روماف – ثقافة
(1)
هي عملية بياض أتبادلها مع تخوم الكلام
كالثلج أنا؛
مهمة واحدة لا تغريني، مثل قمرٍ في أوّل موسمه
لا تُكسره شؤون الليل، ولا طيف قدرٍ أعمى
كالثلج أنا، أحتمي بركنٍ غريب، وأستندُ إلى منفى من
صور
يطاردني الفزعُ، حتى تحتضر مباهج المطر أمامي
أنا الثلج؛ الذي يبكي دون صدر ودون حذر
لا بُساطَ يأوي اختناق البحر في يدي
أنا الثلج؛ الذي يمضي للعباب دون مشيئة
خفيفاً كالريش أغامرُ بالصعود
لا أستجيب
فأسقط
وأسقط
الأشياء هناك تُخيفُني فأستردُ جهةَ النداء
وأبصمُ بكلتا يديّ على صورة الجثة
فعند الأسماء؛ يتمدّدُ الإنشاء ليَهَبَ وجهي مجزرة
أنا ثلجٌ؛
أجيدُ جيداً صلاة الإيماءة لعيونِ الضحية
(2)
الصباحُ الذي يبدأُ بكَ؛
صباحٌ كالنبأ أرتّبهُ توجساً باسم الانطواء.
صباحٌ مذهولٌ يباغتُني كأسيرة في الكلام
تمتحنُني الهدنةُ وتشجبُ عني وحدة شاغرة.
صباحٌ يرأفُ بيّ كعمرٍ في الندمِ.
الصباحُ الذي يبدأ بكَ؛
صباحٌ أتنفسهُ وأخشى أنْ أتسللَ إليه، فيرتبكُ كفا النهار
ويتآكلُ وجهُ القمر.
لا نيّة ليّ؛ أنْ أُزيحَ الأعمدة عن تواريخها، هي فسحةٍ
حضور أتشارك قلقهُ، قلبي المعطوب، أمسكُهُ بيدي
المُعاقة، أحملهُ دون مشقة كيلا يتحوّل لحجرٍ في
دوامة.
الصباحُ الذي يبدأ بك؛
صباحٌ أراهنُ عليه، كمن يقفُ على هاوية شائكة،
أعجزُ عن تفسيره، فأمدّ في عمرِ الوردِ حتى ترفعَ
الغيومُ ستائرها وتمضي مع لغز الحنين.
الصباحُ الذي يبدأ بكَ؛ صباحٌ يشبهكَ؛
صباحُ كقطوف عناقيد العنب في راحتيّ، تُناظرُ الأصيلَ
في عراك اللون
كالدّهشةِ أنتَ؛
كأنَّ نيزكاً حطّ كحجرٍ كريم، انعتقَ من مداره، يجوسُ
في همسٍ آسرٍ؛ يحجبُ عني أوهام النهايات.
كالحلمِ المقفلِ أنتَ ــ في قبضة الشجر ــ أواريه عن
الضوء الذي يحاصرني بالخلاص
عن الندوب التي أمزّقُ قشورها كلّ حين.
هكذا أنا؛ أتحوّلُ لمحجرٍ فضفاض ألملمُ فيه المجرات
التي تقفُ بين حيرتي وآخر.
أضلّلُ الصباحات؛ أرمي تساؤلاتها في زاوية اليُسرِ،
وأتركُ لبصيرتي مهامَ الوصول.
الصباحُ الذي يبدأ بكَ؛
صباحٌ أضمرُ فيه انسلاخ الرّوح عن هلعهِ، أحزّمهُ
بأسراب السوسن.
الصباحُ الذي يبدأ بك؛
صباحٌ كأحجيّة؛ تفتحُ شهيّة البكاء لطفلةٍ تتعلمُ؛ كيف أنَّ
الصّرامة تُعيدُ احتراق القوارب المُعلّقة.
هذا الصباحُ ليّ فقط؛
لا ثقلَ يُخدشُ سكينته، أُدثّرهُ بعناية آلهة لا تشيبُ،
أبصرهُ كرضيعٍ أصابهُ الصقيع ليراقبَ حياء الجهات
الخارج تواً من الوجوه.
شكراً للفرص التي لا نصدقها، فتفتننا ثمّ تتركنا لوحشةِ
هذا العالم
شكراً لصباحٍ يشبهنا إلى حدّ الانتظار، هي صباحات
قلبٍ يزحفُ وئيداً..
الصباحُ الذي يبدأ بكَ؛
هو صباحُ الكرز كالمطرِ المُدام
(3)
كم تحبينَ الكرز؛
يسألُني …؟؟
…………….
فأستسيغُه قهوة للسؤال: أيشبه لونَ ضحكتك …!!
لضحكته مذاقٌ بطعمِ خبز التنورِ ولمعة ياقوت أزرق
ولصوته نكهة الرّمان وهو يقودُ فضاء الإغواء
ولأن الصوت يتنبأ؛ …. أسمعُ حباته
من على شرفة في الطابق الأعلى …!!