هولير .. معبد الشمس محراب الآلهة الأربعة … !

روماف – مقالات رأي

أمل حسن

بدون شك عندما نبحث عن شيء في تاريخ الحضارة الكردية في ظل أصالة الحاضر ، بين المدن الكردستانية ، لا بدَّ أن نجد لؤلؤة مكنونة لا تُشترى بكنوز قارون ، بل نضحِّي من أجلها بالمال والبنون لكي يبقى عنوانها مثالاً للتضحية والفداء ، لأنها مثل السنبلة الممتلئة بالخير والعطاء ، تنحني برأسها افتخاراً بعطائها ، لكي تتغلَّبَ على عتمة الليالي السود في دروب الحياة و العيش الكريم في مستقبل جلِّ الكردستانيين .
إنها تلك المدينة الأثرية التي كتبت سطورها بأحرف من ثنايا المجد و وسام الشرف في تاريخ الكرد المعاصر ، بكل بوادر الفخر و الاعتزاز ، لأنَّ مدينة هولير تعتبر من أقدم المدن التاريخية ، ويعود تاريخ بنائها إلى أكثر من سبعة آلاف عام ، و قد ظهر اسمها في المدوَّنات التاريخية منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ، و أيضاً هيَ مدينة أثرية يمتدُّ تاريخها من العصور القديمة و حتى الفتح الإسلامي، و تنحدر من الإمبراطورية الميدية و الحضارة الكاردوخية ، و تحتضن العديد من المعتقدات الدينية ، و لهذا سميت بـ( الآلهة الأربعة) و ما زال تاريخ القلعة الشاهقة شاهداً على ذلك الوئام والصفاء ، و يوجد على أبواب و جدران معبد قلعة هولير كتابات آلهة من المدوَّنات الآشورية .
و تعتبر مدينة هولير من أكبر و أرقى المحافظات العراقية العريقة ، و بفضل و بسالة سواعد البيشمركة حماة الوطن قاهري الإرهاب ، و برعاية البيشمركة السياسي المخضرم القائد البارز” مسعود البارزاني ” يحمل إقليم كردستان وعاصمتها ” هولير ” اسم منطقة الحكم الذاتي الكردي منذ العام ( ١٩٧٩ ) و فيها مختلف الأعراق والعديد من الطوائف الدينية و الاتجاهات السياسية .
و في عام ٢٠١٤م شهدت العراقُ انتفاضة واسعة من قبائل السنة ضدَّ الحكومة العراقية ، و تمَّ استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مساحة واسعة من الأراضي العراقية ، وهذا ما جعل من هولير أن تكون في القمة و تخطو بخطوات صاعدة إلى الصدارة، و بدعوة من الرئيس مسعود البارزاني في برلمان لإقليم الخميس َ للاستعداد و اتخاذ القرار الصائب نحو الهدف المصيري و القضية الكردية، فقد تمَّ قرار مشروع عملية الاستفتاء من أجل بناء دولة كردستان حرَّةً و مستقلةً تتمتع بثرواتها و ممتلكاتها الأثرية وآبارها النفطية و المعدنية لجميع مكونات شعبها و معتقداتها الطائفية ،
وبناءً على تلك الرغبة من مهندس الاستفتاء ” مسعود البارزاني “، فقد تمَّ إجراء عملية الاستفتاء في ٢٥ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧م ، في كافة المدن و المحافظات الكردية ، و تمَّ تعبئة صناديق التصويت بزغاريد الابتهاج و تواقيع الدم برسائل خالدة و شاهدة على ذلك النضال و النجاح حتى هذه اللحظة ، و الدليل على ذلك هوَ تصويت ٩٢% من شعب كُردُسـتانَ لصالح الاستقلال و نسبة المشاركة بلغت ٧٥% بالقول (نعم للاستفتاء ، نعم للاستقلال) ، و هذا النجاح الكثيف و المذهل ، جعلَ من هولير شوكةً في عيون الحاقدين و فريسة في شباك الصيادين الجبناء أعداء العدالة والمساواة والقضية الكردية و غيرِ الراضينَ من دهاء و قرارات الزعيم الكردي الباهر ” مسعود البارزاني” الذي أصرَّ على إتمام الخطوات الإيجابية نحو التقدم و الاستقلال .
إذاً ، ليس من الغريب أن تكون مدينة الحب ومطار هولير العاصمة مستهدفَينِ من قبل أعداء الكرد بصواريخ الصراع السياسي من مختلف الاتجاهات مثل ، “الحشد الشعبي ” المدعوم من القوات الإيرانية ، و ممَّا تُسمى بالدولة الإسلامية أو تنظيم ” داعش ” ، و خاصة عندما تمَّ الاتفاق بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد القاضي (بتطبيع ) الأوضاع الإدارية والأمنية والعسكرية في قضاء ” سنجار ” لإخراج قوات الحشد الشعبي وعودة النازحين إلى ديارهم معززين هذه من جهة اما جهة اخرى حين تمَّ إصدار بعض القرارات من بعض الدول الكبرى مثل أمريكا … و غيرها الكثير بنقل مكاتبها و قنصلياتها إلى هولير ،
هذا ما جعلَ الأعداء يفتقدونَ أعصابهم، و ينفجر بركان الغضب لكلّ من إيران و تركيا ) على إقليم كردستان ، فقاموا بكلّ ما لديهم من الأعمال القذرة و الإجرامية بحقّ الإنسانية من خلال الاعتداءات و القذائف المجهولة و تحريض الشعب على الاحتجاجات وحرق المكاتب التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، و زرع القنابل و العبوات الناسفة على طرق البيشمركة الأبطال من أجل توسيع أعمال الشغب ، من اجل القضاء على بنيتها التحتية وانهيار أستثمارها الأقتصادية و التهديد بانهيار كيان الدولة الكردية .
و لكنْ هيهاتَ هيهاتَ أنْ ينال هؤلاء المجرمون من هولير الحبيبة ، فستبقى هولير تعانق السحب، و فوق جبينها الأسمر نشاهد المجد و الفخر ، كما قال عنها عرين الأمة الكردية “مسعود البارزاني : هولير ستبقى هولير ( Hewlêr her Hewlêr e ( و ها نحن نسير خلف قيادته ، و ننسج عبارات المحبة والأنتماء من ذلك الصرح المجيد لكي نصنع منها المعجزات الذاخرة بالنصر .
بكل تأكيد ، فالرسالة نحو مدينة الوئام واضحة و الأهداف قوية أمام الأعداء والمحتلين ، و الأمة الكردية واحدة ، وستبقى أضواءُ أسوار مدينة هولير رمزاً للاتحاد و القوة والوحدة الكردستانية ، و قداسةُ معابدها نبراسَ الهدى والنور ، و رحلات مطارها الجوي ستبقى ترحب بقوافل من الزائرين والمغادرين ، و ستظل عظمة اسمها عالياً مثل قمم الجبال ؛
لأنَّ مدينة هولير ملكتْ كل معاني القوة والإرادة من رحم الثورات و قساوة الجبال ، و من صبر و عطف أمهات الشهداء اللواتي فقدنَ لذَّة أكبادهنَّ في الحروب و الأنفال و التشرد و النزوح المستمر الذي كانَ و ما زالَ يتعرضُ له الشعب الكردي مراراً و تكراراً منذ القِدَم و إلى يومنا هذا ، لذا فإنَّ هولير تعاني من مأساة سطوة الطغاة و المُعتدينَ الذين يجلبون الغُزاة ، و هي تنزف بغزارة من عمق كيان جوارح كبريائها ، طالما أنَّ هناك الأيادي الملطَّخةُ بدماء الغدر و الخيانة تستهدف أمنها و استقرارها ، من أجل النيل من أراضيها المعطاءة و سلامة أمنها القومي و عيشها الرغيد المشترك دون أي تحيز .
و هذه الخصال الحميدة جعلتْ لها اسماً من الذهب في الدول العظمى و المحافل الدولية والعالمية ، و قامَ بزيارتها مبعوث السلام بابا الفاتيكان ، و من خلال زيارة البابا لإقليم كردستان عبَّرَ الكثيرُ من السياسيين والأدباء العرب والعالم عن آرائهم و مقترحاتهم عن كيفية الترحيب و استقبال حكومة و شعب إقليم كردستان رجلَ السلام ، و دفعهم إلى قول كلمة الحق كهذه الجملة من قبل الدكتور محمد العرب :أن ثقافة الشعب الكردي في التعامل مع الحدث عندما يتعلق الآمر بتسويق كردستان تكون ثقافة إيجابية ترسل رسائل رائعة، ،لأن البلدان يصنعها الرجال الصادقين والواثقين من أنفسهم والمتفعاعلين مع قضايا شعبهم ، أذاً إدارة الموارد أهم من الموارد و هذا دليل صائب على أن كردستان قادمة بإذن اللّٰهِ تعالى ؛ لأنَّ إدارة ال البارزاني ناجحة و رشيدة .
رغم امكانياتها البسيطة واعدائها الكثر ، فإنها تحتضن بدفءٍ الآلاف من اللاجئين و النازحين من الحدود المجاورة لها بطيبة أخلاقها ؛ لأنها أدركتْ و ذاقت مرارةَ الحروب والتهجير من غدر و خيانة الأصدقاء و تجَّار الحروب و البشرية التي تلاحق ابتسامتها العفيغة ، و مع ذلك فهي صامدة و مثابرة في السير على المقاومة من أجل إثبات وجودها و بقائها حتى وصول شعبها إلى الحرية والاستقلال
يعيش إقليم كردستان و عاصمتها هولير حركة عمرانية عامرة بمبادئها السامية و سياستها الحكيمة ، و يتمُّ بناء آفاق من المنابر و مشاعل الأمل من أجل تطوير و توسيع الحركة السياسية و الاقتصادية و التنمية البشرية و نشر الوعي و روح التآخي في المجتمع من أجل إدانة أعمال العنف و الشغب ، و تمجيد الحدث و ازدهار عصر التكنولوجيا و فلسفة الفن و ثقافة الفكر ، و تسليط الضوء على المناهج القومية والدينية مثل الديانة الإسلامية ،والمسيحية ، والإيزيدية ، والأبريشية ا ، و غرسها في أعماق و وجدان جموع الشعب الكردستاني بارتداء ثوب العفة و الجمال، ليفتخروا بالهامات الكُردِيَّةِ و انتفاضات أجدادنا العظماء ،
و يرووا ترابها المباركة بنبع الانتصارات من الدماء الزكية و الأرواح الطاهرة من قوات البيشمركة الأشاوس صقور الحرية و الحمائم السلام .
إذاً ، تمهلي و ارتقي إلى درجات العُلا و استقبلي هدية السماء بالأنغام و الأناشيد و روايات الأنبياء من محراب عشقكِ المقدَّس يا هولير ، و استعدِّي لصلوات الآلهة الأربعة، يا قلعة الصمود و الكفاح ، و يا مأوى الأمن و الأمان ، انثري بذور الرحمة و آلاء الرحمن من طقوسك المغرِّدة بشراشف القصب من ثورتي أيلول و كولان، يا عزيزة القوم والقضية، و هيئي لشعبكِ مستقبلاً زاهراً و غداً أجملَ ، فَلَكِ الشمس و القمر يُضيئانِ ..