روماف – رأي
تبدأ السنة الكوردية يوم الاعتدال الربيعي حيث يتساوى الليل مع النهار، يوم الواحد والعشرون من آذار “عيد نوروز”، وتتجدّد في هذا اليوم الحياة، وتتزيّن الدنيا عطراً وألواناً، وتتجدّد معها نضارةُ وجه الكوردي ليظهرَ أكثرَ إشراقاً وعنفوانًا.
تُعطي مَشَاهد احتفالات الشعب الكوردي بعيدهم القومي عيد نوروز.. عيد التجدُّد والعطاء، عيد الحرية ومقارعة الظلم والاستبداد انطباعاً مختلفاً للواقع الكوردي ليس فقط في جميع أجزاء كوردستان، وحتى في دول الشتات، قد يختلفون في أمور ثانوية، ولكن في الجوهر، حيث الرغبة إلى الحرية والأمان والاستقرار والخلاص من جور الظلم والإرهاب بكافة أشكاله وألوانه وأدواته.
احتفال الكورد بعيد نوروز، ليس فقط احتفالاً بالرّقص والغناء، ومن ثمّ يمضي هذا اليوم وكفى، بل لهذا اليوم معاني ودلالات كبيرة وكثيرة، ففيه يُخرج مكنوناته وكل ما في جوارحه للإحساس بحريته والتفاخر بعزّته وكرامته وبوجوده ككوردي أعطى الحضارات الإنسانية، وبكافة علومه الدينية والعلمية والاقتصادية والإنسانية الكثير الكثير، والمكتشفات الأثرية للحضارات المتعاقبة تُثبت أن للكورد قدماً في كلّ حال وترحال، وأثراً ووجوداً منذ قدم التاريخ وحتى الآن.
يُثبت احتفال الكوردي بعيد نوروز، أنه ثائر على الدوام ويثور ضد من انتهك حقوقه وكرامته، وليس للجبن والضعف وجود في القاموس الكوردي، بل على الدوام الشجاعة والنبل والتضحية والتسامح وحب الآخرين.
رغم الشقاء والتعاسة الذي يعيشه الكوردي، فهو مثابر في إثبات وجوده في يوم عيد نوروز، يجعل من الأعداء الشعور بالإرباك وعدم القدرة في إنهاء وجودهم أو تنحيتهم عن كورديتهم.
في إقليم كوردستان، وبعد كلّ المؤامرات والدسائس التي تفرضها حكومة ائتلاف القانون لجرّ الكورد إلى ساحات غير مثالية، احتفل الكوردستانيون في الإقليم بعيد نوروز أكثر بهجةً وتفاؤلاً، وأشعَرَ الجميع أنهم لن يرضخوا لقرارات الحكومة الاتحادية، وأسيادهم ملالي إيران، ولن يتنازلوا عن حقوقهم التي أقرّها الدستور، وسيبقون سائرين على طريق نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد شعلة الأمن والاستقرار والخلاص من جور إرهاب من يتربصون بهم.
في عفرين الكوردستانية، خرج كورد عفرين (جيايي كورمينج ) ليلة نوروز ويوم نوروز” أكثر إصراراً وثباتاً رغم كل الممارسات الترهيبية وغير الأخلاقية للبعض”، وبذلك وجّهوا رسالة قوية من خلال الاحتفال الحاشد أنهم باقون ومتمسّكون بأرضهم، ولن يتنازلوا عن شبر من أرض الزيتون، وهكذا قدّموا عهداً لشهداء عائلة البيشمركة والطفل أحمد، وكل امرأة تعرضت لجرح روحها، وكل مُسن عانى من الأذى، وكل شجرة قُطّعت، أنّهم لم، ولن يثنوا عزيمة، وسيبقون مصرّين على أخذ حقوقهم، وباقون أكثر ثباتاً وعزيمة في الوقوف بحزم في وجه كل من تسوّل له نفسه الاستمرار في إرهابه وظلمه لأهل عفرين، وسيعود كلُّ عفرينيّ إلى أرضه وبيته، وسيخرج من ظلموا، وبغوا ناكسي رؤوسهم مخذولين.
في كافة مناطق كوردستان سوريا من الدرباسية إلى عامودا والحسكة إلى قامشلو إلى ديريك، احتفل الشعب الكوردي بعيده القومي نوروز، جدَّد الكورد ثباتهم وإصرارهم للخلاص من الظلم والإرهاب، وأنهم متمسّكون بهويتهم الكوردية وباقون على أرضهم ولن يثنيهم أحدٌ.. كائناً من كان عن حقوقهم وحريتهم وكورديتهم.
كذلك في كوردستان إيران، كان الاحتفال بعيد نوروز أكثر زخمًا وتحشداً، حيث وجّه الكورد رسالة للظُلَّام الملالي أنهم لن يرضخوا مهما علا جبروتهم وعنجهيتهم، أنهم لن يخذلوا قادتهم الشهداء عبدالرحمن قاسملو وصادق شرفكندي وقاضي محمد، وأكّدوا إصرارهم على المضي قُدُماً في الطريق الذي سلكه عظماؤهم الشهداء إلى أن تتحقق ولادة يوم نوروز جديد.
وهكذا في كوردستان تركيا وفي كل مكان من العالم، احتفل الشعب الكوردي بيومه القومي، ورفع الكورد أعلام دولتهم المنتظرة وقدّموا في كل أمكنة تواجدهم، الوجه الحضاري للكورد، وقدموا شخصيتهم المفعمة بالوفاء والإخلاص والسلام والحب والتضحية في سبيل حريتهم وحرية الإنسانية جمعاء.
الشعب الكوردي، رغم ما مرَّ به من ويلات الظلم والقهر والاضطهاد خلال تاريخه الطويل يبقى شعباً متجدداً، يُشبه إلى حد كبير “النحل”، حيث تدور في جميع الأمكن وتتعرض للهواء والحرارة والرطوبة وفي الأخير تجمع رحيق الأزهار لتعطي أطيب وأشهى مادة وهي العسل الشافي والمعافي لكافة الأمراض، كذلك الكوردي رغم تعرُّضه للظلم والقهر والتشتت في كافة أرجاء العالم، ولكن في الأخير يعطي انطباع الكوردي الأصيل في المثابرة والاجتهاد والثقة والوفاء والحب والأمان والسلام، صفات الإنسانية في التسامح والعيش الكريم.