نبي حسن
لعل هذا المصطلح هو خير توصيف لموقف بعض المثقفين العرب من القضية الكوردية، أما توصيف الجدد فهو عائد إلى لغة الخطابة والأساليب المستحدثة في سبيل إنكار القضية الكوردية.
من بين هؤلاء العنصريين شخص يدعى مهند الكاطع، وهنا سنتناول عقلية هؤلاء من خلال الشخص المذكور كنمط و ليس كفرد محدد بعينه.
كما لا بد من الإشارة إلى أن لدعاة التطرف منابرا إعلامية يبثون من خلالها توجهاتهم المتطرفة، مستغلين الصراع الكوردي الداخلي، وكذلك انخداع بعض الجهلاء الكورد بمثل تلك الخطابات.
مهند الكاطع يدعي إنه قد أجرى إحصاءاً سكانيا المنطقة الجزيرة و توصل إلى نتيجة (لا تتعدى نسبة الخطأ فيها ٥%) توضح له إن نسبة الكورد في منطقة الجزيرة لا تتعدى ١٦% ثم و حين يسأله المحاور عن منهجيته يتهرب و يقول إنه من أبناء المنطقة و يعرف الواقع الجغرافي و التوزع السكاني بشكل جيد، أي يستند إلى خبرته الشخصية.
مما لا شك فيه إن إجراء أي إحصاء سكاني لمنطقة بحجم الجزيرة ( التي تبلغ مساحتها ٤١% من مجمل المساحة السورية) يحتاج إلى أموال ضخمة و إلى كادر مختص و جهة داعمة، لكن كاطع لا يشير إلى هذه النقطة و لا إلى من يموله.
لكن قلة الخبرة المهنية و كذلك الموقف العنصري لدى هؤلاء تجعلان هؤلاء يخلطون بين الحقائق التاريخية و منهج إجراء الإحصائيات، فهو مثلا يريد أن يبرهن على أن العرب في منطقة الجزيرة تزيد نسبتهم على الكورد، ويتبع ما يلي:
– يستدل على نسب السكان بعدد القرى، كأن يقارن بين عشرة قرى لا تزيد عدد الدور فيها عن ٣٠ دارا، وأخرى تزيد عدد سكان الواحدة عن ٣٠٠ دار.
– يستند على الإحصائيات التي أجريت في منطقة الجزيرة منذ عهد جمال عبد الناصر إلى عهود الأسدين (الأب و الأبن) متناسيا بشكل متعمد كون هذه الإحصائيات كان الهدف منها نفي الطابع الكوردي عن المنطقة.
– يستند على الاتفاقيات التي قسمت منطقة كوردستان كاتفاقية سايكس- بيكو، و يرى أنه ما دامت هذه المناطق- بما فيها العديد من مدن شمال كوردستان كانت ضمن مناطق النفوذ الفرنسي – هي جزء من سوريا، و الغريب هو أن القوميون العرب عموما يسعون من أجل الحفاظ على ميراث سايكس- بيكو الذي يصفونه بالاستعماري على حد تعبيرهم.
– يستند على بعض المصادر العربية القديمة التي تدعم توجهاته العنصرية و يتناسى المصادر العربية التي تشير إلى وجود الكورد التاريخي كياقوت الحموي، ابن جبير، بلاذدري…..
– يتناسى الصراعات العشائرية التي أدت إلى تقليص المناطق الكوردية بسبب هجمات العشائر العربية البدوية كالشمر و العننزة على المناطق الكوردية من ١٨٠٠م (بعد صراعات حكام حائل و النجد في السعودية) وكانوا يشنون الغارات و يستولون على الأراضي الكوردية.
– يغفل بشكل متعمد الإحصاء الجائر عام ١٩٦٢م الذي جرد العديد من الكورد من الهوية السورية، حيث وصل تعدادهم إلى نصف مليون بين مجرد من الجنسية و مكتوم.
– يتجاهل الحزام الأخضر(العربي) الذي اسكن الآلاف من العرب في المناطق الممتدة من رأس العين إلى عين ديوار.
– يتجاهل الإجراءات البعثية التعسفية التي تمنع الكورد من تسجيل ممتلكاتهم و منعهم من شراء الأراضي و العقارات في تل ابيض و عين عيسى و غيرهما.
– يتجاهل قانون الإصلاح الزراعي الذي جرد العديد من الملاكين الكورد و منح تلك الأراضي للفلاحين و المرابعين العرب.
– يتجاهل الحقائق التاريخية التي تؤكد وجود الكورد كأقدم قومية في منطقة ميزوبوتاميا، بينما لم يرد ذكر العرب في الجزيرة العربية إلى أكثر من قرون قليلة قبل الميلاد.
– يتعمد الخلط بين القومية التي تستند إلى الأرض والشعب و بين الأقليات المتفرقة هنا وهناك.
والغريب في خطاب الرجل هو ادعاء الموقف الوطني، و المساواة بين جميع الأطياف و هو الذي يسعى من خلال الإحصاءات العنصرية المزعومة اثبات غلبة العنصر العربي بشكل تعسفي.
ولا بد هنا من الإشارة إلى عدة نقاط:
– يتزعم الخطاب الوطني و يصف الأحزاب الكوردية- التي هي اختيار شعبي كوردي- بالدكاكين في لغة تحمل الكثير من الإساءة للشعب الكوردي.
– يدعي أن PKK يمارس التغيير الديموغرافي في المناطق العربية و يسعى لتكريد المنطقة، متناسيا أن الحزب المذكور لا يعترف بالقوميات اصلا.
– يتحدث عن معاملة PKK السيئة العرب و ينسى الآلاف من الشباب الكورد الذين قدمهم هذا الحزب من أجل تحرير المناطق العربية من إرهاب داعش، بينما العرب يستولون على مفاصل ما تسمى بالإدارة الذاتية حتى في المناطق الكوردية.
– حين يرى كاطع و أمثاله بأن أدلتهم واهية فإنهم يلجؤون إلى لغة التهديد المبطن، فيقولون: إن دول الجوار لن يسمحوا بإقامة أي كيان كوردي.
علما إننا لا نطلب منهم سوى وقفة حق و موقف رجولي.
– يصر الكاطع على لفظة (الأكراد) و يرفض لفظة الكورد و يدعي أن الأخيرة بدعة من برلمان كوردستان العراق و هنا لا بد لنا من توضيح:
فقد ورد في المصادر العربي ما يلي: «عن مجاهد قال: تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر – يعني قوله تعالى: ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) الأنبياء/68 فقال :
أتدري – يا مجاهد – من الذي أشار بتحريق إبراهيم عليه السلام بالنار ؟ قال : قلت : لا . قال : رجل من أعراب فارس . قال : قلت : يا أبا عبد الرحمن ! وهل للفرس أعراب ؟ قال : نعم ، الكرد هم أعراب فارس ، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار».
رواه الطبري في ” جامع البيان ” (18/465)
ومع هذا يصر الكاطع على لفظة (أكراد) بما فيها من إهانة للكورد حيث إن (الأكراد) على وزن الأعراب و هم جهلاء العرب لكن المؤسف له هو أن العديد من جهلائنا ما يزالون يصرون على لفظة (أكراد).
وفي النهاية لا بد لنا من إعادة الإشارة إلى إننا لا نتناول موقف كاطعٍ بعينه بل نرد على جميع قطاع الطرق الذين يعملون ليل نهار من أجل النيل من الكورد و حقوقهم.
نحن نستطيع إثبات وجودنا منذ فجر التاريخ و نتحدى العرب إثبات وجودهم في مناطقنا قبل ظهور الإسلام.