وليد حاج عبدالقادر / دبي
في استعراض سريع لتجارب الشعوب ومراحل نضالاتها المختلفة ، والتي أسست قواعد منهجية وبرامج تستند عليها كآفاق إنبثقت من أهدافها المرحلية ، وكمقدمات أيضا للمهام اللاحقة ، والتي قد تتسع لتشمل البعد الوطني كهدف يستقطب غالبية شرائح المجتمع ، لا كسفسطة تعرقل بدل ان تعجل في إنجاز المراحل ، ومن خلال هذه التجارب إنكشف انماط من القادة ومناصريهم ، بعضهم أثبتوا بأنهم يسعون لتحقيق أهداف شعوبهم ! وبعضهم الآخر خاصة اصحاب الترف الأيديولوجي ، فهم قزموا جميع القضايا بما فيه الوطن الذي اختزلوه ، وأعادوا رسمه بشكل يتوائم مع ظل الزعيم ، ولتصبح كماركة متلازمة لغالبية – القادة الراديكاليين – بالترافق مع قطيعية إرتكزوا عليها لأمرين : نبذ الآخر وأسطرة القائد على حساب تطويع القضية والأهداف .
إن الرهان على التنصيص والحدية فيه ، والتشبث بوحدانية الٱيديولوجيا وقداسوية النص كما طوباوية التقاة ، هي بالمحصلة تساوي صفر قيمة في كامل المعادلة كنتيجة ؟! . والتي ستؤدي بالضرورة الى إلغاء الركائز ونفي الأسس ، وهي – بدورها – ستعمل حينها كخلية نحل ، تسعى لتنشيط جينة النسيان كغاية رئيس تؤدي الى نسف الإنتماء لحق شرعته القوانين السماوية منها والوضعية ، وللأسف – وكأنموذج – تظهر هذه المعرفات وبعناوين بارزة في صميم التوجهات العملية لمنظومة pkk ، وتبرز بشكل فاقع في التطبيق العملي لتصوراتها من خلال مجلس سوريا الديمقراطي ، حيث يظهر العدو بصورة فاقعة السواد ، لايلبث ان يتحول الى نقيضها ، وكمثال وحسب موقع – باسنيوز – :
( .. ممثل مجلس سوريا الديمقراطية الجناح السياسي في واشنطن .. بسام إسحاق .. لـكوردستان 24 : إن المجلس يتطلع لحوار مباشر ودون وسطاء مع كل من أنقرة ودمشق، وأنهم ليسوا أعداء لتركيا .. ولن نكن خطراً على أمنها يوماً … وأشار إلى “استعداد المجلس للحوار مع المعارضة السورية الخارجية وضمنها الائتلاف السوري” ، وحسب باسنيوز مجددا ! فإن إلهام أحمد الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية” قالت من واشنطن إن “الأمريكيين يحاولون لعب دور الوسيط بيننا وبين أنقرة، لكن إلى أي درجة سيكون ذلك ناجحاً، نحن لا ندري ) .
وبإيجاز ! يمكننا إستخلاص دلائل على أن العقائد بمختلف توجهاتها وأحزابها هي واحدة في المسالك والمسارات رغم تضادها ، ويقابلها تطويع كل شيء تحت بند المرونة والموائمة والبدء في استنزاف الهدف الإستراتيجي لصالح الآني ، هذا من جهة ومن جهة أخرى ، نرى ذلك التشابك التوصيفي بين العقائدي – الظلامي حيث الثاني يكذب ويقتل وينتهك ويسرق باسم الله والدين ، والعقائدي الثوري باسم الشرعية الثورية يعتقل ويخطف ويقتل والشيء الوحيد الذي يدمر في نهاية الأمر وبإسمها هي الشرعية الثورية ذاتها وببوط أو خفافّة العقائدي / الثوري . هذا التوصيف الذي لخصه السيد خالد الحروب في مقال له بجريدة الحياة عدد / ١٨٤٦١ / تاريخ ٢٠ / ١٠/ ٢٠١٣ صفحةالراي بعنوان / عواصف الواقع وانحناءات النص الطوباوي / …جاء فيه …/ …الأيديولوجية الانسانية هي تلك المرتكزة على الحرية وتحرير الفرد من كل القيود ومده بالقوة والطاقة الاستعلائية على كل النظم المقيدة والأهم تمكينه بالنقد والنقد الشامل الذي يشمل ايضا نقد الأيديولوجيا ذاتها التي عملت على تحريره . اما الأيديولوجيا الاستبدادية القمعية فهي تلك التي قد تنطلق لأجل تحرير الانسان وتقاتل في اول الامر من اجل ذلك لكنها لا تلبث ان تخضعه لنظام ثقافي تسلطي فوقي بديل عن النظام الذي حررته منه . هي تستبدل تسلطا بآخر تحت راية التحرر . لكن خطورتها ربما تتجاوز خطورة النظام الذي ثارت عليه بكونها تشتغل تحت شعار الحرية وبكونها ذات برنامج فوقي / خلاصي فأنها لا تسمح لهذا الفرد المحرر والمتحرر بان يتحرر منها ايضا او ان ينقدها ، هي تشجعه على نقد النظام الثقافي والسياسي والأيديولوجي المنقضي ، بيد انها ترفع ذاتها الى مرتبة عليا ، فوق النقد والناقدين ، وتتحول الى منظومة مستبدة للأفراد الذين حررتهم / النازية ، والستالينية والدين المستبد كأمثلة ناجزة في التاريخ الحديث … / . وقد اوجزها أفلاطون /٤٢٨-٣٤٧ ق . م / على – ان السياسة من العدالة – وبنى على هذه المقولة دراسة معيارية للمبادئ النظرية لحكم البشر وعبد الطريق امام السلاطين لإيجاد سبل ووسائل السيطرة على الشعوب والحفاظ على السلطة … أما ميكياڤيلي / ١٤٦٩ – ١٥٢٧ م / فيرى بأنه : من الأسلم للحاكم ان يكون مهابا من أن يكون محبوبا ، فإذا نجح في أن يحفظ حياته وسلطته ، فأن كل الوسائل التي استخدمها يحكم عليها بأنها مشرفة .
والآن ؟ ماذا بعد ؟ خاصة إن بعضا من البراديغمائيين ، والذين يقونون كل شيء ليتوافق وينطبع بخصائصهم ، وعليه فهم يرون بأنه : على المعتقل ان يتوحد مع سجانه ويقونن اعتقاله ؟! وعلى قوميي الهوى أن يبصموا بلا قومويتهم ، والإقرار بأن وسيلة نيلهم لحقوقهم تمر عبر تحرير العالم وإصلاحه من خلال محاربة الطغاة حتى في الفضاء الخارجي .
وفي عودة إلى مايمارس الآن على ارض الواقع كردستانيا ، من سعي حثيث لتغيير جذري في الوعي السياسي والقومي الكرديتين باستيلاد حتى
لغة باتت في اطر الواقعية السياسية متخشبة ! كأن نغير اسسا قامت عليها وتأطرت من خلالها مركزية القضية القوميةالكردية ، وبدل أن نسعى إلى ترسيخ الثقافة القومية وببعدها الكردستاني ، إلا أننا ننسف آفاق التلاحم ونحصرها بطيف التلاصق التجاوزي حين الضرورة ، أي بمعنى إعادة تطويعه وفق مصالح بعضهم ، وفي واقع الأمر هي مصطلحات يراد لها ان تتسوق رغم ضبابيتها الكثيفة ، ولكنها تبقى منكشفة وبوضوح ! . وكمثال : يمكننا ملاحظة خلفيات مقولة لآلدار خليل : أن المجتمع السوري غير قابل للتفكك ؟ ورغم الشعور بالعجز عن فهم ما يسعى او يقصده ؟ . لأننا سنحتاج قبل كل شيء توضيحا عن مفهوم وحدة الأمم وأخوة الشعوب وبالتأكيد لا على طريقة الأفلام الهندية ؟ .
خاصة في آليات التوافق ومن ثم تحولات الأخوة الى الأمة الديمقراطية ! ومع هذا ؟ يبقى السؤال الأساس الذي سيطرح ذاته ! والذي سيتمحور حول آلية وسلاح تحقيق ذلك ؟ هذا الأمر الذي سيفضي بدوره إلى التساؤول ؟ لماذا يستصعب تحقيق أخوة الشعب الواحد وبالتالي جعلها نواة للأمة المزعومة !
وهنا لو عدنا وتتبعنا ثانية تصريحات أخرى للسيدة إلهام أحمد ، وكأني بها تبشر لتلك السياسة – النظرية مافوق القومية – بخاصيتها الكردية – ! تقول إلهام أحمد : أن ق س د ليست ماركسية .. كما أنها ليست قوة قومية كردية ترمي لإنشاء دولة مستقلة ، بل تهدف للحصول على الحكم الذاتي في إطار سوريا لا مركزية ديمقراطية .
وأخيرا وكمحصلة لهذا السرد سنرى ( بتصوري ) : إن العقائدي والمتصوف يجتمعان في أن المتصوف يرى شيخه قوة قاهرة في وجه إبليس ، والعقائدي موسوس بشعار : وهل يخطئ الحزب والرفاق؟ وبالتاكيد : هذا مستحيل ، في حين أن كل تلك المعطيات أعلاه وبتتبعها من خلال تجربة تحكم حزب الإتحاد الديمقراطي بالمناطق الكردية ستفرض على كل عباد الله الكرد المساكين للعودة إلى عبارة كادرو ! وهي صفة وظيفية مافوق اعتبارية لأشخاص يتحركون وبيدهم مطلق الصلاحية !! فمن هم وما دورهم ولماذا تسمية / كادرو / وان كنا نعلم بانهم بعض من أتراكنا !! عفوا كردنا يلفظون الكاف قافا !. ومن جديد ومع كل حالة التشاؤم البيني كرديا ، خاصة في ظل تحكم عقلية رئيس المخفر ، يبقى دائما هو ذات الموقف الذي لابد من الوصول إليه وانجاز مهامه ، واعني بذلك : تحقيق التوافقات البينية والظهور بموقف يجسد الحد الأدنى للقضية القومية الكردية في سوريا ، وأخيرا سيظل سؤالي هو : هل يوجد شيء اسمه وطن وقضية قومية ووطنية ؟ وبالتأكيد لن أجد سوى هذه الخاتمة وكعصارة أممية أصبحت مثلا : الزمار والطبال يستحيل ان يخرجا من سياق اللحن المراد لهما عزفه !! فهي ومن جديد جبرية القوننة التي اكتسبناها كإرث عالمي و كقوانين الفيزياء التي يستحيل أن يستطيع إلا امثال شعبويي العقائديات ان يثبتوا على : أن الشمس انما تشرق من الغرب و .. لديهم دائما الإثبات ! .