وأنت تستقل السيارة ، تلك الألة التي أبدعها الغرب الكافر..! ، وتمضي في الطريق إلى المخيم ، تتوارد الذكريات وتتخبط كلما ارتفعت بك تلك الألة وانخفضت بسبب مطب هنا وحفرة هناك ، الغرب يصنع السيارات ونحن نلجم شهوتها في ملذات السرعة بمطباتنا ، الحجارة المتفرقة على وجنتي الطريق تشي لكَ بقدر ما ، الحجارة هنا تنطق بالتاريخ ،
هنا ثمة بعض الورود التي شقت لنفسها صيرورة للحياة فتنفست الربيع وابتسمت ، وهناك خلف تلك الصخرة الكبيرة وقبل أن تصل لمنتصف المسافة الصماء حيث تفترش قرية ” گزنة ” جانبي القدر ، ثمة صرخة امرأة خلف تلك الصخرة البائسة ، صرخة صامتة مشحوبة بلون الوجع في ذاك الزمن الذي تكالبت عليها الأمم وانتزعت السلاح من حامي عرضها بصفقة بين الأعداء فيما بينهم ، عقدت خيوطها في بلاد بعيدة تسمى “الجزائر” ،
ما تزال دوي صرخة تلك المرأة في ذاك الوادي تنتظر الخلاص و الانعتاق ، وشروق شمس الاستقلال ، وبعدها مباشرة ثمة شجرة يلتف حولها عصبة من الصبية يلعبون ، هم لا يدرون أن تلك الشجرة أرتوت من دمِ أحد الأبطال الپيشمرگة بعد أن أسند ظهره الجريح لها وأطلق الشتائم للجهات التي غدرت بقضية شعبٍ ما يزال يحبو للحرية ،
المسافر في هذا الطريق يشعر طوال المسافة بأنه يسلك الطريق الواصل ما بين “قامشلو وتربسپي” في كوردستان سوريا، سوى أن هنا لا سكة للقطار تفصل بين سرخت وبنخت ولكن “گزنة” تشبه إلى حدٍ ما قرية خزنة التي تتوسط الطريق بين قامشلو وتربسپي ، وعند الاقتراب من المخيم المنشود ثمة كتيبة من الأشجار المصفوفة بعجل على جانبي الطريق تلقي بالتحية للمارة وكأنه المدخل لمدينة “تربسپي” و بالاقتراب من المحطة الأخيرة “مدخل المخيم” ترسل بيدك إلى دهاليز جيبك المخيط على عجل من خياط بائس ، فتلتقط الدنانير (الألف الثلاثة ) وتطبعها على يد السائق وتقول له بكورمانجيتك الجميلة “سعت خوش” فيرد عليك بصورانيته المعهودة “خوا حافيز كاكا ، خوا بخير بي” .