الهجرة قد تكون جماعية كهجرة الشعوب القديمة من الصحراء باتجاه الأنهار أو هجرة السكان من الريف إلى المدن بحثاً عن مصدر الرزق أو هجرات فردية إلى خارج الوطن إما للدراسة أو العمل أو هرباً من الظلم …..
لكن ما حصل للكورد بالإضافة إلى ما تم ذكره هناك تهجير ممنهج في كافة أجزاء كوردستان، فمنذ اجتياح الطورانيين جغرافية كوردستان استخدموا كافة صنوف البطش والقتل للاستيلاء على هذه الأرض وتوسيع رقعتها الجغرافية على حساب السكان الأصليين.
فبدأت بتشكيل امبراطوريتها العثمانية (امبراطورية الدم) بجيشها الانكشاري الذي قتل كل شيء حي. وهنا نود أن نخص الكتابة عن الجزء الملحق بالدولة السورية الحديثة بموجب اتفاقية سايكس بيكو السيئة الصيت.
بعد القضاء على ثورة جان بولات الأول 1607 حيث قام العثمانيون بإفراغ منطقة جرابلس والباب (غرب الفرات) من الكورد بحجة تأمين طريق حجاج الباب العالي من قطاع الطرق وتم ترحيلهم إلى لبنان والساحل السوري وداخلها وأما الخطوة الثانية فبدأت بعد خسارتها في الحرب العالمية الأولى باتفاق ثلاثي بين الحكومات التركية والفرنسية والبريطانية لتبديل لواء إسكندرونة بلواء الموصل، والغاية منها قطع جغرافية كوردستان عن البحر المتوسط باستفتاء شكلي 1938 (كل الخرائط الكوردستانية تؤكد كوردستانية هذه المنطقة) لأن الحثيين هم أول من سكنوا هذه المنطقة علماً أن الديانة العلوية (الهالوين) من الديانة اليارسانية لأسلاف الكورد ، وهي من أقدم ديانات التوحيد في المنطقة (الدكتور مهدي كاكائي) وأما الباقي من هذا الجزء استلمتها الانظمة المتعاقبة في سوريا والتي بدأت تطبيق سياسة التمييز العنصري ضد الكورد (سياسة الاهمال والملاحقات الأمنية وتحريمهم من وظائف الدولة إلى أن طرح منظِّر العروبية (محمد طلب هلال) مشروعه السيئ الصيت والذي يعرفه كل الشعب الكوردي في سوريا، وبتطبيق هذا المشروع تم تجريد عشرات الآلاف من الكورد من الهوية السورية وجيء بالعرب من بقية المحافظات واستيطانهم في الجزيرة (39 مستوطنة) وإفقار المنطقة الكوردية من ديرك إلى عفرين وعدم منح الرخص للمصانع وكافة الضغوطات الاقتصادية فبذلك هاجر الكورد بمئات الآلاف إلى الداخل السوري بحثاً عن لقمة العيش ماعدا الملاحقات الأمنية والغاية الأساسية هي استكمال مشروع التغيير الديمغرافي لهذا الجزء من كوردستان. لكن الكورد بقوا متمسكين بأرضهم وناضلوا بشكل سلمي عن طريق حركتهم السياسية. إلى أن دخل ب ك ك إلى سوريا نتيجة الانقلاب العسكري في تركيا حيث وقف إلى جانب النظام في ضغوطاته على الحركة الكوردية، وبدأ النظام بتحريضهم عليها وعلى برامجها السلمية لتوجيه شباب الكورد إلى ( تحرير وتوحيد كوردستان عموماً) والتي تبدأ من الجزء المحتل من قبل تركيا لأنه لا توجد كوردستان في سوريا حسب قول السيد عبد الله اوجلان في (مقابلة مع نبيل ملحم في سبعة أيام مع القائد آبو). بدأ الصراع الكوردي الكوردي إلى أن بدأت الثورة السورية في 2011 حيث جلب ب ك ك قواتها من قنديل ليستلموا مهام النظام في المنطقة التي تنسحب منها وأصبحت القوة الضاربة على الكورد من قتل وسجن (عائلة شيخ نعسان- مجزرة عامودا -تل غزال .
ما عدا الاغتيالات الفردية والذين تم اختطافهم ولم يعرف مصير بعضهم إلى اليوم ….) ونفي إلى إقليم كوردستان وتنجيد الكورد وزجهم في غير معاركهم خارج أرض كوردستان سوريا دفاعاً عن النظام . الدولة الطورانية استغلت استلام ب ي د على أنها جزء من ب ك ك وتابعت أطماعها في استقطاع جزء من جغرافية كوردستان سوريا للانتقام من الكورد وتوطين العرب هناك محل الكورد وعناد ب ي د في استفرادها بالإدارة بالرغم من تنبيه الفرنسيين لهم ليسلموها إلى النظام لكي لا تدخلها تركيا لكنهم أصروا على الدفاع غير المتكافئ ليعطوا الذريعة لتركيا واحتلتها مع مرتزقتها السوريين العرب والتركمان. وبذلك أنهت ثقل التواجد الكوردي في غرب الفرات من كوردستان سوريا. وبدأت تركيا بالتهديد باحتياح شرق الفرات أيضاً ولكن حصل الاتفاق بسحب قوات ب ي د من سري كانييه وكري سبي تحت ضربات المدافع التركية وبمشورة أمريكية.
ولازالت غطرسة أنقرة في إنهاء تواجد العنصر الكوردي في كوردستان سوريا لأن تحرير هذا الجزء من كوردستان والذي يشكل كل حدود الدولة السورية مع الدولة التركية وبذلك سيؤثر على كوردستان باكور . فكل هذه الأسباب ساهمت في التهجير جماعياً بمئات الآلاف من الظلم المزدوج: من مناطق النظام، و ب ي د . باستيلاء ب ك ك وأدواته على روج آفا تم تهجير أكثر من نصف الكورد وخاصة القوى الشابة إلى إقليم كوردستان وتركيا ومنهما إلى أوربا…. وبهذا قدم ب ك ك للنظام السوري ما عجزت عنها كل الأنظمة المتعاقبة على سوريا منذ سايكس بيكو.