عزالدين ملا
تعد الحرب الروسية الأوكرانية من أسخن الأحداث في العالم، والتي تتصدر الصفحات والشاشات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، أخذت حيزا كبيرا من اهتمام شعوب العالم، وبخاصة الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته في الداخل أو في المهجر ومخيمات اللجوء، يتابعون الحدث لحظة بـ لحظة، وحتى يجتهدون في التعليق والتحليل.
الشعب السوري الذي عانى الويلات من الحرب الذي طال أمدها لأكثر من إحدى عشرة سنة تخللها دمار وقتل وتشريد، ذاق السوريون مختلف صنوف الإرهاب والتمييز والكيل بمكيالين.
شعب كان في يوم من الأيام يفتخر بوطنه وانتمائه السوري، حيث كان مضرب المثل في كل مكان تواجده خارج وطنه. حيث كان ذا عقل واع وفكر نير، قدم للعالم وللإنسانية خدمات جليلة لا يمكن لأحد إنكارها، رغم ما كان يعانيه هذا الشعب من غطرسة وهمجية سلطته الحاكمة المستبدة, وكما كانت سوريا في الماضي السحيق حضارة رفدت للإنسانية من العلوم والفكر أجملها وأجودها وأرقاها.
الآن وفي هذه الأيام يتألم السوريون لما يحصل في أوكرانيا من دمار وقتل وتهجير وتشريد نتيجة حرب مجنونة، ليس للشعب الأوكراني ذنب فيها. السوريون يتابعون الأخبار ووضع الشعب الأوكراني بحرقة وحزن لِما يجري لهم، يشعرون بمعاناتهم، لأنهم ذاقوا تلك المرارة ومازالوا يذوقون.
طرفا الصراع في هذه الحروب الجنونية هما الدول العظمى، أمريكا والغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى، والفارق هذه المرة أن الحرب على تخومهم ومعاقلهم.
وهنا يمكن القول أن هذه المرة قد تكون لها شكل آخر ومرحلة أخرى تهيئ لنتيجة تكون بمجملها بازارات سياسية مغايرة لِما كانت عليه في الماضي.
في الحرب، الجميع خاسر، طبعاً ليس الكل على نفس الدرجة، فـ الخاسر والمتضرر الأكبر هي حكومة أوكرانيا وشعبها المسالم، التي فُرِضَتْ عليها وأُجبِرَتْ في دخولها هذا المعترك المظلم، ولم يكن أمامها سبيل سوى الرضوخ والاستسلام لـ بوتين أو المقاومة، وقرار المقاومة جاء أيضاً من الوعود التي تلقتها الحكومة الأوكرانية من أمريكا والغرب، وكان خيارها الصائب رغم ما ستجنيه من قرارها هذا.
كما في سوريا التي استمرت الأزمة كل هذه السنين ليس لأن الشعب السوري لا يريد إنهاءها، بل فُرِضَت عليه رغماً عنه، وكذلك المقايضات والبارزات السياسية الدولية لم تتوصل إلى حل يرضي الأطراف المتداخلة والمتشابكة في المشكل السوري لإنهاء معاناتها.