روماف – ثقافة
أدخل حانة،
يسألني النادل ماذا اريد؟
أقول له : قلبا جديدا من فضلك.
لقد كُسر القديم وأنهكته السكاكين،
يبتسم : لا، حقا، ماذا تريدين؟
غيمةً بدل الصخرة في الصدر،
يتكسّر كل شي عليها ولا تتكسّر،
ورداً بدل الجبلين على كتفيّ
ينهدمُ العمرُ ولا تسقط منهما حبّة رمل،
نهرا من الخمر،
بدل نهريّ الدمع المتكاتفين على وجهي،
يبتسم بحزن: هل أنت بخير؟ تشربين شيئا؟
أريد حزناً ليس بخير.
وعينين تلمعان من السعادة حين أمشي نحوهما،
بسمةً غير مكسورة، لا يؤرقها جرحٌ دفين.
يبتسم ،
حسناً ، أنا أتحدث عن هذه البسمة يا صديقي،
لم أعد أرى أحدا يفرح بصدق،
نحمل الجروح بحذر ،
كما يحمل الحاوي ثعابينه السامّة،
كل حركة سريعة تكلّفك حياتك،
لذلك نمشي عن الحزن ببطء،
ونركبُ دوّامة الذكريات حتى نشفى.
يبتسم مجددا، وهل نشفى؟
بل نشقى يا صديقي، نشقى.
عليك أن تكون دون قلب لتنجو،
لا يستطيع أحد كسر ما ليس بموجودٍ،
ردّ التحية ببساطة على من يمنحها،
تماما كما تهشّ ذبابة قرب وجهك.
لا تعط الوقت لأحد،
لا تفهم أحدا،
ولا تمدّ يدك لقادم أو راحل.
ببساطة، لا تقرّب أحدا،
هكذا تنجو منهم،
ومن نفسك.
يبتسم، سأحضر بعض النبيذ،
يجلب كأسين، يجلس معي،
يشرب كأسه دفعة واحدة،
يلتفت الى زميلته،
أحضري لي قارورة من النبيذ،
ينظر لي:
تعبتُ من القول أنني بخير،
أنا لستُ بخير ،
قدّمتُ استقالتي للتوّ ،
حدّثيني عني!
لكنني كنتُ أقول ما فيّ لا ما فيك.
يبتسم مرة أخيرة:
حقا؟ لم أنتبه،
أنا أبحث عن قلب جديد أيضا!