هند بومديان /المغرب
من يأخذ مني الحنين على مهل، حين تنام الليالي على زند الحلم، لأنادي في الفراغ على أمنية تراءت للروح خلف الستار ، علني أسترجع الذكرى، و أرتشف ما تبقى من الليل، ف أحيك له أساور من النجوم، و ألبسها معصمه، أو ربما أحاور السهر و أبحث فيه عن ملامحي الهاربة الشاردة بالشغف، و الرقص الغجري ..!
ليسا رقصا هو، بل عرس نبضي خلف أشعة الروح، يبعث بداخلي مع الوقت خيوط الأمل، فتبتسم تلك الماكرة، و تتمتم حتما العابرة ستأتي،
فقط خطوات قليلة تفصلني عني، و أي صدفة عاتية تلك التي تدك روحي فتتألم ….
ليبقى الألم طفلا يتيمًا، يئنُّ في محنة الإبتلاء، أنفاسه الساخنة تلك قد ترسم نهارًا كثير التعري، قليل الهواء…
و يا لطافة همس تعبث بمشاويره المروج و هي تثير بين شفتي الوقت رنين الشهد.
و تلك الروح ليلكية الأنوثة ملامحها تفتح على مهل ورود الصباح و رموش أحلامها تضفر جدائل النور على ملامح الزمن
و أي روح و أنا التي كنت و لازلت أمشى تحت الظلال ، أستذكر اوراق الياسمين بين أناملي ،أحنو عليها ، و أدرى أنها جفت منذ زمن ، و عزائي الوحيد صورة رمادية كـ لون روحي التائهة ما بين مركز الحواس و الحقيقة
ليرقد ذاك الحلم ، و هو لا يحمل شيئا سوى اسما مستعارا ، سقط من أبجدية الكون تحت المسمى عابرة !!!
لتهمس بمسامعي خيوط الشمس ان أنثريها ، واخرجى من تلك الشرنقة و أرتدى أجنحة الفراشات لتولدي من جديد .
لطالمت إفتقدت لـ متعة الألوان و أنا أنظر من نافذة روحي لـ نجمة تكاد تلامس القمر ف أتذكر أياما رحلت ولن تعود ف أسأل نفسي كثيراً
– ترى هل سأعود فعلا أم أظل عابرة ؟
أحلامي بسيطة جدا كسائر الأحلام تثار على متن أمنية في الليل لينتابني أحيانا حنين عميق غريب لروحي القديمة يقلّب الصور والذكريات فيشتاق لطباع في نفسي وخصائل تلاشت مع مرور الأيام دون تفقد فيحتضن الودق أحلاما جديدة و يمضي
وما أقسى وأغرب أن يحن الإنسان لنفسه الشاردة حتى حدسي الذي وشى بقدومي كان يحثني على الابتعاد… لكن عبثا ها أنا رغم تعبي الذي أثقل كاهلي ما زالت محتفظة بنفس الابتسامة الآسرة و كلما أشحت بوجهي عن الأحلام تستقر عيناي على واجهة بلورية من ذاك المدى البعيد .
أرسم الأحلام بصمتي أدور بوضح الشمس فتسرقها الغيمات لتسكبها للنسيان أمطارا و أمطار
علها تشرع أبواب الإنتظار فوق رسغ القصيدة أو على جيد المطر فتنبش من رحم الكتمان سر معزوفة كلما سمعها الليل يزمهر و كلما اشتعل النبض رقصا من عيدان النرجس و أوراق الكينا، فترنم بلون تشرين خيط الليل الطويل، و تحت تلك الأمطار الثملة، تستفز عبق الصمت، فينمو و يتكاثر عند أنفاس النطق، و يشق كلمات تغير العرف، و تحرك السكون، و تعبئ من ذاك الصمت المحرم قوارير من برك الجنون.
لتعلو .. و أعلو
و كأنني أتصنع أكذوبة الصمت كي أكسر حاجز الصوت، الذي يحتضر بين الدوح، و ذاك الهدوء المفتعل يطيل النظر لثوب روحي …بروية عله يتسلل لعطره، ربما أدرك أنه أصبح خلفي تمامٱ ولم يته …
ف تعبث بي الأوتار بين أغنية قديمة، و دحنونات ودعت عشية و صوتا صاخبا، تضيع فيه التعابير بلهجة غاضبة، و من بقايا عطرها تمشي حافية القدمين ،هكذا هي الدنيا….
تتمطى الثواني و تطحنني الغربة وأنا أبحث عن أحلام محمومة كفّنها النسيان، في مدن تعج برائحة المحيط، والمواويل الحزينة، أبحث عنها في دموع تساقطت من سحب الانتظار، فأجلس و بقربي قارب يحتوي حزني بلا أنا، ثم أبحث عن درب يأخذني إلى ذاتي…
و كلما أضاء الصبح سراج عيدان النرجس، على هديل اليمام المدثر، يختم ذاك العمر المنسي الرسائل بالحنين، و ريق الدحنون، تحت ظل سروتنا، و تثاءب عناق المانوليا، لتغني للركبان أبيات قصيدة.
أحيانا يسمعها السنونو الحزين في حينا فيوقظ الدالية، و يهمس لساعي البريد العجوز ليبتعد مسرعا قبل أن تدركه الذكريات….
تبا، صوت فرامل قوي ..يموج الشارع فجأة، فيمضي مسرعا، لينعطف نحو النسيان، و يعجل بجمع المكاتيب.
نصف إلتفاتة كانت كافية لتتلاقى نظراتي مع صمتي، و نبرة حلم على مقاسِ هبوب الوتر.
توشوشني بتغاريد الأمنيات، و ذاك الأمل الجميل، لتختفي الأشياء و المارة، و الشارع، و لا يبقى سواي و أنا و ذاتي في هذا الكون، أطيل النظر إليه و لا شيء سوى الخواء .
غير حافلة بنعوة على حائط كهل، كتب فيها اسمي، و تاريخ رحيل قديم موقوف لإنتظاري، و أما القصائد فهى سلوى غيابي.
و بكل قصيدة لقاء ، رسمه حلم بقلبي دائما، و بين طيات الزمن ارتق على مهل النصفين ذاتي، و روحي، و أنصت بهدوء لاشتعال الشمس، و هدوء القمر …..
الحادية عشرة و خمسة و اربعون دقيقة ..
وبعدها ، يقولون أنه وقت تحقيق الأمنيات، لـ تكن أمنية لي في هذه اللّيلة ..
أن تتقاطع بسلوة غرباء رسائلي مع روحي، و أن يحمل لي ملاك صدى صوتها في باقة من الصور…
مثل حماقة تكرّر الحلم، و تكررت الحكاية، و في كلّ مرّة بحرقة بكيت، كمن على كتف المرآة نفسها ينكسر مرة، تلو الأخرى.
هكذا هم عابروا سبيل، ينكسرون حتّى تنضج قلوبهم ، و كلما أرتعش النسيم تشظت المرايا بين قوسي الوقت، لتنعدم رؤاهم، و ما الليل سوى أعمى يمضغ رماد السنين …
إذاً ..
سأسمعُ صمت الليل يبكي علي ، بعينين مغمضتين ، و كأنني طفلة تطبق أهدابها على نجمة شاردة ، ربما بصمت له وجه تحبه ، و ملامح بداخلها لمدينة ماطرة محفورة في كفي ، أحيانا تجهش روحي ، تروي ما كنت أرويه لها ، و نهنهتها تأرقني ، كلما تساقطت النجوم من السماء حولي ، أو ك طيور مهاجرة فوق نبضي
صمتي الذي أصبح كالحكاية في شوارعي ، كمصباح خلفي أحدثه فيحوم حول روحي ، و كل الأحلام التي رميتها له ،و الآمال ، و الدُعاء .في كلِّ صلاة ينطوي تحت جُنْح ليلي ،و جناحاي من وابل نجماته ،و أحباره ، كظلال تعلو دربي.
أتساقط كثيرا حولي رويداً ، أحيانا تشل أفكاري ، وحواسي ، لينطق صمتي ، و لا أشعر بتاتا بشيء حولي ، و كل الصراخ يملأُ روحي ، ل يستعيد ذكرياتي الكئيبة ،و كل الدموع بللت أفكاري ،
تبا ، كثرة الشكوى أنهكت قلبي ،و لم أعد أشعر بشيء بذاتي، أستيقظ على أمل بأن كل شيء كان كابوسا ، و أنني أحمل نفسي ما لا طاقة لي به ،و كأني بثقل الأرض أمضي ، و أمضي ، وحيدة ، باردة ، كئيبة دون أن أظهر حزني ، و كثرة الحزن تأكلني
ماذا لو أنني تلك النجمة الشاردة ،و حلمي عود ثقاب يتيم في يدي؟
ماذا لو أنّ ما قطعته من دربي هو الدرب كلّه؟
ماذا لو أنّ وجه من أحب لا يعرفني و بصمت يبتسم؟
ماذا لو كانت هذه اللحظة حافتي على هذا العالم ؟
ليغيب حديثي الذي أعتدت الإنصات إليه ، يغيب بعدما أجتاحني كلي من رأسي ،من قلبي ، من جسدي، من روحي الهزيلة المحطمْة، لأسأل نفسي مراراً
كيف يمكنني مع كل هذا البرود ، و الصمت ، أن أبقي قلبي مشتعلا ثائرا ، يهدء و يثور بكلمة مني ؟؟
هل في كل مرة علي أن أدعوني في ذاكرتي لأأتي إلي !
دعوة رسمية ، كأنني شخص غريب عني ، أو كأنني عابرة تسلك دربي ، أتمنى لو أنني فعلا أأتيني ، أمسح الحزن من روحي ، و أثرك الماضي بذاكرتي ، ألملم بعضي مني ، و آخذه معي ، أحول غيابي عني و أقلب مخيلتي الى رماد
س أحرق الخبايا في روحي و أحرق ذكرياتي ، و أمضي .
إلا الشعور كلما رأيتني .
ماذا لو كانت هذه اللحظة فعلا