روماف – رأي
يشد المواطن الشرقي في انتباهه إلى كل ما يجري الآن على الساحة الإقليمية والدولية، ويزيد من متابعته للشاشات الفضائية لمعرفة آخر الأخبار عن كل ما يحصل في ساحات الصراع، ويزيد من تركيزه إلى كل التحليلات والآراء لشخصيات سياسية واقتصادية وعسكرية، ومن ثم يُخلق لديه حالة تشويش وعدم فهم لكل ما يدور في أفلاك السياسة والمصالح، وهكذا تتحول الحالة إلى فقدان الأمل وعدم الثقة وتتشكل لديه عقد نفسية تحليلية مزمنة.
لذلك يتحول هو نفسه إلى محلل ويعطي رأيه في السياسات الإقليمية والدولية ويفسر كل حركة أو حدث على حسب فهمه ومداركه والتي تكون دون ثقافة أو وعي، فيتخبط بالبراهين الغير واقعية كما ويصطدم بمَن حوله، كما هو الحال في الوضع الكوردي.
تكثر الاجتهادات الكوردية السورية في التفنن بالحلول السياسية لـ العديد من الدول العالمية، كما تعج الصفحات الزرقاء الفيسبوكية بالتحليلات والتعليقات للحرب الروسية الأوكرانية وما يجري من سياسات داخل تركيا أو بين تركيا وأمريكا أو روسيا واسرائيل، ويتفنون في طرح تحليلاتهم وتعليقاتهم على سياسة هذه الدول أو سياسة تلك الدولة، كما الآن وهم يطبقون تلك الفنون على الحرب الروسية الأوكرانية وموقف أمريكا وسياستها تجاه هذا الحرب وكذلك حرب إسرائيل وحماس وموقف الدول الكبرى تجاهها وأيضا سياسات دول الخليج من تحركات المصالح والمقايضات الدولية، دون أن يُسَخِّرَ هذه الإجتهادات والتفنن في التحليلات ووضع الحلول لحالته المزرية الذي وصل إلى الحضيض.
كثيراً ما نرى اجتهادات للعديد من الكورد في التجمعات الإجتماعية أو السياسية وحتى على وسائل التواصل الإجتماعي حول الدخول في شؤون الدول الأخرى بما فيهم الدول الكبرى وحتى الإقليمية، وهم يتفنون في التحليل والتبسيط والاستنباط والتعليق للسياسة الإقليمية والدولية، يعمقون بالتفكير في التحليل لكل ما يجري على الساحة العالمية.
يستهزئون بالقرار لدولة ما أو رئيس ما أو مسؤول ما أصدره أو إصدارها. بالنسبة لهم قد يكون قرارا يتوجب إصداره وتنفيذه لمصلحة قد تكون مخفية لغيرهم، أما ذاك الكوردي يبدأ بالاستهزاء والسخرية فقط لأن هذا القرار غير مقنع أو أنه غير مقتنع بذلك القرار، دون أن يتحرى أو يبحث عن سبب قيام تلك الجهة بإصدار القرار، وأن يعمل على الاستفادة من تجاربهم السياسية لغاية مصالح قضيتهم.
من يقرأ هذه العبارات سوف يسأل، إذا كان ذاك الكوردي مبدعا في التحليل والتبسيط، فلماذا لا يجتهد ويتفنن في تحليل وضعه المزري؟، ولماذا لا يحلل ولا يتعمق في تحليل ظروفه وسياسته وأوضاعه والبحث عن العقدة والمشكلة التي جعل منه مثار التشفي؟ واستنباط أدوات البحث عن الحلول تفيد في إخراجه من حالته الكارثية، طبعا هذا الحديث عن كورد سوريا.
وَجَبَ على الكوردي قبل ان يتوجه إلى تحليل سياسات غيره، أن يتحرّى عن سياسته وسُبل التعامل مع أخيه الكوردي، وأيضاً كيفية تعامله مع من يقابله، واقصد المكونات المتعايشة بجواره، حتى الآن لا يستطيع الكوردي شرح معاناته وحقوقه المهضومة لها، فقط ما يقوم به إلقاء اللوم على الآخر وأنهم هضموا حقه ومارسوا عليه الظلم والقهر والحرمان!!، لماذا لا يسأل ذاك الكوردي عن السبب؟ لماذا يتقوقع ويتحور على نفسه ولا يفتح آفاق ايصال ما يعانونه أو يحسونه؟
يأتي الكوردي ويقول، أنهم لا يقبلوننا ولا يريدوننا، دون ان يحاولوا يحكمون على عدم قبول الآخر له، حتى ولو كان ذاك البعض من الآخر مغطس من أسفله إلى أعلاه في الأفكار العنصرية والشوفينية التي تمّ غرسها في عقولهم لسنوات طويلة، وجب عليه – أي على الكوردي – ألا يستسلم لذلك، بل عليه أن يعمل على ذكر كل القيم والأفكار التي تحقق التسامح والمحبة والوفاء والتواصل والعمل بها مع نفسه ومن ثمّ مع الآخر، ودفع المقابل له على تغيير تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة.