وليد حاج عبدالقادر
في عودة – غير حميدة – لمتواليات الأحداث منذ سبعينيات القرن الماضي ومآلات الصراعات التي فعلت وباقصى طاقاتها ، ومع بروز خطوط بدت واهية ولكنها وشت ، او لامست وإن بغموض جوهر قضايا كثيرة اخذت في الإنكشاف ، سواء منها قضايا الإستكشافات البحرية كالغاز وغيرها ، إضافة الى الطرق المختصرة لتسويقها ، وايضا صراعات المياه وغيرها كعناوين بارزة ، هذه المقدمات أظهرت وكإنعكاس لأزماتها قضايا سياسية كثيرة ، واثارت من جديد اخطاء الجغرافية بخرائطها التي تشكلت وانعكست بكارثية فظيعة على جغرافيتها البشرية ، والتي أزمتها اكثر مفردات الحرب العالمية الثانية.
وباختصار ، فقد شهدت السنوات الأخيرة تحركات وبرزت وبالتدرج مظاهر تشي بإعادة تموضع تشرف عليها دوائر عميقة لدول لها امكانات فرض الوقائع بمنهجية متعددة الوسائل ، لتبدو وكأنها نتاج صراعات بينية ، هذه الوسائل والأساليب التي قد يتوافر في بعضها عامل الصدفة ، ولكنها تحمل أيضا – ربما – شحنات الهزات الإرتدادية وكنتاج لمنطق التأزيم الممنهج الى اقصى درجات التصعيد والدفع بالوقائع وناسها الى تناحر فظيع ، حيث يستشري الفتك والقتل ويحل الدمار والتهجير الجماعي ، الأمر الذي سيساعد على هجرات قسرية بدافع التغيير الديمغرافي للمنطقة ، ومع وصول الصراع الى ذروته ، تطفو على السطح بعض المعالجات الموضوعة مسبقا ووفق قانون إدارة الصراعات ، التي انكشفت في الأزمة السورية من خلال التعاون الأمريكي الروسي وليتفتق الوعي عن خطة خفض التصعيد ومعها خفض قوة الأقطاب المتصارعة .
وكرديا ، وفي خاصية كردستان بشكل عام ومتواليات الأحداث ، وعلى أرضية المخططات العميقة في استهداف المتشكلات الموجودة أصلا والسعي إلى بعض من التلاطف المشابه لعمليات التجميل وإزاحة او إضافة بعض من الرتوش ، نرى تشابكات مخفية وبعضها منكشفة تودي / تستهدف وبصريح العبارة التوجهات القومية بدءا من تضخيم الشعارات وصولا الى افراغها من أية فحوى ، والأمر ما اقتصر على ذلك بقدر ماتم تنمية وتصعيد الصراع البنيوي وببرامج أشبه ماتكون صريحة في نسف الحق القومي الكردستاني وتغليفها بشعارات واهية ومطاطة والتغلغل بشكل اخطبوطي في أجزاء كردستان والنخر فيها ومن جديد تحت سنديان الشعارات ومطرقة الشرعية الثورية ، قابلها وبشكل مفرط التمييع المفرط لقضايا الحقوق القومية ، لابل وشرعنة كل ممارسات النظم العنصرية ، الى درجة ان بعضهم قدم شهادة توثيق مبررة لكل مخططاتهم بحق الشعب الكردي – وبالأخص سوريا – ، وكأنموذج صارخ لذلك ، ما جرى في واحدة من المنتديات الحوارية ، حيث يتبادل فيها مثقفون كرد وعرب مقيمون في دول عديدة ، صادفت واحدة منها مع تصريحات أبله دمشق بشار الأسد حول نسبة الكرد في مناطقهم وأنها لا تتجاوز في الأساس نسبة 35 % من عدد السكان فيها ، ومن خلال الجدل واجهنا واحد من العتاة بصورة مستنسخة لواحدة من صفحات كتاب حوار نبيل الملحم مع السيد عبدالله اوجلان والذي أتمنى له الحرية دون أدنى شك ( سبعة أيام مع القائد آبو ) والمطبوع في أثينا عن دار أخيل ونشر عام 1996 وسأقتطع منه السؤال والجواب التاليين :
( – ماذا عن أكراد سوريا ؟
الجواب :
بالنسبة لسوريا فإن غالبية الشعب الكردي في سوريا قد نزحت من كردستان الشمالية .. البعض يروج لمقولة كردستان سوريا .. إن هذا الطرح ليس موضوعيا .. التسمية الأصح هو أن عنهم : الأكراد السوريون ، فهؤلاء قد فروا من ظلم العثمانيين والجمهوريات التركية … لقد أتى الأرمن والشراكس أيضا وحتى عرب اللاذقية أتوا من أنطاكية ، فهؤلاء جميعهم أقليات ضمن سوريا ، ولا نستطيع القول بأن تنظيمات هؤلاء وحركاتهم السياسية تعمل للإنفصال عن سوريا وتقسيمها، على العكس من ذلك ، لقد استقر هؤلاء في سوريا وبقاؤهم فيها له معان كبيرة . وفي بداية مجيئه إلى ساحات الشرق الأوسط ( ؟! مني ) ، قلت يجب وقف الحملة باتجاه الجنوب والتحضير لحملة باتجاه الشمال .
– ماذا تعني بحملة الجنوب ؟
– لقد قلت لتتوقف الهجرة نحو الجنوب وتبدأ الهجرة نحو الشمال .. لقد بدأنا بحملة والنضال شاق وطويل في هذا الإتجاه ووجهنا الأكراد السوريين إلى الجبال باتجاه الشمال من حيث أتوا ، وأعتقد بأن سوريا راضية عن هذا وإن الأكراد أيضا راضون .
( صفحة 167 – 168 من الكتاب ) .. )
وفي العودة إلى سياق أجوبة اوجلان وما دأبت عليها الأوساط الحزبية ذي النزعة القومية العربية وممارسات نظمها المتعاقبة وما فرضت عليها توجهات وطروحات أجهزتها الإستخباراتية في التركيز على النشطاء الكرد بنقل الصراع الكردي من العراق وسوريا والتركيز على كردستان تركيا ، وسيقابلها دعم لا محدود من العرب ، هذا الطرح قدم مرارا من قبل ضابط الأمن السوري عبدالحميد السراج وتم الترويج لها حتى بإسم الزعيم العربي جمال عبدالناصر ، وأصبحت كواحدة من اهم السبل في إختراق الحركة السياسية الكردية ، وتنشط لها – دعاة – كرد ، وطبيعي لأنها لن تكون من الصدف أن تتلاقى أجوبة اوجلان بعد أكثر من ثلاثين سنة مع واحدة من أكبر القضايا الخلافية داخل الحركة السياسية الكردية ، على أرضية الاعتقالات القاسية من قبل نظام – الوحدة السورية المصرية – لقادة وكوادر من البارتي حينها ، ويتذكر غالبية من عاصروا تلك المرحلة وما تلتها من تشعبات ، وما مارسته النظم ووضعته من مخططات تهجيرية وتعريبية في المناطق الكردية ، والتي استطاعت الحركة الكردية بكل علاتها الحفاظ على الحدية مع النظام من جهة ، وبقيت النظم تدور وتراوح في ذات النقطة تعتمد على الزمن ، وتقرير ما نفذته ليصبح أمرا واقعا ، هذا الوضع استمر لغاية انقلاب كنعان ايفرين في تركيا ، وقدوم اوجلان إلى سوريا ، وكشفه المبكر عن منهجيته الهادفة ، وحسب تصريحاته وممارساته العملية بمجموعاته حتى هذه اللحظة ، إن في طرح شعارات كبيرة – سرخبون – ودولته المصونة – بهدينان وبوطان – قابل ذلك طرحه المبكر في ابعاد سوريا سايكس بيكو عن اهدافه ، ووضع كل امكاناته في خدمة ذات المشروع الهادف الى مركزة الصراع مع تركيا على حساب ايران والعراق وسوريا ، وكأمر كان واضح المرامي ، والذي أثار كثيرا من السخرية والإمتعاض ، وهو جر الكرد الى حالة التخندق ، تطبيقا لتعليمات عبدالحميد السراج و ميني ومنذر الموصللي ومن ثم ترهات النزعويين /القوميين العروبيين والذين لازالوا ومنطقهم عينها تتماشى مع سياسة الإقطاع / المشاع التي رافقت المد الإسلامي في العقود الأولى للسنة الهجرية ، تلك العقلية التي ما انفكت تعيش اجواء / نشوة الغاء كل الدنيا والبقاع / وبسط الهيمنة والملكية المقدسة / الطابو / على أثر أي قدم يمت له حتى ولوكان ذلك القدم نعل / بوط عسكري ، وبعيدا عن الإنشاء الممض وحالات التداخل الجمعي / إسلاميا / على الرغم من تبريرهم / عروبيا / فيقدسونها / الإقطاعات الربيعية والمضرية وبني بكر وعمرو !! / ولفظها او اعتبارها هجينا دخيلا في حالات مشابهة / السلجوقيون ، الأيوبيون ، المماليك و … العثمانيون / فنرى الإزدواجية حتى في تياراتهم الدينية / مثلا باعتبارهم وجود العثمانيين كقوة احتلال مع يقيني الشخصي بذلك ايضا / إلا أن التوصيف العام بالترافق مع نزعة التعريب المترافقة بحالات مناحة ممجوجة ايضا واسقاطات سايكس بيكو ، وقراءة التاريخ بعين واحدة ومغبشة ايضا لتأريخ وصيرورة المسألة الشرقية وتحديدا الآفاق التي تماشت واحداث نهايات الحرب الكونية الأولى وبالتالي تجهيز المشاريع والمخططات ، وهنا يجدر بنا التركيز على المباحثات الأساس بين الشريف حسين / قائد الثورة العربية / ومكماهون من خلال المراسلات المؤرشفة وايضا اتفاقه مع كليمنصو تلك الصياغات والبنود والإتفاقات التي ما تركت أدنى شك بأن كردستان وإن لم تسمى ولكنها حددت بأنها وطن لشعب مختلف وللإنصاف فإن هذه الإتفاقات كانت هي عين المعيار كما الأبعاد الخرائطية التي اعتمدت في بنود اتفاق سيفر عام ١٩٢٠ ، وبقي الأمر كذلك حتى بعيد تفجر أزمة الموصل عام ١٩٢٥ التي كانت أيالة عثمانية شاملة للجزء الأكبر من كردستان ،
ورغم تسويات الحدود بين فرنسا الدولة المنتدبة ودولة أتاتورك إلا أن كل الصياغات تحرص على خصوصية السكان ! .
ومن جديد دون الإلتزام إن بتحديد هوية هؤلاء السكان او حتى مراعاة خصوصيتهم ، وعود على بدء ، ومن دون الإرتكاز على التاريخوية إلا أن حقيقة كردستان بأجزاءها الأربعة / اثنتان محتلتان كردستان تركيا وكردستان ايران واثنتان ملحقتان كردستان العراق وكردستان سوريا / حاولت التيارات العروبية كافة العمل والضغط الحثيث على اتجاهات كردية وايضا محددة واستخدمتها كورقة لمقايضات بينية وجل تركيزهم كانت تتركز على / أخرجوا القضية الكوردية من الوطن العربي ولكم كامل دعمنا / السراج ، ميني ، الموصللي والقيادة البعثية السورية ، وكمحصلة وباختصار ! أفلا يحق لنا إثارة مجموعة من الأسئلة الأولية تخص مستلزمات المسح التاريخي / الجغرافي والإرث القومي التي يتم الشغل عليها وبابتكارات ما خطرت حتى على بال نظم الإستبداد والإلحاق كما الإحتلال ؟ .
أجل وبإختصار نعلم جميعا بأنه : عندما تنزاح الأقنعة المتكلسة أصلا عن وجوه بعض الطواطم ويحتار الطوطمي امام هالة السقوط المحقق ليعود الى اعتياديته الإنسانية ، قد يستطيع هو التأقلم عكس المريدين الذين سيظلون ينفخون في القرب المثقوبة ، وحينها ستليق بهم تلك الامثولة بمعناها الصارخ : ما ابشع الواهمون وهم يقفزون من خطيئة الى تقية والتقية يدفعونها الى غيبة يبدو اغترابها اهون من التقية ! . وهنا يمكننا اختزال الأمر في أن كل العقائد تشكلت ونمت مرتكزة على ثلاث … شخص و أمر و ظاهرة تتتوطم و .. تنظيرات لا تفسر بل تقدس وبهالة رعب مركزة على الأتقياء والرعيل قبل المحيط لابل من خلال الرعيل ينشر فزاعة الخوف لتخيم على الرعيل .