طغت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على مجمل السياسات العالمية، وتخطت حدود الغرب والشرق، وما نلاحظ على الأرض السورية من مد وجزر في سياسات الدول الإقليمية والدولية ليست سوى تأثيرات تلك الحرب.
ومن خلالها تدفع بمستقبل سوريا عامة وكوردستان سوريا خاصة نحو مستقبل مجهول، فكل دولة تتحرك وفق ما تقتضيه مصالحها، ولا يهمها ما وصلت إليها حال سوريا والسوريين، والوضع الكارثي في المستقبل.
من هنا يعمل كل طرف، ويتحرك لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والنفوذ. أما السوريين عامة والكورد على وجه الخصوص فملتهون ببعضهم البعض، من اتهامات وتخوين واستغلال، وهذا كله جعل الدول تغض الطرف عن كل ما يحصل في سوريا من عنف ومجاعة.
1- ما تحليلك لكل ما يجري الآن من سياسات المد والجزر على الساحة الدولية والإقليمية؟
2- ما هو عامل الربط بين ما يجري على الساحة السورية والكوردية وما يجري من تداعيات دولية على رحى الحرب الروسية والاوكرانية؟
3- من خلال كل ما يجري أين يتواجد السوريون؟ وهل للكورد وجود في كل هذه السياسات؟ أين؟ ولماذا؟
4- كيف يمكن للكورد التحرك نحو الأمام ورسم بصمة لهم في السياسات السورية المستقبلية؟
الكورد عنصر وعامل قوي للتوازن بين المكونات السورية
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، الدكتور كاوا أزيزي، بالقول: «السياسة، يعني مصالح. لا سياسة دائمة. السياسة تتغير، لكن المصلحة ثابتة ودائمة. من لا يفهم بالسياسة ويتبع العواطف والشعارات في النهاية يبقى وحيدا في مفترق الطرق، ويبدأ باتهامات خانني، خائن، خيانة وإلى ما هنالك من اتهامات لا معنى لها. سوريا كدولة وكشعب، فقدوا السيطرة على مسار الحوادث في بلادهم.
لا المعارضة ولا النظام يملكون قرارهم اليوم، كل شيء اصبح في بازارات القوى الدولية والإقليمية. لقد تحولت سوريا الى ساحة لتصفية حسابات الآخرين وعلى حساب الشعب السوري. نَصَحنَا الأمريكيين قبل تأسيس المجلس الوطني الكوردي بعدة شهور (ممثلي أحد عشر حزبا كورديا في هولير). بان الحرب في سوريا ستكون طويلة، هذه الحرب ليست حربكم ابتعدوا عنها. من سيدخلها سيصبح جسرا لغيره ……..الخ».
يتابع أزيزي: «نعم، الكل يتبع مصلحته، تركيا تسعى للسيطرة الكاملة على كوردستان سوريا مستغلة وجود الـ ب ك ك، إيران تمد نفوذها بشكل خطير وتريد السيطرة من الداخل على قرار النظام، الروس يهمهم قواعدهم البحرية في طرطوس والساحل، أمريكا تقوم بتشويش الجميع والسيطرة على خيوط اللعبة كاملة بالاتفاق الضمني والظاهري مع إسرائيل بجعل سوريا أرضا وشعبا آمنة وغير خطرة على امن اسرائيل.ان من دفع وسيدفع ثمن هذا كله انه الشعب السوري بكل مكوناته ومنهم الكورد بشكل خاص. تهجير، تدمير، قتل، اعتقالات، مغيبين، سجون، مجاعة، أوبئة، تشرد، تغييرات ديمغرافية قطع النسيج الاجتماعي والمذهبي والقومي السوري. بالحصيلة دولة فاشلة ومقسمة على أرض الواقع».
يضيف أزيزي: «طبعا كل الاحداث الدولية ترتبط ببعضها البعض وتتأثر ببعضها البعض، ان انشغال الروس بالحرب الاوكرانية، ضعف من وجودها في الساحة السورية مما افسح المجال لكل من تركيا وإيران بالتمدد والسيطرة، وهذا هدد مصالح الاسرائيليين والروس، مما دفع بإسرائيل بضربات قاتلة لقوات النظام وإيران على الأراضي السورية والعراقية وحتى الإيرانية، واشتداد التناقض بين أمريكا وتركيا ودول الناتو وتركيا. هذا كله، يتسبب في توسيع رقعة الحرب وتحويلها إلى حرب اقليمية على أقل تقدير ان لم نقل عالمية وخاصة بعد اشتداد الصراع بين روسيا والناتو».
يردف أزيزي: «السوريون في هذه المعمعة اقصد النظام والمعارضة لم يستطيعوا ان يكونوا سوى متفرجين سلبيين. عدا انهم يعادون بعضهم البعض بشكل عنيف ( النظام، المعارضة، المعارضة فيما بينها، الكورد فيما بينهم وان لم يتحول صراعهم الى مسلح ). الكورد متواجدون على الساحة السياسية السورية، الانكسة مع المعارضة في الائتلاف الوطني السوري كجزء من العملية السياسية السورية، وقسد المتهمة بانها كوردية كأجندة للنظام أولا؟، وبعدها كحلفاء للتحالف الدولي ضد داعش عسكريا فحسب».
يختم أزيزي: «للكورد أهمية كبيرة في سوريا. فهم القوة الأكثر تنظيما والأكثر ثورية. انهم عنصر وعامل قوي للتوازن بين المكونات السورية، وعامل توازن على الساحة السياسية والعسكرية السورية. من الواجب ان يصل الكورد بكل تصوراتهم وايديولوجياتهم إلى حد أدنى من الإتفاق، واستغلال الوجود الامريكي كضمانة للعمل السياسي، ومن المفروض ان تغير الانكسة اسلوب عملها، وتقدم برنامجا واستراتيجية جديدة تشارك بفعالية في العملية السياسية شرق وغرب الفرات كقوة معارضة مستقلة، لها مشروعها القومي الكوردي والوطني السوري. وكما يفترض على الحزب الكوردى الأكبر في سورية الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا والتي تستعد لعقد مؤتمرها الثاني، ان ينتخب قيادة قوية تعتمد على الداخل وان تنزل إلى الشارع بقوة حاملة هم المواطنين، ومستقبل الكورد السوريين. وان تمد جسور التعاون والتنسيق بين جميع المكونات والتوصل مع الـ ب ي ن ك إلى إتفاق حد أدنى يضمن العمل السياسي الحر برعاية أمريكية، والدخول إلى الساحة من كل جوانبها، والابتعاد عن وضع المتفرج السلبي».
القضية الكوردية في سوريا جزء لا يتجزأ من القضية الوطنية السورية
تحدث القيادي في حركة الاصلاح الكردي في سوريا، كاظم خليفة، بالقول: «ان البحث فيما يجري على الساحة الدولية. والاقليمية من صراعات نتيجة لتداخل وتشابك المصالح بين الدول الكبرى وانعكاسات، هذا الصراع بشكل مباشر على الساحات المحلية في أية بقعة جغرافية يمكن قراءتها بشكل أولي في ظل مفهوم العولمة بكل مظاهرها السياسية والاقتصادية والثقافية. والآليات المستخدمة في تطبيقها والتي قد أوجزها البعض بجملة ( ان العالم بات كقرية صغيرة )، وذلك بفعل ثورة التكنولوجيا والحاجة إلى ايجاد بيئة مناسبة لإنشاء اسواق اقتصادية عابرة للحدود الوطنية يمكن الاستثمار فيها من قبل الدول العظمى. مع الاشارة إلى الصراع قبل التسعينيات بين قطبين عالميين ( أمريكا والاتحاد السوفييتي)، ثم سيطرة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتفرد أمريكا في قيادة العالم وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وما خلفتها من تداعيات، وسعي كل من روسيا والصين وحلفائهما اليوم في إعادة إيجاد قطب جديد في مواجهة أمريكا وحلفائها، والتنافس على إيجاد نظام عالمي جديد يخدم مصالح كل منها وخاصة بعد ان اصبحت سوريا موضع استقطاب دولي، والدور الذي أنيط بروسيا في هذا الملف حتى تمردت على القطبية الاحادية، وبدأت تطرح نفسها كقوة أخرى في مواجهة التفرد الامريكي. واعتقد ان المنطقة الأكثر خصوبة وتلاؤما والتي يكون الصراع فيها وعليها هي منطقة الشرق الاوسط التي رُسمت، اغلب خرائطها من قبل الدول العظمى بطريقة تخدم مصالحها المستقبلية، ولما في هذه المنطقة من خيرات تتحكم بها أنظمة استبدادية فاسدة وصراعات قومية ومذهبية وقضايا شعوب مضطهدة أمعنت دول الإقليم المعنية منذ عشرات السنين في تعقيدها بالتوافق مع بعض القوى الدولية بدل البحث عن حل لها».