” في وطني يموت بائع الشاي و الخردة و البالة ، و يعيش بائع الوطن و الضمير و الشرف “
أرقى تغريدةٍ عراقيةٍ راقتني ، كونها أروع تعبيرٍ يختزل ليس واقع العراق وحده ، بل كل بلدان الشرق و معظم دول العالم .
تجار الدم و الدين و الوطنية يصرخون ، للهاربين من جحيم حروبهم و شر جرائمهم : عودوا إلى وطنكم ! . و للباقين تحت سطوتهم و طغيانهم : لا تخرجوا من أوطانكم ! .
أيُّ وطنٍ سيعودون إليه ؟! ، و أيُّ وطنٍ يعيشون فيه للأبد دون أن يفروا هاربين من لهيب ناره المتأجج المحترق ؟!
وطنٌ يسبح على بحرٍ من النفط الثمين ، و أحواض الغاز النفيس و أطفاله ينامون في العراء واضعين أيديهم على بطونهم الخاوية من ألم الجوع و الطوى .
في مسألة الاكتفاء الذاتيِّ عاجزٌ ، و لتوفير الاحتياجات لشعبه من المواد الغذائية و الاستهلاكية عديم الامكانية ، أما الصناعية منها فخارج حدود اهتمامه .
لو علم الشهداء منذ البدء أن الوطن مخطوفٌ ، و بات مزرعةً لأصحاب المنافع و الإجرام و ليس ملكاً لكل أبنائه لما استشهدوا .
وطنٌ في معاملة أبنائه عنيفٌ ، و لا خيار له في التفاعل مع المصلحين و المبدعين إلا بحد السيف .
ليس من عادته الاعتذار عن الخطأ ! ، أما الاعتراف بالفشل فليس من طبعه !
ذهنه مشوشٌ ، و بالترهات محشوٌّ . عقله معطبٌ ، و بالأساطير و الخزعبلات مخترقٌ .
تبعيته السياسية و الاقتصادية للدول الأخرى ، ولا استقلالية في قرارته الداخلية و الخارجية على السواء .
وطنٌ غريمه التطوير ، و تحديث الفكر من ألد خصومه ، أما تكييف العقل وفق مقتضيات العصر ، فيصيبه بالدوار ، و يقذفه في دوامة الأرق .
حلمه الوحيد التشبه بالكهوف المظلمة و التقوقع في شرنقة الماضي . يعادي العقل بلا هوادةٍ ، فيخدره ببرمجة لعنة التقليد ، ليتقاعس عن وظيفته ، ثم ترويضه على ما يملى عليه فقط ، كما إقصاؤه عن الجدل الذهنيِّ ، و كل همه محاكاة الأسلاف و السير بهديهم .