يوسف حمك – ألمانيا
العقول التي بقيت رهينة عصور الجهل و الظلام ، لن تستطيع أن تقطف منها ثمار النفع و الجود .
و لن تكسب الرهان من فكرٍ مازال أسير الماضي السحيق ، ولا أن تجني من ذهنٍ مشحونٍ بحكاياتٍ خرافيةٍ سوى الخزي و الخيبة .
طقوسٌ باتت تقاليد الجهل ، تُمارس بحكم العادة ، تغيب منها الدين.
و دينٌ يستثمره أباطرةٌ ، إما للانحناء بمجرد ذكر أسماء أشخاصٍ – أضفوا عليهم صفة القداسة – ماتوا قبل مئات القرون – و إما الفناء هو المصير المحتوم .
قالوا : ” إن الدين هو مرادفٌ للأخلاق ”
فأين الأخلاق من عقيدةٍ دعائمها الأساسية هي قانون العقاب و الثواب ؟!
عقاب المقصر جزاؤه القتل و الذبح و قطع الرقاب – و إن شئت زهق الروح بالحرق – . أما الثواب فهو الفوز بالجنة الموعودة !!!
و ماذا لو اقترن تقديس العبادة باحترام الإنسان و تقديس كرامته ؟!
أليس قاطع الرؤوس هو الأكثر حرصاً على أداء الفروض و مناسك الدين ؟!
فأين بناء الأوطان من ضرب الرقاب ؟! و أين صنع الحضارة من ذبح الناس للفوز بنكاح الحور الحسان الموعود ؟!
تصحيح الدين من العنف و المذهبية و إلصاقه بالأخلاق و الدماثة حسب المعايير الإنسانية و الاحتكام للعقل أمسى واجباً ، و على قاعدة : ” الدين لله و الوطن للجميع ”
و إلا فإن راقصة ملهى ليليةٍ تكون أوفر أخلاقاً من رجل دينٍ ورعٍ يفتي بإباحة صناعة القتل ، و الجهاد بالذبح و ضرب الأعناق .
أليس في إفتاء الأخير الملتحي انهيارٌ للحس الأخلاقيِّ ، و إطفاءٌ لشمعة الحياة الحرة الكريمة ؟!!!
منذ مئات القرون و قد جثَّموا فوق العقل ، حاصروه … اربكوه … أغلقوا نوافذ انفتاحه … تحكَّموا بروافد تغذيته بإطلاق رصاصة فتواهم : ” من تفلسف فقد تمنطق ، و من تمنطق فقد تزندق ”