روماف – ثقافة
يرجع العديد من الكتّاب الكرد تاريخ ظهور أدب الأطفال الكردي (المدون) إلى القرن السادس عشر الميلادي على يد الفيلسوف والشاعر الكردي خاني (1650-1707)، وذلك بعد تأليف كتابه المعنون ب”نوبارا بچوكان” في الحادي عشر من آذار سنة 1683 ميلادية، وكان بعمر الثانية والثلاثين.
ولقد أكد (خاني) على أهمية تعليم الأطفال في سن مبكرة على العلم والكلام الموزون وأن الكتاب المذكور قد خصص للأطفال الكرد لا للمتنورين وتأكيداً لذلك كما في البيت التالي: “نه ژ بو ساحب ره واجان، به لكى ژ بو بچووكيت كورمانجان “.
وبالرغم من التأكيد السابق من خاني نفسه، فلا يمكن النظر على أن كتاب (نوبارا بچوكان) أو كما يقال في العامية (نوبهارا بچوكان) بداية لظهور أدب الأطفال (الكردي المدون)، وهذا الأمر متروك في النهاية إلى النّقاد والباحثين الكرد، ومن المؤكد أنّ (خاني) قد يكون أسبق متنور كردي، وقد نبه إلى ضرورة وأهمية أن يكون للطفل الكردي (أدب) خاص به.
ولهذا يمكن اعتباره كأول “كاتب مهتم بشؤون أدب الاطفال”، كما يعتبر الكتاب المذكور “كأول قاموس كردي_عربي “كتبت أبياته الشعرية وفق المفاعيل أو الأوزان الشعرية والتي تكوّن البحور الشعرية وفق أوزان وقوافي معينة.
وبما أنني تطرقت لأدب الأطفال، فلا بدّ لي من سرد تعريف مبسط وكما ورد في الموسوعة الرقمية الحرة لمؤسسة ويكيپيديا: بأنه (نوع من الفن الأدبي، الذي يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال ويعود أصل أدب الأطفال إلى القصص والأغاني، وقبل وجود (الطباعة) حيث كان الآباء ينقلون القصص والأغاني إلى أبنائهم شفوياً، وفي القرن الخامس عشر أصبح أدب الأطفال يحمل رسالة أخلاقية ودينية)..
وبرأيي الشخصي فقد تأخّر الكرد كثيراً عن الاهتمام بأدب مدوّن للأطفال بعد كتاب (خاني) الاول، الذي يعتبر ما قام به ومنذ أكثر من ثلاثمئة وأربعين عاماً بدايةً لظهور (أدب الطفل الكردي)، والسؤال الذي يطرح نفسه، أين كان المتنورون الكرد طيلة هذه الفترة الطويلة من دون الاكتراث بهذا الجانب ومواصلة مسيرة خاني الأدبية الذي رسمها؟!
ولقد ظهرت مؤخراً إرهاصات لولادة هذا النّوع من الأدب في بدايات القرن المنصرم وكمحاولات فردية، متفرقة وبسيطة في بعض المجلات الكردية وفي قصائد وكتابات بعض الشعراء والكتّاب الكرد كما في مجلة هاوار وفيما بعد روناهي وغيرها وخاصة في قصائد الامير كاميران بدرخان 1895- 1978م مثالا، ناهيك عن حرمان أطفال الكرد عن التعليم بلغتهم الأم والاطلاع على أدبهم، بسبب السياسات العنصرية للأنظمة المحتلة والمقسمة لكردستان، وهذا ما يتنافى مع ميثاق ولوائح الحقوق الأساسية للشعوب والأثنيات العرقية لدى منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها الثقافية وغيرها.
ومن هذا الباب ولما لأهمية (أدب الطفل الكردي) من ضرورة ومطلب ملح أقترح باعتماد يوم الحادي عشر من آذار من كل عام “كيومٍ لأدب الطفل الكردي” تيمناً بتاريخ نشر كتاب” نوبارا بچووکان” وتسميته بـ” نوبهار” أو باعتماد اليوم الحادي والعشرين من نيسان كل عام، وذلك لصدور أول عدد لمجلة الطفل الكردية رسميا في عهد جمهورية كردستان (مهاباد 1945_1946) باسم مجلة “گروگالى مندالى كورد” إذ أصدرت ثلاثة أعداد منها فالعدد الأول في الحادية والعشرين من نيسان سنة 1946، وتكمن أهمية هذه المجلة في أنها كانت باكورة أدبية لبناء أدب الطفل، محصص للطفل الكردي باللغة الكردية بعد ثمانية وأربعين (48) عاماً التي تلت صدور جريدة (كردستان) في القاهرة (1898).
للعلم فإن إصدار مثل هذه المجلة في ذلك الوقت وكخطوة أولية في هذا الاتجاه، كان عملاً ناجحاً، فعدا عن كونها قد شغلت حيزاً للتسلية والترفيه عن الطفل ودبت فيه روح التأمل والإحاطة بواقعه الكردي من خلال نشر القصائد والمواضيع عن التاريخ والجغرافيا، والتعريف بمشاهير الكرد وقصصهم القصيرة والترجمات، والمواضيع الطبية والعلمية والأدبية والتي تخص قواعد اللغة الكردية.
ولقد كانت القصص في فترة ما في أوربا القروسطية تهدف إلى جعل الطفل يتقن الحروف الأبجدية وقواعد اللغة من خلال الأغاني والقصص والرسوم… ولهذا وكما أرى بأن تزامن تاريخ كتابة (نوبارا بچوكان) وإصدار أول مجلة للطفل الكردي في يوم واحد سيوفي بالغرض، بحيث يتم الاحتفال بيوم الحادي والعشرين (21) من نيسان ك”يوم لأدب الطفل الكردي” على أن نسميه ب”نوبهار”.
ولقد سبق الأدب الشفهي وعند جميع الأمم الشكل التدويني (الكتابي)، وبالتالي فالأدب المدون إنما هو الوجه الآخر للشفهي وهما يكملان بعضهما كوجهين للعملة.
ولقد سبق الأدب الشفهي لدى الكرد كثيراً عن شكله الآخر، التدويني، ولولا وجود تراث ثقافي (شفهي) ضخم لدى الكرد، لما استطاعت الأجيال الكردية السابقة واللاحقة من الاحتفاظ بلغتهم وثقافتهم طيلة عقود الحرمان ومنع اللغة الكردية من قبل الأنظمة الغاصبة والمحتلة.
ومن المعروف أن الشعب الكردي يتمتع كغيره من الشعوب بالكثير من الحكايات والأساطير والظواهر الأدبية الشفهية والتي تندرج في إطار (أدب الأطفال) ومن تراث ثقافي غني بالقصص الشفهية والأغاني والموسيقا الكردية الخاصة بالطفل.
وبشكل عام يمكن اختصار معالم وملامح أدب الطفل الكردي في العديد من المشاهد اللغوية والأدبية التالية، وباختصار ومما سبق أرى بأن:
أولاً: لوري (لوراندن) أو الترنم: لوريك؛ نوع من الأغاني الهادئة مع ما يشبه موسيقا صوتية، إذ كانت الأمهات الكرديات ولا زلن يغنين لأطفالهن الرضع، فعندما ترضع رضيعها أو تحاول دندنته عند النوم في المهد أو حتى عندما كانت تمسد وتمشط شعر طفلها، فإن تلك الأغاني والهمسات الهادئة كانت مبعث طمأنينة وسكينة للطفل تجعله يكف عن البكاء أو يخلد للنوم، وباستماع الطفل لتلك الأغاني والدندنات الهادئة تجعله يطور من مهاراته الذهنية والعقلية، فالدماغ يستجيب للأصوات المتحركة واللمسات والقوافي المنطوقة وأماكن الوقوف في الكلام من خلال التنبيهات الصادرة في فروة الرأس نحو مراكز التنبيه في الدماغ، وما للغة الكردية من نظام صوتي ومتنوع بالقوافي وارتفاعات لنطق الحروف وتخفيضاتها لاسيما فهي لغة غنية بالأحرف الصوتية بخلاف بعض اللغات الأخرى.
ثانياً: قصص أطفال وتقليد أصوات الحيوانات:
فبالإضافة إلى أغاني (لوريك)، كان الآباء يتحدثون مع صغارهم بلغة خاصة سهلة الفهم وتعبيرية تعتمد على الرموز والإيماءات والايحاءات وبعض المفردات اللغوية الخاصة بالأطفال، وغالباً ما كانت تلك المفردات مكونة من مقطع واحد مؤلف من ثلاثة إلى أربعة صوتيات وأحياناً من صوتين أو مقطعين مكررين مثل: ماما، دادا (الأم)، مەمه (الماء) ومن أشهر تلك الكلمات المشتركة بين أغلب اللهجات الكردية الخاصة بالشراب والطعام ك: مه مى، عه مى…
ولأعضاء الجسم مثل: چه چ، په پ، چچو… والخاصة بالحيوانات الأليفة أذكر: مه عك، توتو، چوچو، عَوْعَو، خچو…
وأما المفردات الخاصة بتحذير الطفل وتبيهه لمواقع الخطر ومصادرها مثل: بڤ، كخ، بع …إلخ.
إنه من الملاحظ أن الآباء كانوا يحاولون تعليم أبنائهم على اللغة من خلال الحروف السهلة (الرخوة) والمقاطع المكررة كمرحلة أولية بحيث يجعل لغة الأم، لغة جذّابة وسهلة، وبالرغم من ندرة الأبحاث والدراسات حول هذا الموضوع وفق أسلوب البحث العلمي، إلا أنه يمكن القول أنها كانت في سياق تحضير الطفل لمرحلة تلقي المعلومة والمفردة اللغوية بأبسط الطرق ومن خلال الحواس بعيدا عن المجردات، ومن خلال تلك المفردات البسيطة والتي عرجت على بعضها في هذا الموضوع وغيرها من الإيماءات إنما كانت تهدف لتطوير مهارات الطفل وتلقيه المعلومة مباشرة وبسلاسة… ولا شك أن الجهات التربوية والإرشاد النفسي والمختصة بتولي الاهتمام اللازم بها وعليها ذلك لتعزيز القدرات اللغوية للطفل وكما أسلفت سابقاً.
ثالثاً: وجود المظاهر المسرحية والتمثيل في العديد من الحكايات الشعبية من خلال الشخصيات الخرافية والساخرة وكذلك في ألعاب الأطفال البدنية لتعزيز قدرات الطفل الذهنية وايضا لتهيئته من الناحية النفسية والجسدية كالحركات اللارادية.
رابعاً: الألعاب الذهنية (مامك)
الحزازير والالغاز، كان سرد الحزاير يُطرح على شكل ألغاز للتسلية في المجتمع الكردي ولم يكن يقتصر على عمر (عقلي- زمني) معين، وغالبا يطرح على شكل ابيات شعرية أو من خلال ربط جملتين او أكثر، وهذه تساعد الطفل على تحليل وتفسير الجمل المعقدة في اللغة الكردية وفهم قواعدها، وثانيا كـ(اختبارات الذكاء والبداهة) نذكر منها على سبيل المثال:
(مامکێ منو: تشتەک هەیە تشتانی
نە پی هەیە نە پەحنی
هەر رۆژی دچێ کانی
ئەو چییە: جەر)
(مامکێ منو: ئۆدەکا شووتی مووشتی
ئاغایەک تێدا روینشتی
چییە: شوور)
إضافة الى قصائد أشبه بالرياضيات (الجبر) وفق نظام شعري للأعداد الأحادية (الفردية) على سبيل المثال لا الحصر، وحسب اطلاعي الشخصي وليس كباحث تربوي وكما هو ملاحظ في البلدان المتقدمة فهم لا يحبذون أسلوب التلقين الببغاوي المجرد من تلقي الطفل للمعلومة، لا سيما وأن عصر المعلومة والإعلام قد بلغ مراحل متقدمة قد تخطى أساليب التربية القديمة، فأغلب الدراسات تركز الآن على أهمية تعلم الطفل للمعلومة من خلال تزويد مراكز التعليم والتربية لأجهزة ومصادر مرئية كوضع التلفاز الحديث لبث أفلام مخصصة للصغار وبرامج ترفيهية ومخابر تشريحية تتناول المعلومة على الواقع، فالمعلومة أصبحت مجرد كيان مادي ملموس، وليست حبيسة الكتب والعقول، وعلينا أن ندرك أن ذلك ليس متاحاً إلا في الدول المتقدمة، وبالرغم من ذلك وعبر السياق التطوري للمعلومة وقبل أن تكون مجرد بيانات وأرقاماً وصوراً أصبحت لها قيمة اقتصادية مهمة في عالم الاقتصاد الرقمي والمعرفي الذي نعيش فيه، وبالرجوع للماضي وحتى لا أخرج من سياق الموضوع وكما يبدو لي فقد كان الآباء (الكرد) قديماً وقبل عصر ثورة المعلوماتية بكثير يعتمدون على تلقي أطفالهم العلوم والمعرفة بالكلام البسيط والموزون ومن خلال قصائد للأطفال تتناول ذلك أو ألعاباً بدنية تتناول جانباً معيناً ككيفية تعليم الطفل الأرقام الأحادية (الفردية) نذكر منها المقاطع الصوتية التالية:
(يەکل دکل دوماسي
شەمسۆ قتو رباسی…)
(روڤي روڤي رندک
سەري دووڤي ب كنجک
ئاني بيستو چارا
لي بدن قوته دارا …)
(یەک و یەک
تەیرکێ بەلک
زازا بلبل
دەرمانێ دڵ …)
(ئەز کونجی
تو کونجی
لسەر تەختێ فرنجی
ئەز فریام
تو ما ل جی). …
خامساً: قصص الأطفال وتقليد أصوات الحيوانات من خلال قصص الأطفال، حيث أن الأدب الكردي الشفاهي زاخر بالحكايات وقصص الأطفال والتي تتكلم على ألسنة البهائم والطيور وتقلد أصوات شخصيات وأبطال ذلك النوع الأدبي ومن غيض ذاك الفيض ولعلّ أشهرها حكاية (شەنگي و پەنگي) أو قصص ربط مثل (كيزا تەرەجان) وقصص عن الثعلب الماكر والديك المغرور وغيرها…
ولقد طافت بي الذكريات عندما كان المرحوم والدي يقص علينا بعضاً من تلك القصص، سيما عندما كان يحل الظلام وفي أمسيات الليالي الباردة وكلٌّ منا يتقمص شخصية بطل القصة ففي قصة (شەنگي وپەنگي) أروع مثال عن ذلك، فلكلّ شخصية في القصة صوتها والذي يعبر عن مدى قوة أو ضعف تلك الشخصية فمثلاً حين وقف الذئب بباب المغارة الموصد ومستغلاً غياب الأم التي خرجت ومنذ خيوط الصباح الأولى نحو المراعي ووسط مخاوف الغابة ووحوشها، فالذئب الشرير لن يترك الفرصة تمر لينقض على الصغيرتين شەنگي و پەنگي، وما أن تمتلئ ضرع النعجة الأم حتى تهرع وبكل طاقة لتقف بباب المغارة مرددة وبهمسة حنونة وخافتة مقطعاً صوتياً ومفادها:
(( هلا فتحتما الباب لوالدتكما ! فالحليب قد بدأ يتصبب من الحلمات، فالعشب الطري مازال بين الأسنان)) و بالكاد ما أن تسمع الصغيرتان الجائعتان النداء، حتى تهرعان نحو فتح الباب، فنبرة الأم كان محل شكٍ لنا نحن الصغار و لم يكن محبباً أن يتقمص أحدنا دور الأم، رغم ما فيها من حنان ودعوة للحب والعطاء… وبالنسبة للذئب الماكر والصوت الأجش والهادر وهو يقف أمام باب المغارة ورغم محاولاته في تغيير نبرة صوته وإخفاء ملامحه وأنيابه ومخالبه وأطماعه إلا أن طباعه الشريرة طغت على تلك المظاهر الخادعة والزائفة، وعندما كنا نحاول إخافة بعضنا فإننا كنا نقلد صوت الذئب القوي ولعله كان بطل القصة (الشرير) في نظرنا رغم أنه كان يمثل قوة الشر والطغيان في وجه قوة الخير والتي كانت تجسدها شخصية الماعز- الأم، وعندما كنا نخاف من عتمة الليل وعواء ذاك الذئب وهديره في وجه شخصية الأم فكان معطف والدنا هو حصننا الحصين وملجأنا الدافئ، وهو بنظرنا ذاك الجدار الفاصل بين الخير والشر أو ذاك السور الذي لا يخترقه الشر والمتجسد في الذئب.
وخلاصة القول: فإن راوي هذه الحكاية (المجتمعي) وبإيمانٍ منه بانتصار الخير على الشر قد جسد تلك الحقيقة في شخصيات أبطاله، وهكذا تخلصت الأم المسكينة، بطلة القصة بإصرارها على ضرورة مواجهة الظلم والشر، وبكل جرأة شقت الماعز-الأم بطن الذئب، وحررت صغيرتيها من بطن الذئب. وسألتهما: أين كنتما؟ فأجابت إحداها: كنا في بيت الخال، نحتسي شورية العدس بالمعلقة الصغيرة؟
وكما أسلفت سابقاً فإن أصوات حيوانات القصص الشفاهية في الأدب الكردي ومن حيث تفخيم الأصوات كصوت الذئب أو كصوت الدب في قصة (زەرکازێرا) أو ترقيق وتخفيف صوت الماعز واللقلق والديك والحيوانات الأليفة الأخرى لها دلالات رمزية على مدى إصرارهم في نيل حقوقهم وأما عنادهم ومحاولاتهم المتكررة في سعيهم نحو تحقيق أمنياتهم لهي دلالة على إصرارهم على التمسك بحقوقهم وعدم الإفراط فيها كحالة العنزة في قصة (شەنگي و پەنگي) التي كانت تسعى مراراً وتكراراً للقاضي وتشتكي إليه في الذئب الماكر الذي التهم صغيرتيها وفي النهاية استطاعت أن تنال مبتغاها…، وفي المقابل نجد الحالة الوردية في بعض قصص الكرد الشفاهية والتي ترمز لعالم (النفاق السياسي) والذي ظهر جلياً على الساحات الدولية، وكيف أن الجلاد يرتدي ثوب الضحية ويمثل دور المجنى عليه، وعندما كنا نستمع لدور الذئب الذي ذهب للقاضي متوعداً تارةً وبأسلوب الابتزاز أن يغير الأخير من مسار المحكمة، كنا نصرخ وننعت ذاك الذئب بعبارات المخادع والمنافق والكذّاب، ولعل الراوي أراد أن يوصل لمستمعيه بأن قصة (شەنگي و پەنگي) إنما حلبتها المعترك الإنساني وأن شخصياتها وبكل صفاتهم هم البشر، ومهما تعقدت وتشابكت الأمور والمصالح فإن هناك حتمية أزلية وهي أن قوى الخير والنور والتي جسدتها (آهورامزدا) في المعتقدات الدينية الكردية ولاحقاً بالقديسين والمرسلين لابدّ أن تقهر قوى الشر والظلام (اهريمان) ليستقر في العالم السفلي المظلم والبارد…
وفي ختام هذا الموضوع، ورغم أني قد بالغت في سرد الأدب الشفاهي والتي احتلت حيزاً كبيراً منها، لا بدّ لي من العودة لمقدمة الموضوع والتي هي الهدف من النشر والعرض ألا وهي اقتراح يفرض ذاته على الواقع ويتجلى في عرض يوم متفق عليه من كل عام يحتفل به كـ”يوم للطفل الكردي” يركز فيه على “أدب الطفولة” بشقيه الكتابي والشفاهي، لما للأدب من تنشئة الأجيال، فأمة ترعى الطفولة اليوم؛ ستجني ثمارها غداً؛ فالأطفال اليوم هم رجالات الغد وبنّاؤوها.