في خضم التراجيديا السورية، وموجات القتل والقتل المضاد، والتهجير والحروب والنزاعات، وتحويل الخارطة السورية الى مناطق نفوذ ومحميات أمنية واستخباراتية، وجعل المناطق الكوردية السورية ساحات تصفيةٍ للدول الاقليمية وخاصة ايران وتركيا.!
وعلى ضوء ما سبق، أردنا توجيه سؤال متعلق بهذا الوضع، حيث بات يشغل الشارع الكوردي العام بشكل كبير، ووضعنا هذا السؤال على طاولة بعض أطراف النخبة الكوردية. لننقل لكم المشاهدات والاستنتاجات من زاوية أخرى لقادمات الأيام ومستقبل ما تسمىٰ بـ ” الادارة الذاتية “.
– السؤال كان على الشكل التالي:
– (( تواجه اليوم ما تسمىٰ بالادارة الذاتية في كوردستان سوريا، تحدياً سياسياً وعسكرياً خطيراً وجدّياً، وخاصة في مناطق سيطرتها. ويوماً عن يوم، نراها وهي تتهرول للإسراع الى إبرام التفاهمات والاتفاقات الأمنية والعسكرية والسياسية مع نظام بشار الأسد وروسيا، فاتحة الباب على مصراعيه والترحيب بقدوم النظام السوري الى المنطقة من خلال أفرعه الأمنية والعسكرية والاستخباراتية مرّة ثانية، وفسح المجال أمام هذا النظام المجرم لتثبيت موطئ قدم له في المناطق الكوردية بحجة إبعاد الشبح والخطر العسكري التركي عن المنطقة )).!
– كيف تقرؤون هذه اللوحة، والى أين تسير بنا الادارة الذاتية، وما هو مصير القضية الكوردية في سوريا .؟
* الاستاذ مصطفى جمعة
بالاستدلال والاستقراء وتوفر المعلومات والاشارات الكثيرة نتوصل الى أن الـ PKK جزء مهم من المنظومة الاستخباراتية للدول المقتسمة لكوردستان، ومن هذه النظرة تتوفر لدينا قناعة راسخة بأن هذا الحزب وأفرعه وروافده ومؤسساته وتوجهاته السياسية يرتبط جميعها بأجندات تلك الدول وتنفذ خططها وتخدم استهدافاتها للقضية الكوردية وحقوق شعبنا، ولا يسعني هنا إلا أن أقول بأن السذج وحدهم يعتقدون بأن الحوار البيني سيفضي الى نتيجة تفاهمية، ولو أنه بدأ برعاية أمريكا لهذا الحوار الذي توقف دون رجعة الا إذا توفرت معادلات وترتيبات من نوع جديد وفرضت فرضا، فأنا لا أفرق بين PKK – PYD – قسد.
منذ عقود نشأته وحتى الآن شكل هذا الحزب وفروعه كارثة قومية على الشعب الكوردي ، فهو تسبب في تدمير آلاف القرى في باكور كوردستان وفي تهجير الملايين الى الداخل التركي وترك فراغ هائل خلفهم عن ممارسة سياسة رعناء ومشبوهة. لم يقبل يوما شراكة مع اطراف الحركة في أي جزء كوردستاني، وكان دائماً في حضن الأنظمة الغاصبة، ضيع عفرين وسرى كانييه وكرى سبي، قتل البيشمركة وجعل تركيا تحتل معظم شمال كوردستان العراق , ورغم الاتفاق بين اربيل وبغداد لم يخرج من شنگال. يتحالف مع الحشد الشعبي ضد البيشمركة، بل يتحالف وينسق من كل حزب يعادي الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة القائد المناضل مسعود بارزاني، هذا الحزب وفروعه الآن في خضم ترتيبات عملية مع النظام السوري، أحيانا عبر روسيا وأحيانا بشكل مباشر .
التهديد التركي الأخير شكل نموذجا مهما في تسريع تلك العلاقة، باعتبار أن هذا التهديد خطير وجدي حقا، رغم أنه زال أو توقف في الوقت الحالي بعد الموقفين الأمريكي والروسي. باعتقادي أن التوغل الأمني والعسكري للنظام سيزداد وسيتعزز شيئا فشيئاً، وبالتالي ستتزايد مخاطر ضياع حقوق الكورد القومية، وستدوم الفقر والهجرة، وستكون حرية العمل السياسي مضبوطة على ايقاعات جديدة، وفق الظروف الناشئة ، لأن أفرع الـ ب ك ك في كوردستان سوريا لا يهما سوى البقاء في الادارة لا أكثر ولا أقل، كل ذلك لا يضير أمريكا في شيء، فهي مشغولة بالخطر الروسي على أوكرانيا وأوروبا، وبالخطر الصيني في المحيطين الهادي والهندي راهنا.
——————————-
منذ بداية الثورة السورية استعان النظام السوري بحليفه PKK وجناحه السوري PYD وأوكلت لهم مهمة وقف المظاهرات التي كانت تنطلق من جميع المناطق الكوردية، وكلّما كان يتعرض النظام للمزيد من الضغط الشعبي في باقي المناطق السورية، كان يزيد من اعتماده على حليفه في المناطق الكوردية إلى ان تم تسليم مناطقنا لهم إداريا” وأمنيا”، مقابل التضييق على الحركة السياسية الكوردية وخاصة المجلس الوطني الكوردي، فتم ترهيب المواطنين وصولا” لاستخدام الرصاص ضد المتظاهرين وارتكاب مجازر ، كمجزرة عامودا وتل غزال وبرج عفدالو بالإضافة إلى تصفية العديد من القيادات والنشطاء واعتقال كل من يخالف أوامرهم.
كل هذه الخدمات كانت مقابل المال والسلاح فقط، ما أقصده دور هذا الحزب كان وظيفياً، فلم يتمكن من انجاز اي اتفاق سياسي مع النظام، ناهيك عن توسيع دائرة خدماتهم لإيران وميليشياتها وفيما بعد للروس وأمريكا وقوات التحالف، فكل ذلك مقابل الحصول على المال والسلاح لتقوية سلطته واضعاف مخالفيه وخاصة بعد أن تم محاربة داعش خارج المناطق الكوردية، تغيرت جميع قواعد اللعبة على الأرض، أي مهمتهم توسعت وتجاوزت حدود كوردستان سوريا، وهنا كان يتطلب اتفاق سياسي لحمايتهم وحماية الكورد من قبل التحالف الدولي، لكن كما صرح الرئيس الأمريكي السابق ترامب : بأن هذه المنظمة كانت تعمل لقاء أجر مدفوع ، وهذه كانت نتيجتها متوقعة بأن الشعب الكوردي سيدفع ضريبة ممارسات وسياسة هذه المنظومة التي تفردت وغامرت بمصير الشعب الكوردي.
ومن جانب آخر كون هذه المنظومة تعلن صراحة وبشكل دائم بأنها جزء من منظومة حزب العمال الكوردستاني، والمصنفة على لائحة الإرهاب الدولي، لذا يبقى الطلب التركي بمحاربة هذه المنظومة مستمراً كونها تقوم بإدارة هذه المناطق المحاذية لحدودها مع سوريا، ودخلت مناطق عفرين وكري سبي وسري كانية مطالبة بخروج هذه المنظومة من باقي المناطق الكوردية، خاصة هناك تفاهمات تركية امريكية، وتركية روسية بابعاد مسلحي PKK وقسد عن هذه المناطق، حيث لايوجد لهذه الإدارة اي اتفاق سياسي مع قوات التحالف الدولي وامريكا، ترى نفسها في مواقف صعبة امام المطالب التركية ولاتجد اي ضمانة لحمايتها ، لذلك تعود إلى حضن النظام لعل وعسى ان تحميها ، لكن النظام ليس لديه اي استعداد لقبول اي شرط من قبل هذة الإدارة وتعلن بشكل صريح بان هولاء عملاء الخارج وعليهم تسليم الأمانة إلى اصحابها.
في الختام يجب على هذه الإدارة ان تتوقف عن مغامراتها التي تجلب الكوارث بحق الشعب الكوردي وتجنباً لأي تدخل أو حرب جديدة في المنطقة، عليها ان تنسحب من هذه المناطق وتسلمها إلى مكوناتها الحقيقية من المجلس الكوردي وحلفائه، ويتم إدارتها من قبل ابنائها وحمايتها من قبل بيشمركة روج .
————————-
* الاستاذ جـان كورد
من المؤكد، أنتم تتابعون أفضل مني ما يجري في بلاد الكانتونات، ولذا سأختصر: ما تسميه بإبرام التفاهمات والاتفاقات الأمنية والعسكرية والسياسية بين ما يسمى بالإدارة الذاتية ونظام الأسد كلام ليس فيه الدقة السياسية، فالتفاهمات والاتفاقات والمعانقات بين النظام وهذه الإدارة، التي لا يعترف بوجودها السياسي أي دولةٍ في العالم، حتى داعمها وممولها الأمريكي، موجودة ومثبتة على الدوام، بل إن الحزب الذي أسس هذه الإدارة التي يتناقص وجودها على الأرض لا زال يحمي المربع الأمني وتمثال الأب الروحي لنظام بشار الأسد في أهم ساحات المدينة التي نعتبرها عاصمة غرب كوردستان. ولا تؤاخذني إذا قلت بأن هذه الإدارة لعبت دور “الستونت/ البديل” في كل المواقف الحرجة للنظام، ولا تختلف ارتباطاتها وعلاقاتها مع دمشق عن علاقة حزب الله بالعاصمة السورية. مثال واحد صارخ ومحزن: اختفاء مجموعة من الضباط الكورد المنشقين عن النظام منذ سنوات في منطقة تحت سيطرة هذه الادارة بشكلٍ غامض حتى الآن. وثق تماماً أن أقدام النظام وأجهزته الأمنية في مناطق سيطرة هذه الادارة ثابتة ومصونة بدليل أن هذه القوة البديلة لم تعلن يوماً من الأيام عن أي اسم من أسماء مخبري وعملاء النظام في المنطقة الكوردية، أفلا يدل هذا على أن مديريات هذه الكناتين المشبوهة تتكتّم على أسرار السلطة الأمنية في شمال شرق وغرب سوريا؟
والحديث عن مساهمة هذه العلاقات بين دمشق وهذه الادارة في تقليل فرص الغزو التركي، فهذا حديث تخميني، ففي الواقع يرتبط حدوث الغزو التركي واحتلاله لشمال سوريا مسألة أهم من العلاقة بين الأسد وموظفيه القسديين والمسديين، وهي خاضعة للتوازنات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع قليلٍ من التأثير الايراني والاسرائيلي أيضاً، فلماذا تشحذ تركيا سيوفها وتحشد مرتزقتها ثم تتأخر وتختلق الذرائع غير المقنعة لترددها؟
الروس يريدون خضوعاً تاماً من هذه الادارة لما تبقى من نظام الأسد، وليس بناء علاقة بين طرفين من ذات المستوى السياسي – العسكري، والأمريكان لهم شأن آخر، وكون تركيا عضو في حلف النيتو فهذا يؤثر في مواقفهم في سوريا. وطبيعي أن يعتبر القسديون المسديون أي علاقةٍ لهم مع الاسديين ولو أمنياً ومع الروس كدولة عظمى انتصاراً لهم يتغنون به صباح مساء بين الشعب السوري عامةً والكوردي خاصةً، فهذا تاريخ من انتصاراتهم الاعلامية على الدوام، ولكن الكورد يقولون:
Ji hêştir ketiye, dîsa jî ji hophopa xwe namîne
سقط من الجمل إلا أنه لا زال يمجّد ركوبه.
———————————-
* الاستاذ: عبدالرحمن گلو
بداية لا بد من التوضيح على أننا أمام سلطة أمر واقع حزبوية تتحكم بمفاصل إرادة المجتمع الكوردي وليست إدارة ذاتية ولا يمكن ان نسمي سلطة الميليشيات بالإدارة، ولا يمكن لأية ميليشا مأجورة أن تؤسس لإدارة مجتمعية.
أما بخصوص العلاقة مع النظام فالخارطة العسكرية في شمال حلب حيث ميليشيات الـ PKK التي تتمركز في تل رفعت تشكل حزاما أمنيا لحماية نبل والزهراء الشيعيتين وعدم تكرار سيناريو العوفة وكفريا في إدلب، كما أن تكليف هذه الميليشيات ومنحها السلطة الكافية لـ “إدارة” أحياء الأشرفية والشيخ مقصود كدولة داخل دولة، هذا التداخل في العلاقة يتجاوز مرحلة التفاهمات والرغبات أو الهرولة بأشواط كبيرة، وعندما نتحدث عن “محاولة ” أو “رغبة ” في الإتفاق مع النظام هذا يعني أننا نتجاهل حقيقة أن الـ PKK يتواجد وفق عقود عمل مأجورة، وهو جزء من آلية عمل النظام وأداته الوظيفية في معالجة الملف الكوردي، لكن الأهم في هذا الموضوع هو أن القرار السياسي في شرقي الفرات هو قرار أمريكي والولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بالإخلال في التوازنات السياسية الحالية في مناطق نفوذها، لذا فكل التصريحات أو المحاولات لا قيمة لها في الجانب السياسي، لأن الـ PKK لا يمتلك قرار مصير مناطق “قسد” سياسياً، وعليه لن تتجرأ تركيا بالتجاوز على الخطوط الأمريكية رغم محاولاتها استثمار إرتدادات الحرب الروسية الأوكرانية والاستفادة من الخلاف الأمريكي الروسي.
بقي أن نشير إلى ان الحالة السورية لها علاقة مباشرة بالحالة العراقية التي تعيش حالة من الإنسداد السياسي حاليًا، كما أن نتائج المفاوضات المتعثرة بشأن الملف النووي الإيراني له أكبر الأثر على شكل الصراع الأمريكي الإيراني في المنطقة، لذا لا يمكن التكهن بأية حلول واضحة المعالم في الافق المنظور، وربما ستشهد المنطقة تصعيدا أخطر في الأيام القادمة بناء على عدوانية السلوك الإيراني في الساحتين السورية والعراقية.
————————————
* الاسـتاذ : حمدو يوسف
ناضل الشعب الكوردي في سوريا منذ ان شكل اول حزب سياسي له في ١٩٥٧ وعلى مدى عشرات السنوات من أجل نيل بعض الحقوق و المطالب التي هي بالأصل جزء من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، التي توقع عليه كل دولة تنضم الى الأمم المتحدة .
كانت هذه المطالب تتمحور حول:
أولاً – الاعتراف بالحقوق الثقافية كالاعتراف باللغة الكوردية وتدريسها في المناطق ذات الغالبية الكوردية.
ثانياً – الاعتراف بالحقوق الاجتماعية وهذا يعني الاعتراف بالخصوصية التي يتمايز بها الشعب الكوردي عن بقية القوميات ومكونات الشعب السوري من مناسبات وأعياد خاصة به .
ثالثاً – الحقوق السياسية والتي كانت تعني الاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي والوصول إلى البرلمان او ما يعرف بمجلس الشعب بصفة سياسية رسمية تمثل الشعب الكوردي .
هذه كانت أقصى تطلعات الاحزاب الكوردية حتى عام ٢٠١١،
و باشتعال شرارة الثورة السورية واتساع رقعتها جغرافياً و خروج بعض المناطق من تحت سيطرة النظام اضطر النظام الى احياء العلاقات مع حزب العمال الكوردستاني حليفه الاستراتيجي من بين الاحزاب الكوردية التي لم تكن جاهزة لاستلام المناطق الكوردية من النظام و إدارتها مؤقتةً كان النظام يهدف من وراء ذلك تحقيق عدة أمور في ان واحد.
١- السيطرة على الشارع الكوردي و ضبط تحركات الشباب الكوردي الثائر .
٢- لعب دور الشرطي في المناطق الكوردية بدلا عن النظام .
٣- التشويش على الطابع الوطني للثورة السورية وإعطائها بعد قومي في المناطق الكوردية و بعد طائفي في أماكن أخرى بحسب ظروف كل منطقة تتميز بها سوريا.
٤- مما يخلق استفزاز لتركيا وجرها الى حرب اقليمية تفسح المجال امام النظام لتصدير أزمة الى الخارج و يكسب عدم تخلي الدول العربية عنه.
باستلام حزب العمال المناطق الكوردية بدءاً من عفرين غربا الى منطقة المالكية ديريك شرقا، بادر الى تأسيس إدارة ذاتية لا تعترف بها على انها ذات طابع كوردي، و انشاء قوة عسكرية قتالية تحت اسم وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، و انشاء قوة امن داخلي الاسايش، وأجرى انتخابات عامة أشرك فيها من كل مكونات المتواجدة ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية وإنشاء لهذه الغاية مجلس شعب غربي كوردستان ،
استمر الوضع هكذا حتى هجوم تنظيم داعش على مدينة كوباني عام ٢٠١٤ حيث حصل اتصال بين الولايات المتحدة الأمريكية والإدارة الذاتية أدى الى تعاون عسكري بينهما لمحاربة الإرهاب، وبدء النفوذ الكوردي في سوريا يتصاعد مع توسع رقعة الأراضي المحررة من أيادي تنظيم داعش الإرهابي شرقي الفرات والتي شملت كل أراضي محافظة الحسكة وأجزاء من محافظة حلب والجزء الشمالي من محافظة الرقة بما فيها مدينة الرقة التي اتخذها تنظيم داعش عاصمةً له وأجزاء من محافظة ديرالزور التي تقع الى الشمال من نهر الفرات بإستثناء مدينة ديرالزور
تركيا التي كانت تراقب بقلق التطورات بين الإدارة الذاتية والتحالف الدولي بقيادة أمريكا، أيقنت بأن المسألة تتجاوز موضوع محاربة الإرهاب وان لدى أمريكا مشروع سياسي متكامل في شرقي الفرات ربما ينتهي الى خلق منطقة حكم ذاتي للكورد في شمال شرقي سوريا على غرار إقليم كوردستان العراق.
بدأت تركيا بما لها من أوراق قوة داخل الثورة السورية بالدخول في سياسية المقايضات مع روسيا والنظام من أجل إخراج مناطق غربي الفرات من ايدي الإدارة الذاتية ونجحت تركيا في تحقيق أهدافها من خلال عملية درع الفرات وغصن الزيتون ولكن روسيا أبقت على منطقة تل رفعت و منخ و منبج و احياء شيخ مقصود و الأشرفية في مدينة حلب تحت سيطرة قوات حماية الشعب و المرأة التابعة للإدارة الذاتية لضرورة وجودها في المعادلة السياسية والعسكرية والحفاظ على التوازنات في مناطق النفوذ الروسي.
و تحت الضغط التركي وافقت أمريكيا ايضا على عملية نبع السلام في شرقي الفرات على أن تنشئ تركيا منطقة امنة بعمق ٣٠ كيلو متر من الحدود التركية وقد نفذته هذه العملية بشكل جزئي في كل من تل أبيض و منطقة رأس العين.
فجأة الإدارة الذاتية وجدت نفسها بين سندان روسيا والنظام من جهة ومطرقة تركيا من جهة، ووسط حيرتها من موقف أمريكا الغير واضح فيما اذا كانت أمريكا تريد البقاء في شرقي الفرات او الانسحاب منه على المدى المنظور.
– سياسة روسيا تعتمد على ركيزتين الأولى انشاء مناطق خفض التوتر ثم إجراء تسوية فيها و اعادتها الى سيطرة النظام ، الثانية اسلوب المقايضة .
– النظام السوري يعتمد سياسة المصالحات الوطنية ، او تحرير الأراضي التي يسيطرون عليها بالقوة.
– السياسة الأمريكية يكتنفها الغموض و تترك الباب موارب .
– الإدارة الذاتية تخشى من انسحاب عسكري أمريكي مما يعطي ضوءً اخضراً لتركيا بالاجهاز على الإدارة الذاتية و إنهاء حكمها.
هذه العوامل مجتمعة دفعت بمسؤلين من الإدارة الذاتية و انطلاقاً من ان القضية الكوردية هي جزء من القضية السورية و على أمل قد يكون هناك مجال لتحقيق نوع من اللامركزية السياسية في شرقي الفرات تقبل الإدارة الذاتية بانتشار الجيش السوري على الحدود الدولية مع تركيا مقابل الابقاء على الإدارة الذاتية.
و رغم الثقة المتزعزعة بينهما اُجرت مباحثات مع النظام السوري و روسيا .
و انا ارى، كلما زاد الضغط على الإدارة الذاتية سوف يعزز ذلك من التقارب بينها وبين النظام وروسيا وإيران و تجد نفسها بحاجة الى حماية القوات الروسية، ما يساعد على خلق مسارات أسهل في المفاوضات للوصول الى تحالفات سياسية و عسكرية جديدة، تؤدي إلى تغيير في موازين القوى وارساء قواعد جديدة للاشتباك بين قوات الأطراف الفاعلة على الأرض، تضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة بالدرجة الأولى و تهدد بعودة شبح تنظيم داعش وبقوة لمحاربة القوات الأمريكية في عموم الشرق الأوسط، وهذا ما لا تريده أمريكا قطعاً.
امام هذه العناصر الهامة التي سوف تخل بموازين القوى وتحدد مصير تواجد قوات التحالف الدولي في شرقي المتوسط امام تواجد روسي دائم، انا ارى بأن وضع الإدارة الذاتية السياسي سوف ياخذ مشهد بانوراما على النحو التالي.
١- قوات التحالف لن تغادر شمال شرقي سوريا على المدى المنظور أو قبل أن توافق دمشق على اتفاق سياسي يمنح بموجبه حكم ذاتي لشمال شرقي سوريا.
٢- الإدارة الذاتية تشكل استثناء في السياسية الغربية عامةً وسوف يتبع التحالف الدولي سياسة طويلة الأمد وسوف تتلقى الدعم من الدول الأوربية لجعلها امر واقع .
٣- سوف تعمل أمريكا و حلفائها الغربيين على اقناع تركيا بوقف تهديداتها ولجم رعونة الجماعات المسلحة التابعة لها في مناطق نبع السلام ودرع الفرات وغصن الزيتون .
٤- سوف يعمل التحالف الدولي على توحيد الإدارة بين غرب الفرات و شرقها .
٥- استثناء الشمال السوري من عقوبات قيصر ومنح امتيازات لاستثمارات تركيا بشكل كبير ضمن سياسة إعادة الأعمار.
——————————-
– الاستاذ: زهير علي
بداية من المفيد البيان
ان مايزرع هو مايحصد.
فلا يمكن زراعة شوك الصحاري وجني زعتر جيايي خاستيا منه.
أولا لنتبين ماهية الإدارة الذاتية ؟ الإدارة الذاتية هي شكل لقولبة مجتمع على هرطقة فكرية سميت الأمة الديمقراطية وهي محاولة لتشويه مسار التحرر القومي الكوردي لتكون بديلاً لمفهوم حق تقرير المصير الذين بفضل نضالات الشعوب أصبح مقبول طرحه والنضال من أجله.
طرح مفهوم الأمة الديمقراطية كطرح إشكالي ما يؤكد مشبوهيته هو تعدد خطاباته، فللكورد يقدم خطاب التقية القومية وللمجتمعات التي نتعايش معها يقدم خطاب العمومية المعيشية مع تأكيد العدمية القومية للكورد حصراً . وللمجتمع الدولي يقدم خطاب الإتجار بالشجاعة الكوردية لخوض الحروب عوضاً عنهم ضد الإرهاب الذي يرعبهم كمشاريع الإسلام الراديكالي وغيرها مشاريع محاور المقاومة في الشرق الأوسط ومشاريع اليمين واليسار العالمي …الخ، هذا التوظيف المتناقض للشجاعة الكوردية يؤكد الإتجار بها.
من هذا يمكن الإستنتاج أنها إدارة تم تشكيلها من مفهوم التوظيف الآني في تداعيات ما عرف بالثورة السورية وتحولها لحرب مصالح أقليمية ودولية وبالتالي أدواتها مرتزقة وحثالات وهذه تشمل كل الجهات.
الى أين تسير الادارة الذاتية ؟
مما سبق يؤكد أن الإدارة الذاتية مثلها مثل باقي القوى المسلحة العنفية المحلية على الأرض هي حالة توظيفية في الصراع الإقليمي على سوريا و هي مثل غيرها لا يستطيعون تنفيذ سوى إرادات مشغيلهم في إضعاف نفوذ بعضهم البعض وتدمير المجتمعات المحلية التي ساعدت الحرب بأن تكون بيئة لها.
خلال الحرب حدثت فراغات مجتمعية في كل المجتمعات المحلية في سوريا البعض يستطيع إملاء تلك الفراغات ويستطيع التمدد في فراغات غيره والبعض لن يستطيع ذلك .
ضعف الوجود المجتمعي الكوردي في سوريا مستمر والإدارة الذاتية تلعب دور الأداة في ذلك لصالح مشغليها وحالتهم هي الوحيدة التي تتم بتوافق الجميع اي الأنظمة الغاصبة لكوردستان.
برأيي لن يكون أي تحالف بين كل أدوات الصراع لا لشيء لأنهم أدوات والنظام حول نفسه من مؤسسة دولة بغض النظر عن التوافق او الاختلاف معه هو أيضاً اليوم اصبح أداة بيد مشغليه.
———————————-
إن إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي تأسست على قاعدة الاستلام والتسليم الذي جرى في المناطق الكوردية في سوريا بين هذا الحزب والنظام السوري، وبالتالي لم ينقطع الاتصال والتنسيق بينهما في كل الظروف التي مرت في سوريا، وان قيادات هذا الحزب يعلنون على الملأ استمرار التواصل بين الطرفين. ولهذا لا جديد في هذه العلاقة، وتتصاعد الدعوة إلى الحوار مع النظام السوري كلما تتصاعد حدة التهديدات التركية باجتياح المناطق الكوردية في سوريا، رغم ان النظام السوري لم يفعل اي شيء ليعطل الاحتلال التركي لعفرين وللمناطق الاخرى كرأس العين وتل أبيض لاحقاً. ولهذا ان هذه الدعوات للحوار مع النظام لن تجدي اي نفع للشعب الكوردي بل بالعكس تسيء له وتفقده البعد الوطني السوري وخاصة مع نظام حارب شعبه وقتل مئات الالاف منه وهجر الملايين ودمر وطنه ولازال مئات الآلاف من هذا الشعب في سجونه والقسم الأكبر مصيره مجهول وعرض بلده لاحتلالات عديدة وهو يتحمل مصير هذا الوطن الذي هو في كف عفريت. لذا في الوقت الذي تعتبر المناطق الكوردية في سوريا تخضع للنفوذ الامريكي وتدعم أمريكا قوات سوريا الديمقراطية بكل الامكانات العسكرية والمادية، وأصبحت هذه القوات أداة تنفيد لمصالح الامريكان في سوريا ، يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي وادارته بالاستمرار في هذه الدعوات العبثية التي لاتخدم الشعب الكوردي في سوريا ولا قضيته الوطنية، بل يسعى الى المزيد من الشرخ والتقسيم بين مكونات الشعب السوري والاساءة الى قضية الشعب الكوردي العادلة، ويستمر هذا الحزب وادواته القمعية في التنكيل بالشعب الكوردي وبقواه السياسية وبذلك يحقق مشروع تفريغ المناطق الكوردية من سكانها الكورد الاصليين من جهة و من خلال التهديدات التركية باجتياح هذه المناطق من جهة أخرى.
ان استمرار حزب الاتحاد الديمقراطي وادارته في سياساته البعيدة عن مصالح الشعب الكوردي من خلال ممارساته القمعية بحق النشطاء السياسيين الكورد وخطف الاطفال وتجنيدهم واستفزاز الاتراك على الحدود التركية برفع صور أوجلان وأعلام حزب العمال الكوردستاني والتهرب من الحوار مع المجلس الوطني الكردي يعرض شعبنا الكوردي في سوريا إلى خطر كبير ويدخله في نفق مظلم لا يمكن التنبأ بنتائجه.
————————
– اعــداد وتقديم
– عنايت ديكو