الاعلام المرتزق ، متآمرٌ على الوطن و رخيصٌ

يوسف حمك

للإعلام دورٌ رياديٌّ في استخدام الكلمات الإيحائية ، لإيقاظ المشاعر الناعسة ، كما سلاحٌ ناعمٌ لا يُستغنى عنه .
و هو الكلمة التي تعري أعتى الطغاة ، و ترجرج سلطانه ، و ترعد فرائص المستبدين .
فلانتقاء الكلمات أثرٌ جميلٌ على النفس ، و إضاءةٌ للروح ، و منه يفيض شعورٌ رائعٌ .
كما اللسان الودود ينتشلك من جحيم الكآبة و عمق الحزن المتراكم ، لمقارعة الألم و ترميم كسور النفس ، و إعادة التوازن ليمضي العمر بالجميع قدماً .
مثلما لسياط الكلمات الجارحة عكس الأثر ، و آلامٌ نفسيةٌ و إحباط و فشلٌ ، و هبوطٌ في المعنويات ، و تعطيلٌ للملكة العقلية .
نعم للإعلام تأثيرٌ مزدوجٌ ، تفاؤليٌّ و انهزاميٌّ معاً في حياة الشعوب .

لكن الكارثة الكبرى تكمن في الإعلام المريض ، و ترسانته المأجورة التي تلعب دور البوق ، و زرع الأضاليل و تشويه الحقائق .
يغض الطرف عن الوقائع ، و يقوم بطمس معالمها . و عن تشويه الوجوه النقية لا يتوانى .
يراهن على العقول الساذجة ، و تسميم أدمغة البسطاء من عامة الناس .
القواعد المهنية غائبةٌ ، و السلوكيات الأخلاقية مفقودةٌ ، و الدقة في نقل الخبر آفلٌ نجمه .

غواية الإثارة تشجعهم على محق الحقائق ، و سحق الواضح من الأمور . أما فصل رأي الحاكم الشخصيِّ عن الوقائع فلا تعهد به ، ولا التزام . استعمال كل أدوات التأليب مباحٌ ، و الدعاية المستفزة مرخصةٌ .

فئةٌ مأجورةٌ محسوبةٌ على طرفٍ ، و نخبةٌ مثقفةٌ تدعي الحرص على مصلحة الوطن كذباً .
باعت ذممها رخيصةً ، و تفرغت لاختلاق الأباطيل و تحويل الحقائق إفكاً و افتراءً .
ينشرون الفوضى الفكريَّ و الكلام السلبيِّ لإضعاف الخصم الشريف و تشتيت فكره .

ثرثرةٌ فكريةٌ مبرمجةٌ ، بهدف تزييف الواقع و التشويش على كل من يتطرق لكشف الحقائق ، أو ذكر أسماء المسيئين و أعوان الفساد .
إطلاق التهم الجاهزة من نهجهم ، و اختلاق الأخبار الكاذبة من صميم عملهم ، كما زعزعة الاستقرار .
يلبسون رداء الدين و عباءة الوطنية ، ليخوضوا حروباً إعلاميةً ضد أوطانهم . ثم لجم ألسنة مخالفيهم و شراء سكوت أصواتٍ تحاول كشفهم .
كما من دأبهم إيواء بعض المنتفعين في منابرهم ، و استضافة بعض بائعي الذمم ، لتزييف الوقائع و الابتزاز و اختلاق الأكاذيب . و التلميع على حساب الوطن دون الدفاع عنه .
إعلامٌ انتقائيٌّ يهدف تحسين صورة المستبد ، و رفع شأن أسيادهم خارج الحدود عالياً .
ترويض الطبائع و إخضاعها و التستر على وباء العجز و الإخفاق و الفشل ، و تسييس وسائل إعلامٍ لا تخضع لسطوتهم ، بذريعة أنه غير مرخصٍ ، و لا ينسجم مع تطلعاتهم .
كما فضائياتٌ موجهةٌ ، تعبر عن تطلعات و مصالح مالكيها الخاصة ، و وفق منظوره الأيديولوجيِّ ، و نهجه الحزبيِّ أو الشخصيِّ .
مع غياب الحيادية في كل القضايا و الأحداث .

انحيازٌ واضحٌ لطائفةٍ ، و التحريض ضد الخصم ، كما الترويج لسياسة فئةٍ و شيطنة معارضيها ، ولا مجال لاجتهاد الآراء بالمطلق .
بل التركيز على الخبر المضلل ، و التطبيل لرموزٍ مستبدةٍ ، و التعامل مع القضايا بنفاقٍ و مكيدةٍ ، للعصف بكل المبادئ و القيم النبيلة ، و تشويه سمعة كل الشرائح ، و التفرد بتبني الشعارات البراقة المحصورة بالوطن .

ضرورةٌ ملحةٌ تستوجب إيجاد إعلامٍ وطنيٍّ ملتزمٍ بقضايا الشعوب ، و بمهنيةٍ موضوعيةٍ ، يعتمد على رسالةٍ تثقيفيةٍ إبداعيةٍ ، تنمي الوعي الجماهيريَّ ، وفق شروط الحيادية ، و نشر المعلومة الصادقة ، اعتماداً على التحليل الموضوعيِّ و السلوك الأخلاقيِّ الرفيع .
للحفاظ على صفاء الهوية الوطنية ، بحضور الضمير الحيِّ ، لترسيخ الخبر الصادق ، و تنظيف الفضاء الإعلاميِّ من المأجورين و المبتزين .

أقرأ ايضاً:

شارك المقال

مقالات أخرى