أنهارٌ تصبُّ في جثة واحدة

روماف – شعر

مروى بديدة

1

الدمُ الفسفوريُّ في الأحداق

إلهي كم أبدو مشعة!

من بلاد العجائبِ أستمدُّ نورًا لبشرتي

قلبي مصابٌ بالكمد

نسيتهُ في قدحِ الفورمول.

أجِبني أنتَ أيُّها الحبيب

متى ستأتي؟

بمعولٍ فضيّ

أحتاجُ تدميرًا جديدًا.

تفتّشُ عنّي في حزيران

حينما تهاجمكَ طيورٌ غريبة

وبمخالبها تفتِقُ جراحكَ

أنظرُ كم أنا بعيدةٌ عنكَ

قسوتكَ تحملها كاملةً على ظهركَ

لا يمكنكَ النجاة

لا يمكنكَ أذيتي

كم أنتَ ضعيفٌ وقاتمٌ

حينَ أهجرُكَ

عبَرنا النّهر معًا في عشيّة غائمة

أزهارٌ متوحّشةٌ تظلّلُ طريقَنا

كلُّ أسرارنا أودعناها الحيتانَ الميتة

قاربٌ هائلٌ يحملُ جثمانَ طفلٍ غرير.

2

من أينَ لي هذه الوحشة

من خيانتكَ يا عزيزي

رأيتكَ آخرَ مرّةٍ في السّيرك

تلاعبُ امرأةً حسناء

تغطيها بحريرٍ أسود

ثمّ تنفخُ عليها

فتحترقان معًا.

كنتُ أظنُّ أنّكَ ستموتُ منتحرًا

لكنّكَ متَّ من اللّعب مع أخرى

فصفّقتُ لكَ

ريثما أتلَفَتِ النيرانُ صورتنا معًا في السنة القادمة.

كانت آلامي فظيعة

يدكَ جامدةٌ على خصري

أفعى الكوبرا تموتُ في الحوض السّاخن

حيثُ الكثيرُ من الغبطة والأوكسجين

بعد سنة من الأعصاب المتعبة

أنتظرُ فحصَ الحمض النوويّ

كي أضحكَ مع طفلي

تحت أشعّة شمسٍ لطيفة.

3

سرتُ برفقٍ على أطرافِ أصابعي

دلفتُ نحو كلِّ شيء

كأنّني أواجهُ العدوان

وخسرتُ كلَّ الأمورِ تقريبًا.

إلّا أنتَ

لا أودُّ استبدالكَ حتّى بشمسِ الصّيف السّاحرة

كلانا نتشاركُ الكآبة والخوف

كلانا يبحثُ عن نقطة ضعفٍ مُظلمة في الآخر

كلانا يعتمرُ قبعةً ويحملُ مجدافًا

والقيظُ هائلٌ هنا

أرجو أن تُبقي على حبكَ الأول

أرجو ألّا تتراجع عن ولهكَ بي

أو فلنتقاسم البغضَ ذاته وتغمرنا الشفقة

أمورٌ غريبةٌ أردتُها أن تحدثَ في جمجمتي

كتلاتُ لحمٍ تتحوّلُ إلى ذهب

غاضبةٌ أيضًا على أصدقاء قدامى

يخرجُ من صدري شيطانُ الأيّام السيئة.

4

حان الوقتُ

ربّما

لأستريحَ وأعودَ إلى وداعتي

لقد منحني حبّك الجنونَ والرّيبة

الحزنَ اللطيف الذي يضيء حجرتي

الغيرةَ التي سأحطِمُ بها كلّ شيء

وأعودُ إلى الإحباط مجددًا

ريثما

تنقذُني بنظرةٍ شاحبة.

5

مولاي مولاي

أيّها اللّورد الوديع

كيف لي أيضًا أن أخدمكَ؟

وبماذا يمكنُ أن أفديك.

لقد خسرتُ أخوةً ورفاقًا وضيّعتُ في سمائكَ والدًا عزيزًا

تغمّدهُم برحمتكَ إلهي الحبيب.

في الزوابع والثلوج والليالي الحالكة

لا تأخُذ منّي أشيائي المحبّبة

امنحني في السُّبات مرقدًا آمنًا وطويلًا

أغشِ بصري في المتاهة

حتّى أنسى

وكلّ ما تبقّى منّي خذهُ قربانًا مقابلَ سعةِ رحمتك.