روماف – رأي
الأزمة السورية التي طالت لأكثر من أحد عشر عاماً، غيرت من تصور السوريين لعدة مرات وعلى مدى هذه السنوات الطويلة، في حين كانت تصور السوريين جميعاً بدون استثناء في بداية المشكل السوري، هو العيش ضمن دولة تؤمن جميع الحقوق ولكافة المكونات السورية، ولكن تطويل الأزمة وتعدد الأيادي الداخلة والمتداخلة في الشأن السوري زاد من تعقيدها، بل عقَّد من فرص الاسراع في الوصول إلى الحل السياسي وبناء سوريا تضم الجميع ضمن مظلة الوطن للجميع.
الآن يتغير تصور السوريين من منطقة إلى أخرى، والتصور الموحد هو تأمين لقمة العيش والعيش الكريم، هذا تصور السوريين جميعاً ويتوحدون عليها، لأن الأزمة الاقتصادية أثقل كاهل المواطن السوري وفي كل مكان.
وأكثر من يدفعون ضريبة الصراع هم الكُرد في عفرين وسري كانية وكري سبي، هذا لا يعني أن غير الكُردي لا يدفع الضريبة ولكن الكُرد أكثر من يدفع من خلال استغلال تلك الفصائل وتر الطائفية من أجل التأليب بين العرب والكُرد، ويستمرّون في السيطرة على هذا المنوال.
تصورات المواطنين السوريين تتوحد في إنهاء الصراع بأي شكل من الأشكال وتحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي والأمني والعيش الكريم، النازحون همهم في تلك المناطق البقاء على الوضع الراهن خوفاً من نزوح جديد، أما العرب الأصلاء في تلك المنطقة يتمنون الانتقال إلى الحل السياسي والخلاص من توترات تلك الفصائل وإنهاء ما هو مسلح. والكُرد في عفرين وسري كانية وكري سبي همّهم الصبر وتحمل المتاعب إلى أن يتم تحقيق توافق دولي حول ماهية مصيرهم.
أما المناطق التي هي تابعة للإدارة الذاتية، هي مناطقة واسعة تضم كافة المكوّنات السورية، والسوريين هناك في حالة الرعب وعدم الاستقرار لعدم وضوح الرؤية لمستقبلهم وخاصة التهديدات المتكررة من جانب تركيا باجتياح جديد. ومن جهة أخرى العودة إلى حضن النظام السوري، يعني هم أمام أمرين أحلاهما مرّ.
السوريون ونتيجة الصراعات بين الجماعات المتخلفة على الأرض السورية من جهة، والصراع بين الأطراف الدولية ذات الشأن بالملف السوري من جهة ثانية، أحدث خللاً في التعايش بسلام بين كافة المكونات، والخوف من أن أي مكون يستلم زمام الأمور أن يستغلّ الحكم لتنفيذ الثأر والانتقام، والتصور الأنجع والأنجح لتحقيق الاستقرار والأمان وما يجمع عليه كافة مكونات السورية عدا العقلية المتشددة والعنصرية، أن الحل هو سوريا اتحادية تعددية لا مركزية، هكذا يضمن الجميع ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
وباعتقادي، إن الأزمة السورية غيّرت الكثير من المفاهيم وخاصة ما يتعلق بتصوراتهم المستقبلية، في وقت كان معظم السوريين مطلبهم تغيير النظام وبقاء سوريا موحدة، ولكن الآن وبعد تلك السنوات التي نال السوريون مختلف الويلات والعذابات، وحصول شرخ بين التنوع الفسيفساء السوري، نتيجة تلك العقلية العنصرية والشوفينية التي تم غرسها من قبل النظام في عقول السوريين خلال عقود سيطرته على الحكم.
الكُرد، الذين تعرضوا خلال عقود حكم النظام لممارسات وأساليب تمييزية والشوفينية وطبقت بحقهم الإحصاء الجائر والحزام العربي، ورغم ذلك كانوا السباقين إلى مد يد الإخوة لبقية مكونات الشعب السوري، في بداية الثورة وقفوا إلى جانب السلم والأمان، وخلال سنوات الأزمة فتح الكُرد أحضانهم للنازحين والمهجرين من ديارهم وكانوا العون في محنتهم رغم معاناة الكُرد الكثيرة لم يبخلوا بمساعدة السوريين الذين نزحوا من مناطقهم.