الكورد كأي شعب من شعوب العالم ساهم في بناء الحضارة الإنسانية وبنى الإمبراطوريات والإمارات ولهم كل مقومات الأمة ولكن الشيء الوحيد الذي لم يختاروه هو موقعهم الجغرافي الذي يقع في المنطقة المعتدلة للكرة الأرضية ويحتوي على جميع الخيرات التي تستفيد منها البشرية ولكن تلك الخيرات أصبحت وبالاً عليهم لأنها تكون في محل مطمع كل القوى الرأسمالية العالمية بالاضافة إلى جيرانهم.
لذلك بقيت كوردستان محتلة من قبل أربع دول متخلفة ( مقارنة مع الدول المتقدمة ) نتيجة اتفاقية سايكس بيكو ولذلك اضطر الكورد إلى أن يكون لكل جزء شكل من النضال علماً أن التقدم في أي جزء يعطي دفعة معنوية للأجزاء الأخرى.
يكون موضوعنا عن الجزء الملحق بالدولة السورية الحديثة بموجب تلك الاتفاقية المشؤومة والدور الأمريكي الجدبد في المنطقة . حيث ساهم الكورد في هذا الجزء في النضال ضد الامبراطورية العثمانية والاستعمار الفرنسي طمعاً في التحرر والحصول على حقوقهم ولكن مع الأسف أن جميع الحكومات المتعاقبة على السلطة السورية أنكروا وجود الكورد كشعب لهم تطلعاتهم في الحرية والانعتاق .
لكن الكورد لم يستسلموا فأسسوا أحزاباً سياسية لتعبر عن طموحاتهم بالرغم من الضغوطات على أعضائها من قتل والحرمان من الوظائف وتطبيق أسوأ المشاريع العنصرية بحقهم . إلى أن بدأت الثورة السورية في 2011م وبما أن الكورد مضْطَهَدون فانضموا إلى الثورة مباشرة للمطالبة بحقوقهم ضمن الدولة السورية ولكن استطاع النظام أن يتفق مع PKK وليبعث بدوره ألفي مسلح ليحل محل السلطة للضغط على الكورد وليحول دون انضمامهم إلى الثورة السورية ومع الأسف أن هؤلاء المسلحين حاربوا الكورد والمعارضة معاً بدلاً من النظام .
ومع هذا لم يرق لمحتلي كوردستان بأن تتحكم بالمنطقة حكومة كوردية ( علماً أنهم ضد تطلعات الكورد القومية ) وبحجة خرقهم الاتفاق مع النظام ولذلك اتفقت هذه الأنظمة على إرسال قوى إرهابية ( داعش وجبهة النصرة والمنظمات الاسلاموية …) إلى المنطقة لإلهاء قوات PKK بها ولضرب القضية الكوردية وبتلك الحجة اجتاحت تركيا مع مرتزقتها الإسلامويين عفرين وسري كانيي وكري سبي وها هي تحاول اجتياح عين عيسى أيضاً وكل هذا أمام أنظار القوى الكبرى في الساحة السورية ( أمريكا وروسيا وفرنسا…) وأما الجزء غير المحتل من كوردستاننا في سوريا فهي بحماية أمريكية وهنا أستطيع القول بأنه لا داعي لمخاوف الكورد من جدية أمريكا في حمايتهم.
بما أننا نعرف أمريكا التي هي من الدول الرأسمالية الكبرى وتقود الحلف الأطلسي منذ الحرب العالمية الثانية ولها صلاحية حق النقض ( الفيتو ) في الأمم المتحدة ولهذا لها الدور الأكبر في القرارات الدولية ولها مصالح في المنطقة وهذه المصالح تلتقي مع مصالحنا ككورد ولذلك علينا أن نثق بها وخاصة بعد استلام الديمقراطيين بقيادة بايدن ولا نفوت هذه الفرصة في هذه المرحلة الدقيقة .
ولأنه ليس لنا خيار آخر أيضاً .
ونتيجة تواجد أمريكا في اقليم كوردستان المجاور لكوردستاننا وتعمل لقطع الطريق على المحاولة الايرانية للوصول إلى البحر المتوسط عبر هذه المنطقة . فإني أرى أن المصالح الأمريكية تستوجب التواجد في منطقتنا على الأقل في شرق الفرات في هذه المرحلة بحجة مواجهة داعش . وهنا يستوجب عليها التعامل مع أبناء المنطقة وأننا ككورد يجب أن نستفيد من تواجدها ولنحتمي بها قد نستطيع أن نحقق بعضاً من حقوقنا مع العلم أن الذين جاؤوا ب PKK وأدواته ليست لهم مصالح بعلاقاتنا مع أمريكا التي تقود الحوار الكوردي الكوردي وجميع مكونات المنطقة للتعامل معها كممثلين عن المنطقة ولتحميها من الاجتياح التركي مع مرتزقتهم من الفصائل الراديكالية الاسلاموية وداعش والنظام …. حرصاً على مصلحتها وعندها تلتقي مصلحتنا معها .
إذاً إني أرى بأن أمريكا جادة وستلفظ PKK إلى خارج المنطقة لاستكمال الترتيبات الأخرى كوضع تركيا التي لن تكون بعيدة عن التغييرات في المنطقة وبالأخص النظام التركي الذي تمادى في طموحاته وعلاقاته مع الروس واس 400 ….. . وبما أن لأمريكا من خلال الحلف الأطلسي قواعد عسكرية وأسلحة نووية في تركيا فيجب أن تكون قريبة من قواعدها ويكون لها اليد الطولى في تلك التغييرات . وكذلك الاقتراب من 2023 في الذكرى المئوية لاتفاقية الدول الرابحة للحرب مع النظام التركي في ذلك الوقت وتحريرها من تلك القيود ( الممر البحري التركي بين اوربا والمتوسط واستخراج البترول وغيرها…….
وليست لمصلحة اوربا وأمريكا بأن تكون تركيا دولة قوية بل يجب تفتيتها وتصغيرها بعكس طموحات السلطان العثماني ( اردوغان ) .
لذا يجب أن نشجع القوى الخيرة في PYD وننقذ ما يمكن انقاذه ولا نفوت أية فرصة لترتيب بيتنا الكوردي ، علماً أن أية اتفاقية بيننا على حساب قنديل والأنظمة التي تتحكم بكوردستان.