روماف – تقارير
عز الدين ملا
تتداول في أوساط الشارع الكُردي والمجلس الوطني الكُردي في سوريا أخبار عن قرب عقد مؤتمر المجلس، وحسب ما يتم تداوله، أنه تمّ تشكيل لجان تحضير لهذا الغرض، ومن المعلوم أن المجلس الوطني الكُردي تأسس في 26 تشرين الأول، 2011، بهولير عاصمة إقليم كوردستان، برعاية الزعيم مسعود البارزاني. حظي المجلس بدعم الشعب الكُردي في غرب كُردستان.
حيث تضمن البرنامج السياسي للمجلس ما يلي: الاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكُردية وبـالشعب الكُردي الذي يعيش على أرضه التاريخية.- إلغاء السياسات والقوانين المطبّقة على الكورد، بما في ذلك حظر استخدام اللغة الكُردية وإنشاء المدارس الكُردية، والتعويض على المتضررين حتى الآن.- تحقيق اللامركزية السياسية في الحكم في سياق وحدة الأراضي السورية.
- كيف تقيّمون المرحلة السابقة للمجلس الوطني الكوردي باختصار؟
- قبل عقد مؤتمر المجلس، ما المطلوب منه لتفعيل دوره الريادي؟
- ما واجب الجميع تجاه المجلس وما واجب المجلس اتجاه الجميع؟
- لماذا المجلس لم يتم تفعيل كافة مكاتبه؟ ولماذا؟
- ماذا تقترحون بصدد تطوير المجلس؟
الوقوف جدياً عند سبل تطوير المجلس سياسياً وتنظيمياً
تحدّث عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكردي ومنسق العام لحركة الإصلاح الكردي، فيصل يوسف، بالقول: «تمكن
المجلس الوطني الكُردي من توحيد رؤى مجموعة من الأحزاب الكُردية ومنظمات المجتمع المدني وعديد من الشخصيات المنتخبة في مناطق التواجد الكُردي في سوريا، وتأطيرها في برنامج سياسي متفق عليه، وطرحه في المؤتمرات التي عقدت حول سوريا منذ بداية الثورة السورية السلمية عبر تبوء موقعه بين صفوف المعارضة وأنشطته، وبناء علاقات مع الدول ذات الشأن بالملف السوري، والتي تؤكد على أهمية وضرورة دور المجلس في أي حل للوضع القائم باعتباره يمثل شرائح واسعة من الشعب الكُردي في سوريا».
يتابع يوسف: «لابد للمجلس من مراجعة دقيقة وموضوعية لمسيرة عمله خلال السنوات المنصرمة، وإعداد الدراسات اللازمة في كل المجالات علاقاته الدولية، وسبل تعزيز دوره كفصيل سياسي معارض داخل البلاد، وفي إطار هيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية، وسبل توسيع دائرة عمله في المدن والأرياف وآليات إعداد كوادره للمرحلة القادمة في تخصصات مختلفة، بحيث يصادق المؤتمر الوطني الكُردي الرابع على الوثائق المعدة، ويلزم المجلس الوطني المنبثق عنه بالتنفيذ وفق خطط زمنية واضحة ومحددة».
يضيف يوسف: «المجلس الوطني الكردي ليس حزبا واحدا وإنما قوى عديدة، وهو يهدف بشكل رئيس الدفاع عن حقوق الشعب الكُردي، وتحقيق شراكته في البلاد دستوريا، وهذا ما يجب أن يكون في أولويات القوى المنضوية في مظلته والمؤازرين له في الوسط الشعبي، بحيث لا يفسح المجال لأية خلافات ثانوية تحد من نضالاته، وفي ذات الوقت فإن المجلس بهيئاته وقياداته أن تضع نصب عينها تطوير المجلس إلى صيغ أرقى، وتكريس المؤسساتية والديمقراطية بين صفوفه، بحيث يتحقق المساواة في الحقوق والوجبات، وتكون الريادة لمن يعمل أكثر ويقدم أمثولة في العطاء، ولا بد من إيلاء الاهتمام بالرأي العام والتفاعل معه، ووضعه بصورة الأوضاع بكل وضوح وفق الإمكانيات المتاحة، وإفهام الشارع بأن المجلس فصيل سياسي وليس سلطة ومن هذا المنطلق يمارس عمله».
يردف يوسف: «للإنصاف فإن السنوات المنصرمة وما تعرض له المجلس من عقبات في مسيرته ومنعه من العمل من قبل اسايش إدارة pyd وهجرة الشباب بشكل عام وعدم وجود كوادر متفرغة للمجلس علاوة على أمور أخرى لست بوارد التفصيل فيها الآن كل ذلك أدى أن يكون عمل المجلس دون المستوى المطلوب».
يختم يوسف: «لابد من الوقوف جديا عند سبل تطوير المجلس سياسيا وتنظيميا، وتطويره إلى صيغ أرقى سياسيا وتنظيميا بحيث يستوعب طاقات الشعب الكُردي وشرائحه الاجتماعية ومناطقه ويرتقي كي يعبر عن الشعب الكُردي، وحقيقة وجوده في سوريا، كشعب أصيل يعيش على أرضه، واستطراد فإن المجلس الذي وضع نصب عينه وحدة الموقف الكُردي يسعى لإنجاز إتفاقية قامشلو مع أحزاب pynk لتكون خير تعبير عن الرؤية السياسية الكُردية المشتركة على الصعيد الكُردي والعام وفي العلاقة مع كل القوى».
ضرورة تلافي النواقص والتقصير في المجلس
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار الأمين، بالقول: «تميز المجلس الوطني
الكُردي في المرحلة السابقة بالتوفيق الدقيق في عمله بين جانبين، العمل والنشاط كجزء من المعارضة الوطنية عبر دوره كمكون في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومشاركته النشاطات العملية سواء في هيئة التفاوض أو في اللجنة الدستورية أو أي نشاط آخر في هذا الصدد، وكذلك العمل في الداخل السوري سواء في النشاطات العملية أو في الصراع مع القوى المناوئة، أو في انجازه لجبهة السلام والحرية مع الحلفاء المعنيين من العرب والمنظمة الآثورية الديمقراطية، هذا فضلا عما كان عليه من مساعي استكمال عملية الحوار والتفاوض مع أحزاب الوحدة الوطنية على طريق تحقيق التوافق الكُردي وجمع الصفوف استجابة للمرحلة ومتطلباتها رغم كل العراقيل والعقبات التي اعترضت سبيل هذه المفاوضات من الطرف الآخر المقابل.
على العموم كان نشاط وأداء المجلس مقبولا ولو في حده الأدنى، ما يعني ضرورة تلافي النواقص والتقصير سواء في الجانب السياسي أو الإعلامي أو النشاط العملي، كما ينبغي تضافر الجهود والمساعي من أجل تعزيز دور الشخصيات المتنورة الفاعلة في المعارضة والوقوف بحزم في مواجهة العناصر والأوساط الشوفينية الحاقدة على شعبنا الكُردي وقضيته العادلة».
يتابع أمين: «قبل عقد مؤتمر المجلس الوطني الرابع، عليه القيام بنشاطات جماهيرية واسعة من ندوات ولقاءات مع الفعاليات الثقافية والفنية ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وغيرها، وأن لا يعول على جهة معينة بذاتها، بل الإنفتاح على عموم أطياف المعارضة الوطنية، لأن آفاقا سياسية جديدة تلوح في الأفق بعد تفاعل المجتمع الدولي عبر اللقاءات والحوارات سواء المتعلقة منها بالأزمة السورية أو بعموم أزمات المنطقة وما ينبغي لها من ترتيبات آنية ومستقبلية، وخصوصا اللقاء الأخير بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين وما نجم عنه من تفاهمات هامة بحسب الاعلام، بمعنى ينبغي التحضير للمرحلة المقبلة وتطوراتها، هذا على الصعيد السياسي والجماهيري، أما على صعيد داخل المجلس فينبغي تفعيل دور المجالس المحلية بمنحها هامشا من الاستقلالية محليا، وتوسيع قاعدة هذه المجالس عبر مشاركة أوسع القطاعات في عملية انتخاب أعضاء المؤتمر وخصوصا الأوساط الثقافية والأكاديمية والكتاب والمهنيين وعموم أصحاب الكفاءات والإمكانات العلمية والعملية».
يضيف أمين: «واجب الجميع تجاه المجلس هو دعمه بكل الأساليب والسبل النضالية، والترفع عن الأنانيات الحزبية والشخصية، وفسح المجال أمام القدرات والكفاءات المتوفرة، بصرف النظر عن المحاصصة الحزبية، أما واجب المجلس تجاه الجميع فهو العمل وفق برنامجه السياسي خدمة للقضية بشقيها القومي الكُردي والوطني السوري وأن يكون معياره في ذلك المصالح العليا لتلك القضية مع تجنب الضرر أو الاساءة لهذا الطرف أو ذاك، والعمل الجاد وفق آلية متفق عليها بين الجميع».
يشير أمين: «إلى أن أبرز جوانب التقصير في المجلس الوطني الكُردي هو الحد من تفعيل معظم مكاتبه، ولاسيما مكتب الاعلام، (وهنا لا أقصد تقصير الهيئة الإعلامية) وإنما إفتقارها لمستلزمات التفعيل اللازم، ليس لهيئة الإعلام سوى موقع إلكتروني، بمعنى ليس لها إذاعة ولا قناة تلفزيونية ولو بثها من بعيد ولا صحيفة ورقية بشكل دوري، هذا فضلا عن تدني الإمكانيات المادية والإفتقار إلى الكادر الإعلامي المتخصص، بينما الآخرون يملكون وسائل إعلامية هائلة، لأن المرحلة تتطلب إعلاما فاعلا وواسعا، وهكذا عن دونية الإعلام الفرعي لذات الاسباب، هذا فضلا عن التقصير في العديد من المكاتب الأخرى».
يرى أمين أن أبرز المقترحات من أجل تطوير المجلس وتفعيله ما يلي: «في الجانب السياسي، ينبغي الاستمرار في عضوية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، مع بعض الحزم في التعاطي مع الأطراف والمكونات المعنية بما يخدم القضايا القومية والوطنية، مع الإنفتاح على عموم أطياف المعارضة الوطنية، بغية تعزيز الخيارات دون التعويل على طرف بذاته، ومن ثم العمل على تفعيل اللجان والمكاتب التخصصية وخصوصا هيئة الرئاسة ولجنة العلاقات الخارجية، وتعزيز العلاقة مع الحلفاء ولاسيما الأطراف الكُردستانية في الأجزاء الأخرى وخصوصا مع إقليم كُردستان وقيادته ومع جناب الرئيس المناضل مسعود البارزاني. في الجانب الاعلامي، إيلاء أهمية خاصة للإعلام وتأمين الإمكانات المادية اللازمة لتطويره وتقدمه بما يتناسب ومتطلبات المرحلة ولو في حدها الأدنى حاليا، وتفعيل اللجان الإعلامية في المناطق، وفتح دورات تأهيل إعلامي ولو بالاستعانة بالأصدقاء في هذا الصدد، ولتلافي جانب إزدواجية الموقف أو تعدديته لا بد من ناطق إعلامي بإسم المجلس الوطني الكُردي في سوريا. في الجانب التنظيمي، وضع ديناميكية سريعة لإتخاذ القرار وفق آلية مناسبة في هذا المجال، لاسيما ان إتخاذ القرار في المجلس يأخذ حيزا واسعا من الزمن، كما ينبغي تنظيم عملية تدارك الحدث وإبداء الموقف المطلوب مباشرة، ووضع آلية مناسبة لفسح المجال أمام الكفاءات لرفع سوية المجلس وأدائه. في الجانب العملي، 1- الاهتمام بقضايا الجماهير ومعاناتها، وإيلاء الأهمية القصوى لمناطق (عفرين، كري سبي، سري كانيي)، والسعي الحثيث لدى الأصدقاء والمجتمع الدولي من أجل معالجة وضعها بما يحقق وقف الإنتهاكات والممارسات الجائرة وعودة المهجرين إلى ديارهم وتمكين الأهالي من إدارة مناطقهم بأنفسهم، والتعويض عن المتضررين جراء تلك الإنتهاكات والممارسات وإلغاء عملية التغيير الديمغرافي بعودة المستوطنين إلى مناطقهم وأماكنهم».
تفعيل جميع مكاتب المجلس وضخها بكفاءآت منتقاة بعناية
تحدث عضو الهيئة السياسية في الحزب يكيتي كوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو، بالقول: «كان إعلان المجلس الوطني
الكُردي في 26/10/2011 نصرا حقيقيا للحركة الكُردية في قضائها على حالة التشرذم المستدام بين أطراف الحركة الكُردية ونقطة تحول كبير في توضيح الرؤيا السياسية للحركة الكُردية (كُرديا وعربيا ودوليا )، بعد أن كان مشتتا بين الأحزاب، كما أن الأحزاب الكُردية أيضا كانت موزعة بين عدة كتل سياسية عربية (المجلس الوطني السوري، هيئة التنسيق، إعلان دمشق) بنفس الوقت، لذلك كان القرار الصائب المتخذ بالإنسحاب من هذه الكتل والتحاور من جديد معها وفق رؤية الحركة الكُردية الجديدة المنبثقة عن المجلس الوطني الكُردية، يعتبر أيضا تحولا جديدا يسجل للمجلس عليه، ولاقت هذه الوحدة إرتياحا جماهيريا كبيرا توجت بمظاهرة عشرات الآلاف من المواطنين تحت عنوان (المجلس الوطني الكُردي يمثلني)، كما لاقى ترحيبا كبيرا من الرئيس مسعود البارزاني ورحب بقيادة المجلس في هولير، وفي اللقاء بارك الرئيس هذه الخطوة الكبيرة وأعلن دعمه اللامحدود للمجلس، وهذا ما حصل، من حيث استخدام نفوذه وعلاقاته الإقليمية والدولية بفتح الأبواب أمام المجلس للتواصل مع المجتمع الدولي والتعريف بالقضية الكُردية في سوريا كحركة معارضة للنظام الدكتاتوري في سوريا ووقوف المجلس إلى جانب الثورة السورية (ثورة الحرية والكرامة).
كذلك دخل المجلس في حوارات مكثفة مع قوى الثورة والمعارضة السورية حتى توج أخيرا بالإنضمام للائتلاف في 27/8/2013 ككتلة موحدة وقوية ومدعومة من الشارع الكُردي، رغم كل العراقيل التي كانت تعترضها من قبل حركة المجتمع الديمقرطي (تف دم ) لخنق نشاطه في الشارع الكُردي.
لكن بعد أن تحولت الثورة تدريجيا إلى العسكرة ولم تواكب المجلس هذا التحول الجديد (وهذا كان خطأ كبيرا لم ينتبه إليه المجلس إلا مؤخرا)، بدأ الضعف التدريجي ينتاب جسد المجلس نتيجة سيطرة PYD عسكريا على الشارع الكُردي مما دفع بالآلاف من الشباب إلى الخروج من الوطن هربا من قمع ميلشيا PYD وإرغامهم على العمل في صفوفهم، في ظل عدم قدرة المجلس على وقف هذه الأعمال، وعليه نستطيع القول بأن المجلس حقق نجاحات سياسية كبيرة من خلال وجوده في صفوف المعارضة ومن خلال تواجده في المحافل الدولية (تونس، جنيف، رياض 1،2 وغيرها…) وتمثيله للشعب الكُردي في هذه المحافل، وكذلك قامت لجنة العلاقات الخارجية بزيارات متعددة إلى الدول المعنية بالشأن السوري، لكنها خسرت كثيرا الحاضنة الشعبية الشبابية الكبيرة في الداخل بعد توزع هذه الحاضنة في بلدان اللجوء، نتيجة عدم القراءة الصحيحة لتطورات وتحولات الثورة السورية».
يتابع عليكو: «لابد من قول الحقيقة وحتى وإن كانت مرة، فإن الخيارات أمام المجلس في المؤتمر القادم لاستعادة دوره المطلوب في الشارع محدودة، نظرا لهيمنة PYD على كل مفاصل الحياة السياسية والإقتصادية والإعلامية في الساحة الكُردية، ويتعرض المجلس بين فترة وأخرى لمضايقات على نشاطه ونشطائه وزجهم في سجونها، وكأننا نعيش عصر هيمنة النظام لا أكثر، ضمن هذه الظروف القاسية على المجلس أن يستمرَّ في نضاله ليبقى قريبا من جماهير الشعب، ونظرا لصوابية الخط السياسي الذي يتبعه وعدم خضوعه لأجندات الآخرين. فإن على المجلس تحمل هذه الظروف والنضال من خلالها بما يبقيها قريب من شعبه متحسسا لمعاناتهم.
لذلك على أنصار المجلس تقدير الظروف الصعبة التي تمر بها المجلس، ومتابعة رصد نشاطها، وانتقاد سلبيات عملها والإبتعاد عن الشخصنة بطريقة يهدف من وراء ذلك تصحيح الخلل القائم، وليس بغرض التشهير والإساءة لأن من شأن ذلك خدمة أجندات الآخرين واضعاف دور المجلس».
يضيف عليكو: «حقيقة لا أجد مبررا للمجلس في عدم تفعيل مكاتبه، خاصة وأنهم يملكون من الكفاءات ما يؤهلهم لذلك، لا بل الأسوأ من ذلك يتم إهمال المكاتب القائمة وعدم متابعتها، مما أدى بالعديد منها إلى التوقف عن نشاطها كما يجب، كما أن هناك بعض المكاتب تخضع لإرادة شخص أو شخصين لا أكثر، وعليه فإن كل ذلك يؤدي إلى العطالة في دور المكاتب وخلق اليأس لدى النخب من أنصار المجلس، ومن هنا نستطيع القول، إذا ما أريد للمجلس أن تؤدي دورها كما يجب فما عليها في المؤتمر القادم إلا أن تعيد النظر في هذه النقطة الحساسة وتعيد تفعيل جميع مكاتبها بعد ضخها بكفاءآت منتقاة بعناية بعيدا عن منطق المحاصصة الحزبية، الذي أثبتت التجربة عدم نجاعتها، لا بل يؤدي ذلك إلى حرمان المجلس من العديد من طاقات أنصارها نتيجة ذلك».
على ضوء ما تقدم يقترح عليكو على المجلس:
«1- إعادة النظر بسياستها الحالية على الصعيد الكُردي والعربي والدولي وفقا للمتغيرات الحالية، على أن تكون ديناميكية في التفاعل مع كل معطى جديد وإتخاذ المواقف بما يخدم مصلحة الشعب الكُردي والسوري بشكل عام بعيدا عن التأثيرات العاطفية.
2- من الأهمية بمكان أن تعمل المجلس على التخلص من البيروقراطية والبطء في إتخاذ القرارات، لذلك يتوجب عليها إختيار قيادة مخولة مصغرة في إتخاذ القرارات في الوقت المناسب وفق الاستراتيجية المرسومة من قبل المجلس، دون الرجوع إلى مؤسسات المجلس في كل شاردة وواردة.
3- إعادة النظر في أداء جميع مكاتبها المحلية والخارجية والإعلامية ورفدها بكوادر مؤهلة لكل موقع، بعيدا عن المحاصصة الحزبية كما نوهت سابقا.
وبتحقيق هذه الخطوات سوف نلمس تطورا جديدة في أداء المجلس وإلا سوف نكرر تجاربنا السابقة غير الموفقة إن لم نقل الفاشلة».
لا تطوير في غياب الإنسان المطوّر
تحدث المستشار القانوني، موسى موسى، بالقول: «شهدت الساحة الكُردية في فترات سابقة تأسيس جبهات وتحالفات
وهيئات متعددة بين مختلف أحزاب الحركة الكُردية، بهدف توحيد الخطاب السياسي الكُردي في سوريا، وقد دامت تلك الأطر فترات زمنية مختلفة، وقد لعبت تلك الأطر دوراً ايجابياً كما تخللتها سلبيات أيضاً، ومع ذلك تبقى التحالفات أفضل من التشتت.
في أوخر ٢٠١١ أثناء ثورة الشعب السوري كان إيجاد تأسيس إطار تحالفي ضرورة إستدعتها الظروف السياسية والميدانية، حيث من الصعوبة بمكان أن يستطيع حزب واحد من لعب دور وطني وقومي فعال، وخاصة في الأزمة السورية، لذلك جاء تأسيس المجلس الوطني الكُردي في سوريا في ٢٦ تشرين الأول ٢٠١١ كرغبة جماهيرية وحزبية، وضرورة كان لا بد منها.
من الطبيعي أن يكون هناك إيجابيات، وعلى أساسها تم إنشاء المجلس رغم الكثير من المعيقات التي اعترضت طريق تقدمه، منها ما كانت داخلية ومنها من خارج إطار المجلس، وقد كان هناك فسحة لتقدمه ولعب دور مميز في الثورة السورية لكن الضعف الفكري والتنظيمي نتيجة ظروفه الذاتية والموضوعية والذي كان عاماً، ومعمماً على كافة القوى الوطنية المعارضة، جعل من المجلس أيضاً من أن يتخبط في مساره ويتخلف عن دوره داخل المجلس وخارجه مما كان مأمولاً ومنوطاً به».
يتابع موسى: «المجلس كإطار سياسي وتنظيمي (حزبي) لا بد وأن يستند في كافة أعماله الإدارية إلى نظام داخلي عصري يناسب المرحلة، ويكون قادراً على استيعاب كافة القوى السياسية والشبابية والمجتمعية وشرائحها وفئاتها على أسس سليمة تحتوي على أجنة التقدم والتطور تنظيمياً وسياسياً، وخلق مبادرات تهدف إلى التشاركية المجتمعية الواسعة، التواصل الواسع والمستمر مع كافة قوى وشرائح المجتمع السوري بُغية التقارب، وطرح الرؤى والأفكار الوطنية، وما يخص القضية الكُردية من خلال إقامة ندوات واسعة ومتعددة باستمرار».
يضيف موسى: «حقيقةً إن المجلس يمثل شريحة واسعة من الشعب الكُردي ومع ذلك هناك نفور أيضاً من الكثيرين تجاه المجلس، بعضهم وليس كلهم محق في ذلك نتيجة التقاعس وبعض الخلل في مسيرة المجلس الذي يستدعي تلافيه، كما ان من واجب الجميع ايضاً، وخاصة أنصار المجلس، من أن يكونوا على تواصل مستمر مع المجلس، وطرح المبادرات مع إضاءة مواضع الخلل في المجلس، لا أن يهاجم بمجرد خلل أو خطأ في موضع من المواضع».
يؤكد موسى: «إن المجلس هو صورة مصغرة عن واقع الأحزاب المنضوية فيه، فقيادة الأحزاب وكذلك قيادة المجلس لا يبدون أهمية للمؤسساتية في العمل، ويرون بأن المؤسساتية في العمل تُقَلّصُ دورهم في القيادة، وهم بهذا واهمون لأن المؤسساتية هي تقوية كافة مفاصل الحزب والمجلس، وقد إنتكس المجلس ومن قبله الأحزاب أيضاً ليس فقط في المنعطفات، وإنما على الكثير من الطرق المعبدة خلال مسيرة الحركة منذ التأسيس، وعدم تفعيل مكاتب المجلس يأتي من نظرة العضو القيادي إلى نفسه بأنه هو المكتب وهو القيادة وهو كل شيء، كما إن توسع القاعدة وأنصار المجلس يجعل العمل النضالي والميداني والفكري والنظري مشتتاً وغير قادر على الإحتواء في غياب نظام داخلي عصري وشامل قادر على التوسعة والإنتشار ومشاركة الجميع بسير منتظم».
يرى موسى: « أن التطوير يبدأ من الانسان نفسه حتى يستطيع أن يطوّر الإطار الذي يعمل فيه، ولا بد من أن يكون التطوير جاداً وليس مزيفاً، والتطوير الجاد يعتمد على أسس علمية، وفي السياسة ينبغي أن يُراعى كافة الظروف المحيطة، وهي عديدة ومتنوعة، لذلك لا بد من القدرة والكفاءة القادرتين على إيجاد حالة التوازن بين كافة الظروف المختلفة والمتناقضة الموجودة على الساحة السورية والإقليمية والدولية، وليس بمقدور الإنسان العادي البسيط، أو القيادي الحزبي الذي فرضه الزمن الحزبي أو وجوده ضمن التكتل الأقوى من أن يقوم بدور ريادي في التطوير أو خلق حالة التوازن السابقة الذكر.
المجلس الكُردي، وكذلك الحركة الحزبية تفتقران للقيادي الحقيقي ( إلا ما ندر)، لذلك كافة المصائب والنكسات والإنتكاسات هي داخلية من أطر الحركة الحزبية نفسها، خلاصة القول لا تطوير في غياب الإنسان المطوّر، وهذه هي علة الحركة الكُردية».
الخاتمة:
يتوجّب على المجلس مراجعة ذاتية، سياسيا وتنظيميا، وتفعيل العمل المؤسساتي وفتح المجال أمام الطاقات البشرية الكوردية الهائلة، وتفعيل التخصص في جميع المكاتب لرفع السوية حتى يكون مواكبا لأي تغيير قادم.