عزالدين ملا
إقليم كوردستان شبه دولة معترفة عالميا، مركز التواصل والاتصال بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، دخل إقليم كوردستان في التوازنات الدولية والإقليمية، وهذا لا يمكن تجاهله، بفضل السياسة الحكيمة للقيادة الكوردستانية، والتي أرسى دعائمها الرئيس والزعيم مسعود بارزاني، أنظار قادة العالم تتجه صوب عاصمة هولير لعقد اتفاقات سياسية ومصالح اقتصادية تصب جميعها في خدمة الصالح العام.
يزور إقليم كوردستان الصديق وأيضا الخصم، فالسياسة ليست لها حدود صداقة أو عداء، فقط تخدم المصلحة المشتركة. وزيارة رئيس الائتلاف السوري ووفده تدخل في هذا السياق، فمن يدرك بأبعاد والدهاليز السياسية لا يستغرب أو يندهش لهكذا زيارة. ما حصل إن قام البعض بإدخال تلك الزيارة لرئيس الإئتلاف في خانات أخرى، إما أنه لا يدرك دهاليز السياسة أو أنه يعمل لجهة تبت الشرّ للكورد.
1- ما تحليلك لكل ما يجري من تحركات في المنطقة وخاصة وجميع الأنظار نحو هولير العاصمة؟
2- كيف ترى زيارة رئيس الإئتلاف إلى هولير؟ ولماذا؟
3- ما تقييمك لـ الذين استاؤوا من هذه الزيارة؟ وكيف ترد عليهم؟ ولماذا؟
4- إلى أين تتجه المنطقة حسب رأيك، ولماذا؟
مكانة هولير وثقلها ودورها في مختلف الملفات والقضايا التي تهم المنطقة
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، شاهين أحمد، بالقول: «بدايةً من الأهمية التأكيد هنا بأن إقليم كوردستان العراق ليس مجرد إقليم دستوري داخل العراق الفيدرالي فقط فحسب، وإنما الأهمية التي يحظى بها الإقليم والدور الذي تقوم به قيادة الإقليم وخاصة شخص الرئيس مسعود البارزاني في مختلف الملفات المحلية والإقليمية تفوق دور وأهمية العديد من الدول، والسبب عائد إلى تاريخ وثقل ومصداقية الرئيس البارزاني وما يشكله من مرجعية قومية كوردستانية وكذلك وطنية عراقية، وما يتمتع به البارزاني من قيم التسامح والمحبة وقبول الشراكة والإجماع لدى مختلف الشرائح. وكذلك فإن هناك شعور بالذنب لدى بعض الدول في الغرب بأنهم يتحملون مسؤولية الظلم الذي وقع على الشعب الكوردي وحرمان هذا الشعب من دولته المستقلة إسوةً ببقية شعوب المنطقة، هذا الشعب الذي كان صاحب إمبراطوريات عريقة خلال مراحل تاريخية طويلة، هذا الشعب الذي كان يجمعه يوماً علاقات مصاهرة مع فراعنة مصر أصحاب حضارة وادي النيل والإهرامات، هذا الشعب الذي خرج من صفوفه كتبة تاريخ وقادة عظام، هذا الشعب الذي كانت ميزوبوتاميا نواة أرضه التي إنطلقت منها الحضارات والرسل، هذا الشعب الذي خرج من صفوفه جد الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام. لذلك بتقديري أن الغرب بدأ ولو بخطوات خجولة العودة إلى تطبيع العلاقات مع الأصحاب الحقيقيين لهذه المنطقة، وهذا الاهتمام ربما يندرج في هذا الجانب ويعتبر نوعاً من التصحيح لأخطاء تاريخية».
يتابع الأحمد: «زيارة رئيس الإئتلاف والوفد المرافق له إلى هولير عاصمة إقليم كوردستان تأتي في إطار المكانة التي تحظى بها هولير ووزنها وثقلها ودورها في مختلف الملفات والقضايا التي تهم المنطقة، وتأتي أيضاً في إطار الاستماع لنصائح الرئيس مسعود البارزاني كونه شخصية مناضلة تمتلك خبرة كبيرة في مقارعة الدكتاتوريات طوال أكثر من نصف قرن وخاصة أن سيادته كان ومازال إلى جانب قضايا الشعوب المظلومة، ومن جهة أخرى فإن الزيارة تأتي في إطار خطة للإئتلاف لتفعيل دوره ونشاطه، وهي ليست المرة الأولى التي يزور فيها رئيس للإئتلاف إلى هولير حيث سبقه في هذه الزيارة وفي مراحل سابقة الرؤساء السابقون مثل أحمد الجربا وأنس العبدة وغيرهما ومختلف قيادات المعارضة. ومن جهة أخرى تأتي الزيارة ضمن الترتيبات والتوجهات الجديدة المنتظرة لملفات المنطقة بعد تسلم جو بايدن الإدارة في واشنطن».
يضيف الأحمد: «الاستياء نتيجة طبيعية للإنتهاكات التي تحصل في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل العسكرية المحسوبة على الإئتلاف في عفرين وتل أبيض / كري سبي وسري كاني / رأس العين، علماً أنَّ الإئتلاف لا يملك سلطة فعلية على تلك الفصائل، ولكن غير الطبيعي أن يتحول الاستياء إلى تهجم غير مبرر على قيادة إقليم كوردستان وشخص الرئيس مسعود البارزاني!. لا ننسى أن شعبنا الكوردي بشكل عام شعب عاطفي يتأثر بالشعارات العاطفية، وينجرف أحياناً مع سيول السموم التي تنفثها الشبكة الإعلامية المضللة لحزب العمال الكوردستاني pkk، وهذا ما حصل بالضبط مع زيارة رئيس الإئتلاف نصر الحريري، الزيارة مهمة وجيدة كون الإئتلاف شئنا أم أبينا يمثل الإطار الرسمي المعترف به من جانب المجتمع الدولي والمجلس الوطني الكوردي ENKS كأهم وأكبر إطار كوردي هو جزء من هذا الائتلاف، والكورد وصلوا إلى المنابر الدولية ومؤسسات القرار واللجنة الدستورية ومؤتمرات جنيف للحل في سوريا من خلال هذه المنصة المعارضة، وهذا الإئتلاف هو الذي يقود المعارضة في المسارات التي تشرف عليها الأمم المتحدة في جنيف واللجنة الدستورية، أما لماذا هذه الضجة التي أثيرت؟، فإنها تأتي من النظام ومنظومة pkk وذلك لفشلهما السياسي أولاً، ولشعورهما بأن هناك تغييرات قد تحصل وتتجاوزهم ثانياً، لذلك أتت هذه الحملة الغوغائية التضليلية التي ازدادت سعيرها بالترافق مع هذه الزيارة والغاية كانت قيادة الإقليم وشخص الرئيس البارزاني وليس رئيس الإئتلاف. بكل أسف هناك شريحة لا بأس بها من المحسوبين على فئة المثقفين جرفتهم سيول الإعلام المضلل المذكور وخاصة ممن كُنا نعول إلى حد ما على حكمتهم وموضوعيتهم، ولكنهم إنساقوا مع الخطاب الشعبوي الممنهج من قبل الغوغائين!. يبدو أن الظروف القاسية التي مر بها شعبنا منذ عشرات السنين كانت لها تأثير كبير على شريحة لا بأس بها من شعبنا لجهة التوازن والسلامة النفسية. مما يستوجب علينا بذل المزيد من الجهود لجهة التثقيف والتوعية والتنبيه لمخاطر ما يجري».
يختم الأحمد: «بالرغم من وجود مؤشرات لتحولات قد تحصل لكن المشهد بشكل عام وبكل أسف مازال متلبداً بالضبابية، ومازالت الأنظار تتجه نحو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليست هناك في الأفق حلول عملية وواقعية واضحة لإنهاء مأساة الشعب السوري ومختلف ملفات المنطقة، كون سوريا تحولت إلى مسرح لتصفية حسابات اللاعبين الإقليميين والدوليين وعلى حساب الشعب السوري، والسوريين بكل أسف اصبحوا خارج اللعبة تماماً، وحتى خارج إهتمامات المتورطين في شؤون بلدهم، وليس للسوريين أي دور في كل ما يجري من مبادرات ومؤتمرات حول مصير بلدهم، بمعنى أن المنطقة قد تواجه خيار تجميد الجبهات الساخنة دون إيجاد حلول حقيقية لأزماتها».
المنطقه تتجه إلى إعادة النظر في الخريطة المرسومة والتحالفات الجديدة
وتحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد سعيد وادي، بالقول: «الأزمة السورية لازالت في مطابخ الدول الكبرى، كل جهه تريد أن تستويها حسب مصلحتها، خاصة أمريكا وروسيا وإسرائيل الدول ذات القرار في الشأن السوري بالإضافة إلى لاعبين كبار- تركيا وإيران- اللتين تتحركان للحصول على حصتهم من الكعكة، وسوريا هي المعنية بكل هذه التحركات، هناك اتفاق في بعض النقاط بين الطرفين الأمريكي والروسي في وقف الحرب الأهلية وإعطاء مجال أكثر للحلول الدبلوماسيه لحلحلة الأزمة، وإيجاد وسائل تضمن إنجاح العملية السياسية باعتبار المنطقة بحاجة إلى إعادة النظر للخريطة السياسية، والكورد رقم أساسي في هذه المعادلة وإقليم كوردستان المعترف دوليا وقانونيا والتي تتمتع بجغرافية مهمة بين الشرق والغرب، ودور مهم وإيجابي للسياسة الحكيمة لقادة الإقليم في المنطقة وما يمثله بدون منافس لتطلعات الأمة الكوردية، إذاً لا بد أي تحرك أو إيجاد مخرجات للأزمة القائمة المرور إلى الإقليم والتشاور مع الزعيم البارزاني بما يملك من دور مهم في التوازنات الدولية والإقليمية والأخذ بمشورته».
يعتقد وادي: «أن زيارة رئيس الإئتلاف تأتي ضمن هذه الترتيبات، ورئيس مسعود البارزاني معروف منذ البداية وقوفه مع الثورة السورية والشعب السوري ضد هذا النظام الفاسد، وإيجاد بديل ديمقراطي يحقق العدالة والحقوق القومية للشعب الكوردي، والإئتلاف اعترف بما تعرض الشعب الكوردي من ظلم وحرمان وأقرّ بحقوق الكورد من خلال مذكرة التفاهم أثناء انضمام المجلس الوطني الكوردي إليها، وفي الفترة الأخيرة بعد احتلال عفرين ومن بعده سري كانييه وكري سبي من قبل الفصائل الإرهابية المدعومة من تركيا والالتباسات التي حصلت بين الإئتلاف والمجلس الكوردي والترقب من قبل الدول الكبرى كان لا بد من هذه الزيارة لترميم ما أفسده الفصائل المنفلتة وإيجاد اسلوب أكثر حكمة للمعاناة التي تعانيها شعبنا في هذه المناطق، وأعتقد هذه الزيارة ستخفف من بعض المعاناة ومحاولة إيجاد طريقة لرجوع شعبنا الى ديارهم».
يتابع وادي: «للأسف كل من يهاجم هذه الزيارة إما تحت ضغط العاطفة والمفهوم السطحي للسياسة أو تحت تأثير بروباغندة ب ك ك وإعلامها الفاسد والمشبوه الفاقد للمصداقية، باعتقادي أي حدث عندما يحاربها ب ك ك كونوا على ثقه أنها لمصحلة الكورد وكل ما يروج ب ك ك فإنها ضد مصلحة الكورد، فهذا الجيش الفيسبوكي الذين نصبوا أنفسهم محللين ومنظِّرين ويدَّعون مصلحة الكورد، ويوزعون إرشاداتهم للبارزاني، كن على ثقه إذا بحثت عن خلفياتهم ستجد أنهم بعيدون كل البعد عن الكورد والقضية الكوردية، يا ترى هل سألوا أنفسهم كيف لشخصيه مثل الرئيس البارزاني الذي كرَّس جُلَّ حياته في خدمة الكورد والقضية وقدَّم الآف من الضحايا والشهداء سيُفرِّط بحق الكورد لمجرد ب ك ك ليس راضيا عن الإئتلاف رغم مساعيهم ليلا نهارا أن يدخلوا الائتلاف، حلال لهم ما يفعلون وحرام لغيرهم أن يستفيدوا من كل محاولة لتخفيف الظلم والمعاناة عن شعبنا، ولكن لا صداقة ولا محبة في السياسة بل المصلحة الكوردية تتطلب أن تستقبل العدو والصديق. المنطقه تتجه إلى إعادة النظر في الخريطة المرسومة والتحالفات الجديدة، وعلى الكورد أن يكونوا على مستو ى الحدث ويكثرون من الأصدقاء ويقللون الأعداء، لا ان يتصيدوا بعضهم بالإتهامات القذرة خدمة لأعداء الكورد».
المجلس الكُردي يبحث عن الحلول الممكنة والسعي نحو مشروع إنقاذي
تحدث المستشار القانوني، موسى موسى، بالقول: «للمنطقة تاريخ حافل بالأحداث، ومع ذلك لم تُحَل قضاياها المصيرية بفعل الكثير من المعوقات الداخلية والإقليمية والدولية، لذلك أصبحت المنطقة الآن برمتها على صفيح ساخن، تتفاعل فيها الكثير من الأمور، وتتحرك بإتجاهها العديد من القوى عَلّها تزرع بذرة أمل في مستقبل أفضل، وإقليم كُردستان بفضل السياسة الحكيمة للرئيس البارزاني وقيادة الإقليم أصبح منطقة جذب لكل من يريد أن يحدث تغيير إيجابي في المنطقة، لِما لقيادة الإقليم والرئيس البارزاني من دور سياسي وإنساني إيجابي، وبسط يد التعاون والإخاء والتحرك في سبيل التقليل من لهيب النار المشتعل الذي يكتوي به شعوب المنطقة، حتى أصبح الإقليم قبلة الزائرين من رؤساء دول وحكومات وبرلمانات العالم وتُوّج أخيراً، وليس آخراً، بزيارة بابا الڤاتيكان الذي أُستقبل بحفاوة وتكريم عاليين من قِبَل رئيس إقليم كُردستان السيد نيجيرڤان البارزاني ورئيس حكومته السيد مسرور البارزاني، وشعب كُردستان وزّرع ابتسامته وفرحته على كافة الأطراف لهذه الزيارة الإنسانية والتاريخية لرسول السلام والمحبة، إضافة الى زيارات الساسة والتجمعات من مختلف المنابع الفكرية والتوجهات السياسية الموالية والمعارضة لحكوماتها في بلدان الشرق الأوسط وخاصة من الدول المجاورة، وكل هذا لم يأتِ من فراغ بل، لِما كرَّسه الرئيس البارزاني من مد يد العون والمساعدة في إيجاد حل لمشاكل وقضايا المنطقة، ولِما له من حنكة ودبلوماسية وأثر في نفوس شعوب المنطقة وخاصة لدى الكُرد في كل من العراق وإيران وتركيا وسوريا كأكثر المناطق تحركاً وتحولاً وسخونة، بإعتبار قضيتهم تشكل القضية الأكبر في الشرق الأوسط وأكثرها وأقواها تعقيداً وتأثيراً على سياسة المنطقة والتي تتطلب حلاً تستقر به المنطقة برمتها، لذلك يولّى إقليم كُردستان والرئيس البارزاني وهولير العاصمة أهمية كبرى».
يتابع موسى: «زيارة رئيس الإئتلاف الوطني السوري هذه ليست الأولى والأخيرة إلى إقليم كُردستان، فقد سبق أن زار الإقليم وفود من المجلس الوطني السوري قبل تشكيل الإئتلاف، كما زار الرئيس السابق للإئتلاف أيضاً هولير العاصمة، وتتوافد وفود المعارضة السورية على الإقليم، وكل ذلك يأتي نتيجة حدود الإقليم المشترك مع سوريا ووجود لاجئين سوريين تتجاوز أعدادهم مئات الآلاف مازالوا يعيشون في المخيمات، رغم المساعدة الكبيرة التي قدمتها حكومة الإقليم لهم من كافة النواحي التعليمية والإغاثية والمعيشية والسكن المختلف، ومن ناحية أخرى الدور الإيجابي الذي لعبه إقليم كُردستان بشأن الأزمة السورية مع أطراف المعارضة وقوى الثورة، ومع اللاجئين من بطش النظام السوري وآلة القتل الذي مارسه ضد الشعب، كما أن دور حكومة الإقليم والرئيس البارزاني والبيشمركة في محاربة الاٍرهاب ودحره بمساعدة الحلفاء، ووقوفه الى جانب المظلومين واعتماد سياسة السلم والحوار مع المختلف، كأساس اعتمده البارزاني الخالد منذ ثورته في بداية الستينيات من القرن الماضي، والذي أصبح ركناً يقوم عليه الحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق، والرئيس البارزاني وحكومة الإقليم والبيشمركة في التعامل مع كافة القضايا الشائكة.
كما أن تواجد بعض هيئات ومؤسسات المجلس الوطني الكُردي، الذي يشكل مكوناً أساسياً من مكونات الإئتلاف، في إقليم كُردستان، والعمل المشترك بينهما بخصوص مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض وغيرها من خلال إيجاد آلية للتقليل من مأساة أهاليها، ودرء الممارسات اللإنسانية التي تمارسها الفصائل المساحة في تلك المناطق، والتي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم. ولهذا كله لا يمكن غض الطرف في البحث عن الحلول، ولا بد من الزيارات واللقاءات المتكررة، مهما كانت النوايا، وإن سياسة المقاطعة وغمض العيون عن كل شيء لا تجدي نفعاً، وخاصة المجلس والإئتلاف شركاء في أكثر من مؤسسة ومنها الهيئة العليا للتفاوض واللجنة الدستورية، وكلاهما أحوج لبعضهما من خلال التعاون والتنسيق لتقريب وتطابق وجهات النظر في العديد من القضايا وخاصة ملف الوجود الكُردي وحقوقه القومية في الدستور السوري، إضافة الى ملف عفرين ورأس العين وبقية المناطق. لهذا لا بد من النظر بعين إيجابية وفكر متفتح لهكذا زيارات، بغض النظر عن إمكانية الوصول إلى نتائج إيجابية حتمية، ولكنها تعتبر مسعى من أجل إيجاد بعض الحلول الممكنة».
يضيف موسى: «زيارة رئيس الإئتلاف إلى إقليم كُردستان أثار زوبعة لدى الكثيرين، وقد إمتعضوا من هذه الزيارة، ربما كان للبعض مبررهم، فليس جميع الناس على دراية بخفايا الأمور وخاصة دهاليز السياسة التي تؤدي إلى مئة نفق ونفق، ولكن بشكل عام إتخذ الإستياء شكل التهجم وليس النقد أو مجرد الإستياء في الوقت الذي لا يظهر في الأفق مشروعاً وآليات الحل لوضع المناطق التي بسببها تم الإستياء العارم مثل عفرين ورأس العين، إن السياسة لا تؤخذ ولا تُفهم على أساس العاطفة وإن إدراكها عصيٌ على العامة وخاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة والتعقيدات والمصالح التي تشابكت فيها، لذلك كان من المحبذ النظر على تلك الزيارة بعين النقد وليس التهجم الذي يزيد الشرخ بين الكُرد أنفسهم، ولكن عدم الوعي السياسي وعدم القدرة على استيعاب مدى التعقيدات والعراقيل المحاطة بإيجاد الحلول جعل الكثيرين خارج إطار التحليل، لذلك كان التهجم سلاحاً سهلاً لهم دون معرفة حدّه الآخر الذي يؤذي أكثر مما يفيد، ولكن الشيء المحزن والذي سيؤثر على مستقبل الحوارات والمفاوضات بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية هو البيان الذي أصدره الأخير والذي سيشكّل مزيداً من الشرخ بينهم، كان من الأولى لهم تفهّم الأمر والدفع نحو البحث معاً لمشروع إنقاذي لمآسي المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وتمارس فيها أبشع الإنتهاكات، لكن منع ممارسة العمل السياسي المفروض عليهم إقليمياً ودولياً جعل الحل العسكري واللجوء إلى السلاح لديهم هو أفضل الطرق وأسهلها، ولهذا تراهم مبتعدون عن كل ما هو سياسي ودبلوماسي في حل الإشكالات والنزاعات، وكما قلنا إن المجتمع الإقليمي والدولي يتحملون ايضاً وزر ذلك بسبب ممانعتهم لإعطاء أي دور سياسي لهم. إن عملية التجييش والتهجم على حكومة كُردستان وشخص البارزاني والمجلس الوطني الكُردي لا يفيد بشيء، بقدر ما للتفكير ومراجعة الذات والأسباب التي أدت الى الحالة بشكل عام بنظرة واقعية، ومن ثم معالجة الأمر بإيجاد حلول واقعية بمساعدة الأطراف الأخرى هو المخرج الأساسي من عنق الزجاجة، وبها ربما تجد الكثير من الأبواب المغلقة طريقاً للحل الذي ينشده أبناء المناطق التي تكتوي بنار الفصائل المسلحة. إنَّ غياب المشروع التحرري، أو على الأقل الإنقاذي، يجعل من المجلس الكُردي أن يبحث عن الحلول الممكنة والسعي فيها، وهذا يستحق، عوضاً عن التهجم عليه، التشجيع والدفع نحو الأمام».
يؤكد موسى: « المنطقة، كما أسلفتُ الذكر، أصبحت على صفيح ساخن، وخاصة تفرقنا عن الإنتخابات الرئاسية ثلاث أشهر ومازال بشار الأسد يؤكد ترشحه لها، كما أنَّ الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن، أو الديمقراطيين، لا يؤملُ منهم أي حل للوضع السوري، وحالة ترقّب تركية لإجراء بعض الإصلاحات في المناطق المتواجدة فيها، أو مزيد من قضم المناطق في الشمال والشمال الشرق السوري، وذلك بحسب الحالة التي ستكون عليها الإدارة الامريكية الجديدة، هذا الوضع يجعل الحذر واجباً، وإلتفاف القوى المؤمنة بالحل الوطني الديمقراطي السلمي حول بعضها من ضرورات المرحلة.
كُردياً، ليس غريباً على أحد بأن الطرفين المتفاوضين يمررون الوقت، وكلاهما مؤكدان بأن عملية التفاوض لا جدوى منها، لكن كل طرف ينتظر نفوذ صبر الآخر والإعلان عن وقفها».
الخاتمة:
حسب المعطيات الراهنة فإن المنطقة مقبلة على تحولات وتغييرات سياسية ومصالحية وحتى جغرافية في غالب الأحوال، وتُعَد هولير مركزا مهما في التأثير والتوازن على المستوى الإقليمي، ويتطلب من جميع القوى الكوردية الوقوف إلى جانبها ودعمها ومساندتها.