روماف – تقارير
عزالدين ملا
قريبا نصبح في النصف الثاني من العام 2021 حتى الآن المشهد السوري لا يختلف عن العام الماضي، فالتدهور المعيشي، وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة السورية، والوضع السياسي أيضا مستمر في التدهور.
على الصعيد السياسي من جانب القوى والأطراف المسيطرة على المشهد السوري، الصراع السياسي يشتد ضراوة لتنفيذ مقايضات وتنازلات بين هذا وذاك دون التفكير بما وصل إليه الشعب السوري من الهلاك، أو ما قد يحصل في المستقبل لهذا الشعب من دمار وهلاك وجهل وتخلف، ضاربين بجميع القيم والمبادئ الإنسانية.
بعد كل هذه السنوات، نتساءل:
1- لماذا قامت ثورة في سوريا وما سبب توقف الثورات العربية فيها؟
3- ما أسباب تغير موازين القوة عندما كان الذين في الشارع الأكثرية والنظام في أوج ضعفه؟
4- لماذا المجتمع جاد في الحلول في اليمن وليبيا، وفي سوريا لا؟
5- ما تقييمكم للأوضاع الحالية في سوريا؟ وهل هناك حلول قريبة؟ ولماذا؟
سوريا والانفصال بين الإنسان وماضيه وحاضره ومستقبله
تحدث المستشار القانوني موسى موسى، بالقول: «ارتبطت الثورات العربية بشكل عام بالاحتلالات الأجنبية، ولكن الاستقلال وتشكيل دول المنطقة جعلت شعوب المنطقة تتغنى بكفاحها وانتصاراتها وتشكيل حكوماتها الوطنية، وقد كانت للسلطات الحاكمة دور مميز في تغنّي شعوبها بشعارات النصر والاستقلال، والوحدة والحرية والاشتراكية، من خلال وهم شعوبها بأن معركة المصير لم تنتهِ بعد، وتغنيها بشعارات الوحدة العربية وتحرير القدس والقضاء على الرجعية من خلال التوجه نحو الاشتراكية، لكن سرعان ما تبين للشعب بأنها ليست إلا شعارات جوفاء هدفها دغدغة المشاعر، بعد أن وجد نفسه عرضة للفقر والعوز والمرض والعبودية في غياب التنمية لتمكين الشعب من العيش بحرية وكرامة.
مع بداية وعي الشعوب أنّ الاستقلال لم يخدم أوطانها بقدر ما خدم السلطات والأنظمة الحاكمة، من خلال نهب ثروات الوطن وتحريم الشعوب منها، بدأ التغلغل والتململ من الأوضاع المزرية، عندئذ زال القناع عن الوجه الحقيقي للسلطات، فبدأ التنكيل بالشعب في قوته اليومي وبحريته إلى أن أصبحت الأوطان سجوناً كبيرة، ناهيك عن تدخلات أجهزة الأمن في كافة مفاصل الحياة، فانتشر الفساد والقمع والاعتقال والاغتيال والفقر بخطط سلطوية ممنهجة أدت إلى الصمت الجماهيري المجبر.
هذا الوضع المزري لا بدّ له من أن ينفجر بتوافر بعض المناخات، أو نتيجة حدثٍ أو ممارسة ما، كما حدث في الملعب البلدي في القامشلي عام ٢٠٠٤ مما أدى إلى انتفاضة شعبية عمّت كافة مناطق التواجد الكُردي في سوريا، ولكن نتيجة عدم توفر مناخات وشروط انتفاضة أو ثورة سورية عامة، اقتصرت على المناطق الكُردية ومناطق تواجدهم في سوريا، بعكس ما حدث في سيدي بوزيد بتونس، حيث قام البوعزيزي يوم الجمعة 17 كانون الأول عام 2010 بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، مما أدّى إلى ثورة عارمة امتدت إلى ليبيا ومصر وسوريا. هذا الوضع المأساوي للشعوب في أوطانها يجعل نشوب الثورات فيها حتمية، وإن امتد إلى أربع بلدان عربية لا يعني بأنها انتهت في سوريا، فنتائجها ستنعكس إلى بقية البلدان، بثورات أو بإصلاحات».
يتابع موسى: «الأوضاع المأساوية للشعوب في البلدان العربية لا تقتصر على الجمهوريات، بل الممالك والإمارات أيضاً لا تقل عن غيرها من البلدان مأساوية، وربما أكثر، في تقييد الحرية التي هي أثمن ما في الوجود، فثورات الشعوب مختلفة، بعضها من أجل لقمة العيش وبعضها الآخر من أجل الحرية والعيش بكرامة، فلم تمنع رفاهية وتحسُّن المستوى المعيشي للشعوب من التخلي عن حريتها وعيشها بكرامة مقابل تحسين وضعها الاقتصادي، ففي سوريا ومنذ عقدين من الزمن، توافرت كافة الأسباب التي تؤدي إلى نشوب ثورة، لذلك عمّت الاحتجاجات كافة المناطق، وهذا التظاهر العام لا يعني بالضرورة تفوقاً على النظام، وخاصة إذا ما عرفنا بأنه محمي من السقوط ولا شيء يمنعه من استخدام أبشع أشكال الممارسات والتنكيل لقمع الثورة، من التدمير والقتل والإغتيالات والاعتقالات وممارسات لم تشاهدها البشرية في تاريخها، ومن الجانب الآخر، ودون أن ندخل في التفاصيل، عدم تأهيل المعارضة مع عدم وطنية قواها السياسية الكلاسيكية، مع تكالب المجتمع الدولي والإقليمي على الثورة حماية للنظام واستمرارية وجوده، وضخ المال السياسي والعسكري وتشكيل فصائل مسلحة لمحاربة بعضها البعض من جهة، ومحاربة الشعب وقوى الثورة من جهة أخرى، جعل الوضع يتراجع لصالح نفوذ النظام».
يؤكد موسى: «إن المجتمع الدولي لم يكن جاداً خلال السنوات الماضية لحل الأزمة الليبية، فمنذ عقد من الزمن سقط نظام القذافي بعد قتله، ومازالت الفصائل المسلحة- الممولة دولياً- تتصارع فيما بينها، ومازالت الأطراف لا تعترف ببعضها رغم تشكيل برلمان وحكومة، ولازال تدفُّق السلاح الدولي والميليشيات والمرتزقة تتوافد إلى ليبيا، والساحة الليبية أصبحت جاذبة للإرهابيين من كافة المعمورة، والصراع الدولي مازال قائماً، بغضّ النظر عن زيارة وفد تركي إلى مصر والتي ربما تفتح منفذاً يخفف من حدّة الصراع في ليبيا.
نعم، ليبيا انتقلت من مرحلة الصراع مع نظام القذافي الحاكم، إلى الصراع البيني على السلطة بدعم دولي وإقليمي لا يشير إلى استقرار الأوضاع في المنظور القريب، فالعراق أيضاً منذ سبعة عشر عاماً، بعد حكم صدام حسين، لا تزال الصراعات البينية فيها في تزايد مستمر، ومازالت مدنها تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة من كهرباء وماء وخدمات».
يضيف موسى: «الأوضاع في سوريا على كافة الأصعدة مأساوية، رغم أن عدد الضحايا وصل إلى أكثر من مليون، وعدد المعتقلين لا يقل عن ذلك، وهجرة ونزوح ما يقارب ١٢ مليون، ولا أحد يفكّر بضرورة حل للأزمة. مأساوية الوضع في سوريا تتحملها كافة الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية، رغماً أن السبب الرئيسي لهذه الأزمة وهذا الوضع هو حافظ الأسد نفسه ومن ثم خَلَفَهُ بشار».
يشير موسى: «إلى أن في سوريا هناك انفصال واضح بين الشخصية والفكر، انفصال بين الإنسان وماضيه وحاضره ومستقبله، هناك انفصال بين الإنسان والإنسانية، انفصال بين الإنسان والحرية، فالتبعية أصبحت هي المتحكمة على الواقع، بقدر ما أصبح الإنسان تابعاً بقدر ما أصبح متمولاً ومتحكماً ومنتهكاً للأخلاق والإنسانية، ربما مصلحة الدول تتطلب شراء الذمم وتشكيل قوى تابعة لها، ورغم مسؤوليتها الكاملة في ما آلت اليه الأوضاع، إلا أن السوريين الذين قَبِلوا التبعية والعبودية لأنفسهم مقابل المال والسلطة ضد مصلحة الشعب، على عاتقهم تقع المسؤولية الأكبر. ضعف الإرادة لدى الكثير من السوريين واستعدادهم للسيطرة على رقاب الثوار مقابل المال والسلاح والتبعية للدول وتوافقها مع المصالح الدولية جعل الوضع يستمر على ما هو عليه. في الأسابيع القليلة الماضية ظهرت بوادر انفراجات على مستوى دول المنطقة، العربية وإيران وتركيا، وستكون الملفات الثنائية والإقليمية، وخاصة السوري والليبي والعراقي واليمني، موضوعاً للحوار فيما بينهم، وبتصوري لا تؤدي هذه الانفراجات إلى حل جذري لأزمات المنطقة، ولكن قد تفتح باباً للتفكير في ضرورة إيجاد حل للوضع السوري».
المعضلة السورية الآن في مرحلة انتظار زمني
تحدّث الناشط السياسي المستقل، عامر الشيخ هلوش، بالقول: «الآن نتحدّث عن هذا الموضوع وقد مضى عليه أكثر من عقد من الزمن، طبعاً موجة الربيع العربي
التي اجتاحت المنطقة، في بداية 2011، أيضا النظام السوري كانت نظام شمولي، شيء طبيعي لن تكون بعيداً عن ذلك، قد تأخرت قليلا، ولكن هناك ظروف موضوعية من اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة قادة لأن تكون هناك ثورة ربيع عربي في سوريا، نستطيع أولاً أن نقول من باب التقليد، ولكن الظروف الموضوعية في سوريا مشابهة لكل البلدان العربية، وهي حرية الإنسان وخبز الإنسان ثقافة الإنسان وتعليم الإنسان التي كان في مرحلة الحضيض قياساً بالتطورات الهائلة على مستوى العالم، وبالتالي شيء طبيعي أن يتوق الإنسان السوري نحو شيء من التطور، نحو الحرية، نحو الإنبثاق الحضاري.
وسبب توقف الربيع العربي في سوريا، الآن مضى على الموضوع عشر سنوات، يعني عقد من الزمن، سنغافورة خلال عشر سنوات كانت من دولة صفر، واصبحت من الدول العشرين في الاقتصاد العالمي، إذا يعني تطوُّر حتمي تاريخي، تصور أجهزة التلفون التي استعملناهاا في عام 2011 والتي نستعملها الآن الفرق بينها كالفرق بين الأرض والمساء، وكذلك حتى الأفكار السياسية قابلة للتطور، أنا أقول أن الثورات لن تنتهي ولكن تبدل النمط والاسلوب، الآن هناك ثورات عبر وسائل الإعلام، هي الثورة الرقمية، وجزء من الثورة الرقمية هي الثورة الفكرية التي استغلت النيت وسيشيول ميديا لتحقيق أهدافها».
يتابع هلوش: «سوريا للعلم تختلف، هنا أخطأ الأغلبية، هنا الأغلبية يقيمون الأمور عبر عواطفهم ووفق ما يرغبون، ولكن هذا وبرأيي قراءة غير موضوعية لسوريا، سوريا تختلف عن عراق صدام حسين، سوريا تختلف عن مصر حسني مبارك، سوريا تختلف عن تونس زين العابدين بن علي، سوريا تختلف عن اليمن علي عبدالله صالح، هنا لم يدركوا أن سوريا لديها حليفان، حليف دولي استراتيجي قوي تربطهم معاهدة دفاع استراتيجي منذ أيام الاتحاد السوفييتي وجددت في زمن يلسن والآن تابعها بوتين، هذه مسألة جداً مهمة غابت عن أعين الكثيرين، روسيا لم تلتزم في العراق ولم تلتزم في ليبيا، ولكن بالنسبة لسوريا يختلف الأمر. إضافة لحليف إقليمي مهم وهو إيران، هناك حديث لوزير خارجية بريطانيا الأسبق روك فيلر، قال أسقطنا صدام حسين وأسقطنا الحكم في العراق بموافقة كل دول الجوار، يعني يقصد بما فيهم سوريا، وبما فيها إيران، بما فيهم دول الخليج، وبما فيهم المجتمع الدولي، إذا في المجتمع الدولي أي دولة صاحبة قوة في العالم تستطيع أن تحمي النظام، والدليل نظام كوريا الشمالية بسبب الصين التي تحميها، وبالتالي أمريكا وغير أمريكا لم تستطع إسقاطه، وأيضا كوربا كاسترو وبدعم من الاتحاد السوفييتي وبدعم من روسيا لم تستطع أمريكا أن تسقطها رغم أنها جزيرة بالقرب من أمريكا، يعني الأنظمة الدولية القوية تستطيع أن تحمي أنظمة أخرى مهما تكن، ليس شرطاً أن تكون تلك الأنظمة ديمقراطية أو أنظمة متطرفة، هذه المسألة أخطأ في تقديرها السياسيين السوريين والسياسيين الدوليين والدول الإقليمية».
يضيف هلوش: «تختلف الصيغة وكما قلت لك سابقاً، اليمن وليبيا لا يقارنون في سوريا، سوريا الآن أصبحت ساحة صراع دولي معقد، دول كبرى ودول إقليمية، الدول الكبرى والإقليمية لا تتصارع في اليمن وليبيا كما تتصارع في سوريا، وهناك مسألة مهمة، دول الطوق وسوريا أحد دول الطوق المهمة المحيطة لإسرائيل فبالتالي يختلف الوضع، يعني من الممكن في اليمن ليس هناك لروسيا اهتمامات كبيرة في اليمن أو أيضا في ليبيا، ممكن اهتمامات لتركيا، السعودية تهتم في اليمن، إيران لعبت دوراً أساسياً في اليمن، إذا الصراع في اليمن وليبيا هو صراع جزئي لما يحدث من صراع كلي الآن القائم في سوريا. الساحة الدولية الموجودة في سوريا تعدُّ الساحة في اليمن وفي ليبيا ساحات جزئية لنفس الساحة الدولية في سوريا، ولهذا توصّلوا إلى حل واتفاق في الدول تلك ولم يتوصلون في سوريا، ويحتاجون إلى فترة زمنية لأن المسألة معقدة، هناك إسرائيل في الوسط وروسيا وأمريكا وإيران تركيا دول الخليج ودول المحيطة، وحتى جنوب أفريقيا، عدا الصين وأوزبكستان، جميعهم متداخلون في المعضلة السورية، ولهذا السبب حلها صعب، وأيضاً هناك نقطة مهمة هي نسبة المسلحين الموجودين في سوريا، ففي السنوات الأولى من الأزمة السورية، تركيا بالأخص لم يبقَ مسلح في العالم إلا ونقل إلى سوريا، الآن نسبة السعي للخلاص من هؤلاء المسلحين تحتاج إلى فترة زمنية حتى يتنصلوا أو يتسربوا هنا وهناك، لذلك يختلف الحل هنا وهناك».
يردف هلوش: « الأوضاع في سوريا أوضاع حرب، المعضلة مستمرة منذ عشر سنوات ودخلت عامها الحادي عشر، يعني الأوضاع في حالة جمود وفي حالة انتظار، الوضع الاقتصادي ضعيف وسيئ رغم المساعدات الدولية، المشكلة لولا المساعدات الدولية ولولا نسبة المهاجرين إلى أوروبا والمغتربين عن سوريا لكانت الأمور يرثى لها، ورغم ذلك لازال الظروف الاقتصادية والمعيشية في أصعب مراحلها، الآن الأمور في سوريا في جمود، وقد تستمر سنة أخرى، الحلول في الواقع المنظور والمستقبل المنظور لا يوجد حلول، ولأنه ليس هناك اتفاقات دولية، وخاصة بعد مجيء إدارة أمريكية جديدة تختلف عن إدارة ترامب السابقة، وبالتالي حتى إذا توصلوا إلى صيغ مشتركة يحتاجون إلى فترة طويلة.
الحلول في سوريا إن لم يحدث اتفاق دولي بين الدول الكبرى والعظمى والدول الإقليمية وإتفقوا، وقد يتفقون عبر تسوية كما حدث في لبنان (مؤتمر الطائف)، وقد يكون هناك مؤتمر طائف سوري بنكهة جديدة وبمميزات جديدة لحتمية تطور للإتفاقات السياسية وتطوُّرها وتطوُّر الظروف الموضوعية والعالمية ممكن أن نشاهد في المستقبل المنظور أو أبعد منه مثلاً في السنتين القادمتين قد يتوصلون إلى حل. الأمور الآن في مرحلة انتظار زمني وخاصة وأن هناك انتخابات رئاسية في سوريا (استحقاق رئاسي)، نحن لسنا بصدد صح أم خطأ، هو بالنسبة للدولة السورية وبالنسبة للنظام هي انتخابات شرعية خاضعة للدستور الموجود وهناك نسبة لابأس بها تؤيد ذلك، وفي المقابل المعارضة ترفض ذلك والمجتمع الدولي يرفض ذلك، ويعتبرها لم تكن خاضعة أو ضمن إطار القانون 2254، وهم غير معنيين بها، فالأمور جميعها في الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، ما بعد الانتخاب قد يحدث إتفاق أمريكي إيراني يعاد العمل فيه، على ضوء ذلك قد نستشف أمور تقود إلى الحل، ولكن في تقدري الحل بعيد قليلاً».
الأزمة مستمرّة طالما هناك إفتقار لتوافقات إقليمية ودولية
تحدث المحامي محمود عمر، بالقول: «في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الثورة في سوريا هي محاكاة للثورات العربية الأخرى التي سبقتها في ليبيا ومصر، وأن
ظروف الاستبداد التي امتدت في البلاد على مدار عقود مضت كانت كفيلة لأن تلتقط شرارة الثورة وتعمم في كل أرجاء البلاد هذه الثورة التي كانت في البداية سلمية وتعبيراً عن رفض الظلم والطغيان والسعي لغد أفضل، إلا ان أهمية الموقع السياسي والجغرافي لسوريا في الشرق الأوسط والعالم سرعان ما جعلت أنظار القوى الإقليمية والدولية تلتفت إلى ما استجد فيها من أوضاع، وحاول كل طرف أن يجد له موطىء قدم في سوريا، وبحثت لها عن أذرع داخل البلاد لتحقيق غاياتها ومصالحها، وبالتزامن مع ذلك فتحت الحدود السورية لينتقل إليها ومن كل أصقاع المعمورة وأمام مرأى الجميع الجماعات المتطرّفة، وبدراية وعناية تم حرف مسار الثورة السورية عن سلميتها بعد أشهر عدة نحو العسكرة، وأصبح الكل يقاتل الكل في فوضى لا مثيل لها، وأصبح حجم الدمار والدم والتهجير يفوق كل تصور، والقوى الإقليمية والدولية تحرك بيادقها كيفما شاءت دون أي إعتبار لمآسي الشعب السوري، وطالما بقيت مصالح هذه الدول والقوى متضاربة إمتد أمد الصراع في سوريا، في ظل قرارات دولية مازالت مشلولة، ودور ضعيف غير مؤثر للأمم المتحدة حتى في المجال الإنساني. ويمكن القول بأن التخلص من داعش بعد كل جرائمه التي يُندى له الجبين هي المفردة الوحيدة التي إلتقت عليها مصالح القوى المتصارعة في سوريا وفي ظل غياب إرادة دولية، وتوافق على المصالح لن يكون هناك بإرقة أمل لإيجاد حل سياسي للمسألة السورية، وأن الصراع سيتجدد وإن كان بأشكال ومظاهر أخرى، سوريا بموقعها مركز مراقبة جيد للعالم، والإقليم وهي صلة الشرق بالغرب ولعل موقعها هذا يجلب لشعبها دوما المآسي».
يضيف عمر: «أما بالنسبة للأوضاع الحالية فيمكن النظر إليها بإيجابية ومن زاوية واحدة وهي التخلص من داعش ووحشيته وانخفاض مستوى الاقتتال إذا ما قورن بالأعوام السابقة وعلى الصعيد السياسي فإن مواقف الإدارة الامريكية الجديدة لم تتضح بعد وإن كانت أكثر إيجابية إذا ما قورنت بالمواقف المتهورة لإدارة ترامب، ستظل الأزمة مستمرة كما ذكرنا سابقا طالما هناك إفتقار لتوافقات إقليمية ودولية في الملف السوري هذه التوافقات التي نتمنى أن تكون قريبة في ظل تحرك أمريكي وإقليمي وعربي جديد ويبدو أنه قد بدأ وإن كانت بشكل بطيء».
الخاتمة:
المعضلة السورية مُعقّدة والمتشابكة، ومن الواضح أن حلها أيضاً معقد وبحاجة إلى توافقات كثيرة وفترة زمنية ليست بقريبة، فقط الخاسر الوحيد هم الشعب السوري الذي يرزح تحت وطأة استغلال التجار وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة السورية، فالوضع الاقتصادي والمعيشي كارثي وصل إلى مستويات خطيرة، ولا تتحمّل المزيد من الوقت.