روماف-رأي
عزالدين ملا
منذ أن وعينا ونحن نسمع بأن الكورد يناضلون من أجل نيل حقوقهم بعد أن خسروه لسنوات طويلة نتيجة تآمر القوى العالمية وتقسيمهم بين أربع دول، الشعب الكوردي في كل جزء على حِدة، حمل راية النضال والمقاومة والكفاح ضد الأنظمة الغاصبة لوطنهم كوردستان وكلٌّ حسب خصوصية الجزء الذي يعيش فيه.
الكورد في كوردستان سوريا، كفاحه ليس كغيره في الأجزاء الأخرى، حيث أن النضال الذي مارسه الشعب الكوردي في سوريا كان كفاحًا سياسيًا، لم يرتفع هذا الكفاح فوق هذا المستوى أي لم يحمل سلاحا قط، طبعاً يعود ذلك لأسباب عديدة، ولكن هذا الشعب الذي يعيش في الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا، لم يبخل يوماً في رفد أبنائه بالنضال والكفاح المسلح إلى جانب أشقائهم الكورد في الأجزاء الأخرى، فهناك أسماء من كورد سوريا لمعوا في الأجزاء الأخرى.
هذا الجميل الذي قدّمه الكورد في غربي كوردستان، ويقدمه لم تكن منَّةً بل كان واجبا كورديا قوميا يدفعه للدفاع عن كوردستان دون أن يندم يوما أنه قام بذلك، بل أنه مستعد دائما لتقديم الغالي والنفيس في سبيل تراب كوردستان، ففي جنوبي كوردستان قدّم شعبنا كل ما يمكن تقديمه لمساعدة أهلهم مادياً ومعنوياً، وخاصة أثناء ثورة أيلول المجيدة بقيادة الخالد الملا مصطفى البارزاني، استشهد العديد من أبناء الكورد في غربي كوردستان في تلك الثورة المجيدة، وكذلك أثناء الانتفاضة الكوردية عام 1990، كان كورد سوريا مستعدون بتقديم كل ما يملكون لإخوتهم في كوردستان العراق رغم الظروف المعيشية الصعبة الذي كان يعيشه في ظل حكم نظام الأسد، الذي عمل بشتى الوسائل لإفقار الشعب الكوردي في سوريا.
من أهم أسباب عدم ارتفاع مستوى الكفاح في سوريا فوق النضال السياسي، هي طبيعة كوردستان سوريا السهلية وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم من الهالة العسكرية الضخمة للنظام بعكس الأجزاء الأخرى ذات الطبيعة الجبلية الذي يمكنهم من حماية أنفسهم في الطبيعة الجبلية الوعرة. إضافة إلى سياسة النظام السوري الناعمة الملبسة بالخبث إلى جانب القبضة الأمنية الحديدية، هذا ما دفع الشعب الكوردي في سوريا إلى عدم رفع السلاح في وجه النظام، وقد ظهرت هذه السياسة أكثر علناً في عهد الضابط الأمني محمد منصورة المعروف بتقربه من وجهاء وشيوخ العشائر الكوردية وإظهار الود للكورد وخاصة في منطقة الجزيرة السورية، كان ضابطاً سياسياً محنكا، استطاع شق صفوف الكورد وتجزيء أوصال الحزب الديمقراطي الكوردي إلى أحزاب عديدة وبث الخلافات بينهم، بذلك شتت انتباه الكورد في سوريا عن السياسة الخبيثة التي كان يتبعها النظام وتوجيهها نحو اتهام الكورد بعضهم البعض بالعمالة والخيانة.
الآن وبعد أن اندلعت الأزمة السورية، أو الثورة السورية أو سمّها ما شئت دخلت الحركة السياسية الكوردية مرحلة جديدة، ليست كـ سابقتها، في الماضي كان سياسة الكورد محلية ضمن منطقتهم، هم لم يبتعدوا أكثر من التواصل مع بعض المسؤولين من النظام والمطالبة ببعض الحقوق كـ الحقوق الثقافية والاجتماعية وإلغاء قرار الاحصاء الجائر والحزام العربي، أما الآن تخطوا ذلك أشواطا كثيرة، ولكن نتيجة عدم التهيئة لهكذا وضع، جعل من الحركة الكوردية تتخبط في سياستها، وأيضاً نتيجة قلة الخبرة السياسية تجاه القضايا المصيرية، خاصة أن سياسة الوضع السوري كان اكثر غموضاً وتعقيداً، مما جعل الحركة السياسية الكوردية تنقسم على بعضها البعض، وعدم إدراكهم خطورة الوضع في هذه المعمعة المعقدة، مما أدى إلى التشتت في المطالبة بالحقوق الكوردية، وبذلك أحدث شرخا في المطالب الذي أدى إلى إضعاف الموقف والهدف الكوردي، مما أحدث خرقاً لدخول أيادي إقليمية ودولية لتفجير الصراع بين الشعب الكوردي الواحد، هذا الفشل السياسي الكوردي في كوردستان سوريا أدى إلى خسارة الكورد لعدة مناطق كوردية كـ عفرين وسري كانييه وكري سبي، والخسارة مستمرة إن عاند الكورد هذه السياسة اللامنطقية القائمة على العداوة بين بعضهم البعض توجيه إتهامات العمالة والخيانة.
هذه السياسة غير المجدية التي تشتت الموقف والهدف الكوردي ومن خلالها يتشتت الشعب الكوردي في مستنقع مظلم قد تكون النهاية مأساوية نندم عليها. لذلك ما تهيأ من ظروف في سوريا لا يمكن أن تعوض بالنسبة للكورد، فالسياسة الدولية في مرحلة التخطيط ضمن الجغرافية السورية، قبل الإنتقال إلى مرحلة التنفيذ من الضرورة أن نكون مستعدين، ؟؟!!. والمكون الأكثر تماسكا والأكثر حظاً هم الكورد إن أدركنا حساسية الظرف وأيضًا حاجة الدول الكبرى لقوة موحدة يمكن الإعتماد عليها لمجاراة النظام من جهة وحماية مصالح هذه الدول الكبرى من جهة أخرى، في هذا الاثناء تتلاقى مصلحة الكورد مع مصالح الدول الكبرى.
لذا يقع على عاتق الحركة السياسية الكوردية الحس بالمسؤولية والعمل الجاد في معرفة نقطة قوة المصلحة الكوردية وربطها مع المصلحة المحلية والإقليمية والدولية، هنا فقط نستطيع تحقيق المصلحة الكوردية العليا إلى جانب مصلحة جميع مكونات المنطقة لبناء مستقبلا أكثر إشراقا وحيوية لسوريا، غير ذلك أيها الكورد إلى أين انتم ذاهبون؟؟