بحث دراسي للدكتور يوسف دارا زند – رحمه الله كتبه في عام 1963
جان كورد : حول التفكير السياسي الكردي

روماف – أبحاث 

أعده للنشر الألكتروني : جان كورد 

أصل الشعب الكردي، تاريخه ولغته

الدكتورالراحل يوسف دارا زند

 (1939-2003)

بحث دراسي قيّم (May 1963)

(August 2021)

مقدمة

 

تعرفت على الدكتور يوسف دارا زند -رحمه الله- لدى الصديق العزيز يوسف نصرو قبل أعوامٍ عديدة في مدينة هامبورغ في شمال ألمانيا، فوجدته عالماً كبيراً حقاً في كل ما يمت للكورد وكوردستان بصلة، وقد كتب رسالته باللغة الألمانية في الدكتوراة في جانبٍ مهم للغاية من قواعد لغتنا الأم (أداة “داDA- ” في اللغة الكوردية) وهو بحثٌ صعب وشاق لا يستطيع إنجازه سوى من هو ضليعٌ في اللغات بشكلٍ عام وفي اللغة الكوردية بشكلٍ خاص. وعلمت أنه يملك مكتبةً ضخمة في بيته تضم الكثير من المؤلفات عن الكورد وكوردستان باللغات الألمانية والانجليزية والعربية والفارسية والتركية والكوردية، ومن أهم ما ألّفه بالعربية كتابه القيّم (فقه اللغة السامية) الذي لم يرَ النور بعد، كونه لا زال بخط يده ورحل من دون أن يتمكّن من طبع ذلك الأثر الكبير، بسبب أوضاعه المادية. وأعتقد أن ما كان لديه من كتب قد وُضِع في مكتبة جامعة كيل الألمانية، حيث كان يعيش وحيداً في منزله المتواضع حتى وفاته، ولم يكن ثمة من يستلم ذلك الإرث الثمين مما جمعه في حياته من كتب بمختلف اللغات.

قبل فترة سنواتٍ عدة أرسل لي الصديق يوسف نصرو من هامبورغ نسخةً باللغة الألمانية عن كتاب  الراحل (أداة “دا” في اللغة الكوردية)، إلاّ أنّ الكتاب اختفى من خزانتي ولا أدري هل استعاره أحد الأصدقاء لقراءته ولم يقم بإرجاعه لي أم أنني لا أدري أين وضعته، ثم أرسل لي نسخته التي كانت عنده على أمل أن أسعى لطباعة الكتاب في ألمانيا أو منحه لجامعة في كوردستان، ثم قبل تدويني لهذه المقدمة لكتاب الدكتور الراحل بأيامٍ قلائل أرسل لي صديقي المهتم جداً بحياة وآثار الدكتور دارا زند نسخةً بالألمانية من سيرة حياة الراحل كان قد كتبها بنفسه وهي من عشرات الصفحات، والنسخة المكتوبة بخط يد المؤلف ذاته باللغة العربية من كتابه الثمين حقاً (فقه اللغة السامية)، إضافةً إلى نسخة بخط يد الدكتور الراحل بالعربية من هذا المؤلف الذي بين أيدينا، ونسخة غير جيّدة تم تدوينها بالآلة الكاتبة، فوضعتُ للكتاب عنواناً مناسباً لمضمونه، حيث لم أرَ في ثناياه أي عنوان، سوى ذكره بأن الكتاب “بحث “.

أسعى الآن وأواظب على العمل ليرى النور ما تركه لنا الصديق العزيز الدكتور يوسف دارا زند من أثر هام، وسأكون سعيداً لو أن جامعةً كوردية أو أي جهةٍ مهتمة بالثقافة واللغة الكوردية تساعدني في ذلك.

ولا يسعني إلاّ أن أتوجّه بالتقدير والاحترام والشكر للصديق العزيز يوسف نصرو الذي من دونه كانت ستمحى آثار ذلك الإنسان المحترم الذي خدم أمته وقضيتها وتاريخها وثقافتها في صمتٍ  ولم يطمح يوماً لمنصبٍ أو مال، فقد عاش فقيراً همّه العلم والمعرفة وخدمة شعبه المغدور.

جان كورد

بون في 13/8/2021

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(كلمة)

        حينما كان تقديم “البحث” في هذه السنة مادةً من المواد الدراسية وكان لا بد من تقديمه، استعرضت مواضيع عديدة لأكتب في إحداها البحث… ولكن ألفيت كلها مطروقاً من الصعب أن آتي بشيء جديد ففكّرت كثيراً عمّ أكتب البحث؟ وأخيراً هداني تفكيري إلى أن أكتب عن أصل الشعب الكردي وشيئ من تاريخه قبل الاسلام وبعده وعن لغته بإيجاز، وذلك لأنني كفردٍ من أفراده هذا الشعب أرى أنه يجب عليّ إسداء ما في وسعي من خدمةٍ نحو أمتي وشعبي وأنه ينبغي أن أكون حلقة اتصال بين الشعب الكردي الذي انتمي اليه وبين الشعب الذي انتهلت من مناهل ثقافته الواسعة وتعلمت منذ صغري لغته بكل جد وعناية لأنها لغة القرآن ولأن كثيراً من القراء والكتّاب في عصرنا لا يكونون ملمين باحوال هذا الشعب وتاريخه إلمامةً تؤدي فكرةً تامةً عنه.                    

        وعندما أردت الاقدام على كتابة بحثٍ كهذا شعرت بعبءٍ ثقيل وذلك لاسباب عديدة منها:                                                           

        1-لم يكتب مؤرخو الشرق عن هذا الشعب كتابة وافية عن تاريخه مستقلاً منظّماً كما كتبوا عن الشعوب الأخرى – وإن كتب عنه بعضهم امثال حسن بيرنيا المؤرخ الايراني المعروف وبعض المستشرقين بايجاز – لا لأن تاريخه غير حافل بالمفاخر أو غير مزدهر بالحضارة واللغة العريقة فذلك شيء لا يمكن انكاره لمن درس الحقيقة وأرهف سمعه إلى حديث التاريخ الحر الصحيح، ولكن غَشَت ذلك أحياناً السحب المظلمة تارةً بسبب إهمال المؤرخين إما جهلاً منهم أو لغرضٍ سياسي وتارةَ أخرى بسبب الاضطهاد والظلم اللذين تعرّض لهما هذا الشعب منذ تاريخ طويل في سبيل تطلّعه الى حقوقه ااشرعية وحريته اللتين ينبغي أن يتمتّع بهما ككل أمة تعيش على وجه الأرض. والمعروف أن الشعب المظلوم يحاول اعداؤه دائماً أن يشوشوا تاريخه بقصد كتمان الحق ولكن الحق أعلى من أن يكتم.      

     2-باعتبار أنني طالب وملزمٌ -ككل طالب- بالدراسة عدا أنني مكلّف بترجمة واذاعة النشرات الاخبارية وبعض الاحاديث يوميا في اذاعة القاهرة القسم الكردي أحسّ بضيقٍ شديد في الوقت ولا ريب أن البحث والدراسة في الكتب لهذا الغرض يزيد في تعبي خاصةً وإن هناك مشاكل أخرى كثيرة. ولكن مع ذلك شرعت في كتابة الموضوع راجياً من الله تعالى أن يوفّقني في الوصول إلى غرضي.                                                                      

        ولا شك أن بحثي هذا لا يخلو من قصورٍ للاسباب المذكورة آنفاً، لذلك أرجو من سماحة الاستاذ أن يقدّر ظروفي وينظر إليه بعين الاغماض لا الاعتراض.                         

 

التعريف بالشعب الكردي

 

        إنّ الأمة الكردية من الأمم الآرية الشرقية، تقطن في آسيا الوسطى في المنطقة التي تدعى كورستان (موطن االكورد) -كما أجمع على ذلك علماء الجغرافيا والتاريخ من أوربيين وشرقيين- شمالاً بجنوب القوقاز وبلاد اللاز (لازستان). وفي الجنوب والجنوب الشرقي تحدّ بخطٍ وهمي ممتدّ من خوزستان بايران ماراً ببدرة وبعقوبة فجبل حمرين وجبل سنجار في العراق فكرد داغ (جبل الأكراد) حتى حدود اسكندرونة في تركيا، وفي الغرب والشمال الغربي تحدّ بخطٍ من أرضروم ثم ملاطية ثم أضنة في تركيا. وتحدّ شرقاً بأقصى لورستان وبحيرة أورمية في إيران الغربية وفي الشمال الشرقي تحدّ بولاية قارس إلى بحيرة أورمية، وتشمل أيضاً محافظة الجزيرة ومدناً أخرى في شمال وجزء من منطقة ايريفان في الاتحاد السوفيتي.                                     

        ولا يفصل هذه المناطق من بعضها سوى حدود صناعية اصطنعتها الدول المستعمرة لكوردستان. وهناك عددٌ كبير من الكورد في منطقة بلوجستان في باكستان وأفغانستان وفي منطقة شيراز والخليج الفارسي بايران. (ملاحظة من جان كورد: ربما نسي الكاتب وجود منطقة واسعة للكورد في شمال-شرقي إيران تدعى خراسان). وتعتبر كوردستان من ناحية المواقع الحربية العمود الفقري في جسم منطقة الشرق الأوسط.     

        ومن ناحية المواد الأولية (الخام) تعتبر أغنى منطقة في الشرق، فهي غنيّة جداً بالبترول (الذهب الأسود) وإن البترول العراقي والايراني كليهما في المناطق الكردية وفيها مادة الحديد والذهب والفضة بكثرة هائلة ومواد معدنية أخرى.       

        واشهر حاصلاتها القطن والتبغ (الدخان) وانواع الغلال والصوف الذي يعتبر من اجود انواع الصوف في العالم، وانواع الفواكه، والاخشاب ذات القيمة العالية جداً، وانواع السجاجيد الفاخرة المسماة ب(العجمية…) (هنا تم الحذف من قبل الكاتب نفسه لسطر وبعض السطر باللغة الفارسية من النص الأصلي – جان كورد)                                                                       

 

الكرد قبل الاسلام

 

        لا يعرف بصفةٍ قاطعة متى أقام الشعب الكردي في هذه المنطقة التي تسمى “كردستان” ولكن الشيئ الواضح الذي لا ريب فيه هو أنه أقام فيها قبل فجر التاريخ، لأن الاكتشافات الجديدة أثبتت أنه أقام في هذه المنطقة قبل القرن السابع والثلاثين ق.م. ويرجح أكثر المؤرخين والجغرافيين أن الموطن الأوّل للبشرية هو ما بين النهرين (دجلة والغرات) أي المنطقة التي هي الآن جزءٌ من بلاد الكرد.                                        

        ولم يذكر المؤرخون أن قوماً بهذا الاسم هاجروا من بلادٍ أخرى إلى هذه البلاد واستوطنوها، وإنما يذكرون أن أقواماً كثيرة غير الكرد مثل البابليين والآشوريين وغيرهم أغاروا على هذه البلاد وسيطروا عليها بالقوة مدةً من الزمن ثم أخرجوا منها، وهذا يدل على أن الشعب الكردي أوّل من سكن في هذه المنطقة. وقد قامت لهذا الشعب دولٌ عديدة قبل الاسلام خدموا الحضارة وساعدوا على رقي الانسان في الحياة. نذكر منها:                           

 

        1-الدولة اللولوية

         كانت عاصمة هذه الدولة (شهرزور) في منطقة السليمانية في شمال العراق حسب ما تفيده النقوش التي اكتشفت في منطقة (زهاو) القريبة من العاصمة يرجح تاريخ بعضها الى القرن السابع والثلاثين وبعضها الى القرن الثامن والعشرين ق.م. وحصلت روابط وثيقة بين اللولويين والآشوريين فيما بعد حتى أن الوثائق الآشورية تدل على أن بلاد الكرد كانت على جانبٍ عظيمٍ من الازدهار والحضارة والعمران، وأنّ أهلها كانوا متقدمين في معظم الصناعات والفنون لدرجة أن الملك ألاشوري (ناصر بال) إستعان بهم وطلب من الدولة اللولوية إيفاد عددٍ كثير من أصحاب الصناعات والفنون من أهالي بلاد اللولو إلى بلاد آشور ليساعدوه في تنمية الصناعات وتعمير البلاد، كما يقول المستشرق “سيايزر” ويرى أن هؤلاء اللولويين هم أجداد القبائل اللورية الكردية الحالية في ايران. وهذا رأي لا بأس به إذ أن بعض الكرد كثيراً ما ينطقون اللام “راء” و الراء “لاما” مثل كلمة (دلوب) قطرة و (كلول) سيء الحظ فينطقونها (كرول) وغير ذلك كثير فكلمة اللور إذاً على رأيه محرّفة عن اللولو، ولكن الرأي الأقرب الذي لا يحتمل الشك هو أن اللولويين هم أجداد لكرد بادينان في تركيا لأن الكرد يطلقون إلى الآن اسم اللولو على الكرد في هذه المنطقة الكردية فيقولون “كرد لولو” أي كرد اللولو إذاً هم اللولوليين القدامى أجداد اللولويين الحاليين وهذا رأي خاص لي، ويمكن أن سبايزر ومن على رأيه لم يطلعوا على هذا، لذلك ذهبوا بعيدا.                                                           

 

         2-دولة الكوتيين:

        هذه دولة منسوبة الى الكوتي وهو الجبل الشامخ الذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: (واستوت على الجودي). وورد في كتاب الأخبار الطوال بأبي حنيفة الدنيوري ص 3 ما نصّه: ” وكان جنوح سفينة نوح عليه السلام واستقرارها على رأس الجودي جبل (بقردى) أو الكردي.” كما كان العرب يسمون الشعب الكردي، وكذلك وحرف الكاف كالجيم القاهرية المصرية غير موجود في العربية الفصيحة لذلك حرّفوه الى جيم، فقالوا (جوتي)، ثم (جوردي)، كردي.                                                             

        كان شعب هذه الحكومة الكردية يقيم في منطقة كركوك والزاب الصغير في شمال العراق، ثم أخذ تدريجياً يوسّع في بلاده حتى استولى بعد قتالٍ مرير على بلاد أكاد وسمر، في جنوب العراق وأخضعتها لحكمها تماما. وقد كتب في جدول ملكي اكتشف في “نيبور” في العراق أن واحداً وعشرين ملكاً (جوتياً) “كردياً” حكموا مئةً وخمس وعشرين سنة وأربعين يوماً في بابل، وكان أحدهم المدعو (أنرى دايير) بنوعٍ خاص عظيم الشأن قوي النفوذ، ولكن ضعف آخر ملوكهم سببٌ في إخراجهم من بلاد أكاد وسومر وتأسيس دولة بابلية جديدة سنة 4482 ق.م. كما يقول سبايزر.                                                             

        ويظهر من الروايات التاريخية أن حكم الكوتيين بدأ بعد الثامن والعشرين ق.م. حتى حوالي القرن الثاني عشر ق.م. وبعد هذا التاريخ رجع الشعب الكوتي الى موطنه الأصلي في منطقة كركوك والزاب الصغير ولم تقم لهم نهضة سياسية ظاهرة بعد ذلك التاريخ.            

 

       3-دولة الكاسيين:

        هم قومٌ من الكرد كانوا ولا يزالون مستوطنين في منطقة “كرمنشاه” إحدى المدن الكردية في الكردستان الايراني.                                                                                       

         ولا يعرف بوجه محدد متى قامت هذه الدولة ولكن يذكر المؤرخون أن الكاسيين أغاروا على بابل سنة 1760 ق.م. وعلى القطر البحري من بلاد سومر سنة 1710 ق.م. ووحدوا هذين البلدين في دولة واحدة باسم “كاردونيان” عاشت 600 سنة ويمكن أن نستنبط من الوقائع التي جرت لهذه الدولة أنها قامت حوالي القرن العشرين ق.م. إذ أنً دولةً فتية لا تستطيع غزو غيرها، خاصةً في تلك العصور الغابرة التي كانت وسائل التقدّم فيها بطيئة جداً، فكان لا بد أن تمرّ على تأسيس دولة عدة قرون حتى تتمكّن من غزو غيرها. وفي عهد الدولة الأخمينية الفارسية قويت الصلة بينها وبين الدولة الكاسية الكردية بحكم الجوار. وقد فرضت الدولة الكاسية الغربية على كل قافلة أجنبية تمرّ في بلادهم من بابل إلى همدان.                 

 

        4-دولة كالدى، كاردي:

        قامت هذه الدولة حوالي القرن الحادي عشر ق.م. وكانت عاصمتها مدينة “توسباسي” وهي مدينة (وان) الموجودة الآن في الكردستان التركي. يقال أن ساردوسي الأوّل ملك الكالديين الكرد هو الذي قد بنى هذه المدينة في سنة 840 ق.م.                     

        ويؤخذ من المكتشفات والوثائق الخاصة بحروب “سرجون” الثاني ملك آشور أن حدود حكومة (كالدي) تمتد من الشمال إلى بحيرة “كوكجة” في تركيا، ومن الغرب الى نهر الفرات ومن الجنوب الى راوندوز في العراق الحالي ومنابع نهر الزاب، ومن الشرق الى بحيرة “أورمية” في إيران، وحكمت ردحاً من الزمن على شمالي سوريا.                                

        وفي القرن السابع ق.م. قامت القبائل الميدية الكردية في شمالي غربي ايران وهو من المناطق الكردية، فقوّى نفوذها متى أخضعت الدولة الكاسية لحكمها وبذلك انقرضت الدولة الكاسية وكان الميديون قبل ذلك قد أخضعوا غيرها.                                

 

       5-دولة السوباري:

       عثر على هذا الاسم في لوحة أثرية اكتشفت فيما بين النهرين، يرجع تاريخها الى القرن الثلاثين ق.م. وكان هذا الشعب يعيش في بلاد ما بين النهرين (موزوبوتاميا) ومنطقة شمالي سوريا الكردية حتى الآن والجزء الشرقي من آسيا الصغرى. وهذه المناطق جميعها كردية كما هو واضح. يقول هذا  المستشرق “سبايزر” في كتابه (شعوب ما بين النهرين).                    

 

         6-دولة الميديين:

          كان الشعب الميدي يسكن في الشمال الغربي من هضبة ايران بلاد ميديا واستولى تدريحياً على بلاد جيرانه. وقد ذكرت السجلات والآثار الآشورية أخبار القرن التاسع والثامن ق.م. قدوم هذا الشعب الى هذه البلاد وكان الآشوريون يسمونه “آماد”، “مادا”.                                                                                                                    

        وفي أواخر القرن الثامن ق.م أسس هذا الشعب دولة مستقلّة وأخضع لسلطانه شعب (بارساى) الفارسي في جنوب هضبة ايران المجاور له والمتصل به في النسب والقرابة.                                                                                                                   

        تم إنشاء مدينة (أكباتان) همدان الحالية في كردستان الايراني وجعلها عاصمتها الصيفية وأنشأ أيضاً مدينة (ماديان) -أي موطن الميديين- التي تسمى الآن “مدائن” في جنوب العراق وجعلها عاصمتها الشتوية.                                                                                  

        وكان أوّل علاقة بين الشعب الميدي وبين الشعب الآشوري في عهد “شلمنصار” الملك الآشوري سنة 835 ق.م. حيث كان الآشوريون في قتالٍ مستمر مع الشعب الميدي الكردي. وفي القرن السابع ق.م. أخضع الميديون دولة كردية أخرى هي دولة الكاسيين لحكمهم.                                                                                                               

        يقول بعض المستشرقين والاخصائيين في اللغات الشرقية “أن لغة الميديين كانت نفس لغة الشعب الكردي الحالي أو أساسها على الأقل”. ويبين مشير الدولة المؤرخ الفارسي نفس هذا الرأي تفصيلاً مع بيان الأدلّة في كتابه (ايران القديم – ص 27).      

        

         7-دولة نايري، نهري:

        اندمجت العشائر الكوتية والسوبارية من الكرد في بعضها فتكوّن منها شعب سُميَ “نايري” فأصبح ذا بأسٍ وقوة واقدام وحبٍ في القتال والنضال. حاربه الآشوريون مدة طويلة فلم يستطيعوا التغلّب عليه إلاّ بعد قرن. وكان هذا الشعب يقيم في منطقة “نايري” في الكردستان التركي وأنشأ باسمه مدينة كبيرة ولا تزال آثارها باقية إلى الآن، كما أن “نايري” اسم لقبيلة كردية تقيم في هذه المنطقة في تركيا. وقد ظهر هذا الشعب على مسرح الحياة حوالي القرن العاشر ق.م. وفي القرن التاسع ق.م. قام الجيش الآشوري بهجومٍ عام على بلاد النايريين فأخضعها لحكم الآشوريين، ولكن النايريي لم يرضوا بالحكم الآشوري الاستعماري، بل ثاروا ضده وما زال الجانبان يحاربان بعضهما الى القرن السادس ق.م. حيث ضعفت شوكة النايريين وتعرّضت كردستان بعد ذلك للهجمات والاغارات الأجنبية.                                                                                                   

        ومنذ القرن السادس ق.م. لم تقم دولة كردية قوية قادرة على أن تصّد الحملات التي شنها الغزاة على كردستان. (هنا يهمل الكاتب لسببٍ مجهول مع الأسفظهور التحالف الميدي البابلي القوي الذي تمكّن من الهجوم على مملكة آشور فدمّر مدنها وأنهى وجودها إلى الابد في  عام 612  ق.م. وغيّر بذلك الواقع في المنطقة تغييراً حاسماً، ولا زال الآشوريون المتطرفون قومياً يعتبرون الكرد، أحفاد الميديين، الذين يحمون أرواحهم ويحرسون كنائسهم من هجمات الإرهابيين، أعداءً لهم بسبب تلك المرحلة من تاريخ بلاد ما بين النهرين،  ويعتبرون هجمات شلمانصار الدموية المتتالية على بلاد الميديين والنايريين انتصاراتٍ قوميةً لهم. – جان كورد                                                        

        ففي منتصف القرن السادس ق.م. شكّل (كورش) ملك ايران جيشاً قوياً وهاجم كردستان، وبعد قتالٍ عنيف بين الكرد وجيش كورش استطاع كورش أن يسيطر على كردستان وبقيت تحت حكم الفرس حتى منتصف القرن الثالث ق.م. حيث استولى الاسكندر المكدوني على بلاد الفرس والكرد.                                                                  

        وبعد موت الاسكندر المكدوني سنة 323 ق.م. في بابل صارت كردستان من نصيب أحد قواد الاسكندر اسمه (سلفكوس) ولم تخمد نار الثورات والمنازعات في كردستان طوال حكم هؤلاء السلفكوسيين وقد دام حكمهم حتى الربع الأوّل من القرن الثاني ق.م. وبعد ذلك انتهز الأرمن ضعف السلفكوسيين فاستعانوا بملك “مهراد” الفارسي واستولى الجانبان على كردستان الجنوبي (يقصد منطقة كردستان العراق – جان كورد).                                           

       وفي حوالي سنة 69 ق.م. زحف الجيش الروماني بقيادة “لوكوللس” على كردستان، ومنذ ذلك التاريخ كان الرومان والفرس في حروبٍ مستمرة حتى سنة 1 ق.م، ففي هذه السنة عقدت الحكومة الفارسية الاشكانية معاهدة مع حكومة روما.  

        ومن هذا التاريخ الى ظهور الاسلام كانت كردستان دائماً مسرحاً لحروب الرومان والفرس المستمرة، ولمهاجمات اللان (اللاز؟) والكرج (شعبان قوقازيان). وكان الشعب الكردي دائماً يناضل هؤلاء المستعمرين والمغيرين نضالاً مستميتاً، ولكن لم يستطع التغلب عليهم واقامة دولة كردية مستقلة قوية -وإن قامت فيها إمارات صغيرة- نظراً لتشتت الشعب الكردي حينذاك وصعوبة اتصال بعضهم ببعض بسبب تخلل الجبال الشاهقة والأنهار الكبيرة التي يصعب عبورها دون الجسور وكانت الوسائل آنذاك معدومة تقريباً.                                                                                                           

         كانت كردستان -كما قلنا- مسرحاً للحروب والقتال بين اليونان والفرس والرومان -نظراً لوقوعها بين الامبراطورية الفارسية والرومانية جغرافياً- وكانت دائماً متعرّضة للاغارة والهجوم من هؤلاء أو العبور فيها.                                                                                

        ونرى بعد هذا أن فتوحات وحروب الفاتحين والقواد المشهورين قد جرت حوادثها في كردستان الجبّارة.                                                                                 

        وكان هؤلاء الفاتحون من أمم مختلفة كالآشوريين واليونان والفرس والرومان والعرب والترك والمغول، ومع ذلك نرى أن مقاومة الشعب الكردي ضد هؤلاء الغازيين والمغيرين كانت بحيث استطاع أن يقف أمام المغيرين والاستعماريين وقفة الجبال وأن يحافظ على كيانه اللغوي والقومي نقيّاً لا تشوبه شائبة الأقوام الأخرى، ولم يستطيع أي فتحٍ أو غزوٍ أن يغيّر شخصية الكرد وعاداتهم وتقاليدهم القومية، ولم يندمج هذا الشعب الذي اشتهر من قديم لبومن بالقناعة والشجاعة وحب الاستقلال في الأمم الفاتحة الكبيرة، وهذا مما يثير الدهشة والاعجاب وأقوى دليلٍ على هذا أن الاسلام انتشر في كوردستان منذ 14 قرناً ولم يؤثر في الشعب الكردي من ناحية اللغة والتقاليد القومية، مع أنه مسلم 95% بمعنى الكلمة. والسبب في ذلك أنه شعبٌ صلب الرأي لا يتنازل عما يختص بإعلاء شأن قومه مما لا يحالف الدين.

 

        هذا موجز بسيط من تاريخ الكرد قبل الاسلام.

الكرد بعد الاسلام

 

        انتشرت الديانة الزرادشتية على يد زرادشت الذي يعتبره الآريون نبياً أو مصلحاً اجتماعياً فوق العادة في القرن السادس ق.م. في شواطىء بحيرة “أورميه” في الكردستان الشرقي في إيران. وصارت فيما بعد بمدةٍ وجيزة الديانة الرسمية للدولة الفارسية آنذاك، واعتنقها الشعب الكردي جميعاً. ويدعو هذا الدين الى معرفة الله تعالى وسلوك طريق الخير والعمل الصالح، وتتفق قوانين الاسلام في كثيرِ من الأحكام مع الديانة الزرادشتية ولم يعتنق الكرد المسيحية حينما انتشرت في بقاعٍ كثيرة من العالم سوى عدد ضئيل جدا.                                                                                                                  

        وحينما أشرق نور الاسلام من الجزيرة العربية على يد أشرف المرسلين محمد بن عبد الله وسطع نوره على الشعوب غير العربية كان الشعب الكردي من ضمنها، فقد قاوم الكرد العرب الفاتحين المسلمين أوّل الأمر مقاومةً شديدة ولكن لم يلبث أن أسلموا وصارت كردستان جزءاً من الدولة الاسلامية سنة 36 ه فآمنوا عن قلب بالدين الجديد وعملوا باخلاص لنصرة الدين الحنيف.                                                                       

        وقد قامت من بعد القرن الثاني الهجري دويلات وامارات كردية في كردستان دافعت عن الدين الحنيف وسعى في سبيل نشره ولا يسعنا الآن بيان تاريخ هذه الدويلات والامارات ويكفينا أن نلّم بالخدمات التي قدّمها هذا الشعب وهذه الدول للاسلام.                                                                                                                 

        أجمع المؤرخون على أن هذا الشعب كان له دورٌ خطير في القرون الخمسة الأولى للهجرة، وأنه قام بخدماتٍ عظيمة جداً للاسلام منذ فجره من كل النواحي لم يقم بها أي شعبٍ آخر، فقد برز منه ملوكٌ ورجال وقواد عظماء ضحوا بأعزّ ما لديهم وكافحوا كفاحاً مريراً مستميتاً في سبيل الاسلام، كفاه فخراً أنه خلّف “أحمد بن مروان” الذي لُقِب من طرف الخلفاء العباسيين بناصر الدولة والدين لما أسداه من أيادٍ بيضاء في خدمة الدين الحنيف والخلافة الاسلامية. (ولا يخفى أن الذي قضى على الدولة الأموية ونقل الخلافة من دمشق إلى العباسيين في بغداد ثم غدروا به هو أبو مسلم الخراساني الذي يذم شاعرٌ عربي بأصله الكردي – جان كورد)                                                                                   

        وحسبه أيضاً مباهاةً أن البطل العظيم “صلاح الدين الأيوبي يوسف بن نجم الدين أيوب من أهالي منطقة دوين في كوردستان، حسبه أن هذا البطل المغوار من ذريته (الكرد)، صلاح الدين الذي أنقذ فلسطين وبلاد العرب والمسلمين من براثن الأوربيين بعد استعمارهم لها قرابة قرنٍ من الزمن وقهر الدول الأوربية كلها ووحّد بلاد المسلمين تحت رايةٍ واحدة.                                                                                                              

        وهناك أبطالٌ آخرون تعتبر أعمالهم من مفاخر الرجال في الاسلام، فالحروب الصليبية خير دليلٍ على ما نقول، إذ أن جيش صلاح الدين كان أكثره من الكرد.               

        في الواقع إن لهذا الشعب مواطن ومواقف عظيمة في الدفاع عن الاسلام  وقهر أعدائه، فقد كان دائماً -باعتبار موقعه الجغرافي- بمثابة الحصن المنيع ضد هجمات سيول الغزو والتتر.                                                                                                    

        يقول المؤرخون إن هذا الشعب أفنى من هؤلاء التتر الوحوش أعداء الانسانية في موقعة واحدة ما يزيد عن عشرين ألفاً في قلعة أربيل في كردستان العراق.                         

        هذا من الناحية الدفاعية، أما من الناحية العلمية فقد ظهر كتّاب ومؤرخون كبديع الهمذاني وابن خلكان وفلاسفة كابن تيمية، وظهر أدباء وشعراء ولغويون كأبي علي القالي وأبي حنيفة الدينوري قديماً وغيرها كثير…                                                                  

        وحديثاً ظهر منه شاعر العراق الزهاوي والرصافي وشاعر مصر أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر سوريا خير الدين الزركلي. كان هؤلاء خلّفوا تراثاً أدبياً ضخماً للعربية خلّد ذكراهم أبد الآبدين. وقد نبغ منه أيضاً علماء أفذاذ كالآمدي وابن الحاجب (الذي ولد في صعيد مصر من أبوين كرديين حسب ما ذكرته دائرة المعارف الاسلامية – جان كورد) وابن الحاج وابن الصلاح والجزري صاحب القراءات الذي يعتبر كتابه المنظوم في التجديد أعظم كتابٍ في موضوعه، والبيتوشي وغيرهم، ليس هنا مجالٌ لذكرهم.         

 

صفة الكرد

 

        منطقة كوردستان أكثرها جبلية وعرة، يكتنفها سهول خصبة، صالحة للزراعة، ترويها نهيراتٌ تنحدر من الجبال العالية وفيها غاباتٌ كثيفة مملوءة بأنواع الحيوانات المفترسة كالنمر والدب وأنواع الهوام كالثعابين الضخمة وأنواع الحيوانات الوحشية التي يصطادونها للحومها كالوعل والغزلان والماعز البري الضخم وأنواع الحيوانات ذات الفرو الثمين، والطيور بأنواعها الجارحة وغير الجارحة التي تعيش في السرود العالية ويصطادونها للحومها وأرياشها ومنها “الحجل” الطائر الجميل الشكل الذي يعد لحمه من أطيب اللحوم. لذلك كان الكرد بطبيعة نشأتهم شعبٌ متعوّد على الصيد والقنص وركوب الخيل لا يخوّفه أي شيء وأي قوة.                                                                 

        وكثيراً ما يصارع الشاب الكردي الدب فيصرعه، الشعب الذي هذه صفته، شجاعٌ بطبيعة الحال، لم يتعوّد الخضوع لأي دخيل ويقاومه بما فيه من قوة ولو على حساب دمه، حتى ولو غلب على أمره بقوة ضاربة جارفة فهو لا يفقد عاداته وتراثه بل يحتفظ بهما كأنهما في لوحٍ محفوظ.                                                                                       

       ويصف المؤرخون والمستشرقون هذا الشعب بالذكاء النادر الفطري ورقة القلب والرحمة والعاطفة، ولم يعرف قط أن الكردي فتك بأعدائه بعد التغلّب عليه أو قتلهم غيلةً، ويقولون بالرغم من أن الأمة الكردية أنجبت رجالاً عظماء قبل الاسلام وبعده في كافة المناحي لم يكونوا أقلّ من هركول البطل الروماني ونابليون الفرنسي وأمثالهما الذين اعتبروا مفخرة أممهم وموضع تمجيدهم إلأ أن هذه الأمة لم تنجب قط أمثال هولاكو وتيمورلنك وجنكيزخان، من الأتراك الطورانيين وغيرهم الذين لم يشتهروا إلاّ بالقسوة وسفك الدماء والظلم والتدمير التام والتخريب العام. ولم يعرف عن الحكام الكرد المعروفين أمثال كريم خان زند ملك إيران الذين حكموا بلاداً شاسعة أن ارتكبوا ما يمس أعراض الناس وأموالهم أو أراقوا دماءً بريئة، حتى أنهم كانوا يصفحون عمن أساء الى أشخاصهم – في حد غير شرعي – والتاريخ شاهدٌ على ما نقول.                               

        والكردي مشهور باحترامه الفائق للنساء، فالكردي لايعدد زوجاته إلاّ نادراً و لا يقيم حريماً ولا يضيّق على زوجته ولا يحتقرها وإنما يراها تتصف بالمؤهلات ذاتها التي يتصف هو بها. والمرأة هي التي تستقبل الزوّار في غياب زوجها وتضيفهم، وتتحدّث اليهم ولا تستر وجهها، وتتولى كذلك إدارة الخدم والمنزل، وعند الأكل تعطي الاشارة بالمباشرة، وتلعب المرأة الكردية دوراً أساسياً في تربية الأولاد وتنشئهم مما يدل على المكانة التي تحتلها في المجتمع الكردي، والزواج عند الكرد يتم نتيجة حبٍ متبادل بين الشاب والفتاة إذ يتاح للعروسين أن يتعاونا جيداً قبل عقد القران. والكردي الى جانب كونه مقاتلاً لا يهمل الحب فهو غالباً ما يغنّي الأغنيات الغرامية ويتغزّل، والمرأة الكردية أيضاً لها نصيبٌ وافر من الشعر الوجداني الكردي.                                                  

 

شخصيات ثورية كردية

 

         من الشخصيات الكردية التي لعبت دوراً خطيراً في الحركات الثورية الكردية التحررية “عبد الرحمن باشا” الذي ثار على الأتراك عام 1856م فقمعوا ثورته.           

        بدر الدين خان الذي ثار على المستعمرين لكوردستان سنة 1842م، الى 1846م. وبسط نفوذه من الموصل حتى ديار بكر (آمد) وأورمية وساوجبلاغ (مهاباد) ولكن قمع ثورته الأتراك بمعاونة الفرس ونفي بدرخان إلى جزيرة كريت.                                         

        الشيخ عبيد الله النهري، ثار على الأتراك والإيرانيين سنة 1830م (الصحيح هو عام 1880م. – جان كورد) بغية تحقيق استقلال كوردستان، أخمد ثورته الجيش التركي الإيراني المشترك.                                                                                                 

        يزدان شير، ثار على الأتراك سنة 1853-1855 واستولى على بتليس والموصل الى بغداد. قمع ثورته الأتراك وقتلوه في القسطنطينية.                                                        

        الشيخ سعيد النقشبندي (يقصد الشيخ سعيد بيرانى- جان كورد) ثار على مصطفى كمال (آتاتورك) في سنة 1925م ودامت ثورته قرابة سنة ولكن بعض الخونة من الأكراد ساعدوا الجيش التركي وأخمدوا ثورته وقتلوا قرابة مليونين من النساء والأطفال والشيوخ الكرد حرقاً ورمياً بالرصاص وشنقوا ستةً وأربعين زعيماً كردياً على رأسهم الشيخ سعيد زعيم الثورة.                                                                                                                 

        وقد ثار أيضاً ضد الدول المستعمرة لكوردستان شخصيات أخرى كاسماعيل خان سمكوا في إبران والدكتور فؤاد (وثورة الشيخ علي رضا في سنة 1937م. – جان كورد) والشيخ محمود في العراق، ولكن كان نصيب هؤلاء كنصيب إخوانهم فيما سبق إخماد ثورتهم بواسطة الجيش الانجليزي العراقي أو التركي أو الايراني أو كلهم معاً.                                                 

      وبعد أن تحدثنا عن تاريخ الكرد في غاية الإيجاز نتحدث الآن في اللغة الكردية وفصيلتها  ومدى انتشارها وتمكّنها من التعبير وثورتها ونبذة من قواعدها.                     

 

اللغة من مقومات الأمة الأساسية

 

        مما لا شك فيه ويجب أن ينتبه له الناس دائماً هو أن الشعب الذي تنقرض  لغته يصبح قطعاً من الشعوب المنقرضة، فإنقراض لغة أي أمّةٍ من الأمم معناه إنقراض تلك الأمة وتاريخها وزوالها من عالم الوجود، إذ باللغة يمكن لأي شعبٍ من الشعوب مواصلة بناء حضارته ومجده وتقدمه، فحينما تنقرض لغته ويصبح جاهلاً بها تنقطع السلسلة التي تمكنّه من مواصلة بناء حضارته والرقي بحياته، فوجود اللغة وبقاؤها لأمة دليل قطعي على بقاء تلك الأمة محتفظة بعاداتها وتقاليدها وسائر مميزاتها القومية، فاللغة إذاً هي المقوم الأوّل من المقومات الأساسية لحياة وبقاء أي أمّة من الأمم. كثيراً ما يذكر لنا التاريخ أسماء شعوب وأمم إنقرضت بسبب إنقراض لغتها لأسباب عديدة مختلفة لا مجال لذكرها، فإن اللغة بمثابة إمداد الدورة الدموية للجسم فإذا توقّف الدم عن الجريان أصبح الجسم لا حركة ولا حياة فيه.                                                                

        إننا لو نظرنا إلى الشعب الكردي بعين الإنصاف دون أن نتعصّب بدواعٍ قومية أو نتأثّر بميول عاطفية، نرى أن هذا الشعب بالرغم من أنه -باعتبار موقعه الجغرافي- كان نقطة التقاء للحروب التي وقعت منذ آلاف السنين بين جيوش اليونان ثم بعدهم الرومان وبين جيوش الفرس (البارت) ثم أصبح هدفاً  لجيوش جنكيزخان وهولاكو وتيمورلنك، كان حين انحدارهم على أمم الشرق بل والغرب، ثم كان أيضاً طريقاً بعد ذلك للجيوش الأتراك العثمانيين في حروبهم مع الفرس، نقول بالرغم من ذلك كله، وبالرغم مما تعرّض له من أسباب الأنقراض والفناء، فإن هذا الشعب لم يستطع المحافظة على لغته وكيانه القومي فقط، بل خرج من ذلك كله أشد صلابة في المحافظة على لغته وعاداته وسائر مقوماته القومية. كما يقول ذلك بعض المؤرخين من الفرس أمثال “حسن بيرينا” ومن الأوربيين أمثال ميجر سون المستشرق الانجليزي وبول بندر الفرنسي وغيرهم، ويقولون أن الشعب الكردي يستحق كل التقدير والإعجاب بمزاياه النفسية والخلقية، ويقولون أن اللغة الفارسية واللغة التركية بالرغم من وجود حكومة تعمل على وقايتها -باعتبار أنها لغتا الحكم والتعليم والتأليف- فإن هاتين اللغتين تكادان تعتبران في عداد الأموات لولا ما دخلها من الكلمات العربية وغيرها فحفظتهما من الاندثار الكلي، بعكش اللغة الكردية، فإنها لم تفقد شيئاً من كلماتها وخواصها النطقية ومميزاتها الآرية.                                                                                                       

فصيلة اللغة الكردية

 

        أجمع العلماء من الغربيين والشرقيين الذين درسوا فلسفة اللغات المختلفة على أن اللغة الكردية من اللغة الآرية (هند-أوروبية) وذلك للتشابه الواضح بين اللغة الكردية واللغات الآرية في المفردات والتركيب والنطق بالحروف وطريقة تكوين الجمل. أما بين الفارسية والكردية فهما تكادان تكونان لغةً واحدة، فالأعداد من واحد إلى الآخر مشتركة بين الفارسية والكردية، والإتحاد في كلماتها أجلّ من أن تحصى، إلاّ أنّ الفارسية فقدت كثيراً من مميزاتها الآرية من حيث النطق ومالت في طريقة النطق بالألفاظ إلى طريقة النطق العربي، فإننا نرى ونلمس أن الفارسية تنطق الألفاظ: “فولاذ” بالفاء و “زن” المرأة و “زنك” الصدأ” و “زير” تحت و “روز” نهار بالزاء و “جان” الروح و “جاه” المقام بالجيم، بينما تنطقها الكردية ب”P” -غير موجود بالعربية- وبالژ اء J” -” غير موجود في النطق العربي أيضاً-  و بالگاف “G “أو الجيم القاهرية غير موجود أيضاً في العربي الفصيح.

        كل ذلك لأن الفارسية تأثرت تأثيراً كبيراً باللغة العربية حينما اختلط العرب بالفرس اختلاطاً وثيقاً وتصاهروا معهم. ولكن لم يختلطوا بالكرد لصعوبة المعيشة للأجانب في كردستان، وحرص الكرد على تراثهم، لذلك لم تتأثر الكردية بلغةٍ أخرى تأثيراً يذكر.

        وأما بين الكردية واللغات الآرية الأخرى فمن درس أصول اللغات يتبين له أن اللغة الكردية واللاتينية والانجليزية والأرمنية والهندية وغيرها من أصل واحد. ويكفي أن نبيّن جهة اتفاق في عدة كلمات في الكردية والانجليزية، فمثلاً نرى أن الكلمات الآتية متفقة فيما بينها تماماً (ونجد لها تشابهاً في لغات آرية أخرى كالألمانية – جان كورد):

الكردية                                   الانجليزية                                               المعنى بالعربية

برو                                                               Brow                                    حاجب

ستيره                                                          Star                                       كوكب                     

ئيش                                                             Ache                                    ألم

ﭼيلى                                                          Child                                    طفل

هيك                                                         Egge                                      بيضة

نام                                                              Name                                    اسم

شور                                                           Sour                                       مالح

سول                                                          Salt                                         ملح

سرنام                                                         Surname                              لقب

ترب                                                            Top                                        قمة         

نوى                                                            New                                       جديد

نها                                                              Now                                       الآن

 

        فمن هذا الجدول الذي يمثل جزءاً بسيطاً من الكلمات المتفقة في اللغتين الكردية والانجليزية يتبيّن أنه لا يعقل أن يكون هذا الاتحاد مجرّد صدفة، بل لا بد أن أصلها كان واحداً في يومٍ من الأيام، وليس هذا مجال بيان أوجه التشابه بين الكردية والألمانية والفرنسية والايطالية والاسبانية، لا سيما أني لا أعرف هذه اللغات.                           

 

      انتشارها وعراقتها

 

        كانت اللغة الكردية قبل الاسلام، بل قبل الميلاد، سائدة في هضبة إيران وموزوبوتاميا (بين النهرين)، الدجلة والفرات وشرق تركيا، منذ ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح، على ما ذكره المؤرخون. وكانت اللغة الرسمية للدول الكردية التي قامت قبل الاسلام مثل الدول التي ذكرناها. وبعد الاسلام للدولة المروانية ولدولة دوستك ولدولة الحسنوية الكردية.

        يقول الميجر سون الانجليزي الذي استهوته اللغة الكردية، فعاش في كردستان قرابة عشرين سنة وهو ممن لهم دراسة عظيمة باللغتين الكردية والفارسية وفلسفتهما. فيقول: “-قليلون هم الذين يعرفون شيئاً عن اللغة الكردية وهذا ما جعل الآراء تتضارب في حقيقتها فينسبها البعض الى أنها لهجة فارسية عامية. والحقيقة أن اللغة الفارسية الحالية المعدومة في طليعة اللغات الآرية بجمالها وعذوبتها تنقصها الأدلة على قدمها، على عكس اللغة الكردية، فهذه لغة آرية قديمة كاملة وغنية بتراكيبها الصرفية وتمتاز بقواعدها النحوية وخلوها من المفردات الدخيلة التي وإن تكن قد أغنت اللغة الفارسية غير أنها من ناحية أخرى قد قضت على ما يماثلها من المفردات الآرية.” انتهى كلامه.

        ويدل على عراقتها وانتشارها (أي اللغة الكردية – جان كورد) أنها كانت لغة الدين السائد في هضبة ايران وآسيا الوسطى، فقد أجمع العلماء والمؤرخون في الاديان القديمة على أن الكتب الدينية التي تنسب الى زرادشت ألّفت باللهجة الموكرية، إحدى اللهجات الكردية، مثل كتاب (آوشتا) لزرادشت الذي أُختُلِفَ في نبوته وعاش في القرن السابع قبل المسيح في مدينة (موكريان)، إحدى المدن في شمال شرق كوردستان.

        وبالرغم من أنه قد ظهر كثيرٌ من علماء الكرد في الاسلام وخدموا الحضارة الاسلامية والعلوم العربية المختلفة في كافة الميادين والمناحي العلمية أمثال الآمدي وابن الحاجب وابن الصلاح وابن خلكان وابي علي القالي وابن تيمية وبديع الزمان الهمداني والكوراني والجزري وغيرهم ممن لا يحصون فإن هؤلاء العلماء قد ألفوا باللغة الكردية -كما ألفوا بالعربية – مؤلفاتٍ كثيرة في كافة العلوم.

 

        طبيعة اللغة الكردية

 

         إن اللغة الكردية -كما في اللغات الآرية- لا تعتمد في تكوين كلماتها -في أغلب الاحيان- على المشتقات كما تعتمد عليها اللغات السامية فمثلاً نرى أن الكلمات الآتية:

آسن / الحديد، و درَخت / الشجر، وسَگ / الكلب، وگيا / النبات، وكور/ الولد، وآسب/ الحصان، نرى أن هذه الكلمات منقولة من معاني أسماء أخرى في العربية، فسمي الحديد حديداً لصلابته والشجر شجراً لتداخل أعضائه في بعضها، والكلب كلباً لمسكه الاشياء بأسنانه بشدة، والنبات نباتاً لأنه ينمو ويطلع من الأرض، والولد ولداً لأنه يولد، والحصان حصاناً لأنه يصون صاحبه، وهكذا كلمات كثيرة أخرى في العربية، ولكن هذه الكلمات ليست لها معانٍ أخرى غير مسمياتها الحالية في الكردية، بل إنها وضعت لهذه المعاني رأساً دون أية مناسبة على ما نعلم.

 

        تمكّن اللغة الكردية من التعبير:

 

           اللغة الكردية لغةٌ يعبّر بها عن جميع مقتضيات الحياة دون أي تكلّف، كما قال ذلك بعض المستشرقين. فيقول بول بندر الفرنسي في كتابه المطبوع في باريس سنة 1926 أن “-اللغة الكردية فيها أمثال بديعة كثيرة التداول، تلك الأمثال التي تشكّل أساس جميع المحادثات ومحورها، كما أنها بحق من مميزات اللغة الكردية، فإن للكردي مثلٌ على كل شيء، وفي كل موضوع، فهذه الأمثال هي نظام حياته وقاعدته، فالطبيعة كلها تمر باللغة الكردية، والذكاء الكردي رأى كل شيئ وقال كل شيئ منذ أقدم الازمنة. ولا تقل بلاغة هذه اللغة عن فلسفتها، واللغة الكردية لغة شعرية والشعر فيها يحتضن جميع نواحي الحياة ويتناول الطبيعة بكاملها.” انتهى كلامه.

        ويقول الميجر سون الانجليزي: “-إن الكردي له مقدرة فائقة على التعبير عن أغراضه وعلى فهم العلم وتعلّم اللغات وله ذكاءٌ نادر وميلٌ غريزي للشعر والأدب.”، كما يرى نفس الرأي المهندس هاملتون الانجليزي الذي أوفدته الحكومة العراقية الى كوردستان في بعض الأعمال الهندسية. (وهناك طريق مشهور في كوردستان باسم طريق هاملتون – جان كورد).

        ومما لا شك فيه أن هذا الكلام من هؤلاء المستشرقين يغني عن التعليق والايضاح لخصائص هذه اللغة وبيان ما يمتاز به.

 

       مكانتها بين اللغات:

        واللغة الكردية من اللغات المرتقية التي تقبل أصولها التصريف حسب تقدّم العصور وتغيّر البيئات.

        يقول جرجي زيدان في مؤلفه (الفلسفة اللغوية: ص 24-25): “- من الصفات المميّزة لهذه الطائفة الآرية (ومن بينها اللغة الكردية) أنها مؤلّفة من أصول قابلة التصرّف أدراجاً وأن الاشتقاق فيها يقوم بإضافة أدوات معظمها ذات معنى في نفسها، وهذه الأدوات تلحق غالباً في آخر الأصل وأحياناً في أوله.” انتهى كلامه.

        وسبق أن قلنا أن اللغة الكردية لغة كاملة وغنية بتراكيبها الصرفية وتمتاز بقواعدها النحوية وخلوصها من المفردات الدخيلة.

        ونحن نستطيع أن نستنبط مما سبق من الكلام أن اللغة الكردية سهلة للتعليم ولها قواعد قياسية لا تتخلّف، ولها قواعد لكتابتها لا يخطىء في النطق بها من له أدنى معرفة فيها، وهي في غاية البساطة والسهولة، لا تأخذ وقتاً طويلاً، وهي تقرأ مثل ما تكتب، لها حروفٌ مخصوصة لكل مقطع من مقاطع الصوت، وليس فيها حروف زائدة صامتة تكتب ولا تقرأ  (هذا نجده في اللغة الفرنسية مثلاً  كما في كلمة “مسيو” التي تكتب هكذا: Monsieur– جان كورد) ولها حروف لكل نوع من أنواع الحركة.

        واللغة الكردية تختلف تماماً مع اللغة العربية في تركيب الجمل وهي كباقي اللغات الآرية في تركيب جعلها غالباً.

 

        ثروتها:

 

       عاش الشعب الكردي منذ آلاف السنين ولا يزال يعيش في وطنه كوردستان التي كثيراً ما تكسو الثلوج جبالها العالية شناءً وتفرش أراضيها وسهولها ووديانها وسفوح جبالها بالزهور وأنواع الرياحين ومختلف النباتات ربيعاً، وهو يتنقل بين أرجائها وربوعها، لم يتمكن الأجنبي أو الدخيل أن يختلط به ويتوغّل في بلاده، ولذلك ظل محتفظاً بلغته سليمةً لم يتسرَب إليها زيف أو دخيل من لغات أخرى كما تسرّب الى لغات جيرانه، ومن هنا نرى أنها لم تفقد شيئاً من خواصها ومفرداتها وتراكيبها وبقيت على غنائها وثرواتها الضخمة. ولم يحتج الشعب الكردي قط في آداء أغراضه لاستعمال كلمات أو عبارات أجنبية عدا الكلمات العلمية الحديثة والمصطلحات المستجدة.

        ولا نحدّ والواقع إذا قلنا أن كثيراً من اللغات الشرقية تأثرت باللغة الكردية -لقدمها- حيث أخذت منها مفردات عديدة -فمثلاً نرى كلمات كردية تستعمل في صميم اللغة العبرية مثل لفظ (الهندسة) فإنه مأخوذ من (أندازه) بمعنى الحد والقياس في الكردية. ومثل كلمة (نموذج) فهي من (نمونه) بمعنى المثال في الكردية، ومثل (أبز – الظبي) فهي من “باز” بمعنى وثب وركض في الكردية، ومثل (جاه من گاه) بمعنى المقام أو الشرف في الكردية. وأشار كثيرٌ من اللغويين الى أن أمثال هذه الكلمات من الدخيل على اللغة العربية. وقد وردت كلمات كردية كثيرة في كتب الفقه مما لا يخفى على الدارس والمتتبّع، بل نستطيع القول بأن اللغة المصرية الدارجة أيضاً تشمل على بعض الكلمات الكردية، مثل كلمة “بس” بعنى (كفى) وكلمة (كهنة) بمعنى (القديم) وكلمة (بردو) بمعنى (مرة ثانية) في الكردية وكلمة (بشكير) (الفوتة) بمعنى ساتر العورة في الكردية وكلمة (غره) بمعنى ملصق في الكردية، وغيرها من الكلمات.

        وأما الكلمات الكردية المستعملة في اللغة الفارسية والتركية فهي أجلّ من أن تحصى.

        واللغة الكردية -باعتبارها من اللغات الآرية المتصرّفة- سايرت وسف تساير التطوّر        في كل عصر وفي كل حضارة، فهي لغة لا يرهقها ابتكار أسماء للمخترعات الجديدة ولا تنكص أمام كل ما يستجد، فلم تتخلّف في يومٍ ما عن أداء مهمتها -رغم ما لاقته وتلاقيه في الوقت الحالي من أعدائها من رغبةٍ ملّحة وإرادة مصممة في القضاء عليها حتى يتّم لها إذابتها في بوتقتها القومية، إلاّ أن قوة النفسية الكردية وإرادتها الفولاذية حالت وستحول دون ذلك- فحين اخترعت الطائرة وشاهدها الشعب الكردي في الجو وضع لها في الحال عدة كلمات وكلها تعني الطائرة مثل (بالنده) و (بالافر) و(فروكه) كلها بمعنى الطائرة ووضع كذلك كلمة (بهيستوك) للتلفون وهى بمعنى الهاتف وكذلك (هسبى داري) للدراجة وغيرها من الكلمات التي وضعت لما اخترع حديثا.

        والخلاصة أن اللغة الكردية  قد استجابت وتستجيب في كل وقت وزمان لجميع مطالب الحياة.

        بعد أن تحدثنا بإيجاز عن خصائص اللغة الكردية نحبّ أن نعطي فكرة عابرة عن قواعدها للقارىء أو الباحث:

        إن اللغة الكردية لها قواعدها وهي قياسية لا تتخلّف غالباً، وأحبّ أن أقول قبل الشروع في بيان نبذة من قواعدها:

       انه لا يوجد فيها ما يسمى علامة الاعراب، وإنما هناك علامات لفظية ومعنوية تدل على كون الاسم فاعلاً أو مغعولاً أو مبتدأً أو ظرفاً أو غير ذلك.

 

       المصادر في اللغة الكردية:

 

       المصدر في اللغة الكردية على نوعين: الأوّل – ما يكون علامة مصدرية الياء في آخره، هذا إذا كان دالاً على نقص مثل (كويرى – العمى)، أو على لون مثل (سوري- الحمرة) و (ره شي – السواد) أو على انفعالات نفسية مثل (زويري- الغضب) و (دلشادي – الفرح) إن لم يدل على ذلك المذكور، فتكون علامة مصدرية النون في آخره، مثل (خواردن – الأكل) و (نوستن – النوم) و(برين – القطع) ) (بتشديد الراء  Birrîn- جان كورد).

 

        الماضي:

 

        يتكوّن الفعل الماضي في اللغة الكردية بحذف علام المصدر وإلحاق علامات أو ضمائر بآخره.

        علامة المفرد مطلقاً الباء في آخره أو بغيرها أحياناً مثل (كردي) هو عَمِلَ أو هي عملت، مصدره (كردن) ويقال أيضاً (وي كرد) هو عمل وضمير التثنية والجمع الغائب هو الألف والنون يزادان على الياء مثل (كرديان) عملا أو عملتا أو عملوا أو عملن، وقد يكون شكل الماضب للتثنية والجمع كشكل المصدر كتابةً ولكن يختلف نطقاً مثل (كردي) هم أو هم أو هن. وعلامة المخاطب والمخاطبة التاء في آخر أصل الحدث مثل (خواردت) أنتَ أو أنتِ.

        وعلامة خطاب الجمع التاء والألف والنون، مثل (دتان) أنتما أو أنتم أو أنتن. وعلامة المتكلّم الميم مثل (كردم) عملت أنا. المتكلمين لفظ (كردمان) أي نحن لنا. هذا لم يتقدّم فعل الخطاب والتكلّم ضمائرها إذا تقدمته اكتفى بذكر أصل الفعل في التكلّم مثل (من كر) أنا فعلتً و (مه كر) نحن فعلنا وبالنون في آخر الفعل في الخطاب مثل (هون كرى) أنتما أنتم فعلتم. (للعلم أخذ الدكتور – رحمه الله – اللهجة الكرمانجية الجنوبية “الصورانية” من اللغة الكردية دون اللهجة الشمالية “الكرمانجية” منها في قواعد اللغة الكردية من بحثه القيّم – جان كورد).

 

        المضارع:

 

       المضارعة مطلقاً أي مفرداً ومثنى وجمعاً، مذكراً أو مؤنثاً، الدال المفتوحة والفرق بين هذه الحالات بعلامات الافراد مطلقاً الياء الممالة مثل “دنوسي” يكتب أو تكتب هو  و هي، وبغير الامالة يصير للمخاطب والمخاطبة مثل “دنوسي”.

        علامة المخاطبين والمخاطبات النون في آخر الفعل مثل “دنوسن” تكتبان وتكتبن أنتم وأنتن. ونفس صيغة الخطاب تصلح للغيبة مذكراً أو مؤنثاً، جمعاً يذكر ضمير الجمع قبل الضيغة. وعلامة المتكلّم الميم في آخر الفعل مثل “دنوسم” أكتبُ. علامة المتكلمين الياء والنون مثل “دنوسين” نكتب.

 

        الأمر:

        يتكوّن فعل الأمر في اللغة الكردية بزيادة الباء فى أوّل المصدر ولكن بتغيير وحذف فيه نحو “بنوسه” أكتب أو أكتبي “بنوسن” أكتبا أو أوكتبوا أو أكتلن. والمصدر “نوسين” الكتابة.

        اسم الفاعل:

 

        يتكوّن اسم الفاعل في اللغة الكردية بإضافة الراء الساكنة الى أصل الحديث فيقال في “نوسين” المصدر أي الكتابة “نوسَر: الكاتب” ويختم اسم الفاعل في اللغة الانجليزية أيضاً بالراء فيقال: ريدَر – Reader و ﭘَسنجر – Passenger : المسافر. هذا إذا كان متعدياً، وأما إذا كان لازماً فيضاف الى مادة الفعل الياء مثل “نوسي” النائم من “نوستن” النوم.

 

        اسم المفعول:

 

        يضاف الى آخر مادة الفعل لفظ “راو” فيصير اسم المفعول مثال ذلك ” نوسراو” المكتوب من “نوسين- المصدر”. ولا يخفى أن علامة المصدر تحذف عند صياغة اسم الفاعل والمفعول.

 

        اسم المكان:

 

        يضاف لفظ “جاه-Gah” (بالجيم القاهرية) الى المصدر بعد حذف علامته فيصير اسم المكان نحو مثاله – خوه نده گاه : المدرسة من “خوه ندن: الدراسة.

 

        اسم الزمان:

 

        يصاغ اسم الزمان في الكردية بإلحاق لفظ “ﭼاغ” و “كات” أو “ده م” الى مصدر الفعل الذي يراد وقوعه في الزمان، مثل “ﭼاغى خوندن: زمن الدراسة” والياء الملصقة ب “گاف” للنسبة أي الاضافة.

 

        اسم التفضيل:

 

        علامة التفضيل في الكردية لفظ “تر” مثال “زلتر: أضخم” من “زل” أي الضخم و “زورتر” أي أكثر من “زور: كثير”.

 

كلمة مجملة في معنى الماضي والمضارع

        الماضي:

 

        الماضي في الكردية على أربعة أقسام:

1-الماضي المطلق أو الشهودي، مثل: “نوسيم” أي كتبتُ أنا.

2-الماضي الاستمراري، مثل: أمنوسي أي كنت أكتب

3-الماضي القريب، مثل: “نوسيمه” أي قد كتبتُ

4-الماضي البعيد، مثل: “نوسيبوم” أي كنت قد كتبتُ، يعني في زمنٍ بعيد.

 

       المضارع:

      المضارع في اللغة الكردية على ثلاثة أقسام:

 

      1-المضارع الشهودي مثل “دنوسي: يكتب”، وهذه الصيغة تدل على أن الفاعل بدأ بالكتابة ومستمر فيها أو يبدأ بها قريباً.

        2-المضارع الذي يدل على الحال، مثل: “وا دنوسي – أي يكتب الآن”.

        3-المضارع الذي يدل على المستقبل، نحو ” دي نوسم – أي سوف أكتبه الآن.”

 

        وجدير بالذكر أن بعض هذه الأنواع ليست موجودة في اللغة العربية، ولا يستطيع المتحدّث أو الكاتب أداءها إلاّ بكلمات كثيرة، مثلاً كلمة “نوسيبوم” تعني جملة (كنت قد كتبت)، فهي كما نراها مكوّنة من كلمتين (الفعل والفاعل) في الكردية، ولكنها في العربية مكونة من خمس كلمات (فعلين وفاعلين وحرف). ومما ينبغي أن يعلم أنه لا يوجد في اللغة الكردية ما يسمى مثنى أو جمع تكسير، فالعلامة للتثنية والجمع هي ألف ونون يلحقان بآخر المفرد مثل “مندالان” جمع “مندال” الولد بنتاً أو ابناً، وقد يحذف النون فتكون علامة الجمع الألف فقط، وقد يمال بالألف نحو الياء. ولا يخفى أن هذا أي معنى معين بطريقة واحدة مما يساعد على تعلّم هذه اللغة بسهولة، ولكن أداءه بطرق مختلفة -وإن كان مما يدل على اتساع اللغة – مما يعرقل في سبيل تعلّمه.

 

        إنني قد كتبت موجزاً قصيراً عن تاريخ الشعب الكردي ونبذة عن لغته وقواعدها، ليطلع الأستاذ بإيجاز على تاريخ ولغة شعب طالما خدم أبناؤه اللغة العربية والحضارة الانسانية والعلوم والفنون وخدموا الاسلام وضحوا بفلذات أكبادهم في سبيل رفع رايته وأظهروا بطولاتٍ عظيمةٍ في الحروب للاسلام والعرب، ومع ذلك فليس هناك من أبناء العروبة من يخطر على باله اسم هذا الشعب ونأريخه ولغته ويقترح ادخالها ضمن البرامج الدراسية في الجامعات بينما يدرس تاريخ الفرس والترك -الذين دائماً حاولوا هدم كيان العرب – وتدرس لغاتهم وآدابهم.

        وياليت اكتفى العرب بالسكوت وعدم ذكر الكرد، بل إن بعض الكتّاب يشوشون التاريخ ويقلبون الحقائق على أهوائهم، ولكن سوف تنكشف الحقائق وسينتصر الحق على الباطل رغم أنف الذين يقلبون الحقائق التاريخية حسب أهوائهم ومصالحهم السياسية. ومن الغريب أن الكاتب يكتب أحياناً ما يناقض نفسه. وسوف ينتصر هذا الشعب الذي يكافح منذ آلاف السنين ضد الظلم والاستعمار والاستغلال الأجنبي، وسيتحرر من نير العبودية والسيطرة والاستعمار وسوف تتحرّك قافلته في صفوف الشعوب المتحررة، إذ لا يمكن أن يظل شعبٌ تعداده ثلاثون مليوناً من البشر تحت السيطرة الأجنبية ويستغل الاستعمار خيرات بلده وهو محرومٌ منها وأكثره يعيش في ظلام الجهل.

 

ملابسات تاريخية

 

        وأخيراً، قبل أن أختم هذا البحث، أحبّ أن أوضح أنه كثيراً ما حدثت ملابسات تاريخية فيما يرجع الى ما قبل الاسلام فاشتهرت شخصيات كردية عظيمة باسم الفرس أو غيرهم، ومن ذلك العائلة الساسانية التي منها الملك أنوشيروان الذي اشتهر باسم “أنو شيروان العادل” لعدله واهتمامه البالغ بمصالح الشعب ومنها أيضاً الملك كسرى وغيرهما من ملوك آل ساسان الذين حكموا كردستان وبلاد العراق والفرس أخيرا.

        اشتهرت هذه العائلة أنها فارسية، ولكنها كردية لا تمت بصلة بالفرس، ذلك لما يأتي:

 

        1-أنها حكمت في كردستان، بعيداً عن بلاد الفرس، لا في العهود الأخيرة لحكمهم فحسب، حينما هزموا ملوك الفرس وسيطروا على بلادهم، وكانت العائلة الهخامنشية الفارسية هي التي تحكم بلاد الفرس في عهد الساسانيين الكرد.

        2-إنني قرأت بنفسي في مجلة فارسية ايرانية قبل سنتين مقالة للقائد العام للقوات الايرانية المسلحة، كتب: “-إننا يجب أن نعترف بالحق ونعلن للملأ بأن ملوك الساسان الذين اشتهروا بأنهم من الفرس، هم في الواقع من الكرد. ويستدل على ذلك بأن بقايا اسمهم لا تزال الى الآن موجودة في كردستان، إذ أن كلمة “سان” تطلق الى الآن على أمراء منطقة “لهوك” (لربما يقصد دهوك- جان كورد) في كردستان وأنهم كانوا بعيدين من بلاد الفرس، ولا أظن أنه يقول هذا الرأي عفواً، بل الاعتراف منه -وهو فارسي- بأن الملوك الساسانيين الذين خدموا الحضارة والرقي البشري في الحياة ليسوا من الفرس بل من الكرد دليلٌ قاطع على ما نقول، إذ لو كان عنده أدنى كليل على أنهم من الفرس كان قد جعلهم من الفرس ليفتخر بهم.

        وأقول في توضيح رأيه:

        إن كلمة “ساسان” أصلها “سان سان” وتعني ملك الملوك وتقابل شاهنشاه بالفارسية، وكلمة سان تعني “ملك” وقد أطلق “سان سان” لأوّل مرة على الملك “أردشير بابكان” الكردي من قبيلة “شوانكاره”  الكردية والمؤسس الأوّل للدولة الساسانية وبعده أطلق على من خلّفوه في الحكم إلى أن ضَعُفَ الساسانيون وانتزع الفرس بلادهم من الساسانيين، وحينئذٍ تجرّد ملوك الساسان من لقبهم “السان سان” (ملك الملوك) ولقبوا ب “سان” أي الملك.

       3- أنهم بنوا مدينة مدائن (ماديان) قرب بغداد، وسموها باسم (ماد) وبنوا أيضاً مدينة قريبة من مدائن سموها (كوردآوا) أي التي عمّرها الكرد.

        ويقول حسن بيرينا المؤرخ الايراني المعروف في كتابه “إيران باستان – صفحة 168” أن الماديين الذين بنوا مدائن هم أجداد الكرد الحاليين، كما يقول ذلك ابن خلدون في مقدمته، وصاحب  كتاب العشق والسلطنة، وهيرودوت (أبو التاريخ) وكنيز باس اليونينيان.

        4-كتب الطبري في كتابه التاريخ ص 478 يقول: أنه قد دارت رحى الحرب بين الساسانيين والهخامنشيين فانهزم الهخامنشيون الفرس وبعد الهزيمة كتب الملك أردوان الفارسي إلى الملك أردشير الساساني الكردي، كتب له يقول:

        “-إنك قد عدوت طورك واجتلبت حتفك أيها الكردي المربي في خيام الكرد. من أذن لك في التاج الذي لبسته والبلاد التي احتويت عليها وغلبت ملوكها. ومن أمرك ببناء المدينة التي أسستها في الصحراء (يعني المدائن)؟

        5-يقول المستشرق كلونيل “دوهوسه” في سنة 1863: إن الحواجب العريضة والشعر الأسود والسواعد القوية للكرد تذكّرنا بالنقود المسكوكة من الساسانيين والمرسومة عليها صورتهم.

        والسبب في هذه الملابسات -على ما أظن- هو أن كلمة (البارس) الفارس كانت اسماً لبلاد الآسيا الوسطى (ايران وكوردستان) التي كانت تشمل قومياتٍ عديدة. لذلك اشتهر عظماء هذه البلاد باسم (البرس: الفرس) كما أن الفرنسي والجرماني والايطالي والانجليزي كل واحدٍ منهم يطلق عليهم اسم الأوروبي مع اختلاف شعوبهم… هذا قبل الاسلام.

        وهناك أيضاً ملابسات تاريخية اكتنفت الأشخاص الذين كان لهم دورٌ فعّال في الأحداث الهامة بعد الاسلام، إذ اشتهرت شخصيات كردية عظيمة باسم الفرس وغيرهم، منها البرامكة الذين كانوا مستشاري الخلفاء العباسيين، حتى عصر هارون الرشيد، والذين كان في أيديهم كل صغير وكبير، فإنهم من “أربيل” منطقة كردية في شمال العراق. ومنها أبو مسلم الخراساني الذي يعتبر الباني الحقيقي للدولة العباسية بعد أن أسقط الدولة الأموية. فقد اختلف المؤرخون في نسبه، فادّعى بعضٌ أنه عربي وادعى آخرون أنه فارسي وقال آخرون أنه كردي، وسبب هذا الاختلاف -على ما أرى- كثيرا ما يرجع الى أن الرجال العظماء والبناة يكتب عنهم كل مؤرّخ على حسب ميوله وعواطفه القومية كي يثبت بروز العظماء من بني جنسه، ولكن الراجح القريب من اليقين أنه كردي لما يأتي:

  • أنه لم يثر لمقتل أبي مسلم سوى الكرد، إذ ثاروا واستنكروا في منطقة “دينور” (السليمانية) الحالية الآن في العراق. ثاروا ضد هذا الغدر الذي ارتكبه المنصور بقتل شخص صرف ريعان شبابه في خدمة الدولة العباسية واقامتها. يقول هذا صاحب “خلاصة تاريخ الكرد” أمين زكي الوزير العراقي.
  • يذّم أبو دلامة الشاعر العربي المعروف المعاصر لأبي مسلم يذم أبا مسلم بعد أن قتله المنصور غيلةً:

أبا مجرمٍ ما غيّر الله نعمةً                        على عبده حتى يغيّرها العبد

أفي دولة المنصور حاولت غدره                ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد

 

         ولا شك أن هذه الأبيات من شاعر عربي متجرّد عن التعصّب يرجع ما أرى – وقد روى هذين البيتين مؤرخون كثيرون، منهم الدميري المصري في كتابه “حياة الحيوان” وابن خلكان في كتابه “وفاة الوفيات” (ربما يقصد الكاتب: وفيات الأعيان – جان كورد).      

  • وخصوصاً أن الفرس كرهاً لعبد االرحمن بن عوف وعبد الرحمن بن أبي بكر وغيرهما من الصحابة، لعدم انضمامهم الى علي بن أبي طالب لايسمون أبناءهم “عبد الرحمن” (الذي سُميَ به أبو مسلم)
  • ليس هناك نص أو دليل مادي يثبت أنه (أبو مسلم) فارسي أو غير فارسي، فإذا” لم يبق لدينا سوى ترجيح قول أبي دلامة.

     والغرض من هذا التحقيق كله إحقاق الحق لا غير…

الخاتمة

 

        هذا موجز عن تاريخ ولغة الشعب الكردي وقواعدها، وكان بودي أن أكتبه مهذّباً منظماً أكثر من هذا، ولكن الظروف حالت دون ذلك. وإن وقعت في هفوة فقل سبحان من انفرد بالكمال.

        إن الشعب الكردي تعرّض مراتٍ عديدة لعملية الابادة والقضاء عليه وتعرّض للتتريك والتعريب والتفريس. ولكن رغم ذلك وقف كجبل شامخ أمام هذه العمليات الوحشية والسياسية اللا انسانية اللتان استعملهما المستعمرون لكوردستان ضد الشعب الكردي في كوردستان تركيا، فثار بقيادة الشيخ سعيد سنة 1925م، واستعمل مصطفى كمال أتاتورك الطائرات والدبابات ضد الشعب الكردي وقتل كثيراً من الأطفال والشيوخ والشباب الأبرياء وقتل أيضاً عدداً لا يحصى في ثورة ديرسم سنة 1937م فقتل الشعب في الثورتين بالحرق بصب الغاز والبنزين عليهم واشعالها، ويرى العابر الى الوقت الحاضر عظام الشعب الكردي في وديان وسهول وجبال ديرسم الكردية.

        يقول جواهر لال نهرو، رئيس وزراء هندستان في كتابه (لمحات من تاريخ العالم) في ذكره لتاريخ تركيا، يقول:

        “-إن أتاتورك مصطفى كمال قد انتصر على أعدائه وكوّن دولته، ولكن في ناحيةٍ أخرى استعمل كل قوته لقمع ثورة شعبٍ آخر من أصل إيراني (هو الشعب الكردي) وقتل أكثر من نصفه. وهكذا انتصر اتاتورك على هذا الشعب وقمع ثورته ولو الى حين، إذ كيف يمكن أن تقمع ثورة شعب يكافح من أجل الحرية وهو مستعدٌ لدفع الثمن؟” انتهى كلام نهرو.

        وقبض رضا شاه بهلوي على آلاف من رؤساء العشائر الكردية وسجنهم في قصر قاجار في تهران ومات أكثر من ثلثيهم ورجع الآخرون الى كوردستان حين انهيار الدولة البهلوية وقد استعمل رضا البهلوي أيضاً قوته ضد عشائر گلباخي في منطقة گلباخي في كردستان ايران وهاجمهم في منتصف الشتاء فهربوا ومات أكثرهم من البرد والجوع ووصل بعضهم الى كوردستان العراق فأواهم الشعب الكردي هناك، وليس لنا مجال لذكر كل المجازر التي تعرّض  لهذا الشعب الكردي على يد اعداء الانسانية والحرية…

        ولكن سوف يتحرر هذا الشعب رغم أنف أعدائه، ولا بد أن يرفرف علم كوردستان المستقلة في جميع أنحاء كوردستان.

المصادر والمراجع

 

      1 – الفلسفة اللغوية لجرجى زيدان باللغة العربية

      2 – أدبيات ايران للدكتور رضا زاده شفق باللغة الفارسية

      3- الاكراد منذ فجر التاريخ لرفيق حلمي باللغة العربية

      4- كيف تتعلّم الكردية لعبد الرحيم وفىى، ضابط في الجيش العراقي – بالعربية والكردية.

                 5- قاموس  مهاباد لگيو موكرياني بالعربية والكردية

                 ومصادر أخرى بالكردية…

 

يوسف دارا زه ند

السنة الرابعة – الفصل الحادي عشر

رقم 448 لغوي

 

لتحميل البحث كاملاً بصيغة الـ PDF أضغط هنا :