روماف – ثقافة
خيبة الأمل هي حالة روحية ترتسم على وجودنا كظل سارح في سماء الوعي، تعكس طيات النفس المنتظرة لحدوث لم يقع، أو عسر يباغت خطى الأمل.
إنها ليست محض هوّة تبتلع أفراحنا بل هي أيضًا منبر للتأمل، ومهاد للعلم الذي يُنبت من طي الأحداث الموجعة.
بداية الرحلة تنبثق من فهم أن خيبة الأمل هي كالمطر، تبدو في الأول حبات متساقطة تُبلل آمال القلب القاحلة؛ لكنها بفعل التدبر والتجلد تصبح معينًا أزليًا تروي عطش الروح إلى الحقيقة.تلك اللحظات المكتنفة بالأسى تتحول إلى زوارق نجاة، تنتشلنا من بحر الزيف وترسو بنا على شاطئ البصيرة.
في خضم خيبة الأمل، نرى شجرة الذات تتكشف عن خلجاتها المستترة، فتتساقط أوراق الوهم لتكشف عن عُروقها المُنغرسة في التربة الصلبة للوجود.
كم مرة شهدنا تلك الأشجار تتشبث بأوراقها حتى يأتي الخريف، لتتساقط بعدها وتوقن أن الربيع سيأتي بأوراق جديدة، فترى في خيبتها ميلاد فصل جديد، ينبض بالحياة والنماء.
إنّ مفارقة خيبة الأمل تكمن في كشفها لجوانب النفس التي كانت خامدة، فهي تستفز العمق البشري لأخذ نفس عميق من الوعي وتقديم التضحيات اللازمه من أجل معانقة الواقع بكل تجلياته. لأنه بعد كل سقوط، هناك قوة تدفعنا للنهوض مجددًا، لا تقوم فحسب على الرغبة في مواصلة الطريق، بل تنهض أيضًا على إيمان راسخ بأن لكل حزن نهاية، ولكل ألم تعقبه راحة، وقد يُخبئ القدر أفراحًا تفوق تلك التي طمحنا إليها.
لذا، يجب ألا تكون خيبة الأمل كتمثال برودي يقف شامخًا وسط ميدان العدم، بل كنحت يتشكل بنقرات الإرادة البشرية، يتحدى بهية الزمان بحضور يقظ، وروح مدركة لقيمة الابتلاءات التي تهذب النفس البشرية..