روماف – ثقافة
سلمى اليوسف
“إنّ للجمال لغةٌ سماويّة، تترفّعُ عنِ الأصواتِ والمقاطعِ التّي تحدثها الشّفاه والألسِنة، لغةٌ خالِدة تضمُّ إليها جميع أنغامِ البَشر تجعلُها شعورًا صامتًا مِثلما تجتذبُ البحيرةُ الهادِئة”.
من منا لايعرف جبران خليل جبران الشاعر والكاتب والرسام اللبناني، أحد شعراء المهجر وأحد أبرز رموز عصر النهضة الأدبية العربية الحديثة،وثالث أكثر الشعراء مبيعاً، ذو الأسلوب الروحاني الرومانسي الذي يظهر في مؤلفاته باللغتين العربية والانجليزية.تعتبر الأجنحة المتكسرة بمثابة بوح جبران عن قصة حبه الأولى، والتأثير الذي تركته في حياته، حيث رأى الشاب العشريني سلمى ذات الثامنة عشر أثناء زيارته لفارس كرامة، ووقع في حبها من النظرة الأولى، وزاد هيامأ وإعجاباً وحباً بعد أن تعرف عليها أكثر، اعترف بحبه لها أثناء زيارة والدها للمطران الذي أراد تزويجها من ابن أخيه منصور بك، وذلك طمعاً بثروة فارس وسلمى لاأكثر، فتزوجت سلمى منه لكنها استمرت في رؤية جبران مرة كل شهر في معبد صغير، حملت سلمى من منصور بك وتوفيت أثناء ولادتها بعد مضي خمس سنوات على زواجها تاركةً جبران يقاسي آلام الفراق.
بذلك تكون قصة جبران وسلمى كرامة، هي قصة حب نقية بنهاية مأساوية ينفصل فيها حب الروح عن لقيا الجسد، لكنها قصة حب بريء طاهر يجتمع فيه الحبيبان بعد الممات، يهب الموت هذا الحب القدسية لأنه حب روحاني متحرر من أعباء وثقل وقيود العالم المادي فتركت هذه القصة أثراً بالغاً وأصبحت فلسفته وكتاباته توحي بطابع يقدس الروح ويحتقر المادة.
أما عن أسلوب جبران الفريد في كتابة قصته فكان سلساً واضحاً مؤثراً مليئاً بمشاعر الحزن العميق، الذي يصل إلى السوداوية في بعض الأحيان، حيث لم يكتب جبران في الأجنحة المتكسرة بل حلق في ملكوت الروح والخيال، والقلب الإنساني بتقلباته التي لاتنتهي، إلى عوالم لا تنتهي من حرية الفكر والتمرد على التقاليد، والجمال الأدبي الذي يلامس الروح.
وصف الكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة الأجنحة المتكسرة بأنها من أفضل الروايات العربية التي تنقل جبران فيها بين الروح والمادة فقدس الروح وجعلها بوابةًَ لعبور الجسد، ولكنها ليست الأفضل بين مؤلفاته ذات المستوى العالي عامةً.