ابنة الناصرة وجه الجليل الشامخ وصوت غزة الحيّ —كأن نبض الحقيقة حين تتخفّى في العتمة،سلاحٌ يُشهر ضد الطمس،
لا يُحمَل على الكتف،بل في العقول.
منذ اشتعال العدوان على غزة، ما وهنت ليلى
وما تراجعت عن الجبهة الإعلامية التي اختارتها
جبهة الفهم والتحليل، والترجمة، والفضح.
سخّرت أدواتها — الكاميرا، الميكروفون، اللغة، الوعي، والصبر الطويل —
لتحوّل كل تصريح رسمي صهيوني إلى وثيقة إدانة،
وكل خطاب عدواني إلى فضيحة أمام الجمهور العربي الذي طالما تمّ عزله عن المعركة بفعل الحجب، أو الجهل، أو الخوف.
ليلى لم تُتعبها سنتان من العمل المُضني
تحليل دقيق لما يصدر عن الإعلام العبري
ترجمة حرفية وذكية، لا تنقل النص فحسب،
بل تعرّيه من أي غطاء تبسيط للخطاب بلغة يفهمها الجميع، من ابن المخيم المحاصر إلى يافع في الدول اللاتينية مونتاج حريص، مجهود شخصي، ورؤية واعية تخاطب المشاعر كما تخاطب العقول.
في كل مقطع تنشره،ليلى لا تروي الحدث فقط، بل تُعيد تفكيكه،
تعيد تسليح الوعي، وتعيد تشكيل الجبهة.
لأنها تعرف — كما يجب أن نعرف جميعًا —أن الوعي هو خط النار الأول.
هي لا تُحلّل من برج عاجي،
ولا تركب الموجة كما يفعل تجّار الخطابات الموسمية،
بل تقف بثبات — كل يوم —
كأنها تقول:
“العدو ينام وأنا لا أنام.”
“العدو يُضلّل، وأنا أُضيء.”
“العدو يراهن على نسيانكم، وأنا أراهن على ذاكرتكم.”
ليلى عبده ليست مجرّد امرأة تختزلها بكلمة “صانعة محتوى”
هي حركة وعي قائمة بذاتها،معركة تتجسد في امرأة
منصّتها ليست نافذة، بل خندق مقاومة.
وخطابها ليس صوتًا عابرًا، بل عبوة مضادة في عمق السرديّة الصهيونية.
في زمنٍ يتعب فيه بعض الناس من مجرد مشاركة منشور،
أو يتبرمون من تكرار خبر،
تقف ليلى وتقول للعالم:
“لم تنتهِ المجزرة بعد فكيف ينتهي صوتي؟”
وإن كان للميدان بندقيّة،
فـللمعركة عقلٌ ولسان وليلى تملك الاثنين.
ما تقوم به ليلى ليس مجرّد ترجمة إعلام عبري إلى لسان العرب،
بل هو تفكيك حذر وتحليل جراحيّ، وتقليب للمعنى على النار،حتى يُكشَف وجهه العاري.
هي لا تكتفي بنقل ما يُقال
بل تكشف ما يُراد قوله، وما يُخفيه المعلن، وما يهمس به القاتل في خطابٍ مرقّع بالمنطق،تسحب من فم الوحش كلماته، وتُظهرها لنا كما هي مرعبة، هشّة، مترددة، ومخبوءة وراء سطوة مصطنعة ومرخيّة
ليلى عبده قناصة المشهد المنطوق
هي درسٌ في النفس الطويل،
وفي الاستمرارية الأصيلة،
وفي أن الوطنية ليست شعارًا،
بل مسؤولية يوميّة تُمارس كما يُمارَس القتال.
إن كانت البنادق تثقب الجدران،
فكلماتها تثقب الأكاذيب.
وإن كانت الجيوش تواجه على الأرض،
فهي تواجه على الهواء، في كل شاشة وُلد فيها الكذب.
ليلى عبده لا تحتاج منّا مديحًا،
بل أن نكون امتدادًا لها.
أن نصدّق أن الكلمة جبهة،
وأن الترجمة مقاومة،
وأن “الشرح” كمين تفجيرٍ لمن يريد أن يرى.
ليلى بسخرية وخفة ظل تسألكم عن غزة
تعبتُم؟ أنا لم تتعب.
نَعَستم؟ الدم بعد لم ينم.