الخامس والعشرون من شهر آب و منذ خمس سنوات مضت احتل مكانة بارزة في التاريخ الكوردستاني عندما استجاب الشعب الكوردستاني لقرار الرئيس مسعود بارزاني بإجراء الاستفتاء حول استقلال كوردستان لما خلده من أثر وما حمله من مضامين حيوية تشكل نقطة ارتكاز أساسية لإستراتيجية كوردستانية تعد من صميم نهج الكوردايتي الذي اسس له الزعيم الكوردستاني الخالد مصطفى بارزاني لما يقارب قرنا من الزمن ، وقال في يوم 25 سبتمبر/ أيلول 2017 وبصوت واحد ” نعم لاستقلال كوردستان” رغم كل التحديات في ذلك الوقت الى درجة ذهبت ببعض المترددين الي التشكيك في صواب قرار الرئيس بإجراء الإستفتاء. لكن ما حصل تم الاستفتاء بقمة معايير النزاهة حسب شهادات مراقبين دوليين ، وتجاوز كل التوقعات والمراهنات على فشل العملية والإنعكاس سلبا على وضع الشعب الكوردستاني ومستقبله ، خاصة وأن كوردستان في حينها كانت تمر في ظروف بالغة الحساسية في ظل تكالب إقليمي عليها وتأرجح ملموس من جانب العديد من حلفائها ،جراء تمسك الزعيم بارزاني بقرار إجراء الاستفتاء وقناعته المطلقة بصواب هكذا قرار في هكذا ظروف داخلية وإقليمية وحتى دولية.
ففي الوقت الذي كان فيه العالم منهمكا بالقضاء على تنظيم الدولة داعش كانت عواصم الطوق الغاصب تتابع ترتيباتها وتجند مرتزقتها والتهديد باستخدام القوة وبحصار كوردستان واغلاق الحدود وفرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية لكسر ارادة الشعب الكوردستاني وثنيه عن قراره من خلال تجويعه والتضييق عليه ونسف مكتسباته التي تحققت بفضل تضحياته الجسام وبعد أن نالت ثقة القوى العظمى خلال دحر قوات البيشمركة بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي للهجوم الداعشي المدعوم إيرانيا وعراقيا على كوردستان وعلى إمتداد جبهة تعد في مصاف أطول جبهات الصراع في التاريخ الحديث حيث كانت الخطوة الاولى لإنهيار أركان التنظيم الارهابي.
لم يكن قرار إجراء الاستفتاء على استقلال كوردستان بالأمر العارض أو العفوي بل كان قرارا تم اتخاذه بعد دراسات مستفيضة لمجمل الأحداث التي سبقتها وتحليل واستقراء لما تكتنفها القادم من المراحل التي لا بد وأن تمر بها المنطقة وعلى المدى البعيد فيما يتعلق بمصير ومستقبل الشعب الكوردستاني. لذا جاء قرار الإستفتاء بمثابة الضربة الحاسمة للموقف الكوردي وبجانبين الأول بعدم التهاون مع كل تعد على الحق الكوردي المشروع والذي لابد ان ينال إعترافا محليا وإقليميا ودوليا سيما وأن قرار الإجراء كان كوردستانيا وأن الشعب الكوردستاني أجمع على كلمة واحدة بهذا الشان، ولم تثنيه عن قراره حتى رفض القوى العظمى وذات الشأن في اتخاذ قرارات متعلقة بمستقبل المنطقة برمتها ، والثاني هو الإجماع الكوردستاني العارم والإلتفاف حول الزعيم مسععود بارزاني كقائد تاريخي لايهاب في حرصه على الحق الكوردي والساعي بشعبه نحو الحرية والإستقلال والذي تأكد من خلال تظاهرات الدعم والمساندة الهائلة التي شهدتها كوردستان قبيل عملية الاستفتاء ، لدرجة أن الرئيس بارزاني وضع القرار بيد الشعب بعد أن رأى فيه القدرة على ترجمته عمليا على أرض الواقع مهما عظمت التحديات ، وهو لم يكن مخيبا في توقعاته عندما حل الخامس والعشرين من شهر أيلول 2017 ، بل كان مخيبا لآمال الأطراف والجهات التي رأت في قرار الإستفتاء نهاية الكيان الكوردستاني بقرائتهم الخاطئة للتاريخ وتفكيرهم المنغلق على ذاتهم الاستعلائي. ممن رأى في الإعتراض الغربي على إجراء الإستفتاء والتحذيرات التي وجهت في حينها للقيادة الكوردستانية نهاية الدعم الغربي لكوردستان بما يتاح لها فرصة الإنقضاض ،غير مبالين بان التقاطعات الأنية لمصالح الدول التي عارضت الاستفتاء الكوردستاني في بغداد سواء الاقليمية منها ام الغربية لم تكن سوى حالة عرضية اوجدتها الظروف التي كانت تمر بها المنطقة .وما لبثت أن انتهت ليعود الموقف الدولي إلى سابق عهده تجاه الشعب الكوردي بل وتتعزز علاقته معه مع القيادة الكوردستانية ، ليضاف بذلك مكسبا جديدا إلى مكتسبات الشعب الكوردستاني ، وانجازا تاريخيا تحقق بفعل الإرادة والحكمة القوية لدى قيادته المتمثلة بالرئيس بارزاني ووحدة كلمة الشعب الكوردستاني وثقته بتلك القيادة التي لم تخيب ظنها وتسير به من نصر إلى آخر أكثر عظمة وأعمق ترسيخا للحق الكوردي .
وعظمة هذا الإنجاز يتمثل بكونه وثق هوية الشعب الكوردستاني وانتمائه وحقه المشروع بإقامة دولته المستقلة بشهادات دولية محايدة وبآلية سلمية عصرية شفافة لا تشوبها شائبة