روماف – رأي
جان كورد
قبل كل شيء أقول لكم جميعاً: نوروز سعيد وفي كل عام نصر جديد… وتحيةً إلى أرواح شهداء الحرية في كوردستان خاصةً والعالم عامةً ولروح القائد الثوري الكبير الجنرال إحسان نوري باشا الذي الذي قاد ثورة آغري المجيدة (1927-1930) وفقد حياته في مثل هذا اليوم من عام 1976 على أثر حادث سيارة في طهران، ولربما اغتاله أعداء الكورد بتلك الطريقة البشعة، كما فعلوا مع العديد من كوادر الحركة الوطنية الكوردية…
القطار العادي يقف في آخر محطات السفر، فلا يفكّر أحد في إرغام سائقه على متابعة الحركة، إلاّ أن يكون الأمر بالرجوع إلى الوراء لاتخاذ وضعية العائد من السفر صوب محطة الانطلاق الأولى أو للانحراف عن ذلك المسار إلى مسارات أخرى ذوات أهداف أخرى، إلاّ أن قطار حركة سياسية وشعبية لا ينتهي من مهامه عند الوصول إلى نقطة النهاية في التاريخ المحدد، أي يوم نوروز، لتكون هذه المحطة للراكبين كل ما كانوا يسعون للوصل إليه ويتمنون تحقيقه، فالطريق لازال طويلاً والهدف الأسمى لم يتحقق بعد والشعب يطالب بالمزيد من الانجازات وإذلال العراقيل وتجاوز التحديات…
نوروز هذا العام كان بالفعل عظيماً لأن الأمة الكردية بأسرها شاركت فيه بشكلٍ أو بآخر، كلٌ حسب ما يراه صحيحاً ويتفق مع عقائده ويرمز إلى مساهمته الفعالة في إحياء نوروز، حتى ولو بتقديم وجبة طعامٍ للعائلة والأصدقاء والأقارب والجيران بين أحضان الطبيعة… بل صار نوروز هذا العام إثباتاً دامغاً على وحدة المشاعر القومية لدى جميع الكورد أينما كانوا على وجه الأرض، ولو كان ثمة كورد على المريخ لاحتفلوا بنوروز حقاً، رغم أن بعض السذج من الأعداء العنصريين حاولوا حتى منع الكوردي عن ارتداء ما يراه من ثيابٍ تتناسب مع هذا اليوم الذي يذكّره بأمجاد آبائه وأجداده الذين ثاروا عبر العصور والقرون العديدة على كل أنظمة الاستبداد والطغيان، وترسخت لديهم في العقول والأفئدة أسطورة كاوا الحداد الذي دك سلطان الطاغية أزدهاك وأعلنها ثورةً للحرية لا زالت دافعاً ومحرّكاً قوياً لديمومة الكفاح التحرري لهم، حتى بعد أكثر من 2700 عام على ضرب كاوا على رأس الطاغية بمطرقته.
ولكن، ماذا بعد الاحتفالات الضخمة التي شملت كل أنحاء كوردستان وجرت في شتى أرجاء المعمورة. فهل ينتظر الشعب الكوردي الذي أثبت بها وحدته عاماً آخر لتجديد الولاء لراية الحرية وللقيام بما يتطلبه الأمر من الأعمال والفعاليات على طريق الكفاح الوطني الطويل والشاق؟
باختصار، أرى بأن من واجب الحركة السياسية – الثقافية والتجمعات المدنية الكوردية أينما كانت أن تستثمر هذه الاحتفالات العظيمة وأهدافها في العمل الجاد المشترك المتواصل، وإلاّ فإن دهان الفرح سيزول بعد أيامٍ قلائل من خمود نيران نوروز. وهذا لا يتّم إلاّ بإعادة النظر في برامج القوى والتنظيمات، لتتلاءم مع مرحلة الكفاح الجديدة التي تعكس حقيقة مطالب الأمة الكوردية بشكلٍ عام وصحيح، وبأن تتفّق على الحد الأدنى من التضامن والاتفاق والتواصل والتعاون فيما بينها، وأن تمّد يد العون لبعضها بعضاً، حتى في أحلك الظروف، فالإطار الظرفي الحالي لكفاح الأمة الكوردية يلفظ ويمقت سياسات تملّق الأعداء المتربصين دائماً وأبداً بكفاحنا الوطني العادل…
فلتجعل الحركة السياسية الكوردية نوروز هذا العام بدايةً لأسلوب حديث من النضال السياسي الثوري لها، حتى تقبل بها الأمة الكوردية كطلائع سياسية جادة ومحترمة لها…