على مذبحة التاريخ، سيتم تسجيل ما جرى ويجري في عفرين من الويلات، وستكتب سيرتها المليئة بالأسى والقهر، والدمار الممنهج لشعب ليس له سوى الصبر في المواجهة.
أهلنا في عفرين يستقبلون اليوم الذكرى الثالثة الأليمة لاحتلال أرضهم، أملين في ظهور قوة توقف بشائع المرتزقة من الفصائل السورية، التي تؤجر بندقيتها، وتبيع قيمها للمحتل التركي، لقاء مكاسب بخسة، وتحد من جرائم العنصريين المنضوين تحت لوائها، الذين نهلوا من نظامي البعث في سوريا والعراق كل الأوبئة الفكرية، ناهيك عن جماعة الإخوان المسلمين الذين رهنوا ذواتهم للمحتل التركي.
ما يجري في عفرين وشعبنا هناك تتجاوز منصات الإدانة، لتركيا دولة وحكومة، أو تعرية مرتزقتها المدرجين تحت اسم المعارضة السورية، وفضح تواطئهم واحتلالهم للمنطقة الكوردية (عفرين) لأن ممارساتهم اللا إنسانية وأعمالهم اللا أخلاقية بحق أهلنا وشعبنا في المنطقة وممتلكاتهم ترقى إلى سوية جرائم داعش.
ولا يعقل أن ما يتم هناك لا تنتبه إليها المنظمات الإنسانية الإقليمية والعالمية، لكن النفاق الدولي تسكت عنها مثلما سكتت جميع الهيئات الدولية وخاصة التابعة لهيئة الأمم عن جرائم نظام بشار الأسد، وإلا فكان على كل هذه الأطراف الدولية القيام بالتحري الميداني، لمشاهدة ومعرفة ما يجري على الأرض، من الانتهاكات الصارخة، والتي تجاوزت كل المعايير الأخلاقية والإنسانية والقانونية.
تحية لمقاومة أهلنا البطولية حتى ولو كانت بصمت.الخزي والعار للمحتل التركي، ومرتزقته من المعارضة السورية بجميع أسمائها، وفي مقدمتهم الجيش اللا وطني المنطوي تحت لوائه المنظمات الإجرامية والتكفيرية والعنصرية.
فالمنظمات المعارضة الإرهابية والإجرامية التكفيرية وبتحريض من ضباط القوات المسلحة التركية، تمارس الجريمة الممنهجة بشكل يومي، وتقوم بعمليات الاغتصاب، والاغتيالات الفردية، إلى درجة بلغت مرحلة الإرهاب المنظم، إلى جانب ما قامت به بعض المنظمات من القتل الجماعي لعائلات رفضت مغادرة بيوتها أو مزارعها.
كما وعلى مدى السنتين الماضيتين تم تشكيل عصابات مختصة بالاختطاف (لإجبار عائلاتهم على دفع الفدية) وأخرى لفرض الإتاوات والاستيلاء على البيوت والمزارع والدكاكين، وكل هذه البشائع أصبحت من العمليات شبه اليومية، وجميع تدرج تحت اسم الجيش الوطني، المدعوم من السلطة التركية.
هذا الجيش المتكون في الواقع من منظمات إجرامية-إرهابية وقوات منظمة داعش الذين هربوا بعدما تم تدمير دولتهم المزعومة من قبل القوات الكوردية والتحالف الدولي، وجدلا أصبحت تسمي ذاتها بالحمزات والعمشات، أو من فرضت تركيا عليهم أسماء من أجدادهم العثمانيين كنور الدين الزنكي والسلطان سليمان والسلطان مراد، وغيرهم، وقد تم تكليف بعضهم بمهمات أبعد من الإجرام اليومي، كتدمير هوية عفرين التاريخية، والقضاء على ثقافتها الكردستانية، والتغيير الديمغرافي للمنطقة، وذلك بتهجير شعبنا الكوردي منها قسرا، وتوطين المكون العربي وأخرى من خارج الجغرافية السورية.
وفي مجالات أبعد من البشائع اليومية، ما يجري في منطقة عفرين الكوردستانية، مؤامرة إقليمية، تترأسها تركيا، غايتها ليس فقط القضاء على الوجود الكوردي هناك، بل تدمير القضية الكوردستانية في سوريا ومن خلالها القضاء على مستقبل الأمة بأكملها، لأنهم أدركوا إلى أن:
1 منطقة عفرين وسط جغرافي مهم للمنطقة الفيدرالية الكوردستانية الممتدة من ديركا حمكو إلى جبل الكورد وحتى البحر الأبيض المتوسط، والتي بدأت الدول الكبرى أمريكا وروسيا سابقا تبحث فيها، كحلقة من سلسلة مصالحها في الشرق الأوسط، وعليها عملت تركيا وإيران والسلطة السورية المستحيل للحد من هذا التوجه الدولي، وعلى أثرها تنازلت تركيا عن نصف المعارضة السورية من الغوطة إلى حلب الشرقية إلى الزبداني لروسيا، مقابل السماح لها باجتياح المنطقة الكوردية وتجزئتها، وهو ما تم بعدما حصلت على صمت إدارة ترمب، وتم تدمير المشروع .الفيدرالي، من خلال احتلال أولا، الباب وإعزاز ومن ثم عفرين، وأتممتها مع اجتياح ما بين سري كانيه وكري سبي
2 المكون العربي السوري الوطني الذي كانت تحتضنه المنطقة منذ بدايات الثورة السورية، كادوا وبمساعدة الكورد، يتغلبون على مآسي سنوات الدمار ويزيلوا بينهم الأحقاد العنصرية التي نشرتها ورسختها نظامي البعث والأسدين، وبالتالي سيساهمون في المشروع الكوردي الطامح لبناء سوريا اللا مركزية. ولقطع الطريق على هذا التوجه الوطني، كرست تركيا من جهة وإيران من جهة أخرى وبمساعدة سلطة بشار الأسد، وأيتام البعث، أعمالها التخريبية لتدمير المشروع المذكور، ومن ثم الطعن في الثقة المتنامية بين المهاجرين من عرب الداخل وأبناء عفرين، أصحاب المشروع الوطني. وعلى أسسها شكلت تركيا، وبأموال قطرية المنظمات المذكورة، وتم تسليحهم، تحت أسم الجيش الوطني.