نقول عنهم “عرب إسرائيل”
وكأنها فرقة غريبة في سيرك كبير
يجلسون في الصفّ الأخير ويستمعون بعينين جاحظتين،
بينما يوزّع الجمهور المشروبات… وأحيانًا الإهمال
وهم كالشبح يُرى ويُسمع لكن لا يُلمس
تصلهم البطاقة الزرقاء،
لكنهم يحملون جوازات تسألهم “أين وطنك؟”
فيجيبون: “هنا،هناك،في كل مكان لا نُمنع فيه من الوجود.”
في بلداتهم يُقال لهم: “أهلاً بك
لكن لا تُبالغ في التأكيد على أنك عربي”
وكأن هويتهم ليست حقًا،
بل مكرُمة تُمنح لمواطني الدرجة الثانية بمناسبة عيد ראש השנה
يحاولون التأقلم، يتقنون لغتين، ثلاثًا، وربما أربع
لكنهم يبقون في لعبة “البين بين” دون قواعد واضحة
لا يُسمح لهم بالفرح الكامل
ولا يُسمح لهم بالحزن الكامل
ويحاصرهم سؤال واحد: “أين أقف؟”
عرب الداخل فعلًا…
كالمُراقب في مسرحية عبثية
يلعبون أدوارًا لا يريدها أحد
وفي كل مشهد، يُسألون: “متى ستغادرون المسرح؟”
لا تصدّق الخرائط
فالمكان ليس ما تقوله الجهات
ولا ما ترسمه البنادق حول عتبة الذاكرة
بل هو حكاية في فم جدة
ومفتاح معلّق في رقبة أب
ودمعة لا تجفّ في طرف أم
وطفلة تُدعى “يافا” تنشد عن الحرية
في مدرسة مسيّجة بجنود لا يشبهون حتى بعضهم.
هم ليسوا فقط “عرب الداخل”
بل الحكاية التي تُروى بصمت خلف الأبواب المغلقة،
القصة التي لم يُسمح لها أن تُكتب
الترويدة التي تهمس بها الفلاحات في البيادر
والأحلام التي تكاد تُنسى كلما تغيّب التاريخ عنهم عمدًا
عرب إسرائيل – فلنسمّهم ما شئنا – لا يهم،
هم ليسوا أقليّة خانت أو صمتت
بل الذين بقوا في أرضهم
حين أُحرقت أشجار الزيتون
ورفضوا أن يبنوا بيوتهم في ظل علمٍ لا يُشبههم.
أولئك الذين تكسّرت سواعدهم عند أبواب اللدّ وحيفا والناصرة
دون حياد زائف، ما زالوا يزرعون قمحهم بكرامة،
ويُربّون أسماءهم كما تُربّى القصائد في القهر.
هم مرآةٌ لنا جميعًا إن عرفناهم أو أنكرناهم،
فيهم نرى ما نحن عليه في الشتات
وفيهم نتعلّم كيف يكون الوطن
ليس عنوانًا في درس جغرافيّ
بل روحًا محروقة… لكنها لا تموت!
لمى أبولطيفة
اكتشاف المزيد من Romav
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.