روماف – فن وسينما
يبدو ان مشاعري سيطرت وتضاخمت بعد مشاهدة فيلم “باي باي طبريا” ضمن مهرجان عمان للسينما في دورته الخامسة، فكيف لا تتضاخم فهو يروي قصة تهجير الفلسطينيين ومن بعدها ممارستهم للحياة في ظل نكبتهم.
وبينما يهدف الفيلم لطرح رواية وقصة اربع اجيال الا انه يتمركز بواحدة وهي محورية واساسية فهي نجمة العائلة ونجمة الفيلم الممثلة الفلسطينية”هيام عباس” حيث تحاول ابنتها لينا مخرجة الفيلم في سرد حكايتها وربما الكشف عن بعض الامور العائلية في مشاهد عينية وكأننا في جلسة عند الطبيب النفسي نسترجع ذكرياتنا دون المساس في لب المشكلة، دون التطرق للموضوع ولكن كما نقول في اللغة العامية “منحوم” حوليه،
فببراعتها استطاعت لينا ان تثير فضولنا عن العلاقة المركبة بين هيام وعائلتها وخاصة أمها ولكن دون ان تتعمق، فهي لم تواجه امها ولم تحكها على البوح في “اسرار” العائلة.
تتواليى المشاهد الواحد تلو الاخر بين الحاضر والماضي، بين كميرة ابيها للينا وبين كميرتها، بين صنوات التسعين والالفنيات والسنوات الحالية، في رحلة على مدار السنين بين الأجيال حين تسترجع هيام عباس وتقرأ ما كتبته لينا في اللغة الفرنسية في مشهد اتقن تمثيله واخراجه وتعثر اختيار موسيقى مرافقة مناسبة.
اما بالنسبة للارشيف فلا بد ان نسال من اين لك هذا؟
تكمن أهمية الارشيف في هذه الحالة في السياق وسرد قصة تهجير العائلة من طبريا، فهو بالامر النادر. يملك الفيلم ارشيف عائلي غني، بالاضافة الى ارشيف يستحوذ مقاطع فيديو من فترة الاحتلال والتهجير، مما ادهش الجمهور لجودته العالية علما انه نادر جدا ان يستحوذ أخد وخاصة ذوي الخلفية العربية أو الفلسطينية على وجه التحديد وعلى هذا الاساس نرى بالارشيف المرفق كنز، لياتي الرد من مخرجة الفيلم ضمن فقرة الاسئلة، على انه تم اقتناء هذا الارشيف والذي يتبع للانتداب البريطاني الذي قام بدوره بتوثيق لحظات مهمة في حياة الفلسطينيين.
يحظى الفيلم لاقبال كبير فهو من افتتح المهرجان بعمان وفي عرضه الثاني امتلأت القاعة ولم يبقى مكان واحد فارغ، فتم عرضه في الهواء الطلق في الهيئة الملكية في شارع الرينبو، وتزامن مع عرضه صوت موسيقى صخبة من حواري عمان، وكأنه المشهد الكامل لحياتنا في الاونة الاخيرة بين الحزن والفرح.
هنالك بعض الاخطاء التقنية في عمل وثائقي من هذا النوع، فلقد امتنعت المخرجة من تسجيل المكان والزمان لبعض الصور والفيديوهات او حتى لاعلامنا بالشخصيات وكأنها تتعمد هذا الشي. بالاضافة ان بعض المباني من الارشيف لا تطابق مباني طبريا مما قد اثار بعض التساؤلات عند السينمائيين والنقاد. وعلى مدار الساعة ونصف أبحرنا بين اللغة الفرنسية والعربية، بين باريس ودير حنا بين ثقافة وتراث يبدو اننا على وشك خسارتهم. وهنا ايضا لفت انتباه البعض اصرار المخرجة استخدام اللغة الفرنسية كاللغة الاولى، لضعف لغتها العربية مما راه البعض كشيء يضعف الفيلم وينقص من رسالته.
لا شك ان الفيلم هو من افضل الممثلين لفئة فلسطينية مهمشة في الشوارع والعالم العربي، فهذة بمثابة فرصة لتعرف على الفئة الاكبر من المهجرين في اوطانهم.