بداية ! وفي طرح بسيط لسؤال قد يبدو ساذجا لبعضهم ! على الرغم من كل هذه السنين ، وما آلت إليها سوريا مؤخرا ! هل سنستطيع ان نعلق الجرس في رقبة القطة ؟ . وهل سيطل علينا زعامات الحركة بلا استثناء ويضعوا لنا النقاط على الحروف ؟ . أسئلة طرحت وتعددت معها إشارات استفهام !! والغريب أننا حتى هذه اللحظة لازلنا نخاف من توصيف الحالة ومعها تعددت المسميات ؟ عجبا ! من أجهضها لإنتفاضة قامشلو ؟! . كتوصيف – أراه – لها ! وهل تجرأ أي حزب من الأحزاب في طرح رؤية نقدية تنصف الشعب لا مراعاة ذلك الرقيب أول حينها ؟ .. النظام كان في أوج رعبه والجماهير هزت أركانه ولو استدامت لأسبوع لما طال الحراك السلمي إلى ما بعد 7 سنوات والأدهى أن الجماهير الكردية بمختلف مشاربها وتوجهاتها التحمت ، ومع ازيز الرصاص وغرف الزنزانات تم لم شمل المجتمع الكردي كما الانتماء القومي الذي اخذ يصرخ في وجه التشرذم ، واهتزت لأيام على صدى هدير الحناجر الغاضبة كل مخططات ميني وهلال ، وشرع منصورة وهو غاضب يشتم كبول ويتهمه بهدمه لمخطط منجز كان واشتغل عليه لعشرات السنين ! .. لن أطيل كما ولن أنظر ! النظام أخذ دروسا عديدة ويده العميقة سهلت له قضايا لم توفره له أسلحته ، وبقي السؤال الملح ؟ .. لماذا عجزت الحركة الكوردية ولم تزل ؟ في إجراء تقييم موضوعي وممارسة نقدية لتلك الفترة حتى الآن ؟ خاصة وأن الشارع حينها قد تجاوزها وهذا ما أقر بها وقالها لي قيادي في واحدة من الأحزاب وأقر بها .. سؤال ملح يفرض ذاته منذ الأيام الأولى ( لما أسميه انا بالانتفاضة خاصة وأنني منذ ساعاتها الاولى مع 3 من سكرتيريات الأحزاب الكوردية ) ! . والسؤال لايزال يصرخ بحيويته : من أفشل الانتفاضة ؟ وان كان مشفوعا بالأصل مع من الذي اوقدها ؟ … وهذه الاسئلة ليست في نية دراسة بقدر ما الغابة منها تسليط اشبه ما تكون كبقعة ضوء نريدها جميعا ان تتسع فيها أنوارها .. ولعل السؤال الأبرز هو ؟ هل سيتجرأ لابسي عباءة منصورة التي زركشها لهم بألوان زاهية الخروج ولو بعد حين فينصفوا الجماهير لا لتبصق في وجوههم بل ليرتاح نفوسهم من الوهن ؟! .. جميعنا نعلم : من ركب الإنتفاضة ومن اخمدها .
نعم ! وبكل بساطة ، لقد ساهمنا جميعا ولم نزل في وأد روحية انتفاضة قامشلو وتم الدفع وبحرفية من اعتلوا موجتها في النخر البنيوي لهدمها ومن أساساتها ، والعمل وبكل الوسائل في إعادة الجماهير التي كانت متعطشة لكسر حاجز الخوف وتحطيم بوابة الرعب ، ولقنت رغم بساطتها درسا عمليا بأن كل وسائل القمع ودوي الرصاص تساوي صفر نتيجة ، هذه الإنتفاضة شكلت أساسا مالبث ان تأسس عليها مهما سعى ، او حاول بعضهم إنكارها ، وكذلك تصدت وبعفوية ارتقت الى درجة الثورة الداخلية على السياجات البينية مناطقيا ، ولتغدو شمولية الإنتفاضة كل المناطق الكردية وضواحي النزوح في المدن الكبيرة ، وقد تعمقت تلاحما وبشكل خاص في انخراط عفرين وكوباني القوي فيها . وقد راكم النظام كل ذلك ، وسعى وبكل أساليبه المخفية التي دفع بها الى الإنكشاف وارخى حبل ادواته وصعد بشكل جنوني أساليب القمع وكثر اعداد المعتقلين ومعها توتير البنى التنظيمية ، ومع الأيام انكشف فرسان النخر ومنهجية الجهوزيات لما تلتها من اعوام لاحقة والتي توضحت افرازاتها ببساطة شديدة مع انطلاقة الثورة السورية ومن ثم تجربة قرية حداد ولتنشق الأرض عن جيش نواف البشير الثورجي ! ويعيد استذكار محمد الفارس وبراعة فرسانها في السلب والنهب ، ومعها الأداة التي تتباهى بتلوناتها ومحطات انسلاخها القومي كزخرفة فكرية – مبتكرة – . كل هذه الأمور ستدفعنا الى طرح جملة تساؤلات تتمحور بداية في السؤال المهم وسط سيل من نظريات ! الحلول والطروحات لحل المسألة السورية بعد سنينها العشرة في الثورة ومخاض الدم والهجرة ؟ وهو ذات السؤال الذي نثيره دائما ، وحتى هذه اللحظة ؟ مع كل الاطر والشخصيات العربية والمكونات الأخرى ؟ أين كانوا ؟ ومع هذا ! سنتجاوز زمن ماقبل الإنتفاضة وخلالها ومن ثم بعدها ! الى هذه اللحظة ؟ رغم إنه سيبقى الأهم في المهم : هو العودة إلى مفردات جسد الحركة السياسية الكردية والمتغيرات السريعة في آلية تعامل النظام معها وضخها لأساليب جديدة ومبتكرة ، وعليها فقد غيرت كثيرا من اساليبها البدائية ، ولتساهم بعض من الأطر الكردية وكاداة للنظام فتنخرط وبسعي ممنهج للعودة الى ماقبل انتفاضة قامشلو ، لابل والدفع بواقع الشعب الكردي الى مآس باتت الهجرة الداخلية منها والخارجية من أفظع نتائجها ، وباختصار شديد يمكن اختصار اهم افرازات انتفاضة قامشلو الباسلة :
– اهتزاز جبروت وطغيان النظام بأجهزته الأمنية وتبيان فشل لابل ادعاءات خرقه البنيوي للقاعدة الجماهيرية الكردية وترويضها .
– خروج وتجاوز القواعد الحزبية لتنظيماتها وانخراطها العملي في الأنشطة،
– والأمر الأهم تمثل في وعي الجماهير الكردية لآفاق هيكلية وبنى كما والممارسات السياسية منها والمعرفية للأحزاب الكوردية قاطبة ووضوح مدى الحاجة الماسة في إعادة النظر في كثير من القضايا والمهام .
– ولعل النقطة الاهم كانت ، هو بروز أهمية الجاليات الكردية الفعال والهام في الشتات والتي ظهرت وببراعة كمنابر نضالية ، وأصبحت من خلال انشطتها واحتجاجاتها مرآة حقيقية تنقل الحدث كبث مباشر ، لا بالوقائع – الآنية حينها – على الأرض بل بحقيقة وجود قضية كردية في سوريا وممارسات انظمتها القمعية المتعاقبة ، هذا الأمر الذي لم تكتشفه الحركة الكردية فقط ! بل النظام وعليه فقد أفرد في يومياته وسائل ما لبثت ان طفت على السطح وتسارعت نتائجها فرديا او مجموعات .
كل هذه الأمور فرضت الحاجة المتبادلة عند السلطة ومخروقيها داخل الأطر التنظيمية الكردية إلى السعي الحثيث بداهة في انهاء الإنتفاضة الجماهيرية بكافة الوسائل ، ومن ثم تمييعها ونعتها بشتى الأوصاف كممارسات رعاع او اولاد شوارع ، وبكل أسف أجرت أجهزة النظام القمعية مراجعاتها ، فيما عمقت الأحزاب الكردية غفوتها وجمودها ، وحاولت بكل قوة ضبضبة الشارع لا ثورنته ، وعملت على شرخ بنية الحركة السياسية الكردية المنظمة وتفتيتها الى اكثر مما هي مفتتة ، وبذلت جهدا فظيعا في استيلاد احزاب جديدة ! . قابلها أيضا امر وحيد وأساس تمثل بوحدة الشارع الكردي رغم خلافات الهرم ويد النظام العميقة بأجهزته الأمنية وتغلغله عميقا في بنية الحركة التنظيمية ، ولكنها اثبتت فشلها – النظام – في الخرق البنيوي مجتمعيا .
وفي المقابل ، وعلى قاعدة الترابط المصيري ، لابد لنا في استذكار دروس شعور وحدة الألم الذي تجسد في حناجر الجماهير الكردستانية ، ولتعم مظاهرات التضامن في كل مدن كردستان ايران والعراق وتركيا وليتعالى في فضاءاتها ترانيم عشق ممزوج بألم تلخص في أهزوجة – كردستان يك بارجيا .. قامشلو حلبجيا – .
نعم ! وباختصار : ها نحن امام الذكرى السابعة عشرة للإنتفاضة المجيدة وكما كل سنة ، نتأمل المشهد ونستعيد احتفاليات – الإينوماليش – مجدا للشهداء والجماهير الكردية ، ونستعيد مع محمود درويش لابل نرتل ( كم كنت وحدك يابن امي .. يابن اكثر من اب .. ) ندرك بانهم عادوا جميعا ، لابل سيعودون بكل تأكيد جميعهم الى بيوتهم ، سوى قلوب الأمهات وآهات الأخوات والألم المتراكم في صدور الأخوة لابل والشهداء بعدما كانوا قد أزاحوا بعضا من تراب قبورهم ، يتأملون المشهد وحيثيات البهرجة سواها تلكم الراية الخفاقة ابدا ترفرف بحنينية من فوق قبورهم ودندنة الحناجر على وقع صنوج أضحت بالترافق مع / زرنة / و / أي رقيب أي ماوه قومي كوردوا .. / .. تأملوا المشهد والحشود القادمة في المهرجان السنوي وهم يتهامسون : لازال المشهد يشي بالخير !! ولكن !! ترى هل سنحظى بهذه الوجوه وعديدها السنة القادمة ؟! … وليعودوا جميعا يتمددون في مراقدهم / قبورهم ، والتراب استعاد حيويته يطمر الأجساد في رحلة الإنتظار للسنة القادمة !! .. فهل سيكتب ذات يوم على بوابات تلك المقابر : ممنوع دخول البعثيين وأزيالهم بأشباحهم المنكشفة !! وهل سيستمر ذلك الرعب المشفوع بذل الخنوع والعمالة للنظام يفتك بهم في دواخلهم ؟ أم هو جلد التمساح الذي يغلف وجوههم فلا تبللها كل مياه العالم ؟ أم ؟! … كم انت قاتلة أيتها الأداة وإن كنت استفهامية ؟! .