روماف – ثقافة
شمس عنتر
الإشاعة أقوى من الحقيقة
غوستاف لوبون …..
كزغلول ناجي تحث الخطى في وجه الريح عائدة وقد انفصلت عن السرب لتوها وقبل أن تصل الدار- فجأة – صفقت الريح القوية باب الحوش بوجهها .
في الصباح طوقت عنق والدها كعادتها ، لكنه ابعدها عنه بحنق.
يبدو أننا خسرنا شرفنا أيضا يا بني فوق كل الذي خسرناه ، كنا راضين بالنزوح والقلة ولكن أختك لم ترحمنا !
عندما دخلت عليهم صمتوا فجأة.
قالت وهي تقبل رأس أخيها. لماذا تأخرت البارحة انتظرتك طويلا ، فأبعدها عنه وسكت .
شعرت كأنها نبتة صبار الكل يتجنبها.
ازدادت عليها وطأة الغربة من هذا الجفاء المفاجئ .
امتحانات البكلوريا تقترب ، تريد الاتصال بصديقاتها ، لكن هاتفها مصادر، والحيرة تأكلها فكرت أن تهرب ولكن
الأسوأ من الرغبة في الهروب، عدم وجود الملجأ.
كانت تفتقد أمها وأختها اللتين قضيتا بتفجير إرهابي في سرى كانيى .
أمها التي كانت تُجيد المواساة وحياكة الآمال ، كانت تجعلها ترتدي الفرح وهي تطير إلى المدرسة . اليوم أحلامها تتمزق وهي عاجزة ومصدومة .
وفي يوم أسود تفاجأت بأبيها يطلب منها أن تتجهز للرحيل فقد طُلبت للزواج من قريب لهم يعيش في تركيا ، زوجته توفيت ولديه أطفال صغار وقد رضي أن يتزوج هيفاء ليستر فضيحة عمه.
وكأنها تلقت صفعة سامة على روحها ،
لتتساقط على إثرها ، أقنعة ، وضمائر.
طار صوابها وانتابتها حالة من الهستيريا، اصبحت تلطم خدها و تشد شعرها .
أريد أن أفهم ، كيف تحولت إلى غريبة عنكم أنا هيفاء يا أبي! شهور وأنتم تزدرونني ، لماذا ؟
اقترب منها الأب وشدها من ساعدها وهو في أشد حالات الحنق يذكّرها بتفاصيل بتلك الليلة منذ شهور حين استفاق على جلبة وضجة وشاهدها تودع شاب غريب في منتصف الليل .
سكتت هيفاء وضربت جبهتها وهي تستجدي ذاكرتها ،حاولت أن تربط الأحداث ببعضها .
نعم أبي في تلك الليلة خرجت مع صديقاتي إلى الشارع وسرقنا الوقت ونحن نتحدث وانغلق باب الحوش دوني وأنا في الخارج ، طرقت الباب طويلا لكنك لم تفتح لي ولما سمعني الجيران عرض أحدهم المساعدة وتسلق الجدار وفتح لي الباب من الداخل ، أين الجريمة في ذلك ؟
هذه روايتك أنتِ ! وأنا من رأك تدخلين البيت خلسة بعد منتصف الليل ومظهرك مريب وتودعين رجلا غريب وترقصين طوال الوقت على وقع أغاني العشق والغرام فكيف تريدني أن افسر ما رأته عيناي ؟!!
ثم أليس هو نفسه الشاب الذي قدم لك كتبه؟
هنا تحول الأب إلى رصاصة وأصبح لها ككل الناس بعد كان لها كل الناس .
وتابع بلهجة المنان ! نحن اناس متعلمين ولم نفكر أن نقتلك “كغيرنا ” فقط نريد أن نلمّ الفضيحة ، فأسرعي بالمغادرة إلى زوجك، وحتى لو كان كلامك صحيح ، فالإشاعة أقوى من الحقيقة.