الدعوة لتحرير المرأة ، ليست برفع الشعارات لدغدغة المشاعر ، ولا بإلقاء الخطب الرنانة التي ترجرج المنابر لسحر العقول .
بل التزامٌ بالعمل و إخلاصٌ بالمسؤولية التي تحول الشعار إلى واقعٍ ملموسٍ .
إرثٌ من العسف و الجور متجذرٌ في أعماق الفكر الذكوريِّ ، بات حكراً بين أيدي الرجال كسلاحٍ فتاكٍ ، يستخدمه المتحذلقون لإذلال المرأة ، بوضعها في دائرةٍ مسيجةٍ من التقاليد البالية ، و خداعها بشعاراتٍ وهميةٍ لا تسمن و لا تغني من جوعٍ .
رزمةٌ من المعايير و الأعراف البدائية المتأصلة في أذهان الذكور كاتمةٌ على أنفاس المرأة ، و تربيةٌ نمطيةٌ تغص بالجهل و القمع .
و عواصفٌ تكفيريةٌ هوجاءٌ ، تهب من فتاوى الملتحين ، حين السعيِّ لكتابة بندٍ يناصر حقاً من حقوقها ، بحجة أنه يتعارض مع قواعد الشريعة و أصول الفقه .
فأيُّ تحررٍ سيتحقق في ظل فتاوى سوداويةٍ ، تبيح القتل و ضرب الأعناق علناً و بكل فخرٍ و زهوٍّ ؟
و ناهيك عن الأعراف العشائرية و التقاليد القبلية التي تجبرها على العيش في كنف العائلة و الرضوخ لاستفزازات الأهل ، و استخفاف الزوج بها و الحط من قدرها .
دعواتهم لمساندتها خدعةٌ كبرى ، و شعاراتهم كذبةٌ عظمى ، تجرفها بتيارها و هي راضيةٌ قانعةٌ .
لا مصداقية في حديثهم عن تحرر المرأة دون تقبل الجديد ، و بدون بيئةٍ ديموقراطيةٍ يبقى شعار الخلاص هراءً و كلاماً عابراً .
العقل المتحجر و المجتمع المنغلق على نفسه ، لا أمل فيهما بإيجاد الخير ، و لا يصنعان سوى العظمة و الأبهة الذكورية .
التذكير باضطهاد المرأة و مظلوميتها ، و السباق في تعالي الأصوات لمناصرتها خلال يومٍ واحدٍ من أيام السنة و السكوت طوال العام ، لا يعادل ثمن قشرة البصل . مالم يتم تحرير عقل الرجل من القيود البدائية الماضوية ، و عتق ذهنه من ثقافة القمع لبني جنسه و إقصاء الآخر فإسكاته قسراً .
ثم تغيير ثقافة المجتمع و سلوك أفراده نحو التحضر و الارتقاء ، و خلق وعيٍّ منفتحٍ و نضجٍ روحيٍّ ، و فكرٍ مبدعٍ و ذهنٍ خلَّاقٍ .
و ما لم تنقذ المرأة نفسها بنفسها من إيمانها بدونيتها المتأصلة في أغوار دواخلها .
لذا فنداؤكم خائبٌ عاثرٌ ، و شعاركم مكرٌ و خداعٌ .
كفاكم نفاقاً و كذباً و تضليلاً .
من لا يعمل للتحرر بصدقٍ ، لا يحق له المتاجرة بقضيتها ، و شعاره يكون مرفوضاً ، و دعوته تكون مزعومةَ مزيفةً .
فإما العمل الجاد ، أو السكوت .
و ناهيك عن أن الوقوف بثباتٍ لنصرتها و استعادة كرامتها بالإخلاص و الوفاء ، واجبٌ إنسانيٌّ ، لا منةٌ أو إحسانٌ .
و ما إنجازكم حتى اللحظة سوى أنكم جعلتموها عورةً ، كما آلةً للتفريخ و التكاثر ، و وعاءً لتفريغ شهواتكم .