تتعرض المؤسسة التربوية منذ أن حلت لعنة منظومة العمال على مناطقنا، مثل غيرها من المؤسسات الى التشويه والتخريب، إذ تنفذ مشروع التجهيل عبر غسل أدمغة الطلاب والطالبات، وكسب ولائهم العقائدي والسياسي، وفتح ابواب الأمية العالية على مصرعيها، وتسبب في انهماك العوائل في خضم هذه الإشكالية وباتت العملية مثار ومدار قلق للعوائل على أبنائها، ولئن كان التخريب في المجالات الاجتماعية على جميع مناحي الحياة والخدمات والأمن والكهرباء وغيرها ما يمكن إصلاحه بالمال، لكن التخريب في التعليم لا يمكن لكل أموال الكون أن تصلح آثار فساده.
ولكن ليس هنا هو الطامة الكبرى، بل الطامة الكبرى هي في تحوّل بعض الأصوات الشاذة من الوسط الثقافي إلى بُؤر أيديولوجية لحزب العمال، وفق عقد واضح معها، ورفد مستنقع الجهل بالتنظير الهش الرخيص، إذ ينشرون الكثيرمن الأفكار الهدامة جزافًا، طالما لم يبق لنا سوى متابعة فصول تملق هؤلاء مع سلطة الأمرالواقع، بعد أن ملؤوا آذاننا بكلامهم الفارغ عن منجزات سلطة الأمر الواقع، ويبدو أنه لم يبق في كوردستان سوريا أية مشكلة خدمية ولا أمنية فكلها قدحلت وبقي فقط أن يضعوا الأيدي على الحقل التربوي ..
وأغلب هولاء يسحبون رؤوسهم من الجحور مّترسمين بالكرافيتة والطقم، محاولين أن يعطوا لأنفسهم ثقلًا ووزناً على أنهم منظرون، وتقديم الولاء ولو على حساب الشراكة في هدر الدم، ولهذا الصنف المكشوف تجارب يمكننا من خلال متابعة الافكار والنصائح التي يطرحونها أن نجد تصنيفا للظواهر التي نعايشها. لكن قبل الكلام المشيخاتي الممجوج والسباحة في مستنقع الجهل من خلال إرسال ابنائهم إلى جامعات عالمية، ليحاولوا بصورة مشوهة وملفقة، في نفس الوقت، منع طلاب الآخرين، وخاصة الفقراء من اختيار المناهج التعليمية ويعتبرون فرض مناهج الأمرالواقع ” المؤدلجة” خطوة جيدة.
وهذا أمر بحد ذاته يدخل ميدان الأفك والتزوير حتى ولو ادعى هولاء الثقافة أو الخط الثالث، الذي يخدم خط العصابة، ليكون في إطار خط على هواه مأجورا تحت خدمة منظومة حزب العمال، عند اللزوم، وباسم الاستقلالية المفضوحة، ووفق سياسة زئبقية، غيرمبنية على المبدأ. هذه خلاصة عقلية البعض المبنية على الإلغاء والتفرد وسحق الآخر.
بين يدي الآن منشور لأكاديمي من هذه النخبة المتلونة وهو يستطرد ويبتهج لقرار الإدارة البكاكاوية وكأنه يذكرنا ب”سايكولوجيا الإرهابي” الذي يفجر جسده كي يستمتع بقتل من حوله، وهو أخطر أنواع السلوك البشري الذي ظهر على حين غرَّة -مع الانتشار يمينا وشمالا لوسائل القتل الجماعي إذ يقول: (ولكن المطالبة بإلغاء التدريس باللغة الكوردية فهي إحدى أكبر الأخطاء الممكنة توقعها من حراكنا الكوردي، وجلها نابع من بنية الخلافات الحزبية وليست مبنية على الدراية وقراءة مستقبل الأمة الكوردية.) وما يدعو للوقوف عنده هو انه يتانسى أن الاهتمام باللغة الكوردية لم ينقطع من قبل الحركة الكوردية، فقد كتب برنامج أول مؤسسة حزبية بهذه اللغة، وأقيمت دورات لغوية كوردية لا تعد ولا تحصى، في زمن الترهيب، والرعب، بل وكل من كتب، ونشر بهذه اللغة في ذلك الزمن نفسه عندما كان مجرد ضبط ألفباء كوردية، يؤدي إلى السجن والتعذيب في حين كان هو ومن على شاكلته يدفعون ليدفعوا البلاء عنهم بالتضرع والدعاء ويواصلون حياتهم، ويقولون ياربي سترك.
لذا – فأي تلكوء، وسوء تصرّف، سيجعلاننا هدفاً للمحو، و لا يغرن أحدا بقوَّة هرولة العمال الكوردستاني التي هي مجرد وهم، خارج مصلحة شعبنا، ولا للانصياع إلى الأصوات الشاذة.