روماف – تقارير
عزالدين ملا
تكتنف المناطق الشمالية والمناطق الكوردية الكثير من الغموض، تحركات ومخططات سياسية غامضة تحصل في تلك المناطق، الحلول العسكرية انتهت بعد ما تم تحديد قطاع كل طرف من الأطراف الدولية والإقليمية، الآن حلول ومخططات سياسية تُنفذ أجندات خارجية بعيد عن الإرادة الشعبية على يد أذرعها وأدواتها.
– ما يحدث الآن هو ضرب المكونات ببعضها البعض وإشعال الفتن، لخلق حالة من الفوضى والاضطراب، إن كان عمدا أو عن سبق إصرار وترصد.
– الحرب الإقتصادية التي يخوضها الشعب السوري عامة وكوردستان سوريا خاصة ضد إرتفاع الأسعار، في وقت مردود المواطن المادي لا يغطي 5% من نفقاته المعيشية، لذلك الوضع يتجه نحو الكارثة.
– مناطق الإدارة الذاتية تُصدِر بين فينة وأخرى قرارات غير مدروسة ولا تمت بمصلحة الشعب أي صلة، مثل رفع سعر المحروقات ومن ثم إلغائه، لكان إنْ نُفِذَ القرار لصالح تجار الحروب.
– فرض إرادات غير إرادات شعوب المنطقة، هذا ما أدى إلى حدوث إضطرابات في منبج.
– فرض سياسة الدكتاتورية والاستبداد على الشعب، في وقت كانت شعوب المنطقة وبعد عشر سنين تريد الأفضل.
وللتعمُق في كل تلك السياسات، ولتحليل هذه المجريات يبادر إلى أذهان كل مخلص لأرضه ووطنه هذه الأسئلة:
1- ما تحليلك لما يجري في المنطقة؟
2- لماذا كل هذه السياسات الخاطئة؟ ومن المستفيد؟
3- ما سبب سكوت العقلاء وغض الطرف لكل ذلك؟ ولماذا؟
4- كيف السبيل للخروج من هذا المستنقع الخطير؟ وما المطلوب من الجميع؟
الترقب والإنتظار سبيل الشعب السوري
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، عبدالباسط حمو، بالقول: «بعد عشر سنوات من الأزمة السورية لازالت آفاق الحل مسدودة بسبب أجندات وسياسات دولية على رقعة جغرافية سوريا، التي تحتل موقعاً جيوسياسياً حساساً ومهماً في الشرق الأوسط، وأيضا وجود مكونات شعب من تعدد قومي وديني ومذهبي، وقضية الكورد كشعب محروم من حقوقه منذ تشكل الدولة السورية، هذه القضية التي تؤثر على باقي أجزاء كوردستان الأخرى في توازنات وسياسات المنطقة، كشعب مقسم بين أربع أو خمس دول، لم ينل حريته وتشكيل دولة قومية مثل باقي شعوب المنطقة من العرب والفرس والأتراك، بل تعرض إلى شتى أنواع الظلم والإضطهاد التاريخي على أيدي حكومات متعاقبة لهذه الشعوب، وتم الغدر بهم كضحية للإتفاقيات الدولية التي جاءت بالضد من طموح شعبنا الكوردي، وبالرغم من إجماع المجتمع الدولي على أنه لابد من حل سلمي وسياسي للأزمة السورية والتي نص عليه قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وفق بيان جنيف١، لكن لازل العنف والقتل والحرب مستمراً في معظم مناطق سوريا وإن ضعفت وتيرة ذلك في بعض الأحيان وتهدأ أحياناً، لكن لايزال خيار الحسم العسكري هو السائد في الأفق وعلى أرض الواقع، وكل الأنظار تتجه نحو الشمال السوري، وتقسيم سوريا مابين مناطق نفوذ دولية وإقليمية كون شمال سوريا يشكل سوريا المصغرة، نظرا لغنى المنطقة بالثروات المائية والنفطية والزراعبة، أي خزان لوجود الاقتصاد والتعدد القومي والموقع الاستراتيجي لها».
يتابع حمو: «كما يلوّح في الأفق ومن خلال الأحداث والدبلوماسية الدولية تتحرك بعض القوى الفاعلة بهدف إيجاد تسوية لحلولة وسطية مشتركة لاسيما بعد انتهاء مسرحية انتخابات بشار الأسد نهاية شهر أيار، حيث يسعى نظام بشار من خلال الدعم إيراني إلى التصعيد العسكري في إدلب وتحريك ملف منبج من خلال الأذرع والميلشيات في شرق الفرات، بغية إستدامة الأزمة عسكريا للهروب من استحقاقات جولة المفاوضات واللجنة الدستورية المتوقفة والمجمدة، للعمل بإتجاه دفع الشعب السوري إلى المزيد من التضحية والقتل والتشرد، والوضع المعيشي الكارثي المأساة الكبرى وانهيار الاقتصاد وتفشي جائحة كورونا وتداعيات موسم الجفاف ما يهدد الشعب السوري بكارثة إنسانية كبرى، وبالرغم من هذا الواقع المأساوي حيث يترقب الشعب السوري وكل أنظاره تتجه إلى إجتماع حلف الناتو المزمع عقده في بلجيكا أواسط هذا الشهر، ولقاء كل من الرئيس التركي والأميركي على هامش هذه اللقاءات للوصول إلى تفاهمات، والتي سبقت قبلها زيارة المندوبة الأمريكية إلى الشمال السوري والإجتماع مع مسؤولي تركيا ومنهم مستشار الرئيس أردوغان وصدور تصريحات من البعض في تركيا حول الإيعاز للخبراء الروس بالتوقف عن العمل حول منظومة صاروخ اس ٤٠٠، قد تكون الخطوة التالية لإعادة الحيوية للعلاقات وإزدياد التعاون مابين الطرفين أمريكا وتركيا بشكل أكثر وإزالة أجواء الفتور التي خيمت على العلاقات لبعض الوقت منذ الإنقلاب الفاشل، حول عدد من القضايا منها ب ك ك وفتح الله كولن وحصص المياه الإقليمية في حوض البحر المتوسط وقضايا في ليبيا، كما وتجري في المسار الآخر مفاوضات حثيثة برعاية المجموعة الدولية للطاقة ما بين أمريكا وإيران وأوروبا حول السلاح النووي الإيراني، وقد اقتربت الحوارات إلى مراحل متقدمة، وسوف يكون الملف السوري أحد الملفات الساخنةفي القمة التي تعقد بين الرئيسين بايدن وبوتين، وفي هذا اللقاء سيكون على جدول الأعمال كيفية الإتفاق حول آليات العمل نحو التوصل إلى حلول مشتركة للأزمة السورية، والتي جاءت تصريحات بغدانوف في هذا السياق، أنه يمكن إجراء إنتخابات مبكرة في سوريا في حال تعاونت المعارضة وأبدات الإستعداد للحلول المشتركة، يفهم من هكذا تصريح بان روسيا ماضية نحو التعاون مع امريكا، بعد أن عجزت في إيجاد الحلول المنفردة عبر استانا وسوتشي او تدوير النظام وتسويقه من بوابة اعادة الاعمار وعودة الللاجئين».
يشير حمو: «أن مصالح روسيا وأمريكا باتت تتطلب التقارب والتفاهم حول ملف سوريا لاسيما بعد موافقة اسرائيل. فكل التوقعات تتجه نحو ما ينجم في القمة مابين بوتين بايدن من قرارت لرسم خارطة حل مشتركة للأزمةالسورية، في الوقت الذي حصل ايضا عودة الوفاق والعلاقات مابين السعودية وتركيا من جهة مابين ومصر وتركيا ايضا مما تلوح في الأفق بأن الأجواء الدولية والإقليمية باتت ملائمة أكثر إلى الإتفاق في حلول وسطية مشتركة، كصيغة توافقية مابين قرارات جنيف واستانا وسوتشي عبر تسلم روسيا لملف الأزمة السورية بشكل كامل بعد خروج كل القوات العسكرية الاجنبية من سوريا عبر وضع دستور جديد وهيئة حكم انتقالي والذهاب الى انتخابات جديدة مبكرة وبرعاية دولية من مجلس الامن وباجماع دولي، لكن وبالمقابل ايضا ستسعى ايران بتحريك اذرعها والإيعاز لأوراق الضغط عندها للإستخدام في كل من سوريا والعراق في عرقلة ما ينجم من التفاهمات والتقاربات تتعارض أجنداتها الاقليمية ومشروعها الإيديولوجي في المنطقة، لذا لم يبقى خيار سوى الترقب والانتظار ما ستتمخض عنها لقاء القمة ما بوتين وبايدن للتفاهم المشترك».
إلغاء القرارات الإستفرادية الغير مدروسة، الخطوة الأولى في الإتجاه الصحيح
تحدث عضو هيئة المفاوضات في الإئتلاف ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية لجبهة السلام والحرية، حواس عكيد، بالقول: «يجب توخي الدقة عند التحدث عن كُردستان سوريا، فهي مقسمة إلى منطقتي نفوذ، إحداها تحت سيطرة الأتراك وتديرها الفصائل المسلحة بمختلف تسمياتها ومكوناتها، والقسم الآخر تحت النفوذ الامريكي وتديرها قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وعند تناول الحديث عن هذه المناطق يجب أن لا ننسى أن أوضاع قاطنيها لا تختلف عن أوضاع الشعب السوري ككل، فالأوضاع المعيشية مأساوية وهناك عدم استقرار والناس تجهد من أجل البقاء وأكثرهم لا يحصلون على الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية؛ وللخروج من هذا النفق يجب إنهاء حالة الحرب والتدمير التي أنهكت المجتمع السوري، ولا يخفى أن النظام السوري هو المسبب الرئيسي لكل هذه المآسي والويلات، فهو من استجلب تدخل جيوش الدول، الأمر الذي أدى إلى تداخل مصالح هذه الدول وتنافرها الذي أدى إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، وإحدى هذه المناطق هي كُردستان سوريا، وكما قلنا هناك أمريكا وتركيا وروسيا وقوى محلية متعددة ومليشيات مختلفة سواءً في شمال شرق سوريا أو شمال غربها وكُردستان سوريا الممتدة من أقصى الشمال الشرقي حتى أقصى الشمال الغربي وصولاً لعفرين».
يتابع عكيد: «الوضع في سوريا بما فيه شمالها الشرقي والغربي، هش وغير مستقر بسبب تقاسم النفوذ وتبادل المصالح دون الإلتفات إلى أوضاع الشعب السوري ومعاناته التي صارت مزمنة، والشعب يئن تحت وطأة تردي الوضع الإقتصادي والأزمات المركبة من إنقطاع الكهرباء وشح مادة الخبز كغذاء رئيسي، وكذلك المحروقات وأزمة المياه التي أصبحت كارثية في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى الضعف المزري في دخل الفرد بسبب التضخم الذي فاق حد التحمل، وكما قلنا فكل ذلك بسبب تضارب مصالح الدول، فالنظام وروسيا يستغلون التهديدات التركية ويحاولون أن يضغطوا على تلك المناطق والتضييق عليها، كذلك الإنسحاب الأمريكي عام 2019 خلق حالة عدم توازن، وما زاد الوضع سوءًا هو عدم وجود توافق بين المكونات المختلفة في المنطقة، وعموماً فخلق الاستقرار على المدى القريب والبعيد مرتبط بالوجود الأمريكي وأيضاً مرتبط بالعملية السياسية في سوريا، لأن الوجود الأمريكي عامل رادع لسياسات الهيمنة التي تسعى إليها الدول صاحبة النفوذ على الأرض، ويشكل استقراراً في المنطقة ويؤشر إلى أن هناك تغيرات إيجابية في المنطقة، ولكن الإستقرار لن يتم إلا إذا كان هناك توافق سياسي وإجتماعي وعسكري بين مكونات المجتمع وخاصة بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية».
يضيف عكيد: «السبب الأساسي للسياسات الخاطئة هي حالة التفرد التي يتم التعامل بها مع مختلف التهديدات والأحداث في المنطقة سواءً العسكرية أو الإقتصادية أو السياسية التي تمنع دخول المساعدات الإنسانية وإحتياجات المواطنين وإغلاق الحدود والمعابر الرسمية، والسبب الآخر هو استغلال القوى الدولية للصراع الدائر في المنطقة، وكل هذه مفرزات ونتائج للسياسات الخاطئة غير المحسوبة النتائج التي أدت إلى غياب الأمان والإستقرار الذي كان سبباً أساسياً لهجرة القدرات والكفاءات العلمية من المنطقة، وبالتالي افتقارها إلى إدارة تكنوقراطية، وكما في جميع الثورات والحروب والنزاعات، المستفيدون الأساسيون من الأوضاع غير المستقرة هم تجار الحروب الذين يستغلون آلام الناس لمصالحهم ومنافعهم الخاصة. حقيقة إن الوضع المزري الذي يمر به الشعب هو نتيجة طبيعية لصم الآذان عن سماع الأصوات الوطنية الحقيقية من مثقفين ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وخاصة المجلس الوطني الكُردي الذي لم يُساوم أو يُجامل يوماً الإدارة الذاتية في موضوع المصالح العليا للشعب الكُردي وحقوق مكونات المنطقة ككل، ومؤخراً صرنا نسمع أصواتاً حتى من داخل الإدارة تشتكي من الفساد المستشري وتنادي بالإستقرار والتغيير، وللوصول إلى هذا الهدف لا بد من مأسسة العمل والإدارة وتوخي الشفافية في إدارة أمور المجتمع، وهو يحتاج إلى التعاون مع المؤسسات المختصة سواءً كانت محلية أم دولية، وضرورة إتباع إسلوب التوأمة مع المنظمات والمؤسسات الدولية سواءً كان في قطاع التربية والتعليم أم في الجانب الإداري والإقتصادي، وخاصة مؤسسات الدول الصديقة الموجودة في المنطقة والاعتماد على القدرات وذوي الكفاءة والتكنوقراط من أجل إدارة هذه العملية».
ويردف عكيد: «بقناعتي أن أهم خطوة لعلاج أي مرض هو البحث في أسبابه وإبطالها، فالأسباب الأساسية لهجرة الطاقات من مناطقنا التي تضاف إلى تدهور الأوضاع في سوريا بشكل عام، هو القرارات الجائرة التي تم إستصدارها وأدت إلى هجرة أعداد كبيرة من أهلنا وخاصة ذوي الطاقات والخبرات والعوائل التي تسعى لتوفير مستقبل أفضل لأبنائها وفئة الشباب التي هاجرت تجنباً للتجنيد الإجباري الذي يربط مصيرهم بأجندات وسياسات وقرارات مجهولة الأهداف والغايات، وبالتالي فإن إلغاء القرارات الإستفرادية غير المدروسة هي الخطوة الأولى في الإتجاه الصحيح، فعبر إدارة مؤسساتية رصينة من خلال الإستفادة من مؤسسات الدول الصديقة والمنظمات العالمية لقطاع التربية والتعليم وإدخال لغة الأم لكل المكونات التي ترغب في الدراسة بها وتأمين إعتراف قانوني بالشهادات الصادرة سيجعل الأهالي مطمئنين على مستقبل أبنائهم، وكذلك موضوع التجنيد الإجباري لن يتم تجاوزه إلا بإنهاء سياسة الاستفراد بالقرار المحتكر من قبل جهة بعينها، عندها سوف يكون نسبة الشباب المنضمين إلى واجب الدفاع عن أهلهم أكبر بكثير من أعداد المساقين إلى التجنيد بشكل قسري، وتمهيد الأجواء لهذه الحلول مرتبط بشكل أساسي بنجاح المفاوضات الجارية بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية، لأنها تشكل نواة الإنفتاح والتعاون الكُردي مع كل مكونات المنطقة، لأنه سيكون أساس العمل المشترك والمصلحة المتبادلة بين كل الأطراف والقوى الوطنية الديمقراطية السورية، وبالتالي يخلق الأرضية الملائمة للإستقرار في كل كُردستان سوريا سواءً في الشمال الشرقي أو الشمال الغربي، وسيؤثر إيجاباً على الإستقرار في عموم سوريا».
ثمة عدو يعيش في دماغ وضمير ومجرى دم أحد المختلفين في خلافات الكردية
تحدث الكاتب، إبراهيم اليوسف، بالقول: «يكاد المرء يقول، وبعد عشر سنوات على”الثورة السورية” وحوالي ثماني سنوات من سلطة أولي الأمرالعابر، أن هذه المنطقة التي استطاعت الحفاظ على ذاتها بسبب أكثرمن عامل: عدم استهدافها من قبل النظام، وذلك لسببين: أولهما خصوصيتها الكردية- وهو كلام لن يعجب بعض شركائنا- وإن كنا ننظرإلى المنطقة-أصلاً- أنها فسيسفسائية، وثانيهما الاتفاق السري/العلني بين: النظام وسلطة الأمر”الواقع”، لذلك بقيت المنطقة في منجى نسبي عن بؤر الشر، إذ إنه ومنذ أول محاولات من سميوا بالجيش الحر وحاولوا غزوا المناطق الكردية: الثلاث، بدءاً من سري كانيي، إلا إنهم منيوا بشر هزيمة، وقد كانت هذه القوى مدفوعة من قبل: تركيا ومرضياً عنها في أقل تقدير من قبل النظام، في آن واحد، إذ إن النظام لم يتحرك أمام حملات غزو منطقة الجزيرة، وهكذا بالنسبة إلى كوباني وعفرين، سواء أكان المحتل: تركيا ومرتزقتها أوتنظيم داعش اللقيط لكل من النظام وتركيا حصتهما فيه».
يتابع اليوسف: «ظل أمرالمناطق الكردية في منأى عن التدخلات المباشرة للجهات الدولية والإقليمية في آن واحد، إلى سنوات، قبل أن تطلق روسيا بالونات اختبارها التي غضت عنها أمريكا النظر، بينما كانت إيران تعشش على نحو سرطاني في جسد سوريا، ومن بينه المناطق الكردية، بينما تركيا التي كشرت عن أنيابها، بعد أن تخلصت من جزء كبير من قوات العمال الكردستاني: عدة وعتاداً و”أعداداً” أعداءً، وراحت كل منها تعزز مكانها، وقرأت تركيا اللحظة على النحوالذي تبتغيه، كما يفيد استراتيجيتها في: التمدد، تحت دعاوى ملفقة، في أثر خيول سلطنتها، أو دولة الخلافة، بعد أن علمت أن الأسرة الدولية لا تختلف عنها: نفاقاً، منذ الخطوط الحمراء- الأوبامية- ومروراً ب” الترامبية، ولا ندري إلى أين ومتى؟!. ثمة مخططات رهيبة استهدفت خريطة المكان أكثرمن غيرها، ولعل أهمية المنطقة تأتي نتيجة عوامل عديدة، منها ما يتعلق بموقعها ومنها ما يتعلق بثرواتها ومنها ما يتعلق بمستقبلها ومصالح القوى المتحكمة، ولعل كل ذلك لم يجر من دون ضوابط واتفاقات، لأن أمريكا كانت قادرة في مرحلة ما سد الطرق أمام جميع الأطراف بما فيها: روسيا وتركيا وأنها كانت قادرة على منع احتلال سري كانيي، كما عفرين، كما كري سبي!».
يضيف اليوسف: «إذا كنا نريد التركيز على منطقتنا التي أصبحت عقدة التدخل الكبرى، منذ بداية الحرب، بعد تقاسم مناطق النفوذ الذي أصبح بدوره أمراً واقعاً، محروساً بالدم والأرواح الكردية، لقاء ما لاينعكس على ابن المنطقة: الكردي وشريكه العربي أو الآثوري أو السرياني أو الأرمني وغيرهم، فإنه لابد من التأكيد أن الكردي: المتنطع للحكم، والذي يجري بروفاته الاستبدادية، مكرراً النظام، في أبشع حالاته الواقعية والافتراضية: نهباً للخيرات وامتصاصاً لدماء الناس وإتجاراً بها، مقابل استخدامها في حماية استراتيجياته كمجرد حزب لاعلاقة له بالمكان، وإن راح يتذرع بالشعارات الكبرى، ويتجاهل علناً رؤى الكردي وحلمه وحقه، ليظهر من يحمل الهوية الكردية ويدافع عن الوهم لقاء راتب أو تربيتة أو مرتبة- كما أكررها دائماً- وليفلح عبرعملية جذب من يتم غسل أدمغة المتنفذين من بينهم وبطاناتهم، ومحاولات شويههم الروحي- ومن بينهم الأكثرية المغرر بها- إلى الدرجة التي يستطيع الأخ إشهارالسلاح في وجه أخيه وإنهاء وجوده، من دون أن يدري أنه بدوره مشروع ضحية كما أخيه ذاته، فلا حصانة لأحد ضمن أطر هذه المنظومة التي توطدت أركانها على الخديعة، وباتت تؤكد ذاتها، من خلال تصدير الشرور- ولاأقول الثورة التي لها مكان آخر انهزمت فيه، وتتطفل على ثورة سواها، وتسميها بلا حياء” ثورتها”، مزورة ما يعرفه الجاهل قبل المتابع العارف!».
يردف اليوسف: «ثمة من يطرح السؤال: لماذا ليس للمثقف الكردي رأيه؟، مثل هذا السؤال يطرح من لدن سياسي- عادة- هو ذاته ضالع في مثل هذه الفرقة، مؤثر فيها، ناهيك عن إنه كما إن هناك سياسي يموقع حضوره ورأيه وموقفه السياسي، انطلاقاً من أجندات ومنافع، فإن الثقافي يفعل ذلك، وإن بدا سلوك الأخيرأكثر هزالة وهزلاً، وهو يهرول بزئبقية، لاهثاً، خلف ما يصله من فتات هو دون حصة السياسي، بما يسيء إلى صورة المثقف الذي يجب أن يترفع عن أي تهافت، هومن دأب السياسي، ولاأعني-هنا- إلا السياسي المبتذل، كما الثقافي الأكثر ابتذالاً، لأن هناك أصحاب رأي وموقف لايتحركون البتة بحسب الذبذبات الجاذبة لمنافعهم العابرة!، وليت سوء الواقع ظل عند هذه الحدود، إذ إن السياسي الذي سلط- صبيانه- للنيل من المثقف أنى خرج من تحت ظل- عباءته- وهو ذاته ينال حصته من قبل المختلف معه، فإن هذا الجو المكربن، الفاسد، شوه المشهد العام، وبات اكتشاف ملامح ماحولنا، على نحو واقعي وصحيح في عداد ما هو معجزة، نظراً لما تركته الحرب وأمراؤها من أدخنة تتصاعد، وفي ظل الإعلام المزور، التضليلي، أن تتم المساواة بين طرفي المعادلة: النقاء والبقاء من جهة والنفاق والشقاق من جهة أخرى، بل إن عصابات هكر الإعدامات المعنوية تتكاثر وتستفرد بكل صاحب رأي ذي خصوصية، ما جعل بعض الكتاب يتوارى، من دون أن يظهرموقفه المطلوب مما يتم أمام عينيه ويمس واقعه، ومستقبله ووجوده».
يشير اليوسف: «بدهي، أن لا مشكلة بين الكردي والكردي إذا جلسا إلى- طاولة واحدة- من دون أن تكون هناك تأثيرات من هم أعداء الكرد على فضاء حوارهما، ولا يمكن أن يكون هناك خلاف كردي كردي إلا وكان ثمة عدو يعيش في دماغ وضمير ومجرى دم أحد المختلفين، واقعاً وافتراضاً، لأن خلافات الكرد ليست خلافات الترف. خلافات تقاسم المنافع التي تأتي في مرحلة مابعد تأسيس الدولة وإنما هي خلافات وجود أو اللا وجود وإن وضع أي طرف للعجلة في طريق وحدة الكرد، أو إغراق الفضاء وحشوه بما هو دخيل و لايمت إلا معادلاته بصلة، لاسيما في هذه المرحلة، وهوما يرشحه أن يكون- أرضاً محروقة- لوجود كل من هم عابرون، وإفراغ مكاننا من أهله الذين تتم الحرب المفتوحة عليهم، وإن كنا نوهم أنفسنا كثيراً بمنامات بعض- محللينا السياسيين- الذين انخدعوا بوعود أبديت لهم من قبل موظفي دبلوماسيات تأكد أنهم كذبة، وأن ما يخدم تضعضعنا، وانهيارنا، وخروجنا من المعادلة، هو اختلاق الخلاف.
أمام كل هذا، فإنه لن تقوم لنا أية قائمة ما كان جهاز “ريموند كونترول” سياسة الكردي اليومية، واستراتيجيته، واقتصاده، خاضعة لإصبع من هو أمي يتحكم بها، عن بعد، وهو قادر أن يخلع هذا الجسد الذي يعتاش عليه، ويتطفل، كما دملة غريبة، أو وباء سرطاني، من دون أي تأنيب من أخلاق أو ضمير، وله أمثلته التي كان بطلها ولايزال، ولعل من هو ألد عداء لوجودنا ومستقبلنا ذلك المهرج الإمعي الذي يصفق له: سياسياً ضالاً ومثقفاً منافقاً، وللبطانة والمغرربهم في هذا تقويم آخر!».
الحاجة إلى تمثيل حقيقي ومؤثر لكافة الأطراف في القرار السياسي
تحدث المهندس، محمد أمين أوسي، بالقول: «ليس بخاف على أحد ما يجري في سوريا اليوم من تدخلات لكثير من الدول العظمى بالتزامن مع حضور إقليمي واسع، ترافقها جيوش من المرتزقة تصرفاتها بعيدة كل البعد عن منطق الدول في إدارة المجتمعات البشرية في الوقت المعاصر، وهي تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي السورية ولها أجندات بعيدة عن أجندات الشعب السوري المطالب بالحرية ليعيش حرا كريما على أرضه التاريخي، وهذا ما يفعل فعله ويلقي بظلاله على جميع الأوضاع الأمنية والمعيشية والتعليمية والإقتصادية. والمنطقة الكوردية والشمالية من سوريا جزء من الكل من عموم سوريا تحظى بإهتمام كبير من كل هذة القوى المتداخلة، وكل حسب أجندته، مما يخلق أوضاعا أمنية ومعيشية خطيرة».
يتابع أوسي: «الوجود الأميركي والروسي والإحتلال التركي والإيراني، وكل منها تدعم قوى محلية أو مرتزقة للسيطرة على الأرض، والتحكم برقاب شعوب هذه المنطقة من نهب للثروات وفرض أجنداتها، وهذا ما يظهر جليا في شكل أزمات أمنية تطفو على السطح، تكاد تعصف بما تبقى من المدن أو أزمات معيشية خانقة ومستمرة ليس لها حلول على مدى عشر سنوات مضت على الكارثة المفروضة على هذا الشعب المظلوم. الأزمات مستمرة وأحيانا تبدو عصية على الحل بسبب هذا الكم الهائل من التدخل الدولي والإقليمي، وعدم الرغبة في إيجاد حلول مستدامة للمشاكل الإقتصادية والمعيشية، وعدم الإهتمام بحقوق الإنسان والعيش بكرامة لحين إيجاد حلول سياسية في المنطقة وسوريا بشكل عام، وأغلب هذه القوى لم تأتي لخلاص شعوب المنطقة من الأوضاع المأسوية التي تمر بها، مهمة هذه الحشود المتدافعة في المنطقة هي للحفاظ على مصالحها وأجنداتها ونهب الثروات والخيرات وفرض الأتاوات أولا وقبل كل شيء، وهذا ما يصرحون به جهارا نهارا أنها أتت لمحاربة القوى الإرهابية فقط، وأخذها كـ “شماعة” وعدم الرغبة والعمل لما يسعى إليه شعوب المنطقة، وهو العيش بحرية وكرامة».
يعتقد أوسي: «أنه لا توجد مؤشرات أن هذه الدول تعمل لإيجاد حلول لمشاكل شعوب هذه المنطقة في المنظورالقريب، وكما تتمناه الجماهير الشعبية. كل إنسان يمكنه أن يلاحظ أن القوى الدولية لا يتدخلون في تصحيح كل ما هو سيء ويخص جوهر حياة المواطنين مباشرة مثل تأمين مستلزمات المعيشية والخدمية الضرورية، وتطوير مشاريع البنية التحتية كتأمين الماء والكهرباء والتوزيع العادل للثروات دون تمييز حزبي أو طائفي أو ديني، أو التدخل وممارسة الضغوط على القوى المحلية المسيطرة على الأرض لإحترام حقوق الإنسان ومنع الإنتهاكات الخطيرة الحاصلة في المنطقة، وتأمين المستلزمات الحياتية الضرورية للمواطنين إستجابة للمطالب الذي نادى وهتف وغنى من أجله شعوب المنطقة، وصولا إلى إستقرار سياسي وأمني مستدام».
يضيف أوسي: «مما يتبين أن الجهود الأمريكية المبذولة لترتيب الأوضاع في المنطقة تمهيدا لتسوية سياسية ليست كافية وليست في عجلة من أمرها، وهذا ما يظهر من المباحثات الكُردية الكُردية المتعثرة منذ فترة طويلة وبدون أسباب جوهرية، لذلك لا أعتقد ان هناك حلولاً قريبة قيد المداولة يتم التباحث فيها، لأن الأجندة الأميركية غير جدية وغير مستعجلة لوضع حلول للأزمات المستعصية على صعيد الوضع السياسي والأمني والمعيشي والخدمي في المنطقة، كل هذا ينعكس سلبا على المواطنين من جميع النواحي، ويؤشر أن الأزمة ستطول وأن الصراع العسكري والحسم على الأرض مازال هو الخيار الأرجح بالنسبة لأجندات الدول الإقليمية المتربصة بالمنطقة ومساعيها وخططها المستمرة، ولم تتخلى عنها حتى هذه اللحظة، والراعي الأمريكي لم تقف بقوة في وجه هذه الطموحات للدول الإقليمية وخاصة تركيا، لهذه الأسباب مجتمعة ومن الحكمة بمكان أن تسعى القوى السياسية المحلية التي ترى نفسها منخرطة وجادة ومتحكمة في أمورالمنطقة المبادرة والإستفادة من الظرف التاريخي المتاح، وأخذ التجارب والعبر من التاريخ، ومن ما جرى حديثا من كوارث وويلات في المنطقة، ووضع الإيديولوجيات الحزبية الضيقة جانبا، والتكاتف بما هو خير لمصلحة شعوب المنطقة، وأخذ زمام الأمور قبل فوات الأوان».
يشير أوسي: «أنها مسؤولية الكل بدون استثناء وخاصة القوى المسيطرة على الأرض، والقوى التي ترى نفسها تمثل تطلعات الجماهير الشعبية، وإشراك القوى الحية من المجتمع المدني في القرار السياسي الحقيقي، وليس الاستقطاب الحزبي الشكلي لتذليل المشاكل الإقتصادية والأمنية، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى التأثير والتسريع على الجهود الدولية المبذولة في وضع الحلول السياسة للمنطقة ولعموم سوريا، بمعنى أن يكون التأثير إيجابيا وليس سلبيا. في ظل أوضاع إقتصادية وخدمية وتعليمية صعبة التي تمر بها منطقتنا من عدم توفر حد أدنى من مقومات الحياة من ماء وكهرباء وخبز، كل هذه الأزمات تعصف بحياة المواطن، وتفقده الأمل في التشبث بالأرض وبمستقبل هذه المنطقة المليئة بالخيرات والثروات، على الرغم من مرورعشر سنوات على الكارثة السورية، وفي ظل عدم وجود أية بوادر أو خطط للإنخراط في تخيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطن هي مسؤولية القوى المسيطرة على إدارة المنطقة، وهذا دليل سوء وفساد المستشري وعدم الكفاءة في الإدارة، وهناك تجار حروب مستفيدين من إستمرار هذه الأزمات الإقتصادية وتفاقمها لإستثمارها في خدمة مصالحهم الشخصية ولأجندات سياسية لصالح الغير. وهذا ما يفسر الحاجة إلى أن تنخرط جميع القوى السياسية وكذلك قوى المجتمع المدني الفاعلة على الأرض مع تمثيل حقيقي ومؤثر فعلا وليس شكلا كما يجري في حكومات وبرلمانات الأنظمة الدكتاتورية في مشاركة القرار السياسي، وعدم المراهنة على الحلول الفردية والغير مدروسة، كل ذلك كفيل بتوفير مقدار من الثقة والأمان لدى المواطنين والإنطلاق من هذه الأرضية الصلبة نحو المجتمع الدولي لقطع الطريق أمام السياسات والأجندات الخبيثة التي لا تخدم منطقتنا ومصالحنا الحيوية والوطنية، أنها لحظة تاريخية فاصلة لتأمين الحقوق القومية والإثنية لجميع شعوب المنطقة».
الخاتمة:
المنطقة تتوجه نحو ترتيبات وحلول جديدة تكون في مجملها لصالح أجندات الدول الكبرى والدول الإقليمية، أما الكورد سيتم تحديد مصيره على مدى قوة الصوت الكوردي في المطالبة بحقوقه المشروعة في مستقبل سوريا القادمة، ويتحقق ذلك برص الصفوف وتوحيد الموقف والهدف الكوردي.