بدايةً من الأهمية بمكان هنا التذكير والتأكيد على جانب هام في هذا الموضوع وهو : أن مطالبة المجلس الوطني الكوردي – الذي يتهيأ لعقد مؤتمره العام الرابع – بإجراء إصلاحات ، أو إحداث تغييرات على مختلف الصعد التنظيمية والسياسية والإعلامية …إلخ، تأتي من باب أهمية المجلس والاهتمام به كإطار جامع لشرائح واسعة من كيانات وأحزاب وشخصيات وفعاليات … إلخ. وكذلك نظراً للموقع الهام الذي يشغله المجلس كأحد مكونات هيئة التفاوض في العملية السياسية المتعثرة حول مستقبل سوريا . وبالتالي من حق كل من يجد نفسه معنياً بالمشروع الذي يحمله ويمثله المجلس، إطلاق مبادرات،وإبداء ملاحظات على أداء المجلس ودوره، ومعرفة الأعباء التي تثقل كاهله، والواجبات المطلوبة منه، للانتقال به إلى حقول أكثر نشاطاً وفاعلية. ولكن في الوقت عينه علينا – كمطلقي مبادرات أو ملاحظات في هذا الموضوع – أن لانجانب الموضوعية في مبادراتنا وملاحظاتنا، لأن الحكمة تقتضي معرفة الظروف التي تمر بها المنطقة بشكل عام وسوريا ومناطق كوردستان سوريا بصورةٍ خاصة، وبالتالي الخيارات الواقعية المتاحة أمام المجلس، وحجم الإمكانات الموجودة لديه، والاطلاع على نشاطاته، وتركيبة حلفائه في المعارضة السورية ،كي تنصب ملاحظاتنا في حقول البناء والمساهمة الإيجابية أولاً ، وتلامس مساعينا مساحة المنطق والواقع الموجود بعيداً عن العاطفة والأحلام ثانياً ، وبالتالي حجم توقعاتنا من محطة تنظيمية – سياسية لهذا الإطار الهام الذي ظل يعبر ” سياسياً ” بكل صدق وأمانة عن طموحات شعبنا بالرغم من كل الضغوطات والتحديات التي تواجهه ثالثاً . والحديث في هذا الموضوع ليس فقط هام وضروري فحسب ، بل يتطلب الجدية والجرأة والشعور بالمسؤولية .
وسنحاول أن نثير بعض الجوانب التي نراها هامة وضرورية لتوليد أفكار وصياغة رؤى ” قد ” تفيد في إلقاء الضوء على بعض الزوايا المظلمة التي تخص كل المعنيين بالمجلس ومؤتمره ومستقبله كمظلة سياسية، وخاصة الذين يعلقون آمالاً عليه لأنهم يجدون أنفسهم جزءاً من مشروعه سواءً في جانبه القومي الكوردي أو الوطني السوري .
ومن المفيد التذكير هنا بأن المجلس الوطني الكوردي كإطار انبثق من المؤتمر الكوردي السوري الذي انعقد بمدينة قامشلو بتاريخ الـ 26 من تشرين الأول سنة 2011 ، ويتكون من أحزاب كوردية وازنة، إضافة لفعاليات مختلفة. ينطلق في نضاله من حقيقة وجود شعب يعيش على أرضه التاريخية ، حيث بقي هذا الشعب مع أرضه داخل الحدود الإدارية والسياسية المعروفة للدولة السورية التي تشكلت بنتيجة الاتفاقيات الدولية بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى مثل اتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916 ، ولوزان لعام 1923 . ومن هذا المنطلق يتحمل المجلس مسؤولية قومية ونضالية تفرض عليه التعبير الصادق عن تطلعات الشعب الكوردي، في إطار سوريا الموحدة .
وانطلاقاً من هذه الحقيقة انخرط المجلس في العملية السياسية حول مستقبل سوريا برعاية أممية، ويعمل مع ممثلي مختلف أطياف المعارضة من أجل إعادة إنتاج جمهورية سورية اتحادية، وإقامة البديل الوطني الديمقراطي الذي يجب أن يقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية . وبما أن شعبنا بشكل عام، ومنتسبي أحزاب حركته التحررية بصورة خاصة عانوا الظلم والاضطهاد والتهميش والإقصاء والسجن والملاحقة والقتل من جانب حكومات البعث المختلفة ، لذلك حسم المجلس خياره منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في منتصف آذار 2011 ، وشارك إلى جانب المطالبين بإنهاء الاستبداد، وإقامة البديل الوطني الديمقراطي المختلف عن البعث ،وأصبح جزءاً لايتجزأ من الحراك الثوري السلمي ، والمعارضة السياسية. وجدير ذكره هنا أن أحزاب المجلس كانوا قبل انطلاق الاحتجاجات أيضاً جزءاً من الحراك الوطني السوري السلمي المعارض، والجميع يعرف أن التعبير السياسي – التنظيمي الكوردي الأول الذي تأسس في سوريا في حزيران 1957 ، لازم دائماً بين القضية القومية الكوردية والقضايا الوطنية السورية ، وتعرض منتسبيه منذ تأسيسه لشتى صنوف التعذيب والملاحقة والسجن، وبالرغم من كل الظلم الذي تعرضت له الحركة الكوردية إلا أنها بقيت ملتزمة بقضايا الوطن السوري ولم تتمكن الأجهزة الأمنية من حرفها عن مبادئها وقناعاتها . ويناضل المجلس مع الشركاء الوطنيين لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية وفق بيان جنيف 1 والقرارات الدولية ذات الصلة وخاصةً القرار 2254 .
وبدون شك أن الحديث عن المجلس ومؤتمره يشمل مختلف الجوانب السياسية والتنظيمية والإعلامية، وكذلك نشاطات المجلس ومشاركاته وتحالفاته ومفاوضاته وتطويره وتوسيعه وتنشيطه …إلخ . وبما أننا نعيش مرحلة الوجبات السريعة ، وكذلك نظراً لظاهرة الضخ المعلوماتي الهائل كل يوم على مختلف المنابر وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتجنباً للملل وتماشياً مع هذه المناخات، ومراعاةً للمزاج العام للقراء الأكارم، فإننا سنحاول قدرالمستطاع أن نجزء وننشر على حلقات بعض القضايا التي تخص الشأن العام والتي تتعلق بمؤتمر ENKS ، وكلنا أمل بأن تلقى هذه – المشاغبات المنضبطة على قولة أحد الأعزاء – اهتماماً وتفاعلاً من جانب جميع المهتمين سواءً الإخوة القائمين على التحضرات للمؤتمر العتيد أو المبادرين بإبداء الملاحظات حول دور المجلس وأدائه في مختلف المجالات .
أولاً : الجانب السياسي