روماف – مقالات
د.محمود عباس
مساء الخير
تحية للدكتور بسام مرعي والإخوة الذين ساهموا في عقد هذه الندوة الحوارية.
تحية للحضور الكريم.
نأمل أن يكون حوارنا هذا خطوة أخرى نحو محاولات خلق تقارب الآراء حول سوريا المستقبل، وبادرة لتصحيح بعض المفاهيم الجارية بين أطراف المعارضة الوطنية السورية.
عنوان المحاضرة:
(مقاربة جيوسياسية للوجود الأمريكي في سورية من خلال القوى الحليفة لها والمنافسة ومستقبلها)
لا شك معظمنا على دراية كافية بالموضوع، ولكن لكل منا وجهة نظره، وهنا سأعرض وجهة نظري وما أراه الأنسب لسوريا المستقبل، مع الوجود الأمريكي أو عدمه.
قبل أن أبدأ، لا بد من التنويه إلى أننا وفي معظم حواراتنا حول مستقبل سوريا، لاحظنا أن شريحة واسعة من الإخوة المثقفين والسياسيين العرب، لا يزالون يطرحون أراءهم حول مستقبل سوريا والتدخلات الدولية فيها والقضية الكوردية وعلاقات حراكهم مع القوة الأمريكية، على نفس منهجية مفاهيم صاموئيل هنتنغتون، حيث صراع الحضارات، ومن جهة أخرى لا ينتبهون إلى وصية المفكر أدوارد سعيد للمستشرقين الأوربيين قبل دراسة الشرق، وحيث منطق الاستعلاء.
سياسة أمريكا في سوريا
قبل البدء لا بد من التأكيد على أننا نرفض التدخل الخارجي في سوريا، أي كان نوعه، بدءا من الأمريكي إلى الروسي مرورا بالاحتلال التركي والتوطين الإيراني.
مثلما نؤكد على أن لا زلنا نعمل على منهجية أسقاط النظام والتي ظهرت من أجلها الثورة السورية قبل أن تحرف عن مسارها من قبل أطراف من المعارضة.
الولايات المتحدة الأمريكية، كإمبراطورية، تبني علاقاتها الخارجية على هدفين، الأمن القومي، ودعم الاقتصاد الداخلي، أو كما يقال في المصطلحات الدارجة المصالح، إن كانت مصالح إداراتها أو شركاتها. وهذه تتطلب الهيمنة على العالم في المجال الاقتصادي وبدعم سياسي-عسكري.
وعلى خلفية هذين الهدفين، يمكن تقييم تدخلاتها في سياسة الدول، ومنها سوريا، وهي من نواة موضوع ندوتنا. فهي منذ عام 2014 تحديدا، عام تشكيل التحالف الدولي، والتدخل العسكري إلى جانب قوات ألـ ي ب ك وألـ ي ب ج، وفيما بعد مساعدة قوات قسد لمحاربة داعش، إلى هذه اللحظة؛ وحيث بداية توضيح مواقفها من الدول المعنية بالقضية السورية، تظهر بشكل علني على أنه لا حل في سوريا بدون الحضور الأمريكي. وحضورها في المنطقة الكوردية، إلى جانب الهيمنة الروسية الإيرانية على مناطق النظام، واحتلال تركيا لمناطق المعارضة، تعني أن سوريا المستقبل أمام احتمالين:
الأول إما دولة ذات نظام فيدرالي لا مركزي وهو ما يعرضه أغلبية حراكنا الكوردي وبدعم أمريكي غير مباشر، وهذا الطلب من قبلنا في الواقع العملي إنقاذ لسوريا من التقسيم.
والثاني بواقع سوريا الحالي تعني التقسيم، لأن الشرخ الهائل الموجود بين مناطق سيطرة المعارضة والسلطة والمنطقة الكوردية، ومصالح الدول المسيطرة عليها، أدت إلى توسيع الشرخ المرعب بين المكونات السورية القومية والمذهبية، والتي بلغت تقريبا حد انعدام الثقة بينهم. وهنا لا نرى أن الدولة الوطنية أو المواطنية كما بدأ يروج لها أطراف من المعارضة العربية، إنقاذ لشبح التقسيم، بل هي من حيث البعد النظري، عودة غير مباشرة للسلطة المركزية، المرفوضة من أغلبية الشعب السوري. وتحريض على التقسيم من البعد العملي.
ولا شك أن نظام الأسدين والبعث عراب هذا الشرخ، وفي السنوات الأخيرة، وللأسف ساندتها أطراف من المعارضة. وهنا علينا الفصل بينهم وبين مجموعات المعارضة الوطنية وأبناء الثورة.
الإدارة الأمريكية الجديدة، بينت، للدول المعنية بالقضية السورية منذ تحركها قبل شهرين تقريبا وحتى الأن ومن خلال تصريحات مبعوثيها، إلى سوريا وإلى مؤتمر بروكسل المنعقد قبل أسابيع، ووزير خارجيتها أنتوني بلينكن، أنها دولة مهيمنة ليس فقط عسكريا على المنطقة الكوردية، بل سياسيا على ما يجري في سوريا ومستقبلها، وبدأت تعمق من ترسيخ وجودها عسكريا واقتصاديا في المنطقة الكوردية على هذا البعد.
بالمناسبة أمريكا لم تساند ولم تستند على القوى الكوردية فقط، فكما نتذكر أقدمت على محاولتين لاحتضان المعارضة السورية الوطنية، وقامت بتدريب مجموعتين، أحداهما في تركيا، والثانية في الأردن، خصصت لهما قرابة نصف مليار دولار، لكنهما فشلتا، وقد كانت تلك طعنة لإدارة أوباما، ووزارة الدفاع ومؤسساتها في الخارج، ومن بينهم وزير الدفاع الحالي لويد أوستن، الذي كان المسؤول الأول عن المشروعين، من التدريب إلى التسليح إلى التمويل، وقد كان ذلك الفشل منعطفا في التأييد الأمريكي للمعارضة السورية، وعلى الأغلب لم تعترض أمريكا، بل أيدت بشكل غير مباشر، يوم وضعت روسيا قرابة 170 منظمة سورية معارضة ضمن قائمة الإرهاب.
أما من البعد الاستراتيجي نلاحظ أن الإدارة الجديدة تميل حاليا إلى تقبل حالة الركود في مسيرة حل القضية السورية، وتتقبل غياب المؤتمرات التي كانت تعقد سابقا وبزخم إعلامي، كمنا نتذكر 16 مؤتمرا ما بين استانا وسوتشي، و5 مؤتمرات جنيف، إلى جانب العديد من المؤتمرات الجانبية، والسرية، وذلك على خلفية النقاط الساخنة ما بين الناتو وروسيا، كالصراع الجاري اليوم بين مناطق أوكرانيا على سبيل المثال، وعقد الصفقة التي جرت بين الصين وإيران، والتي دفعت بأمريكا ببعض الدول الأوروبية على فتح باب الحوار ما بينها وبين إيران، ولربما هذا التماطل حول عقد حوارات مباشرة ما بين أمريكا وروسيا على سوريا، ستستمر، إلى أن تخف الحدة في تلك المناطق الساخنة.
إلى جانب ذلك فأن واقع المعارضة العسكري والسياسي وابتعادها عن مطالب الشعب السوري وعلى مدى السنوات الماضية إلى بلغ ببعض بها قبول الحوار مع السلطة الإجرامية، لم تخمد فقط الاهتمام بسوريا، بل دفعت بالدول الصديقة وعلى رأسها أمريكا باستمرارية ابتعادها عن المعارضة وتعميق علاقاتها مع الإدارة الذاتية وقوات قسد، بعدما وجدتها ليس فقط الأنسب، بل ومركز ثقة، والاعتبارات عديدة لسنا بصددها الأن.
رغم ذلك ظلت هناك إشكاليات بين أمريكا والقوة الكوردية، أولا: أنها لا تتعامل مع الكورد سياسيا، على الأقل في الإعلام والمحافل الدولية، بل تحصرها في الواقع العسكري، والمساعدات اللوجستية المتنوعة. ثانيا لم تحتضن منطقة عفرين والمناطق الأخرى، وبها تم تجزئة المنطقة الكوردية، وتم احتلالها من قبل تركيا وأدواتها، بعدما سحبت روسيا رهانها عن عفرين. وما بين سري كانيه وكري سبي بعد إعلان إدارة ترمب الانسحاب من سوريا.
وفي الخاتمة: على الأغلب إدارة جو بايدن، سترسخ وجودها في سوريا، المنطقة الكوردية بشكل خاص، وستصعد من حضورها في إشكاليات مستقبل سوريا( بعدما تخف التوترات أو تضع الحلول للمناطق الساخنة الأهم لها في العالم) ولن تضغط على تركيا بالمقابل لتسحب قواتها أو دعمها للمعارضة، وبالتالي ستظل داعمة للمعارضة السورية ليس حبا بها بقدر ما هي لديمومة احتلالها لأجزاء من سوريا، وعلى الأغلب الوجود الروسي والإيراني سيستمران مع أو بزوال سلطة بشار الأسد، هذه الاحتمالات ترجح شبح تقسيم سوريا، بيد السلطة والمعارضة والدول الداعمة لهما. ويظل الحراك الكوردي إلى جانب شريحة من المعارضة العربية الوطنية، أكثر القوى الضامنة لوحدة سوريا. واقتراحنا، كحراك كوردي، النظام الفيدرالي والسلطة اللامركزية لسوريا القادمة، رغم اختلافاتنا الداخلية، تعد أفضل الحلول لسوريا المستقبل.
وأمريكا وروسيا قبل تغيير استراتيجيتها كانا عراب هذا الطرح بشكل غير مباشر، وكان لنا، نحن في المجلس الوطني الكوردستاني-مركزها واشنطن، المتشكل عام 2006 م، حوارات مع مسؤولين أمريكيين معنيين بسوريا حول هذا عام 2006م، وجددنا الحوار معهم ومع مسؤولين روس في عام 2008م، وعام 2013م وعام 2014م. لأننا كنا ولا زلنا نجدها الضامن الوحيد الذي:
أولا، يبعد شبح التقسيم.
ثانيا، سيخلق البيئة الملائمة لإخراج القوى الدولية والإقليمية من سوريا، بعد بلوغ مرحلة الاستقرار على النظام اللامركزي الفيدرالي.
ثالثا، بناء سوريا كوطن لجميع مكوناتها التي تقريبا أعدمت بينهم الثقة.
بعكس الذين لا يزالون يتمسكون بالسلطة المركزية أو كما تسمى بدولة المواطنة، وكما ذكرنا سابقا والتي ستوجه سوريا نحو التقسيم.
تحية للدكتور بسام مرعي والإخوة الذين ساهموا في عقد هذه الندوة الحوارية.
تحية للحضور الكريم.
نأمل أن يكون حوارنا هذا خطوة أخرى نحو محاولات خلق تقارب الآراء حول سوريا المستقبل، وبادرة لتصحيح بعض المفاهيم الجارية بين أطراف المعارضة الوطنية السورية.
عنوان المحاضرة:
(مقاربة جيوسياسية للوجود الأمريكي في سورية من خلال القوى الحليفة لها والمنافسة ومستقبلها)
لا شك معظمنا على دراية كافية بالموضوع، ولكن لكل منا وجهة نظره، وهنا سأعرض وجهة نظري وما أراه الأنسب لسوريا المستقبل، مع الوجود الأمريكي أو عدمه.
قبل أن أبدأ، لا بد من التنويه إلى أننا وفي معظم حواراتنا حول مستقبل سوريا، لاحظنا أن شريحة واسعة من الإخوة المثقفين والسياسيين العرب، لا يزالون يطرحون أراءهم حول مستقبل سوريا والتدخلات الدولية فيها والقضية الكوردية وعلاقات حراكهم مع القوة الأمريكية، على نفس منهجية مفاهيم صاموئيل هنتنغتون، حيث صراع الحضارات، ومن جهة أخرى لا ينتبهون إلى وصية المفكر أدوارد سعيد للمستشرقين الأوربيين قبل دراسة الشرق، وحيث منطق الاستعلاء.
سياسة أمريكا في سوريا
قبل البدء لا بد من التأكيد على أننا نرفض التدخل الخارجي في سوريا، أي كان نوعه، بدءا من الأمريكي إلى الروسي مرورا بالاحتلال التركي والتوطين الإيراني.
مثلما نؤكد على أن لا زلنا نعمل على منهجية أسقاط النظام والتي ظهرت من أجلها الثورة السورية قبل أن تحرف عن مسارها من قبل أطراف من المعارضة.
الولايات المتحدة الأمريكية، كإمبراطورية، تبني علاقاتها الخارجية على هدفين، الأمن القومي، ودعم الاقتصاد الداخلي، أو كما يقال في المصطلحات الدارجة المصالح، إن كانت مصالح إداراتها أو شركاتها. وهذه تتطلب الهيمنة على العالم في المجال الاقتصادي وبدعم سياسي-عسكري.
وعلى خلفية هذين الهدفين، يمكن تقييم تدخلاتها في سياسة الدول، ومنها سوريا، وهي من نواة موضوع ندوتنا. فهي منذ عام 2014 تحديدا، عام تشكيل التحالف الدولي، والتدخل العسكري إلى جانب قوات ألـ ي ب ك وألـ ي ب ج، وفيما بعد مساعدة قوات قسد لمحاربة داعش، إلى هذه اللحظة؛ وحيث بداية توضيح مواقفها من الدول المعنية بالقضية السورية، تظهر بشكل علني على أنه لا حل في سوريا بدون الحضور الأمريكي. وحضورها في المنطقة الكوردية، إلى جانب الهيمنة الروسية الإيرانية على مناطق النظام، واحتلال تركيا لمناطق المعارضة، تعني أن سوريا المستقبل أمام احتمالين:
الأول إما دولة ذات نظام فيدرالي لا مركزي وهو ما يعرضه أغلبية حراكنا الكوردي وبدعم أمريكي غير مباشر، وهذا الطلب من قبلنا في الواقع العملي إنقاذ لسوريا من التقسيم.
والثاني بواقع سوريا الحالي تعني التقسيم، لأن الشرخ الهائل الموجود بين مناطق سيطرة المعارضة والسلطة والمنطقة الكوردية، ومصالح الدول المسيطرة عليها، أدت إلى توسيع الشرخ المرعب بين المكونات السورية القومية والمذهبية، والتي بلغت تقريبا حد انعدام الثقة بينهم. وهنا لا نرى أن الدولة الوطنية أو المواطنية كما بدأ يروج لها أطراف من المعارضة العربية، إنقاذ لشبح التقسيم، بل هي من حيث البعد النظري، عودة غير مباشرة للسلطة المركزية، المرفوضة من أغلبية الشعب السوري. وتحريض على التقسيم من البعد العملي.
ولا شك أن نظام الأسدين والبعث عراب هذا الشرخ، وفي السنوات الأخيرة، وللأسف ساندتها أطراف من المعارضة. وهنا علينا الفصل بينهم وبين مجموعات المعارضة الوطنية وأبناء الثورة.
الإدارة الأمريكية الجديدة، بينت، للدول المعنية بالقضية السورية منذ تحركها قبل شهرين تقريبا وحتى الأن ومن خلال تصريحات مبعوثيها، إلى سوريا وإلى مؤتمر بروكسل المنعقد قبل أسابيع، ووزير خارجيتها أنتوني بلينكن، أنها دولة مهيمنة ليس فقط عسكريا على المنطقة الكوردية، بل سياسيا على ما يجري في سوريا ومستقبلها، وبدأت تعمق من ترسيخ وجودها عسكريا واقتصاديا في المنطقة الكوردية على هذا البعد.
بالمناسبة أمريكا لم تساند ولم تستند على القوى الكوردية فقط، فكما نتذكر أقدمت على محاولتين لاحتضان المعارضة السورية الوطنية، وقامت بتدريب مجموعتين، أحداهما في تركيا، والثانية في الأردن، خصصت لهما قرابة نصف مليار دولار، لكنهما فشلتا، وقد كانت تلك طعنة لإدارة أوباما، ووزارة الدفاع ومؤسساتها في الخارج، ومن بينهم وزير الدفاع الحالي لويد أوستن، الذي كان المسؤول الأول عن المشروعين، من التدريب إلى التسليح إلى التمويل، وقد كان ذلك الفشل منعطفا في التأييد الأمريكي للمعارضة السورية، وعلى الأغلب لم تعترض أمريكا، بل أيدت بشكل غير مباشر، يوم وضعت روسيا قرابة 170 منظمة سورية معارضة ضمن قائمة الإرهاب.
أما من البعد الاستراتيجي نلاحظ أن الإدارة الجديدة تميل حاليا إلى تقبل حالة الركود في مسيرة حل القضية السورية، وتتقبل غياب المؤتمرات التي كانت تعقد سابقا وبزخم إعلامي، كمنا نتذكر 16 مؤتمرا ما بين استانا وسوتشي، و5 مؤتمرات جنيف، إلى جانب العديد من المؤتمرات الجانبية، والسرية، وذلك على خلفية النقاط الساخنة ما بين الناتو وروسيا، كالصراع الجاري اليوم بين مناطق أوكرانيا على سبيل المثال، وعقد الصفقة التي جرت بين الصين وإيران، والتي دفعت بأمريكا ببعض الدول الأوروبية على فتح باب الحوار ما بينها وبين إيران، ولربما هذا التماطل حول عقد حوارات مباشرة ما بين أمريكا وروسيا على سوريا، ستستمر، إلى أن تخف الحدة في تلك المناطق الساخنة.
إلى جانب ذلك فأن واقع المعارضة العسكري والسياسي وابتعادها عن مطالب الشعب السوري وعلى مدى السنوات الماضية إلى بلغ ببعض بها قبول الحوار مع السلطة الإجرامية، لم تخمد فقط الاهتمام بسوريا، بل دفعت بالدول الصديقة وعلى رأسها أمريكا باستمرارية ابتعادها عن المعارضة وتعميق علاقاتها مع الإدارة الذاتية وقوات قسد، بعدما وجدتها ليس فقط الأنسب، بل ومركز ثقة، والاعتبارات عديدة لسنا بصددها الأن.
رغم ذلك ظلت هناك إشكاليات بين أمريكا والقوة الكوردية، أولا: أنها لا تتعامل مع الكورد سياسيا، على الأقل في الإعلام والمحافل الدولية، بل تحصرها في الواقع العسكري، والمساعدات اللوجستية المتنوعة. ثانيا لم تحتضن منطقة عفرين والمناطق الأخرى، وبها تم تجزئة المنطقة الكوردية، وتم احتلالها من قبل تركيا وأدواتها، بعدما سحبت روسيا رهانها عن عفرين. وما بين سري كانيه وكري سبي بعد إعلان إدارة ترمب الانسحاب من سوريا.
وفي الخاتمة: على الأغلب إدارة جو بايدن، سترسخ وجودها في سوريا، المنطقة الكوردية بشكل خاص، وستصعد من حضورها في إشكاليات مستقبل سوريا( بعدما تخف التوترات أو تضع الحلول للمناطق الساخنة الأهم لها في العالم) ولن تضغط على تركيا بالمقابل لتسحب قواتها أو دعمها للمعارضة، وبالتالي ستظل داعمة للمعارضة السورية ليس حبا بها بقدر ما هي لديمومة احتلالها لأجزاء من سوريا، وعلى الأغلب الوجود الروسي والإيراني سيستمران مع أو بزوال سلطة بشار الأسد، هذه الاحتمالات ترجح شبح تقسيم سوريا، بيد السلطة والمعارضة والدول الداعمة لهما. ويظل الحراك الكوردي إلى جانب شريحة من المعارضة العربية الوطنية، أكثر القوى الضامنة لوحدة سوريا. واقتراحنا، كحراك كوردي، النظام الفيدرالي والسلطة اللامركزية لسوريا القادمة، رغم اختلافاتنا الداخلية، تعد أفضل الحلول لسوريا المستقبل.
وأمريكا وروسيا قبل تغيير استراتيجيتها كانا عراب هذا الطرح بشكل غير مباشر، وكان لنا، نحن في المجلس الوطني الكوردستاني-مركزها واشنطن، المتشكل عام 2006 م، حوارات مع مسؤولين أمريكيين معنيين بسوريا حول هذا عام 2006م، وجددنا الحوار معهم ومع مسؤولين روس في عام 2008م، وعام 2013م وعام 2014م. لأننا كنا ولا زلنا نجدها الضامن الوحيد الذي:
أولا، يبعد شبح التقسيم.
ثانيا، سيخلق البيئة الملائمة لإخراج القوى الدولية والإقليمية من سوريا، بعد بلوغ مرحلة الاستقرار على النظام اللامركزي الفيدرالي.
ثالثا، بناء سوريا كوطن لجميع مكوناتها التي تقريبا أعدمت بينهم الثقة.
بعكس الذين لا يزالون يتمسكون بالسلطة المركزية أو كما تسمى بدولة المواطنة، وكما ذكرنا سابقا والتي ستوجه سوريا نحو التقسيم.
شكرا على الإصغاء
مودتي للجميع
محتويات
روماف – مقالاتد.محمود عباسمساء الخير
تحية للدكتور بسام مرعي والإخوة الذين ساهموا في عقد هذه الندوة الحوارية.
تحية للحضور الكريم.
نأمل أن يكون حوارنا هذا خطوة أخرى نحو محاولات خلق تقارب الآراء حول سوريا المستقبل، وبادرة لتصحيح بعض المفاهيم الجارية بين أطراف المعارضة الوطنية السورية.
عنوان المحاضرة:
(مقاربة جيوسياسية للوجود الأمريكي في سورية من خلال القوى الحليفة لها والمنافسة ومستقبلها)
لا شك معظمنا على دراية كافية بالموضوع، ولكن لكل منا وجهة نظره، وهنا سأعرض وجهة نظري وما أراه الأنسب لسوريا المستقبل، مع الوجود الأمريكي أو عدمه.
قبل أن أبدأ، لا بد من التنويه إلى أننا وفي معظم حواراتنا حول مستقبل سوريا، لاحظنا أن شريحة واسعة من الإخوة المثقفين والسياسيين العرب، لا يزالون يطرحون أراءهم حول مستقبل سوريا والتدخلات الدولية فيها والقضية الكوردية وعلاقات حراكهم مع القوة الأمريكية، على نفس منهجية مفاهيم صاموئيل هنتنغتون، حيث صراع الحضارات، ومن جهة أخرى لا ينتبهون إلى وصية المفكر أدوارد سعيد للمستشرقين الأوربيين قبل دراسة الشرق، وحيث منطق الاستعلاء.
سياسة أمريكا في سوريا
قبل البدء لا بد من التأكيد على أننا نرفض التدخل الخارجي في سوريا، أي كان نوعه، بدءا من الأمريكي إلى الروسي مرورا بالاحتلال التركي والتوطين الإيراني.
مثلما نؤكد على أن لا زلنا نعمل على منهجية أسقاط النظام والتي ظهرت من أجلها الثورة السورية قبل أن تحرف عن مسارها من قبل أطراف من المعارضة.
الولايات المتحدة الأمريكية، كإمبراطورية، تبني علاقاتها الخارجية على هدفين، الأمن القومي، ودعم الاقتصاد الداخلي، أو كما يقال في المصطلحات الدارجة المصالح، إن كانت مصالح إداراتها أو شركاتها. وهذه تتطلب الهيمنة على العالم في المجال الاقتصادي وبدعم سياسي-عسكري.
وعلى خلفية هذين الهدفين، يمكن تقييم تدخلاتها في سياسة الدول، ومنها سوريا، وهي من نواة موضوع ندوتنا. فهي منذ عام 2014 تحديدا، عام تشكيل التحالف الدولي، والتدخل العسكري إلى جانب قوات ألـ ي ب ك وألـ ي ب ج، وفيما بعد مساعدة قوات قسد لمحاربة داعش، إلى هذه اللحظة؛ وحيث بداية توضيح مواقفها من الدول المعنية بالقضية السورية، تظهر بشكل علني على أنه لا حل في سوريا بدون الحضور الأمريكي. وحضورها في المنطقة الكوردية، إلى جانب الهيمنة الروسية الإيرانية على مناطق النظام، واحتلال تركيا لمناطق المعارضة، تعني أن سوريا المستقبل أمام احتمالين:
الأول إما دولة ذات نظام فيدرالي لا مركزي وهو ما يعرضه أغلبية حراكنا الكوردي وبدعم أمريكي غير مباشر، وهذا الطلب من قبلنا في الواقع العملي إنقاذ لسوريا من التقسيم.
والثاني بواقع سوريا الحالي تعني التقسيم، لأن الشرخ الهائل الموجود بين مناطق سيطرة المعارضة والسلطة والمنطقة الكوردية، ومصالح الدول المسيطرة عليها، أدت إلى توسيع الشرخ المرعب بين المكونات السورية القومية والمذهبية، والتي بلغت تقريبا حد انعدام الثقة بينهم. وهنا لا نرى أن الدولة الوطنية أو المواطنية كما بدأ يروج لها أطراف من المعارضة العربية، إنقاذ لشبح التقسيم، بل هي من حيث البعد النظري، عودة غير مباشرة للسلطة المركزية، المرفوضة من أغلبية الشعب السوري. وتحريض على التقسيم من البعد العملي.
ولا شك أن نظام الأسدين والبعث عراب هذا الشرخ، وفي السنوات الأخيرة، وللأسف ساندتها أطراف من المعارضة. وهنا علينا الفصل بينهم وبين مجموعات المعارضة الوطنية وأبناء الثورة.
الإدارة الأمريكية الجديدة، بينت، للدول المعنية بالقضية السورية منذ تحركها قبل شهرين تقريبا وحتى الأن ومن خلال تصريحات مبعوثيها، إلى سوريا وإلى مؤتمر بروكسل المنعقد قبل أسابيع، ووزير خارجيتها أنتوني بلينكن، أنها دولة مهيمنة ليس فقط عسكريا على المنطقة الكوردية، بل سياسيا على ما يجري في سوريا ومستقبلها، وبدأت تعمق من ترسيخ وجودها عسكريا واقتصاديا في المنطقة الكوردية على هذا البعد.
بالمناسبة أمريكا لم تساند ولم تستند على القوى الكوردية فقط، فكما نتذكر أقدمت على محاولتين لاحتضان المعارضة السورية الوطنية، وقامت بتدريب مجموعتين، أحداهما في تركيا، والثانية في الأردن، خصصت لهما قرابة نصف مليار دولار، لكنهما فشلتا، وقد كانت تلك طعنة لإدارة أوباما، ووزارة الدفاع ومؤسساتها في الخارج، ومن بينهم وزير الدفاع الحالي لويد أوستن، الذي كان المسؤول الأول عن المشروعين، من التدريب إلى التسليح إلى التمويل، وقد كان ذلك الفشل منعطفا في التأييد الأمريكي للمعارضة السورية، وعلى الأغلب لم تعترض أمريكا، بل أيدت بشكل غير مباشر، يوم وضعت روسيا قرابة 170 منظمة سورية معارضة ضمن قائمة الإرهاب.
أما من البعد الاستراتيجي نلاحظ أن الإدارة الجديدة تميل حاليا إلى تقبل حالة الركود في مسيرة حل القضية السورية، وتتقبل غياب المؤتمرات التي كانت تعقد سابقا وبزخم إعلامي، كمنا نتذكر 16 مؤتمرا ما بين استانا وسوتشي، و5 مؤتمرات جنيف، إلى جانب العديد من المؤتمرات الجانبية، والسرية، وذلك على خلفية النقاط الساخنة ما بين الناتو وروسيا، كالصراع الجاري اليوم بين مناطق أوكرانيا على سبيل المثال، وعقد الصفقة التي جرت بين الصين وإيران، والتي دفعت بأمريكا ببعض الدول الأوروبية على فتح باب الحوار ما بينها وبين إيران، ولربما هذا التماطل حول عقد حوارات مباشرة ما بين أمريكا وروسيا على سوريا، ستستمر، إلى أن تخف الحدة في تلك المناطق الساخنة.
إلى جانب ذلك فأن واقع المعارضة العسكري والسياسي وابتعادها عن مطالب الشعب السوري وعلى مدى السنوات الماضية إلى بلغ ببعض بها قبول الحوار مع السلطة الإجرامية، لم تخمد فقط الاهتمام بسوريا، بل دفعت بالدول الصديقة وعلى رأسها أمريكا باستمرارية ابتعادها عن المعارضة وتعميق علاقاتها مع الإدارة الذاتية وقوات قسد، بعدما وجدتها ليس فقط الأنسب، بل ومركز ثقة، والاعتبارات عديدة لسنا بصددها الأن.
رغم ذلك ظلت هناك إشكاليات بين أمريكا والقوة الكوردية، أولا: أنها لا تتعامل مع الكورد سياسيا، على الأقل في الإعلام والمحافل الدولية، بل تحصرها في الواقع العسكري، والمساعدات اللوجستية المتنوعة. ثانيا لم تحتضن منطقة عفرين والمناطق الأخرى، وبها تم تجزئة المنطقة الكوردية، وتم احتلالها من قبل تركيا وأدواتها، بعدما سحبت روسيا رهانها عن عفرين. وما بين سري كانيه وكري سبي بعد إعلان إدارة ترمب الانسحاب من سوريا.
وفي الخاتمة: على الأغلب إدارة جو بايدن، سترسخ وجودها في سوريا، المنطقة الكوردية بشكل خاص، وستصعد من حضورها في إشكاليات مستقبل سوريا( بعدما تخف التوترات أو تضع الحلول للمناطق الساخنة الأهم لها في العالم) ولن تضغط على تركيا بالمقابل لتسحب قواتها أو دعمها للمعارضة، وبالتالي ستظل داعمة للمعارضة السورية ليس حبا بها بقدر ما هي لديمومة احتلالها لأجزاء من سوريا، وعلى الأغلب الوجود الروسي والإيراني سيستمران مع أو بزوال سلطة بشار الأسد، هذه الاحتمالات ترجح شبح تقسيم سوريا، بيد السلطة والمعارضة والدول الداعمة لهما. ويظل الحراك الكوردي إلى جانب شريحة من المعارضة العربية الوطنية، أكثر القوى الضامنة لوحدة سوريا. واقتراحنا، كحراك كوردي، النظام الفيدرالي والسلطة اللامركزية لسوريا القادمة، رغم اختلافاتنا الداخلية، تعد أفضل الحلول لسوريا المستقبل.
وأمريكا وروسيا قبل تغيير استراتيجيتها كانا عراب هذا الطرح بشكل غير مباشر، وكان لنا، نحن في المجلس الوطني الكوردستاني-مركزها واشنطن، المتشكل عام 2006 م، حوارات مع مسؤولين أمريكيين معنيين بسوريا حول هذا عام 2006م، وجددنا الحوار معهم ومع مسؤولين روس في عام 2008م، وعام 2013م وعام 2014م. لأننا كنا ولا زلنا نجدها الضامن الوحيد الذي:
أولا، يبعد شبح التقسيم.
ثانيا، سيخلق البيئة الملائمة لإخراج القوى الدولية والإقليمية من سوريا، بعد بلوغ مرحلة الاستقرار على النظام اللامركزي الفيدرالي.
ثالثا، بناء سوريا كوطن لجميع مكوناتها التي تقريبا أعدمت بينهم الثقة.
بعكس الذين لا يزالون يتمسكون بالسلطة المركزية أو كما تسمى بدولة المواطنة، وكما ذكرنا سابقا والتي ستوجه سوريا نحو التقسيم.
شكرا على الإصغاء
مودتي للجميع
الولايات المتحدة الأمريكية
Mamokurdagmail.com
11/4/2021م
الولايات المتحدة الأمريكية
Mamokurdagmail.com
11/4/2021م