روماف – مجتمع
شمس عنتر
إن هذه الذكريات شاقة على النفس يا صديقي , إنها تطعن قلبك مرة ثم يبقى الجرح نازفاً إلى الأبد…
دوستويفسكي…
كانت في ربيعها الثامن وفي ليلة صيفية بينما هي نائمة في بيت قريب لها ، تقلبت في الفراش وكأن حشرات تلدغها حاولت أن تستفيق لكن يد خشنة كتمت أنفاسها وباليد الأخرى البسها سروالها.
ومرت السنوات وكرهها لشخص بعينه يكبر
ولا تعرف كنه هذا الكره ولا تجد له تفسيراً ، امتد كرهها ليشمل أغلب الذكور .
وفي يوم وهي واقفة في طابور على باب الفرن حيث كانت في الثالثة عشر من عمرها ،عندما تحرش بها شاب واقف خلفها، انقلبت في ثواني إلى حيوان مفترس وقفت على رؤوس أصابعها وأمسكته من رقبته وأحنت رأسه حتى لامس الأرض وصارت تطرق ظهره بكلتا يديها وهي في حالة هستيرية ولم تتوقف إلى أن حرره بعضهم من بين مخالبها.
تلك الحادثة جعلت القشور تتكسر عن تفاصيل تلك الليلة الصيفية وأيقنت أنه لم يكن كابوسا أو توهم بل كان اعتداء حقيقيا.
وعرفت لماذا تكره ذلك الشخص ، فالذكريات لا تموت بل تختبئ في بعض الثنايا وتطل برأسها أن استُفزت. وتغيرت حياتها ،صارت تمضي الليالي تفكر بالانتقام منه وتضع مئات الخطط لقتله حتى تغفو من التعب.
كانت ترى في نفسها رجلا راشدا وتستفزها نظرات الاشتهاء، حتى أنها ضربت زميلا لها في الجامعة .
لكن المجتمع لا يرحم المتفردين ورغم أنها كانت قد أطفأت كل أنوارها ولكن لم تستطع مقاومة من أحرق نفسه ليجدها ، فقبلت الزواج منه بشكل تقليدي .
ولم تتقبل فكرة أن تنجب ولجأت إلى الأدوية التي تسببت لها بأذية رحمها ، لتبدأ رحلة المعاناة بشكل آخر.
أنتِ لم تعودي قادرة على الإنجاب!! نزلت عبارة الطبيب كسقوط الملح على الجرح و تحطم في داخلها شيء ما وكانت الصدمة من الشدة بحيث جعلتها تستعيد وعيها المغيّب لتحاول التصالح مع جسدها ومن ثم مع روحها، واصبحت تتصرف كالنساء وتتزين وتعامل شريكها كزوج حقيقي ، ولم يطل الانتظار حتى كان قطار السماء يُنزل في محطتها أجمل الأطفال لتسامح وتترفع عن الانتقام وترتاح للذكور.
وتتعرف لاحقا على الحب.