وهن البروباغندا ومتلازمة تضخيمها

روماف – رأي

وليد حاج عبد القادر

لعقود عديدة خلت ، ومع تشكل الخرائط الحديثة ، وابقاء كوردستان مزنرة في إطار أربعة دول ، كنا نحذر دائما من سؤال لايزال يتخاطر وبوضوح في اذهاننا كورديا وبذلنا جهدا نضاليا فائضا في التصدي لها وتحت مسميات عدة ؟ : هل المطلوب منا حقيقة تشتيت البنية المجتمعية الكوردية ؟ وتغييب البعد القومي العميق كمتلازمة حقيقية ومسألة وحدة المصير كما وحق تقريرها ! وذلك بارتهانها اومزجها مع أمم لا تزال تستنكر علينا وفينا حتى لفظنا الصحيح لقوميتنا ؟ .. هل المطلوب منا الإندماج غير المتوازن / المتساوي / وبالتالي تضييع حتى لغتنا فنقرضها قرضا ممزوجا بجزئيات ثلاثة لغات مبعثرة ؟ فتصبح لا عربية هي ولا تركية او فارسية وتتوه منها الكوردية بالمطلق !!  أية أفاق ننشدها وبأية يد نصفق ونحن حقيقة مثل الحجل نسعى لنصطاد بالحجل فينا ؟ .

لقد قالها حكماء كثر فينا : ألا فلتسقط السمكة الصغيرة التي تستسهل كبيرتها ولكن ؟ . أوليس من العار أكبره ان تتجه السمكة الكبيرة فتبتلع صغيرها أيضا ؟ . هذه الحكمة قالها ملك حثي اسقطه ابن أخيه بتحالفه مع الأعداء : سيقتلونه مثلي لو وقعت بأيديهم ولكنني استطعت الفرار وهو هناك ! .. وبالفعل كان صادقا في نبوءته . استخف / شخصيا / وبالفعل بعقل من ينظر / بتشديد الظاء / لفوقية مرهونة بتقية ولا يرى بغير معتقده الطوطم المباح ، وبوضوح واختصار شديد : ليس مفاجئا قضية سوريا المفيدة وكامل الترتيبات بدمارها ومجازرها وهجراتها التي حدثت ، وكأنموذج فاقع منها ، تلك المحاولات – المنجزات ! الديموغرافية – التي ابتدأت من القلمون والزبداني مرورا بغالبية بقاع سورية ، وتمددت تستهدف بعدا مذهبيا متبادلا ، كما حدث في الفوعة وكفريا وتمددت ببساطة والغاية كانت هي الوصول إلى النقطة الرئيس ، أي إلى لحظة تقطيع الكعكة ، وطبيعي ! فقد نفذت ادارة حزب الاتحاد ديمقراطي في هذا الجانب دورها ببراعة منقطعة النظير ، إن تهجيرا دائما او وقتيا او خطفا الى معسكرات التجنيد الإجباربة ، والمصيبة أن كل الأطراف المنخرطة بالعمل العسكري نفذت أدوارها وبدقة متناهية واوصلت بالوضع حتى اصبحت كما خفاقة البيض الكهربائية تخلط كل ذراتها ، هكذا أديت الأدوار وأصبح هناك لاعبون أساسيون و كذلك رئيسيون وكومبارس وتحت الطلب ، ولتثبت الأيام بأن كل الإنسياحات البشرية التي تمت إن تحت ضغط الأعمال الحربية العنيفة أو بخلق ظروف دافعة إلى ترك المكان هي كلها مجرد زمبرك مضغوط ومتحكم من قبل غرفة عمليات قوية ومتحكمة ، والحيثيات كما الوقائع التي عايشناها جميعا في السنوات الأخيرة تؤكد مدى التورط التركي والإيراني في هذا المجال ، سواء لإطماع توسعية ذاتية او كدفع وفق مخطط الإستدراج الممنهج وأنموذج فسح المجال لحزب الله والميليشيات الإيرانية واضحة ولتستخدم كل كورقة استثمرت في إعادة أ شكلة وترتيبات مقاطع رئيسة من الخارطة السورية ، وطبيعي أن إردوغان وأركان نظامه وحزبه الذي يعتاش على بروباغندا شعبوية ما فاتته منذ أمد بعيد – كدولة تركية – في افتعال قضية أمنية حدودية مع سوريا وعراق سايكس بيكو – هذا المخطط الذي يفعل بقوة ومع الأسف !

كورديا : حيث قدمنا ووفرنا لهم أرضية خصبة ديموغرافيا ولوجستيا أيضا ، ولم نتعظ بالشريط المصور لاحمد اوغلو وحقان فيدان في بدايات الثورة السورية حينما اشار عليهما ضباط ترك باستدراج ب ي د واطلاق قذائف او صواريخ وحينها رد اوغلو قائلا : حسنا سندع اصدقائنا ينفذون ذلك ؟ وبالفعل جلب الدب الى الكرم ! ولكن ؟ كل كان له دبا وجلبه واعني قسد وتركيا وخسرنا نحن كورديا الكثير ! وان كنا لانزال نرتهن ، لابل كنا نرتهن قبل حرب روسيا على اوكرانيا ! وليترسخ ذات السؤال ؟ عجبا ؟ هل سيسمح لتركيا دوليا الإستمرار في ذلك ؟ هذا الأمر الذي كنا نوهم النفس وعليه شككنا فيه وبقناعة وإن – كنا نرى – بأنه سيتم معالجة ذلك وفق خطة بومبيو المطروحة حينها كانت للنقاش بين دول وأطراف عديدة نافذة وكانت شبه منجزة وان كانت تنتظر وقتها المناسب لتنفذ على أرض الواقع ، وللأسف ذهب بومبيو بإدارته واستمرينا كورديا ككعكة يمكن أن نبتلع وبسهولة .

بالمختصر هنا : إن الأحداث بمجرياتها الواقعية تزيح القناع جبرا عن خطل وتخبص مواربي الحقيقة ، والوجع عمره ماعولج ألمه بالمسكن بل خدره ، ومصيبة بعضهم – وتحديدا قسد ومنظومة PKK – ليس فقط هي في رغبتهم المكشوفة بالرقص طربا على المتناقضات التي تبتلعهم بحد ذاتهم ، وتجعلهم كهزاز يتمايلون مع اية نسمة مصطنعة ! وثمنها كان دائما بنيويا اختزلت بالإقرار مع الحكيم والفيلسوف الكوردي – خاني – في بذرة الشقاق الكوردي لا الإتفاق ، ولتصبح البروباغندا المنتجة هي كما تقليد قلادة بعد الفوز في أية مباراة رياضية تكن ، حيث يصطف اللاعبون الفائزون ، ومن ثم يعزف نشيد بلادهم الوطني وتعلق الأوسمة على صدورهم و .. يعود اللاعبون إلى أوطانهم إلا في حالة الحروب ، حيث يدفن الشهداء في المقابر والجرحى يعانون الآلام وآثار ما اصابهم ! و .. يتصدر واحدهم المشهد ، مهما بلغت المصائب يرتكز على دموع ذوي الشهداء ويفتعل بسمة لا معنى لها ويهتف بأن الإنجاز العظيم قد تحقق ، لا النصر لأن ثقافة النصر هي صفة جمعية . نعم ! ان البروباغندا سلاح مزدوج أوله مهدئ ساكن والثاني طاقة بنيوية مدمرة كما الماء التي تحمل جينة الحياة وكذلك الطاقة التدميرية العنيفة ،  والمصيبة أن البروباغندا هو نمط فكري مزدوج : تنويم الوعي وتوليفها مخيالا و : الإنشراح والتمدد زهوا مبهرجا ووقتيا ، والأهم هي البصمة على ديكور الانفصام عن الواقع بتوفير وتهيئة مبررات حالة الانفصام الوجودي تلك : وبمخيال مخدر وأريحية المواقف وخلطها بحيثيات هوليودية وبوليودية وزاوية او توجه يرمى عليه كل النكسات ، وكمثال ! تصوروا : الشد والجذب بين أمريكا وأوروبا محتدم حول مصير أسرى داعش ، وبكل بساطة يخرج علينا واحد من – فلاسفتهم – فيقول : انهم هم من سيقررون ذلك ؟ و … كان قرارهم المتسيب بفوضوية اودت الى ماجرى من كارثة استهداف سجن غويران ، وليبان هشاشة كل ادواتهم الامنية امام حجم الإختراق الامني لاجهزتهم ؟! . ولتعري متواليات سجن غويران ، ذلك الفرق الكبير بين قلادة نصر او فوز ، و .. نشيد قومي / وطني ، او معارك تسبقها تفاهمات سياسية و .. لكنها صناعة الوهم هي التي تركبتهم من اعالي قنديل ، وعلى أرضية تلك المعلومة المستقاة بهتانا على ان سور الصين العظيم هي التي تحتجب المعلومة كما الهواء .. في حين ان الحقيقة هي فضاء واسع ، كما وعكس ماقاله غير خجل السيد صالح مسلم ، بانهم لن يسمحوا بتكرار تجربة إقليم كوردستان العراق السياسية منها والعسكرية وبأبعادها الكلاسيكية القوم / قرو وسطية وتناسى السيد مسلم ، كم ايديولوجية اسقطتها نضالات الشعوب ودونتها سجلات التاريخ ؟ ، نعم التاريخ يؤكد بأنه ستسقط الأيديولوجيات الماوراء مجتمعية ، وستبقى المجتمعات رغم انينها وتبعات المتحكمين بها واستهتارهم بمصيرها ، كما في حرب العدوان على عفرين وكمثال صارخ ، حيث عشرات الآلاف كانت تغادر قراها ومساكنها صوب المدينة ، وكانت الحاجة للمواد الغذائية والماء والدواء ضرورة حياتية ، خرج علينا اكثر من قيادي وقيادية لحزب الاتحاد الديمقراطي ، وصرحوا على وسائط الإعلام يتباهون بان كل شيء متوفر وعفرين لا ينقصها أية شيء . وأتذكر بأنني كنت في لقاء مباشر بقناة سكاي نيوز ومن خلال مداخلتي ركزت وناشدت دول العالم بتقديم المساعدات العاجلة والفورية و .. لم أكن قد غادرت استوديو القناة بدبي وإذ بهم يتصلون مع سيدة فاضلة ولتنسف مناشدتي بالكامل ! والداعي لهذا الكلام : أعتى الدول تطالب المساعدة من المنظمات العالمية لتقديم المساعدات وسواهم المؤدلجون ، فهم مطوبون  قداسة و .. ( كما حدث في بداية جائحة كورونا ) حيث خرج علينا واحدهم بمؤتمر عرمرم يعلن عن اكتشاف دواء يظهر مفعوله بعد ٣٠ ثانية ، فيتناسى امثال هؤلاء بأن ضخ الامل الكاذب فعله أسوأ من سلاح العدو الفتاك .