أُنقذُ قلبي منّي ومنكِ

روماف – ثقافة

لمى أبو لطيفة 

أضعهُ في عربة قديمة ورثتُها عن جدّتي لأمي لذلك أخجل أن أخبركم أو أن أواجهني بحقيقة أنها صارت بفعل مرور السنين “خُردة” أجرُّها.. مع محاولة بائسة في تحسين صوتي أثناء الغناء كنوع من جذب المارة أو لفت انتباههم
قلب للبيع.. لا للهِبَة هذه المرة
البيع حتى في مواسم الكساد يجلب لك المنفعة أكثر
تُلقي امرأة السلام عليّ مصعوقة من البضاعة التي في حوزتي..
تنظرُ بنزقٍ إلى قلبي بدافع الفضول لا أكثر، ثم تعتذر قائلة “لايلزمني لدي واحد هنا.. مُشيرة إلى صدرها
ويَمر بي رجل يمسك بيد حبيبته.. قائلًا
هذا الرجلٌ ربما فقد عقله إثر خيبة عاطفية ما!
فأشتمه بينما أقضم تفاحة خضراء سرقتها من بائع الفاكهة المحاذية عربته لعربتي!
الطفل الذي يشدّ ثوب أمه مُصرًا على شرائه يتفحصه يحاول ركله، فيجده لا يرتد إليه ككرة ولا يشببها، فيتجاوزني خائبًا
توقفني امرأة مُسنة لا زالت تحتفظ ببعض جمال صباها وروحها الحلوة..
تنصحني بأن أزيلَ بقايا قطع القصدير لئلا يبدو مستعملًا وأردمُ النتوءات فيه ليبدو جديدًا فأضحك وأقول مازحًا:
-“لا، إنها عوامل الحت والتعرية حين نسيته أعوامًا كثيرة
على الشباك المُطِل على إحدى جاراتنا الجميلات،
لا تخافي لم يسبق لأي أحد أو ظرف أن قَوِيَ على شوائه”
فتتحسس شعري كمن يحاول كسبَ حَسنة المسح على
رأس يتيم، ومغادرته دون أن تزرع في نفسه شعور الرفض واللاجدوى!
ألوّح لامرأة سمراء جذابة “تشبهك” فأقول بمهارة بائع مُتحاذق:
– انظري، هذا قلبي، بداخله عالم موازٍ لعالمنا، لكن بلا جروح ولا ثكالى ولا حزانى.. ولا طريق يفصل بين حبيبن
ولا غُربة تحرم رجلًا من احتضان حبيبته وتقبيل عنقها أثناء تحضير القهوة..
فتنظر إليّ نظرة الشاري المُحنّك..
_هذه أثار أسنان أحدهم على أطرافه، هذا قلب مأكول من قبل ومُستهلَك، وتذهب بكل غرور!
فتصيبني بمقتل في الذكرى! .
اقبّل موضع فمك.. هنا تمامًا من مكان ما أكلتِ قلبي ذات ضحكة، وذات فراق وذات عناق وقُبلة!
أفرُّ راكضًا إلى عمّان.. حيثُ أنتِ أطرق بابك المقفل
أترك العربة وما فيها على باب بيتك
وورقة معلقة على الخردة خاصتي”أقصدُ قلبي لا عربة الجدة”
مكتوب فيها..
هذا قلبي.. جاب بلادًا كثيرة لم يُصدق أحد أنه لم يستَعمل إلّا مرة، لا زال ببابك منتظرًا، وهذه بضاعتي، هي بالأصل بضاعتك التي لا تُباع ولا تُشترى، حاولتُ التخلص منها بكل الطرق لعلي أستأصِلُك مني، لكن القدر رَدّ العين عنها لئلا تكون لغيرك وها هي رُدت اليوم إليكِ !

 

 

شارك المقال

مقالات أخرى

صفحتنا على الفيسبوك

أقرأ أيضاً

- Advertisement -