عز الدين ملا
الثورة..الأزمة.. القيامة السورية دخلت عامها العاشر والتي كانت في البداية ثورة حقيقية أشعلها السوريون ضد نظام فاشي استبدادي الذي جعل من سوريا مزرعة لبيت الأسد.
بعد مرور تلك السنوات ذاق الشعب السوري الويلات من دمار مدنه وقراه وقتل المئات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين إلى دول الجوار وإلى المهاجر الغربية، ونزوح الملايين عن مناطقهم إلى مناطق أخرى ضمن الخارطة السورية.
في بداية كل عام تزداد وتيرة التحركات الدولية والإقليمية وكأنَّ الوضع نحو الحلحلة، ولكن مع مرور الأشهر تنخفض هذه الوتيرة وتزداد معاناة السوريين.
خلال هذه الفترة الطويلة تعددت المؤتمرات وكثرت الاجتماعات وازدادت الدول المتدخلة في الشأن السوري، حتى باتت سوريا ملعباً يضرب كل واحد منهم ركلة بإتجاه مرمى خصمه.
أصبحنا نحن السوريون غرباء في بلدنا وأصبح الغريب واللئيم والسارق والفاسد وطنياً ومناضلاً.
1- كيف تقيّم الوضع السوري بعد عقد من الزمن وطنيا وإقليميا ودوليا؟
2- ما أسباب استمرار هذا الوضع حتى الآن؟
3- لماذا تخاذل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية وغضَّ الطرف عن كل ما جرى ويجري في سوريا؟
4- هل تتوقعون إنتهاء الأزمة السورية قريبا، أم لا؟ ولماذا؟
انتهاء الأزمة السورية مرهون بتفاهمات دولية وإقليمية
تحدث عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد علي إبراهيم، بالقول: «الانطلاقة الأولى للثورة السورية ضد الظلم والاستبداد بدأت في 15 آذار 2011، التي كانت في بدايتها احتجاجات سلمية تطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية، وأخذت طابعا جماهيريا سرعان ما انتشر ليشمل الجغرافيا السورية، واستمرت الثورة في نهجها السلمي إلا ان النظام وبأساليبه الأمنية اللعوبة تمكن من دفعها للعسكرة وجرِّها نحو العنف، وتحولت المظاهرات السلمية فيما بعد إلى ثورة مسلحة وبفعل فاعل في طول البلاد وعرضها ودفع السوريون الثمن غاليا. ـ وطنيا وصل عدد الضحايا في الأرواح البشرية مئات الآلاف، وتكشف الإحصائيات عن وجود أكثر من 3 ملايين طفل سوري خارج المدارس، هؤلاء يعيشون مع أهلهم في مناطق النزوح واللجوء التي تضم نحو 13 مليونا. ـ إقتصاديا تدمير البنية التحتية وتقدر تلك الخسائر بأكثر من نصف ترليون دولار، وارتفاع معدل الفقر ذروته أكثر من 90 في المائة وإرتفاع كبير في معدلات البطالة، ونتيحة الإزياد في حالة الفقر وتدهور قيمة الليرة السورية وحالة البطالة في أوسع اشكالها، إزدات عمليات السرقة والنهب والجرائم في البلاد. ـ إقليمياً منذ بدء الثورة السورية سعت الدول الإقليمية التدخل في الشأن السوري وتراوحت وفق مصالحهم في المستقبل السوري بين داعم للنظام وبكل قواه عسكريا ولوجستيا، وبين داعم لبعض أطراف المعارضة المختلفة في توجهاتها وبألوانها المتعددة وفق أجندات تلك الدول الإقليمية. ـ أما دوليا ليس أقل تناقضا من الدول الإقليمية وفق الأجندات والمصالح الآنية أحيانا وحول مستقبل سوريا والذي يكتنفه الغموض والضبابية كما هو الحال في موقف التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي يترنح في إتجاهات عدة هذه من جهة، ومن جهة أخرى الموقف الروسي المتشدد بالدفاع عن النظام وبقائه».
يتابع إبراهيم: «نظراً لموقع سوريا الجغرافي والاستراتيجي بين الدول التي تحيطها من مختلف الجهات حيث إسرائيل من الجنوب الغربي، ومن الشمال الدولة التركية وعلاقاتها المميزة مع ثقل المعارضة، والأذرع الإيرانية في كل من لبنان والعراق عدا عن حضورها المميز وبكل قواها المادية والعسكرية في سوريا، والدعم الروسي لبقاء النظام، ومن جهة أخرى المعارضة غير المتجانسة وخلافاتها المعقدة في الرؤى حول مستقبل البلاد وإيجاد البديل، والموقف من المكونات الرئيسية في البلاد (ومنهم المكون الكوردي) التي يتألف منها المجتمع السوري، إضافة إلى القوى الدولية التي لا تزال لم تحسم الموقف بشكل جدي من طرفي المعادلة، المعارضة والنظام، مما سبق وما يحمل الوضع من تعقيدات شائكة، وتظاهر النظام بمحاربة الإرهاب المختلقة وعدم جدية الدول التي أدعت في البداية أصدقاء الشعب السوري وتخاذلهم باستمرارية التأييد والوقوف إلى جانب معاناة السوريين وتغليب مصالحهم على إيجاد الحلول، مما زاد من غطرسة النظام وعدم إلتزامه بالقرارات الدولية وإطالة عمره، وبات واضحا أنهم يديرون الأزمة في البلاد.
يضيف إبراهيم: «إنتهاء الأزمة السورية عاجلا أم آجلا بات مرهونا ضمن التفاهمات والتوافقات بين الدول ذات النفوذ في الأزمة السورية، الولايات المتحدة ودول التحالف من جهة، وروسيا وإيران من جهة أخرى. والدور التركي الذي اتخذ من أخطاء pyd القاتلة والتي خدمت الاجتياح التركي في عفرين وكري سبي وسري كانييه الذي أدى إلى تهجير مئات الألوف من أبناء الشعب الكوردي إلى مناطق النزوح والهجير، واذا لم تتغير مواقف الدول ذات الصلة بالوضع السوري سنرى العديد من مؤتمرات جنيف وأستانا وسوتشي وإجتماعات اللجنة الدستورية».
المشكل السوري، التعامل على اساس إدارة الأزمة وليس حلها
تحدث منسق مكتب العلاقات الخارجية والدبلوماسية لجبهة السلام والحرية وعضو هيئة التفاوض، حواس عكيد، بالقول: «تبنّي النظام السوري سياسة الأسد أو نحرق البلد، التي جلبت الويلات للوطن السوري وأدت إلى انتهاك السيادة نتيجة تدخل العديد من الدول في الشؤون الداخلية للبلاد، ولم يعد للأسد ونظامه أي سيادة فعلية على سوريا التي أصبحت تحت سلطة الدول التي تتصارع على مصالحها، وتوجّه بوصلة مصير السوريين وفق أهوائها غير آبهة بمعاناة الشعب الذي أصبحت مأساته من أكبر المآسي في العالم بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. وتحوّلت سوريا بسبب خيار القمع الوحشيّ للثورة مثالاً للعالم لدولة اللادولة الرازخة تحت العدبد من الاحتلالات والعقوبات، وأصبحت مثالاً سياسياً لتخلّي العالم عن شعب طالب بالحرية. وعلينا ألا ننسى أن البعض من أدّعى الثورة رضي لنفسه أن يكون مرتهناً بيد قوى دولية ويعمل تحت امرتها بشكل مباشر».
يتابع عكيد: «هناك العديد من الأسباب التي أدت الى استمرار الوضع على ما هو عليه منها داخلية ومنها دولية وإقليمية ومن الأسباب الداخلية استمرار النظام بالحل العسكري وتعطيل جميع المبادرات والقرارات الدولية للمضي قُدُماً بالحل السياسي وغياب الرؤية السياسية الواضحة لقوى المعارضة وإرتهان قسم منها لأجندات خارجية بالإضافة إلى تعدد الفصائل والولاءات حسب الجهة الممولة، ناهيك عن دخول العديد من المنظمات الإرهابية مثل داعش والنصرة وكذلك الميليشيات الطائفية وسيطرتها بشكل فعلي على الأرض السورية، كما أن الدول المسيطرة على الأراضي السورية لم يعد يهمها الحل السياسي لأنها تعدُّ بأنها حصلت على حصتها من الكعكة السورية، وتتعامل مع ملف السوري من منطلق إدارة الأزمة لا أكثر».
يعتقد عكيد: « رغم إتفاقهم بشكل نظري على الحل السياسي في السوري ولكن هناك إنقسام واضح بين المواقف الدولية وتفسيراتهم للقرارات الدولية المتعلقة بالوضع السوري ولاسيما القرارين ٢١١٨ و٢٢٥٤، بين الدول الداعمة للنظام وبقية الدول وما رافقه من خلافات بين مواقف الاجسام المعارضة، بالإضافة إلى بروز دور المنظمات الإرهابية وتقاسم مناطق النفوذ في سوريا بين الدول، وهذه الملفات تعد مكملة لملفات خارج سوريا مثل الصراع على الإستثمارات في البحر المتوسط وخطوط الغاز ووضع ليبيا واليمن وغيرها، مما دفع الدول المؤثرة في الشأن السوري إلى البحث عن مقايضات على حساب مصالح الشعب السوري غير آبهة باولويات سوريا كدولة ذات سيادة».