمعيات مثل “اللجنة الوطنية للأرمن بأميركا” وهي أكبر منظمة أرمنية في أميركا.
كما أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون أميركي أرمني ولديهم عضوان في مجلس النواب، وعدة صحف تصدر باللغة الإنكليزية وبالتالي فهم أكبر تأثيرا من أي جالية أخرى بعد الجالية اليهودية على السياسة الأميركية.. فبحسب المعطيات الأمريكية مثلاً يحتل اللوبي الأرمني المرتبة الثانية بعد اللوبي الإسرائيلي اليهودي في الولايات المتحدة بعد تنافس شديد مع اللوبي الكوبي الذي أصبح ثالثاً.
ولإلقاء الضوء على هذه الجماعات والتعريف بها والدور الحقيقي الذي تلعبه هذه اللوبيات وأثره على القرارات التي تتخذها حكومات الدول.
لابد من معرفة مفهوم اللوبي: اللوبي هي جماعة تعمل على التأثير على مصدر القرارات التي تتوزع على السلطتين التشريعية والتنفيذية الحاكمة والتي تحدد صلاحياتهما من قبل دساتيرهما فيحدد اللوبي نقطة تركيزه اعتماداً على مصدر اتخاذ القرار.
ومهما تبدلت التعريفات والأسماء وتعددت فهي في النهاية يجب أن تتضمن اللوبي مفهوماً يشير الى القيام بتجميع الجهود وتنسيقها من أجل الحصول على نتيجة محددة مرغوبة إزاء هدف معين وذلك عن طريق القيام بمحاولة الضغط والتأثير على أجهزة السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لدفعها لاتخاذ القرارات والإجراءات المطلوبة ومن أجل توظيف المزايا التي تنتجها تلك القرارات ليس هذا فحسب بل والسعي الى التأثير وممارسة النفوذ في توجهات الرأي العام باستخدام وتوظيف أجهزة الإعلام والصحافة وأيضاً استخدام التعبئة السياسية عن طريق تحريك المظاهرات وتنظيم الاحتفاليات إضافة إلى توظيف المنظمات غير الحكومية في شتى المجالات الداعمة لتوجهات اللوبي.
كما أن ما يميز جماعات الضغط (اللوبي) عن الأحزاب السياسية هي أنها لا تسعى الوصول الى السلطة خلافاً للأحزاب السياسية، وفي المقابل فإنها تتدخل في السياسة دفاعاً عن أفكارها ومصالحها الخاصة، ومن هنا ولكي نستطيع في نظر علم السياسة أن نعتبر تجمعاً ما جماعة ضاغطة يجب على هذه الجماعة أن تتمتع بخصائص ومزايا معينة، وأن يكون الضغط الذي تمارسه ليس فقط فعلياً بل سياسياً أيضاً أي ضغطاً على السلطة السياسية بهذا المعنى فالجماعات الضاغطة هي فاعل أساسي في الحياة السياسية من خلال تأثيرها المباشر أو غير المباشر على السلطة السياسية بواسطة المنتخبين والأحزاب والرأي العام إضافة الى إمكانياتها الذاتية.
على أن تتمتع جماعات الضغط عموماً بخصائص ومزايا معينة أبرزها أربع وهي :
1- لكي يصح اعتبار مجموعة ما مجموعة ضغط فمن الضروري أن تمتلك حداً أدنى من التنظيم.
2- ينبغي على المجموعات التي تمارس ضغطاً سياسياً أن تفعل ذلك من أجل الدفاع عن أهداف خاصة بها.
3- لكي تكون مجموعة ما مجموعة ضغط يجب أن تتمتع باستقلالية القرار وأن لا تكون مجرد أداة لجهات أخرى.
4- لكي تكون مجموعة ما مجموعة ضغط لابد أن يكون تحركها بغاية التأثير في اتخاذ القرارات أو لتبديل التوجهات السياسية للسلطة في القضايا التي تهم هذه الجماعات.
ونظراً لما سبق ذكره أعلاه فهنا السؤال يفرض نفسه:
أين دور الجالية الكردية في أمريكا وأوربا وبشكل خاص في ألمانيا؟ أين مشروع اللوبي الكردي المؤثر؟
ما الذي يمكن للجالية الكردية في أوروبا ومنظمات أحزابها السياسية تحقيقه في حالة غياب لوبي كردي جامع قوي ومؤثر بمقابل وجود لوبيات تركية وايرانية وعربية منظمة ومؤثرة؟
روماف – مقالاتشادي حاجي إعلان تاريخي تخلى بسببه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت (24 أبريل/ نيسان 2021) عن عقود من الدبلوماسية الحذرة بحجة الخوف من الإضرار بالعلاقة الأمريكية التركية واعترف ووصف مذبحة الأرمن التي ارتكبت على يد الإمبراطورية العثمانية في عام 1915 بأنها “إبادة جماعية” وهو تصنيف تجنبه الرؤساء الأمريكيون لفترة طويلة.طبعاً وكما تعلمون أن هذا القرار لم يأتِ هكذا في ليلة وضحاها بل بعد حملة ضغط طويلة قام بها أعضاء في الكونغرس وجماعات أمريكية أرمينية تحرص على استخدام البيت الأبيض لهذا المصطلح.من هي الجماعات الأمريكية الأرمنية (اللوبي الأرمني) ؟أول ما يلفت السؤال نظرنا إليه هو ما يسمعه الناس كثيراً حول اللوبي الاسرائيلي ونفوذه على السياسة الأمريكية عن طريق تأثيره القوي على عملية صنع القرار في أمريكا ولكن على مايبدو فإن اللوبي الاسرائيلي لم يعد وحده الموجود على الساحة السياسية، فهناك العديد من مجموعات الضغط (اللوبيات) والتي ظلت تحاول دائماً بطريقة أو بأخرى التحالف مع اللوبي الإسرائيلي باعتباره يمثل “اللوبي الرئيسي” من بين اللوبيات المنظمة التي تحترف الضغط والتأثير على عملية صنع واتخاذ القرار.ومن إحدى مجموعات الضغط تلك هي جماعات الضغط الأرمنية (اللوبي الأرمني) والذي يُعدّ على مستوى العالم قوة لا يستهان بها فهو صاحب الفضل الأول في التعريف بقضية الأرمن والقيام بمجموعة من الأعمال والنشاطات (أفراد ومنظمات) في دول الشتات للتأثير على السياسة الخارجية لدولهم بالشكل الذي يتناسب فيه مع مصالح الأرمن وأرمينيا واكتساب هذا التعاطف العالمي وعلى سبيل المثال لا الحصر يشكل الأرمن جالية كبيرة في أمريكا ولهم الكثير من الجمعيات مثل “اللجنة الوطنية للأرمن بأميركا” وهي أكبر منظمة أرمنية في أميركا.كما أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون أميركي أرمني ولديهم عضوان في مجلس النواب، وعدة صحف تصدر باللغة الإنكليزية وبالتالي فهم أكبر تأثيرا من أي جالية أخرى بعد الجالية اليهودية على السياسة الأميركية.. فبحسب المعطيات الأمريكية مثلاً يحتل اللوبي الأرمني المرتبة الثانية بعد اللوبي الإسرائيلي اليهودي في الولايات المتحدة بعد تنافس شديد مع اللوبي الكوبي الذي أصبح ثالثاً.ولإلقاء الضوء على هذه الجماعات والتعريف بها والدور الحقيقي الذي تلعبه هذه اللوبيات وأثره على القرارات التي تتخذها حكومات الدول.لابد من معرفة مفهوم اللوبي: اللوبي هي جماعة تعمل على التأثير على مصدر القرارات التي تتوزع على السلطتين التشريعية والتنفيذية الحاكمة والتي تحدد صلاحياتهما من قبل دساتيرهما فيحدد اللوبي نقطة تركيزه اعتماداً على مصدر اتخاذ القرار.ومهما تبدلت التعريفات والأسماء وتعددت فهي في النهاية يجب أن تتضمن اللوبي مفهوماً يشير الى القيام بتجميع الجهود وتنسيقها من أجل الحصول على نتيجة محددة مرغوبة إزاء هدف معين وذلك عن طريق القيام بمحاولة الضغط والتأثير على أجهزة السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لدفعها لاتخاذ القرارات والإجراءات المطلوبة ومن أجل توظيف المزايا التي تنتجها تلك القرارات ليس هذا فحسب بل والسعي الى التأثير وممارسة النفوذ في توجهات الرأي العام باستخدام وتوظيف أجهزة الإعلام والصحافة وأيضاً استخدام التعبئة السياسية عن طريق تحريك المظاهرات وتنظيم الاحتفاليات إضافة إلى توظيف المنظمات غير الحكومية في شتى المجالات الداعمة لتوجهات اللوبي.كما أن ما يميز جماعات الضغط (اللوبي) عن الأحزاب السياسية هي أنها لا تسعى الوصول الى السلطة خلافاً للأحزاب السياسية، وفي المقابل فإنها تتدخل في السياسة دفاعاً عن أفكارها ومصالحها الخاصة، ومن هنا ولكي نستطيع في نظر علم السياسة أن نعتبر تجمعاً ما جماعة ضاغطة يجب على هذه الجماعة أن تتمتع بخصائص ومزايا معينة، وأن يكون الضغط الذي تمارسه ليس فقط فعلياً بل سياسياً أيضاً أي ضغطاً على السلطة السياسية بهذا المعنى فالجماعات الضاغطة هي فاعل أساسي في الحياة السياسية من خلال تأثيرها المباشر أو غير المباشر على السلطة السياسية بواسطة المنتخبين والأحزاب والرأي العام إضافة الى إمكانياتها الذاتية.على أن تتمتع جماعات الضغط عموماً بخصائص ومزايا معينة أبرزها أربع وهي :1- لكي يصح اعتبار مجموعة ما مجموعة ضغط فمن الضروري أن تمتلك حداً أدنى من التنظيم.2- ينبغي على المجموعات التي تمارس ضغطاً سياسياً أن تفعل ذلك من أجل الدفاع عن أهداف خاصة بها.3- لكي تكون مجموعة ما مجموعة ضغط يجب أن تتمتع باستقلالية القرار وأن لا تكون مجرد أداة لجهات أخرى.4- لكي تكون مجموعة ما مجموعة ضغط لابد أن يكون تحركها بغاية التأثير في اتخاذ القرارات أو لتبديل التوجهات السياسية للسلطة في القضايا التي تهم هذه الجماعات.ونظراً لما سبق ذكره أعلاه فهنا السؤال يفرض نفسه:أين دور الجالية الكردية في أمريكا وأوربا وبشكل خاص في ألمانيا؟ أين مشروع اللوبي الكردي المؤثر؟ما الذي يمكن للجالية الكردية في أوروبا ومنظمات أحزابها السياسية تحقيقه في حالة غياب لوبي كردي جامع قوي ومؤثر بمقابل وجود لوبيات تركية وايرانية وعربية منظمة ومؤثرة؟