روماف – مقالات
د. محمود عباس
(PeyvTV- پيڤ تي ڤي) القناة الافتراضية، التابعة لإعلام الإتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا، التي افتتحت رسميا ًبتاريخ 22/11/2020م، وانضمت إلى مثيلاتها من القنوات، والمحتاجة إليهم الشعب السوري بكل مكوناته، قبل الحراك الثقافي والسياسي، ويؤمل منهم، ومنها إلى جانب جريدتها الشهرية (بينوسا نو-Pênûsa nû) بنسختيها الكوردية والعربية:
1 تصحيح العديد من المسارات الثقافية والسياسية التي فرضتها الأنظمة الشمولية المحتلة لكوردستان على حراكنا بشقيه؛ أو التي خاضته مرغمة.
2 ومعالجة الأوبئة التي نشرتها السلطات الدكتاتورية المتتالية بين مجتمعنا. إلى جانب غيرها من المهام، في مجالات اللغة الكوردية والفكر والتوعية الثقافية.
3 وفتح أبواب الحوارات مع شخصيات من الحركات الثقافية والسياسية للشعوب المجاورة.
4 مواجهة القوى السياسية الحالية المتربصة بقضيتنا ومستقبل سوريا القادمة وجنوب غرب كوردستان، إن كانت من قبل السلطة، أو ما يسمون بالمعارضة السورية، أو القوى الإقليمية الداعمة للجهتين.
دورها على مستوى سوريا والقوى الإقليمية:
لا شك المهمات عديدة والمسيرة شاقة، فتراكمات الأوبئة الثقافية على أمتنا خلال العقود الطويلة من الاحتلال؛ وتلك التي ترسخت كصور نمطية مشوهة عن الكورد؛ في ذهنية شريحة واسعة من المثقفين والسياسيين العرب، تحتاج إلى مثل هذه الأقنية الإعلامية- الثقافية، وبنوعية عالية في برامجها لتصحيح المفاهيم والمواقف السياسية المسبقة عن القضية الكوردية. ولإنجاحها لابد أن يكون هناك نوع من التنسيق وتبادل الخبرات، وعمل منظم متواصل. فتعرية ما تم من التحريف لتاريخنا، على سبيل المثال، والتي كانت من ضمن سلسلة البرامج الإعلامية المنظمة للسلطات المحتلة، والتي جندت لها كتاب وباحثون عنصريون، نحتاج إلى جانب النشاط المتواصل، العمل على تكثيف الجهود المشتركة وبث برامج ممنهجة.
لهذا فالموجة الإعلامية الافتراضية الكوردستانية المتصاعدة والمتزايدة على الساحة الثقافية، والمستفادة من التقنيات العصرية، مثل (PEYVTV-CODخ4-NetewTV-اarpel Medya- Stûna Kurd-Dengê Vejîn- Rastî TV-YEKurd-RewşenTV- ARKTV-AfrînTV) وغيرهم من القنوات العاملة على شبكات التواصل الاجتماعي، ربما لا يحضرني الأن أسماء الجميع، إلى جانب القنوات التلفزيونية التي تبث نشراتها على موجات الأقمار الصناعية، أصبحت من ضرورات المرحلة، وأعمالهم يجب أن تدرج ضمن مسيرة الصراع مع المحتلين لكوردستان، لتنبيههم على أن مرحلة التحريف ونشر الأوبئة الفكرية بدأت تقترب من نهاياتها، بعدما أضيفت على المواجهة هذا الرادع القوي، ولا بد من حثهم على العودة إلى الذات لما فعلوه من الجرائم بحق أمتنا، وأن عصر الاستجداء وعرض المظلومية التي كانوا يتلذذون بها كطغاة تكاد أن تنهار.
مهماتها في الواقع الداخلي:
فمنذ بدء تشكيل رابطة الكتاب والصحفيين الكورد في سوريا (الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا) وحتى الأن، حصلت تحولات خطيرة ضمن حراكنا السياسي والثقافي، بعضها كانت غارقة في السلبية، أدت إلى ظهور صراع شبه مدمر، دفع ثمنها مجتمعنا الكوردي بشكل باهظ. ومن المؤسف حينها كان إعلامنا أضعف من الإحاطة بتلك الإشكاليات، ومعالجتها، ولم تتمكن الحركة الثقافية بأقلامها من الوقوف في وجه الموجة، كما ولم تستطع تعريف الشارع الكوردي بالأخطاء، رغم وجود بعض حلقات البالتاك حينها. لذلك نجد أن موجة ظهور هذه الأقنية الإعلامية ومثلها النشاط الممنهج على شبكات التواصل الاجتماعي من ضرورات المرحلة، ويتوجب علينا نحن في الإتحاد العام مثلما هي من واجبات الأخوة الأخرين المختصين؛ التعامل معها بحنكة والاستفادة منها قدر ما يمكن.
ما يتطلبه في الأبعاد الدولية:
شاهدنا كيف أن القضية الكوردية في المنطقة مع بدء الصراع في سوريا تتصاعد بشكل متسارع على المحافل الدولية، ولم نتمكن من الاستفادة من مراحلها بالشكل المطلوب، على خلفية ضعف الإمكانيات المادية على الأغلب، بقدر ما أستفاد من صراعنا أيتام البعث، جماعات أو أفرادا، وغيرهم من الشرائح العروبية المعادية لقضيتنا، والذين راقت لهم خلافاتنا الداخلية وضعف الحركة الثقافية والإعلامية في معالجتها، والتي على أثرها تمكنوا من ضخ أحقادهم المدفونة حتى على المستويات الدولية، والتهجم على الشعب الكوردي من على الإعلام، إلى جانب ما تم نشره من البحوث، والدراسات المحرفة والمطعونة فيها، عن تاريخنا وواقعنا الديمغرافي والسياسي والثقافي في جنوب غرب كوردستان، بعد تلبيسها بعباءة الوطنية.
لذلك يتطلب منا جمعيا الأن؛ العمل بشكل دقيق، لأن هذه الموجة من النهوض الإعلامي والفكري تعد من أحد أهم الأسلحة السلمية التي لا بد من امتلاكها وتسخيرها وبوعي، كتقديم برامج ثقافية وسياسية أو حوارات باللغة العربية، خاصة وقد بدأت تجلب الاهتمام، ليس فقط من قبل الشارع الكوردي بل من قبل القوى الإقليمية، وبدأت هذه الأقنية تعالج قضايا لم يكن يتوقعونها، خاصة تلك الأوبئة الثقافية التي عملوا على ترسيخها طوال القرن الماضي، والتي برامجها ستؤدي على الأغلب إلى تصحيح الكثير من المفاهيم عن الكورد، تاريخهم وآدابهم وفنونهم، وغيرها من المواضع المترسخة في ذهنية الشريحة السياسية-الثقافية المتربصة بأمتنا، بل والأهم هنا أنها قد تنقذ شريحة واسعة من المثقفين والسياسيين العرب من تلك المفاهيم الخاطئة.
من الملاحظ حتى اللحظة:
أن جل برامج الأقنية هذه تخص القضية، وتوعية المجتمع الكوردي، ومواجهة ما كان يبثه الإعلام المناهض؛ بشكله الروتيني، ومعظمها لا تزال لا ترقى إلى سوية ما نحن فيه، وما يواجهنا من الأخطار؛ وما يحيط بنا من الكوارث، ربما لحداثة ظهور معظمهم، وقلة الخبرة. بالإمكان القول من الواقع العملي أن معظمهم لا يزالون في طور التجربة والاختبار، مع ذلك نشاهد بين حين وأخر طفرات من برامج ناجحة، مشاهدوها ومتابعو بعضها بلغت بالآلاف. ونستطيع القول إن البرامج التي بدأت تقدمها قناة PeyvTV في كل أيام الأسبوع، والتي تتبناها أعضاء الإتحاد العام، رغم قصر مدتها بدأت تجلب انتباه الشارع الكوردي، علما أن طموح الهيئة الإدارية أبعد من مجرد الكم، فهي قد خططت لتعمل كمؤسسة متنوعة المجالات، وحتى الأن بلغتين، وعليه فتحت الأبواب لكل من يجد في ذاته الإمكانيات على تقديم برنامج ناجح ومفيد لمجتمعنا.
وكمقارنة جدلية بين الماضي والحاضر:
قبل قرابة عقدين من الزمن كان الإعلام الكوردي شبه معدم مقابل ما كانت تبثه السلطات المحتلة لكوردستان من الأفكار والمعلومات المشوهة عن الكورد وواقعهم وقضيتهم، وكان المجتمع الكوردي يعيش حالة الصراع بين ما كان يضخ إليه وما كان عليه تقبلها، أو رفضها بشكل عفوي، وقد كانت تلك الأنظمة تظن أنها ستظل مالكة الساحة الإعلامية بدون منافس، ولن يتمكن الكورد بوجود هذا الطغيان والسلطات الشمولية من ولوج حلبة الصراع معهم، لكنهم يتفاجؤون الأن وعلى حين غِرَّةٍ أن قناعاتهم تلك تنفس يوما بعد أخر، وذلك على خلفية تسارع أنتشار الأنترنيت، والتي تحاول الحركة الثقافية الكوردستانية الرصينة والمحافظة على ذاتها الاستفادة منها:
1 بإعادة بناء ما تم تدميره خلال القرون الطويلة وبشكل ممنهج للغتنا وثقافتنا وفنوننا.
2 والأهم من ذلك؛ أن النهضة الانترنيتية أوقفت مسيرة ذوبان شرائح من شعبنا ضمن الشعوب المحتلة، وأنقذتهم من الكارثة المشابهة لبعض الشعوب التي كانت يوما ما رائدة الثقافة والحضارة في المنطقة.
3 مواجهة الذين يحاولون إعادة النظام المركزي العنصري السوري السابق بعباءة مختلفة رغم ما تم زرعه من الأحقاد بين مكوناتها القومية والمذهبية، وذلك بنشر إيجابيات النظام اللامركزي لسوريا، كالنظام الفيدرالي.
لذلك علينا جميعا، متكاتفين، التعامل مع هذه الموجة الحضارية بذهنية متفتحة، وتسخيرها بحنكة ووعي.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
12/4/2020م
المصدر : موقع ولاتي مه