يؤكد جمعة: « أنه هناك بوادر للبدء بالحوارات، خاصة وأن الوفد الأمريكي تواجد مجددا وأجرى لقاءات ثنائية لتذليل العقبات التي نشأت بعد الجولات الأخيرة، وعلينا أن لا ننسى أن لكل طرف نظرته الخاصة الى أمور الساحة السياسية الكوردية، ويجب تهيئة أرضية الحوار الناجح الذي لم يحصل حتى الآن، رغم العديد من الاجتماعات البينية وقليل من التفاهمات والتي معظمها نظرية ولم تمس حتى الآن الجوانب العملية على الأرض، لأن المهم الآن – ودرءا لأي تنصل من الاتفاق كما حصل سابقا – هو قبول فكرة الشراكة الحقيقية في مختلف المؤسسات والمشاركة في اتخاذ قرار الحرب والسلم والإدارة والاقتصاد، وغيرها. وبالتأكيد الجولات السابقة كانت ايجابية، وعلى “أحزاب الوحدة الوطنية” إزالة آثار التصرفات والممارسات والمواقف السلبية التي تظهر لديه بين الفينة والأخرى، وتعرقل الحوار. ودائما كنا نطالب بتوفر الثقة وصدق النوايا بين طرفي الحوار، لذلك فإن وجود الراعي الأمريكي مهم في الحوار الكوردي وضمان للنتائج لأن هناك جهات واتجاهات في الوسط الكوردي، أو من الخارج، تحاول جاهدة إفشال كل تفاهم كوردي داخلي لصالح أجندات خارجية، خاصة وأن وحدة الموقف والخطاب الكورديين تعرقل مشاريع تلك الجهات، وتعزز من الموقف السياسي الكوردي في المحطات التفاوضية المتعلقة بالوضع السوري ».
قلق الكورد والسوريين، الأسباب واحدة والمعاناة واحدة
وتحدث عضو الهيئة السياسية للحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو، بالقول: « الوضع السوري العام تسير من سيئ إلى اسوأ سياسياً واقتصاديا وأمنيا، فالقوى السياسية التي تمثل المعارضة السورية من خلال هيئة التفاوض تعاني انقساما حادا منذ أكثر من عام، ويزداد الشرخ بينهم يوما بعد آخر كما أن الائتلاف يعاني أيضا من فقدان كبير لحاضنتها الشعبية، والكل يبحث عن بدائل لإنقاذ الوضع وتشكيل تمثيل سياسي واسع الطيف للمعارضة السورية تحظى بتأييد شعبي واسع، لكن الجهود حتى الآن لم تثمر عن شيء يبعث على الأمل. كما أن الاقتصاد في تدهور مستمر والدولار الواحد تجاوز عتبة الـ3000 ليرة سورية وهذا يعني المزيد من تدهور الوضع المعيشي للمواطنين السوريين ككل. وكذلك الوضع الأمني تعاني من صعوبات كبيرة، ولا يوجد منطقة في سوريا مستقرة كما يجب والشعب يعيش حالة قلق مستمر على أمنه واستقراره بسبب ذلك. ولا يختلف حالة الكورد في ذلك بشيء عن بقية الشعب السوري. فالأسباب واحدة والمعاناة واحدة ».
يتابع عليكو: « كما كان متوقعا لدى معظم المحللين السياسيين بأن الجولة الخامسة لن تختلف بشيء عن بقية الجولات بسبب تعنت النظام في تمييع عملية التفاوض من خلال طرح أفكار بعيدا عن جوهر المخرجات الدستورية المتعارف عليه دوليا ويعود سبب ذلك استقوائه بالموقفين الروسي والإيراني الداعمين له في ظل غياب الدور الأمريكي المطلوب. كما أن عدم تحديد موعد للجولة القادمة مترافقا مع استياء المبعوث الدولي من نتائج هذه الجولات يعتبر مؤشرا قويا على الحاجة إلى تغيير قواعد التفاوض وبدون ذلك لا أعتقد بأن المبعوث الدولي سيكرر التجارب الفاشلة السابقة ».
يضيف عليكو: « كلنا نعلم بأن التفاهم والتنسيق بين النظام و ب ي د يعود إلى بدايات الثورة السورية 2011، وتجلى ذلك من خلال الدعم اللامحدود عسكريا وإداريا من قبل النظام لـ ب ي د وتسليمهم معظم المناطق في الجزيرة وكوباني وعفرين باستثناء بعض الجيوب الأمنية الحساسة في محافظة الحسكة، لكن هذا التفاهم والتنسيق تضعضع بعد مساندة امريكا لقوات ب ي د في كوباني ضد داعش نهاية 2014 وتخلف النظام عن مناصرتهم في ذلك وتكرر الأمر نفسه في عفرين ورأس العين وتل ابيض حيث بقي متفرجا، وترافق ذلك بزيادة وتيرة العلاقة بين قسد وأمريكا، كل ذلك أدى إلى خلق حالة عدم ثقة بين الطرفين وهذا ما أدى ويؤدي باستمرار إلى حدوث توترات بينهما بين فترة وأخرى منذ 2016 وحتى اليوم، مما يدفع بروسيا في كل مرة الدخول على خط التهدئة بين الطرفين ».
يختم عليكو: « ما لا يختلف عليه اثنان كورديا بأن نجاح الحوار الكوردي يعتبر مكسبا كبيرا للشعب الكوردي أولا ولكل المعارضة السورية ثانيا، لأن من شأن هذا التفاهم الكوردي /الكوردي فتح الباب تلقائيا لحوار أشمل مع قوى المعارضة السورية في شرق الفرات وغربها للاتفاق على شكل إدارة مقبولة نسبيا وموحدة وسوف يحظى من شأن ذلك على دعم دولي كبير في مواجهة النظام والدخول في مفاوضات مع النظام بفريق موحد من منطق القوة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وكذلك يفضي ذلك إلى بناء علاقات طبيعية مع الجارة تركيا وايجاد مخرج مقبول للوضع في عفرين ورأس العين وبقية المناطق.
ويتوقف كل ذلك على مدى جدية قسد في دعم وإنجاح الحوار خاصة في الملفين العسكري والإداري وعودة البيشمركة إلى وطنهم وعدم السماح لـ ب ك ك التدخل في شؤوننا. والتصريحات التي أدلى بها رئيس قسد السيد مظلوم عبدي لصحيفة الشرق الأوسط العدد 5 شباط 2021 مشجعة في هذا الاتجاه، نأمل أن نجد قريبا ممارسة عملية وجادة لأقواله من خلال الحوار وعلى الأرض ».
لا بديل عن نجاح المفاوضات الكوردية الكوردية سوى نجاحها
تحدث الكاتب عبداللطيف موسى، بالقول: « يُوحى لنا وبشكل لا يدع مجالاً للشك فيه بأن الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وبما فيها سوريا عامة وفي المناطق الكوردية في الشمال والشمال الشرقي التي تشكل جزءا وامتدادا تاريخيا وجغرافيا للمنطقة، وعلى وجه الخصوص، إنما هو استكمال لسلسلة الظروف المعقدة في ظل تصارع القوى العظمة الدولية والإقليمية لتحقيق اجنداتها. ذلك الواقع بكل مخرجاته والذي يعاني منه ويدفع ثمنه شعبنا المسكين إنما نتيجة أيديولوجيات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتنافس السياسي والصراع المصالح الاقتصادية والفكرية وصراع النفوذ بما يخدم الخطط الممنهجة والمعدة لها سلفاً في غرف كواليس كبار خبراء رسم سياسية المصالح الدولية، والتي لا بد أن ترسم في سورية ومن هنا ».
يتابع موسى: « يلاحظ المشاهد والمراقب للوضع السوري العام بأنه استمرار لنفس الأزمة في ظل التداخل بالظروف التي يعاني منها الشعب على كافة الاصعدة وبكافة المجالات. سياسياً مازال الحل السياسي متوقفا في ظل المماطلة الواضحة للنظام في إيجاد أي حلول، والتهرب من المشاركة في العملية السياسية في ظل مشاركة شكلية وبشروط تعجيزية، وبضغط روسي خجول للمحافظة على ماء الوجه. وكما يعاني الشعب السوري والكوردي الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، في ظل انعدام توافر الخدمات الأساسية والاحتياجات اليومية التي هي ما تكون أبسط حقوق المواطن، وغلاء فاحش في الأسعار والمواد. كما أنني أتوقع أن يعاني الشعب السوري ظروفا أقسى وأصعب نتيجة تلويح الإدارة الأمريكية الجديدة بالاستمرار في الضغط الاقتصادي لإجبار النظام وروسيا للقبول بالعملية السياسية وتطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤، لتحقيق أنتقال سياسي للسلطة في سورية ».
يرى موسى: « أنه في ظل عدم قناعة النظام السوري وعدم رغبته بالحل السياسي في سورية، وعدم جدية الموقف الأممي في إيجاد حلول للأزمة السورية، وأنهاء معاناة السوريين، كان الفشل واضحاً وبكل المقاييس في الجولة الخامسة لإجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف وذلك لعدة أسباب أهمها عدم جدية الروس في الضغط على النظام، وكان مسلسل مماطلة النظام واضحاً من خلال الإنشغال بالتركيز على المصطلحات بدلاً من الحلول وعدم نيته وقناعته أصلاً بالحل السياسي في هذه الفترة بالذات التي يستعد فيها لإجراء انتخابات رئاسية تمدد فيها الولاية لبشار الأسد في الشهر السادس المقبل . برأيِّ قبول النظام بأي تسوية سياسية مستحيلة في الوقت الحالي لان ذلك سيوثر على انتخابته الرئاسية القادمة . كما أن أهم اسباب فشل هذه الجولة أيضاً التشرذم الواضح في آراء و وجهات النظر لوفد المعارضة والأنقسام الواضح بينهم . نعم كانت جولة فاشلة بإمتياز مع الأسف لا تخدم أنهاء معاناة السوريين ».
يردف موسى: « ما حصل من أزمة أو شبه أزمة مفتعلة بين pyd والنظام السوري في الآونة الأخيرة، كان امتداداً لاستمرار مسلسل الأزمات المفتعلة بين الطرفين لتحقيق غايات وأهداف من أهمها توجيه النظام السوري رسالة ضمنية الى مؤيديه الذين على ما يبدو بدأت تنهار معنوياتهم في ظل سوء الأوضاع المعيشة وعجز النظام تأمين ابسط حاجتهم . مفاد تلك الرسالة بأن النظام قوي ومازال الحل والربط بيده وفي أي وقت يستطيع الدخول واستعادة أي جزء أو منطقة في سورية . أما رسالة pyd وQSD من افتعال تلك الأزمة فكانت موجهة الى الإدارة الأمريكية الجديدة بأن جميع التقارير والأدلة التي تربط النظام والإدارة الذاتية باطلة وأن الإدارة الذاتية مستعدة للتعاون مع إدارة بايدن وأن تدخل في الحسابات الأمريكية والأوربية وفي أي ترتيبات مستقبلية للمنطقة وكسب مشروعية دولية التي يحتاجها. برأي إنها أزمة مفتعلة لتحقيق مصالح وأغراض وأهداف مفقودة ».
ويتطرق موسى: « إلى ان الحوارات الكوردية الكوردية هامة جداً في المنطقة كونها تعبر عن تطلعات وآمال الشعب الكوردي . بالنسبة للمفاوضات الكوردية الكوردية في سوريا، لا أخفي قلقي في شدة التعقيد في المشهد بكل جوانبه . المفاوضات الكوردية الكوردية لا سبيل لها ولا فرصة أمامها سوى الإتفاق والتوصل للنجاح الذي كلي ثقة بأنه سيتحقق لجملة عوامل أهمها كونها الفرصة الأخيرة للكورد في سورية وللمنطقة بأنه لا سبيل سوى التوصل لإتفاق، وثانيا الاستفادة من الرعاية والدعم المباشر الأمريكي وخاصاً التصريحات المشجع لإدارة بايدن ودعم كوردستان العراق للمفاوضات كون الرعاية الأمريكية والتدخل المباشر تختلف عن سابقتها . وكما أن شدة التعقيد في المنطقة التي لم تعد تحتمل تغيرات ومغامرات نحو المجهول ».
يضيف موسى: «أن الامريكان (كون شرق الفرات) يقع تحت منطقة نفوذهم ملتزمة بتفاهمات خفية مع الأتراك، والتي تم تأجيل تنفيذها لإعطاء بعض الوقت والفرصة الأخيرة لتلك المفاوضات عبر محاولات فك الارتباط بين قنديل وكورد سورية والتي إذا ما فشلت هذه المفاوضات ستكون مصالح الأتراك أهم ما في منطقة على حساب الشعب الكوردي والسوري، والأهم من كل ذلك كله أن مصير الكورد في المنطقة مرتبط بنجاح تلك المفاوضات بسبب الظروف الصعبة التي يعاني منها شعبنا من هجرة والتغير الديمغرافي والفقر والظروف الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة وفقدان التعليم وضياع الأجيال، والأهم من ذلك دعم الرئيس مسعود بارزاني وجميع محاولاته في عودة بيشمركة روج إلى كوردستان سوريا . إذا لا بديل عن نجاح المفاوضات الكوردية الكوردية سوى نجاحها . وكذلك المناخات والأجواء الإيجابية سيكون لها تأثير كبير على سير تلك المفاوضات للنجاح . برأي لو تم الاتفاق سيشكل (بيشمركة روج ) الدور الأساسي في بناء الثقة بين الشعب والسلطة عبر تحقيق كل ما يؤدي الى تحقيق الاستقرار في المنطقة ورجوع المهاجرين واللاجئين إلى كوردستان سورية، وتحقيق وإعادة التوازن الطبيعي لديمغرافية المنطقة الكوردية التي قلت وانخفضت بشكل كبير على مر السنوات السابقة من الازمة ».
الخاتمة:
الوضع السوري قد وصل إلى ذروته، وهنا الإدارة الأمريكية ستحاول إنهاء هذه المأساة لأن مصلحتها يتطلب ذلك، وهنا مطلوب من الكورد العمل بروح المسؤولية لدفع بالمطالب الكوردية نحو التجاذب الأمريكي من خلال وحدة الصف والموقف الكوردي ومن هنا ينطلق نحو التلاحم السوري العام بكل مكوناته لبناء دولة ديمقراطية تعددية اتحادية لا مركزية.