باستخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية و شروط الاستخدام .
Accept
RomavRomav
  • الرئيسية
  • رأي
    رأيعرض المزيد
    من المستفيد من الحرب الروسية-الأوكرانية
    فبراير 22, 2023
    الزلازل وقابلية الحل في سورية
    فبراير 21, 2023
    لا يُلام الذئب في عدوانه/ إن يك الراعي عدو الغنم
    فبراير 19, 2023
    سيكولوجيا الاستذئاب الافتراضي: إيذاء القريب والخذلان أمام الطغيان
    فبراير 19, 2023
    شرق المتوســــــط .. عصف زلزالي مزدوج
    فبراير 18, 2023
  • ثقافة
    ثقافة
    عرض المزيد
    آخر الأخبار
    قصة سبي اليهود ونبوءة النبي ناحوم وقبة يعقوب بالقامشلي
    فبراير 3, 2021
    الفارسُ الوسيمُ ، بينَ الواقعِ و الخيالِ
    مايو 20, 2021
    الفَرَحْ: (فَصْلٌ مِنْ رِواية)
    فبراير 20, 2023
    أحدث الأخبار
    بول أوستر__ عابر المساحات بين الكتابة والقراءة
    مايو 30, 2025
    استياك
    فبراير 25, 2023
    الفَرَحْ: (فَصْلٌ مِنْ رِواية)
    فبراير 20, 2023
    مديح النواقص
    يناير 31, 2023
  • شعر
    شعرعرض المزيد
    حارس الفجر: 6. 2. 2023
    فبراير 19, 2023
    مديح النواقص
    يناير 31, 2023
    صباح الخير-إن أمكن-.
    أكتوبر 19, 2022
    ذاكرة الحلم
    أكتوبر 8, 2022
    مدارات العمر
    سبتمبر 4, 2022
  • الحياة والمجتمع
    الحياة والمجتمععرض المزيد
    الهوس الجنسي الملعون
    فبراير 27, 2023
    حشرات وديدان بطعامنا..!!
    فبراير 17, 2023
    آباء و أمهات مظلومين
    يناير 3, 2023
    أرض الأحلام
    نوفمبر 28, 2022
    الحشيش قادم إلينا
    نوفمبر 4, 2022
  • أخبار
    أخبارعرض المزيد
    بيان
    يناير 10, 2023
    العدوان التركي يُنعشُ الإرهاب
    نوفمبر 26, 2022
    العلامة الزرقاء أصبحت مدفوعة تويتر ماسك
    نوفمبر 2, 2022
    لبنانية تقود التوك توك في شوارع صيدا للإنفاق على أسرتها
    يوليو 14, 2022
    مقتل زعيم داعشي جديد في منطقة عفرين
    يوليو 13, 2022
  • تقارير
    تقاريرعرض المزيد
    ذكرى مأساة شنكال… والجرح الإيزيدي الذي لم يندمل بعد
    سبتمبر 12, 2022
    السفينة السورية.. تتلاطم على أمواج الخلافات السورية والحسابات الدولية
    مايو 22, 2022
    السياسة الدولية في سوريا.. والكورد… بين سندان التشرذم الكوردي ومطرقة العدو الإقليمي
    سبتمبر 20, 2021
    من أفغانستان إلى العراق وسوريا… فارق كبير في الظاهر والجوهر
    سبتمبر 3, 2021
    المجلس الوطني والاستحقاقات القادمة.. بين الواقع والمأمول
    يوليو 5, 2021
  • فن
    فن
    عرض المزيد
    آخر الأخبار
    شوارع بيروت الحزينة تضج فرحا بتصوير فيديو كليب نجوى كرم
    يناير 17, 2021
    كورونا يتجاوز الخطوط الحمراء في الوسط الفني خلال أسبوع
    يناير 17, 2021
    وفاة كبار النجوم في العام 2020 وجائحة كورونا تمنع نظرة الوداع
    يونيو 23, 2022
    أحدث الأخبار
    الفنان المصري محمد رمضان يثير الجدل مجدداً في بيروت
    سبتمبر 4, 2021
    الملك الكردي غير المُتوّج… قصص صغيرة عن محمد شيخو
    يناير 21, 2021
    صورة عارية للممثلة الأمريكية جينيفر أنيستون في مزاد لمحاربة فيروس كورونا
    مارس 5, 2021
    أم حسو والمعبر المراهق ..
    مارس 5, 2021
  • رياضة
    رياضةعرض المزيد
    مواجهات نارية في ربع نهائي كأس العالم قطر 2022
    ديسمبر 7, 2022
    جوان بيكيه: اعتزال ولدي كرة القدم بسبب شاكرا
    نوفمبر 10, 2022
    ليونيل ميسي يتجاهل اتصالات برشلونة
    نوفمبر 1, 2022
    برشلونه في مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا
    أغسطس 26, 2022
    رسميًا: برشلونة يُعلن عن ثالث صفقاته.. من هو رافينيا دياز؟
    يوليو 14, 2022
  • حوارات
  • فيديو
قراءة: تحوّلات الكائن والمكان في قصة « 12 آذار»
شارك
Notification عرض المزيد
Font ResizerAa
RomavRomav
Font ResizerAa
  • سياسة
  • الرئيسية
  • رأي
  • ثقافة
  • شعر
  • الحياة والمجتمع
  • أخبار
  • تقارير
  • فن
  • رياضة
  • حوارات
  • فيديو
Have an existing account? Sign In
تابعنا
  • مقالات
  • يعلن
© 2022 Foxiz News Network. Ruby Design Company. All Rights Reserved.
Romav > Blog > تقارير > تحوّلات الكائن والمكان في قصة « 12 آذار»
تقارير

تحوّلات الكائن والمكان في قصة « 12 آذار»

Last updated: مارس 19, 2021 8:41 م
سوسن إسماعيل
744 Views
شارك
شارك

سوسن إسماعيل
“الجغرافيات الحزينة للحدود الإنسانيّة”بول ايلوار
تدور أحداث القصة المعنونة بـ “12 آذار” للكاتب أحمد إسماعيل إسماعيل، في مدينة صغيرة، تستفيقُ ذات صباح، على فوضى عارمة تغطي كلّ مساحاتها الواسعة، إذ ينتفض أهلها، فتخرجُ كامل المدينة بنسائها وشبابها وشُيّابها، ويعمُّ الخوف أحياءها وساكنيها، وفي أحد الأحياء الشعبية الفقيرة، تقضي أحد الأمهات ليلتها في خوف وقلق على ابنها الذي خرج لعمله منذ الصباح، ولم يعد بعد، حتى يدقّ الطارقُ عليها البابَ في صباح اليوم الجديد.

1 ــ الكائن والمكان في النصّ القصصي:يُشكّلُ العنوان التكنيك الأول الذي يتوجب فيه على القارئ لأيّ عمل أدبي، أنْ يتقنَ القراءة فيه، ولاسيما إذا كان عنواناً قائماً على الزمنيّة، فـ “12 آذار” العنوان بجزأيه الرقمي واللفظي، لا يحملُ إلا إشارات الزمن، يحدّدُ لك التاريخ بعينه، وليس أيّ تاريخ ــ إنّهُ الثاني عشر من شهر آذار ــ كُردياً يُمثّلُ الشهر الأكثر فرحاً وألماً ــ ولكثير من الشعوب، شهر الفرح والاحتفالات بالربيع وبداية فصل وسنة جديدة ــ كما لدى الفرس ــ ولكنه لكُرد سوريا، يحملُ هذا الشهر بين صفحاته، تاريخ انتفاضة صارخة ودمويّة هزت مدينة “قامشلو”.

والقارئ المتمعّن في العنوان، لا يمكنهُ البتة؛ أن يفصل الزمان عن المكان، فحقيقة أيّ نصّ، يستوجبُ السؤال عن زمكانية الأحداث التي جرت وما زالت تجري، إذ لا يمكنُ للقارئ أن يجزّئ بين الزمان والمكان كوحدتين متلازمتين في النصّ الأدبي، وكعلاقة قائمة بينهما على المحايثة، فلا يمكن لأحدهما أن يكون مفعّلاً دون حضور الآخر، فليس ثمّة أزمنة دون أمكنة، فهما يعملان دائماً في إطار واحد، ويشكلان معاً عناصر مهمة في عمليّة السرد، ومن التقنيات التي تُبنى عليها العمليّة الإبداعية، والمحركُ الأساسي نحو القراءة، فالقراءة هنا ليست في العنوان؛ كعتبة أوليّة للنّصّ القصصي، ولا في زمكانيتها الفيزيائيّة، بقدر ما هي قراءة أبعد ما تكون في الذاكرة الزمنيّة، التي يستدعيها هذا العنوان، ما يستقطبُ القارئ هنا، هي العلاقة التي تربطُ بين هذا العنوان كزمن، مع المكان/ المدينة التي اشتعلت في هذا التاريخ، يقول القاص “بعد نهارٍ ضاجٍ أشبه باحتراق حطبٍ جافٍ في أتون نار، هبط الليل على جسد المدينة”، فالسرد يبدأ بالزمن، هو نهارُ الثاني عشر من آذار، ولأول مرّة منذ زمن بعيد، هبتْ انتفاضة زلزلت الأرض في مدينة قامشلي/ قامشلو، ثمّ لتطالَ الانتفاضة الجغرافيا الكردية كافةً، فالتحوّلات التي طالت المكان والكائن في المدينة، كانت عميقة جدا وطارئة، فما عادت الأمكنة مألوفة كما كانت من قبل “لم تستطع الظلمة إخفاء الحطامُ المتناثر في الشوارع كإشلاء، وافترس النشيج المكتوم خلف الأبواب الموصدة بإحكام”، ولا احتفظت المدينة بهدوئها، فكلّ ما فيها أصابها القلق وتحوّلت إلى نيران لا تنطفئ، وتحوّلت العلاقة مع المكان ـ هنا ـ إلى علاقة غير ثابتة، تتعرضُ لجملة من الإشكاليات والصعوبات، إذ العلاقةُ باتتْ تعاني الفوضى والقلق “في شارع ضيّق ومعتم، تلاصقت بيوته الطينيّة والإسمنتية الواطئة، استحالتْ الأبواب إلى أفواه بكماء، باب حديدي صغير تآكلت حوافه، ونخر الصدأ إطاره”، فالقاص يُصبغُ على المكان حسيته، وخاصة الأمكنة التي يشعرُ فيها المرء بالانتماء، أمكنة لها عيون تُراقب طيلة زمن طويل، بعد حالة من الثبات والسكون الذي كانت تعايشه، فيتوقفُ الإنجازُ في ذلك المكان، وتتحولُ الحركة والانتماء إلى فعلٍ مُخيف ومُربك “تلقي امرأة نظرات سريعة ووجلة على جانبي الشارع الغارق في صمته وعتمته، عدا إضاءة شحيحة تسقط من مصباح عمود كهربائي وحيد”، المكانُ يرسمُ لنفسه برنامجه الجديد، ليصبحَ برنامجاً للجميع، الكلّ يسيرُ على نهجه، فما عادت العلاقة معها ذا شجن، وما عاد المكان آمناً، ها هي المدينة تنتفضُ على بكرة أبيها “الأمواج البشرية وهي تتدافعُ في شوارع المدينة، حاملة جثامين فتية صغار وهي تطلق الصيحات الغاضبة، وتلوح بالرايات واللافتات، غير آبهةٍ بالرصاص الهاطل عليها بغزارة ولا بالخوذ الحديدية التي ملأت الفضاء وحجبت أشعة الشمس”، بقدر ما تحوّلت العلاقة بين الكائن والأمكنة، إلى علاقة يتشاركُ الكلُّ فيها، ثمة قلق عام طال الجميع، قلق داخل المكان وخارجه، كما في حركة الأم الدائمة والقلقة من/ إلى الباب ” تغمغم بكلمات قليلة، تكمُّ فَمها بيد مرتجفة، وما إن يتناهى إليها صوت سيارة مسرعة، أو وقع أقدام، حتَّى تنكفئَ إلى الداخل بخوف، تسندُ ظهرها إلى الباب المغلق، وترفعُ إلى السماء وجهاُ ضارعاً كساه الخوف بلون كامد، وقبل أنْ تُعيد الكَرّة، وتطل على الشارع بوجهها الذي راح يذوب كشمعة، تندفع نحو ابنتيها اللتين لم تكفا عن البكاء منذ غروب الشمس طلباً للطعام، تنهرهما، تصفعهما كما لم تفعل من قبل، آمرة إياهما بالسكوت، ثم تنطلق بعدها نحو باب الدار”، فالمكان في تحوّل وقلق يشارك كائنه، الباب يُفتح ويُغلق، فـ “الأفكار والقصص التي نتخيّلها أو قصص نسمعها عن الآخرين، لا نستطيعُ فهمها إلا من خلال تصورها في إطار مكاني واضح”، وبعدَ أن افتقدَ المكان لأمنه وهدوئه، باتت كلّ الأمكنة مصدر للخوف والرهبة، فالابن/ شيار لم يعد إلى البيت، خرج منذ فجر هذا اليوم لعمله في السوق، ومكانه آمن، فالأم لا تخشى غيابه، لأن هذا الغياب والتأخير يعني لديها ولدى أختيه، بأن الأخ/ شيار، قد فازَ بعمل إضافي ــ فالزمن هنا كان فوزاً ــ لذلك كانت الأم “ترفعُ وجهها نحو السماء وتتمتمُ بكلمات الشكر، وتفركُ شقيقتاه أكفهما بانتظار القطعتين النقديتين اللتين ستحظيان بهما، لتنطلقا بعدها، بإقدام تسابقُ الريح نحو دكان العم حليمو”، ولكن ثمّة تحوّل في المكان، استدعى حالة من الخوف والرعب، بعدما كان مكاناً للفرح، فالزمن الأول كان علامة فوز ومال، أما الآن فالزمكان يمثّل الخوف، بعدما طالَ الخراب المدينة، بدأت الأم تستذكر مشاهد الصباح في السوق “في منتصف المدينة، حيث ينتصبُ تمثال قائد البلاد، أمام مركز الجمارك الكائن شرقي المدينة، وفي أمكنة أخرى”، ازداد خوفها على ابنها/ شيار، وهي تتخيّلُ وقائع اليوم “تتخيلُ صور فتية يتخبطون في الشارع بدمائهم كطيور ذبيحة، أغلقت عينيها بأسى، فشاهدت تحت جفنيها صور ابنها وهو مُلقى في زنزانة معتمة، وشرطي أمرد يسوطُه بعنف”، فغيابه يثيرُ القلق، ربما تحوّلَ مكان عمله، هو الآخر من مكان مطمئن إلى مكان مُثير للخوف، فبات مكاناً ينهضُ هو الآخر بالذعر، وبذلك تتحولُ الأمكنة إلى بؤرة للأحداث فقط، كما في الثاني عشر من آذار.

العلاقة بين الكائن والمكان، هي علاقة قائمة على الرفض، وعليه فصورة المكان، ينالُ من القارئ أيضاً قيمة اجتماعية، ثقافية، وسياسية، أمكنة تُسجلُ نفسها، كأمكنة للرعب، وبذلك تساعد في فرز فكر الشخصية تجاه الخوف والقلق، وهذا ما شهدته الأم صباحاً، إذ طرأ عليها الخوف، نتيجة الخراب الحاصل في المكان/ المدينة، فزاد من هاجس خوفها على ابنها، لذلك ومن داخل الدار، فجأة ترتمي خارجه، إذ “قذفت بنفسها خارج الدار، في الشارع الذي كان خالياً، أطلقت نداء أشبه بالصراخ، انفرجت أبواب ونوافذ، وأطلتْ من خلالها وجوه وبرقت عيون، مسحت عتمة الشارع الطويل أشكالها وألوانها، وأضفى التوجس عليها لونه الباهت”، فالمكان يُشكّل الجغرافية الخلاقة في العمل الفني، وهو جزء من الحدث وخاضع خضوعاً كليّا له، فهو وسيلة لا غاية تشكيليّة ولكنها وسيلة فعالة في الحدث”، فبتحولاته الطارئة، يسهم في الأحداث ويكتشفها، وذلك من خلال التحولات التي طالت كلّ الكائنات، وكأن التحوّلات عائمة على كلّ الأشياء، هي بنفسها “وفي فم الباب، تحوّلت إلى تمثال من شمع، وهي تنظر بعينين دامعتين إلى ابنتيها اللتين افترشتا أرض الغرفة ونامتا”، فالقاص لا يرصدُ كلّ ما يعتري كائناته من الخارج فقط، إنما يهتمُ بالتفاصيل النفسية أيضاً، فالأم شاردة الذهن وهي تفترش مكانها في الشارع ” استمر تعاقب الصور أمام ناظريها، ولم تتوقف حتى اقتحمت صورة غريبة شريط الصور، كانت ابنتاها تبكيان في هذه الصورة، وهما تطلبان الطعام، فنهضت من مكانها كالملسوع، ولم تجد أحداً من الجيران حولها، دخلت الدار وهي تنادي ابنتيها بصوت مشروخ، وتوجهت من فورها إلى المطبخ، لتصنع لكل واحدة منهما شطيرة رب بندورة، وتنطلق بهما بلهفةٍ إلى الغرفة، وضعت في يد كلّ واحدة منهما شطيرة، واستلقت بينهما وهي تحملق في السقف الطيني بنظرات تائهة”. للمكان دلالة تفوق دوره المألوف كديكور أو كوسيط يؤطّر الأحداث، “إنه يتحول إلى محاور حقيقي ويقتحمُ عالم السرد محرراً نفسه هكذا من أغلال الوصف”.خارج الباب/ يكمن مكان الخوف، وداخله ثمة إحساس بالراحة والطمأنينة، وكأن الزمن مُعلقٌ بين الداخل والخارج، فبعد ما كانت المدينة تحملُ لساكنيها الألفة والحماية، ها هي تواجههم بإعصار، ولابُدّ من الحذر، فما عادت للمدينة فضائلها، وها هي تضربُ بيدٍ من حديد، وتحتاج لزمن حتى تستعيدَ ألفتها وطبيعتها، إنّها تتحوّلُ اليوم إلى زنازين مجهولة. الأمكنة ما عادت مغلقة، إنها تضيعُ في ظلال من الرماد، الرمادُ الذي يشتتُ في هويات كائناتها/ التمثال الذي يتربعُ هناك وسط المدينة، تحرك وسقط، وتراكم بقايا جسده على الأرض، كلّ النوافذ موصدة، الشوارع غارقة في العتمة، الصمت وراء قضبان النوافذ. إنها طاقة من السعادة والحزن، شكل من أشكال التحوّل في آن واحد.

المعطيات المكانية هنا في النصّ ــ البيت ــ هو جذر المكان، ومنه تنطلقُ الذاكرة والشخصية/ الأم ــ شيار/ الابن إلى الأمكنة الأخرى، فالقاص تناولَ المكان تناولاً عاليّاً، يجعلُ من المتلقي/ القارئ يستفحل في خياله المكاني ويستعيد كلّ أمكنته الأليفة أو حتى المعادية، فالباب يُمثّلُ للأم باب الخلاص “ثمّة قرع على الباب، كان شديداً ومتواصلاً، انتفضت من مكانها وانطلقت نحو باب الدار”، الباب الذي من ورائه يشكل التحوّل الأكبر، ببزوغ الفجر الجديد على المدينة، الباب الفاصل بين زمنين ومكانين، فاعتماد القاص على تقنية الوقفة الوصفية، في المشهد الأخير من القصة، أبطأ من الزمن، على حساب الاستطراد في السرد “أمام الباب، الذي فتحته، وبقيت في الداخل، نصفها الأسفل مثبت خلف الباب، ونصفها الأمامي مندفع إلى الأمام، كأنها صورة من يهمّ بمغادرة الصورة”، فالنصف المخفي وراء الباب/ هو الداخل الخائف والمرعب من ليلة الأمس، أما النصف الأمامي المندفع للخارج، فهو الخارج الطارئ والمتحوّل الأكبر لدى الكائن/ العائد  إلى البيت، ولكن بهيئة وهويّة مختلفة، قادم جديد، لا يشبه الأمس، فما عادت الأم تلك المرأة كما كانت بالأمس، حتى يكون هذا القادم الجديد من الخارج، مثل الذي غادر فجر الأمس من داخل هذا البيت.

الأحداث تمرُّ في بعض المنعطفات وبإيقاع زمني طبيعي “اتسعت عيناها دهشة، انحبست أنفاسها وهي تتأمّلُ بدهشة ممزوجة بسرور وراح يتعاظم، هيئة هذا القادم الذي أذاب غيابه ليلة أمس روحها”.

وهنا بؤرة التحوّل الذي أصاب الكائن/ شيار، فبخاتمة عجائبيّة؛ ينهي القاص الأحداث، وكأنها حدثت في أعوام مضت، باتكائه على زمن جديد، لا يشبه ما مضى “أحالَ هذا النهار الجديد كلّ شيء فيه، إلى ما كانت ترجو أن تراه يوماً، قبل أن يوافيها الأجل”، فالمتواليات السردية، قد لا تنتظم في “المجرى الخطي السردي، قد تعود للوراء أو على العكس من ذلك تقفز للأمام لتستشرف ما هو آت أو متوقع من الأحداث وفي كلتا الحالتين نكون إزاء مفارقة زمنية”، كحالة الابن/ شيار، فثمّة إشارات أوليّة؛ بأنّهُ قد تهيّأ لما هو مقبلٌ عليه، فالمرحلةُ والمكان بضجيجه، قد منحته النضج، إنّهُ يتحرر من الزمن الفيزيائي إلى زمن أكثر ذاتيةً. إنّ حركة الزمن ــ كعنصر تشويقي ــ يتعرض للكسر والتسريع خلال عمليّة السرد، وكأن الحاضر في السّرد، ثلاثي الأبعاد، كما سماه بول ريكور، بحاضر الماضي، وحاضر الحاضر وحاضر المستقبل، وكأن الزمن مضطرب، غير منضبط، أو خارج عن المألوف فأحيانا يسترجعُ السارد بعض الأحداث، ثم نراه يستبق إلى الأمام، فالأمل يهيمنُ على الخطاب “بزغَ فجر وليد، وصبغ بلونه الوردي أسطح المنازل، والنوافذ الموصدة، والشوارع الملأ بالحطام”، فعملية السرد لا يمكنُ أن تسيرَ للأمام خارج إطار الزمن. يُقال “إنَّه على الناقد عندما يسعى إلى سدّ أغوار أيّ نصّ أدبي، ينقبُ فيها، عليه أن يبحثَ عن قيم ثلاثة فيه، الصدق، الإخلاص، والإنسانية”، والنصّ القصصي المعنون بـ (12 آذار) يحملُ هويته وجواز سفره لهذه القيّم، ولكلّ قراءة نقدية، تاركاً الأبواب المغلقة والخائفة، والنوافذ الموصدة، والشوارع المعتمة، تنهضُ من العنفِ الذي مُورسَ عليها، وتبقى مفتوحة للشمس والنور، علّها ترممُ في الذاكرة الكردية/ السوريّة.

إنَّ التردد على هذا النصّ القصصي، كفيل بأن ينتشلَ القارئ من الحذر المغلق إلى السّر الذي لم يعدْ غافياً، بقدر ما هو إعلان عن الفرادة واليقظة النّوعية في تاريخ الكرد، وتاريخ سوريا عامة، حتى حملتهُ الأقلام لمنصتها الإبداعية والكتابيّة والتداول فيه، كدلالة ومعنى لتخليد تاريخٍ كان عاليّاً في حضوره.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية

احصل على آخر الأخبار العاجلة مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بك.
By signing up, you agree to our Terms of Use and acknowledge the data practices in our Privacy Policy. You may unsubscribe at any time.
شارك المقال
Facebook Twitter Email Print
المقال السابق الكورد بين الأطلال والآمال
المقالة التالية الخلاف مع تركيا هو خلاف وجودي وليس حدودي

تابع صفحتنا على الفيس بوك

Facebook Pagelike Widget

اشترك في النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على أحدث مقالاتنا على الفور!

تابعنا

موقعنا على منصات التواصل الأجتماعي
Facebook اعجاب
Twitter Follow
Instagram Follow
Telegram Follow
من المستفيد من الحرب الروسية-الأوكرانية
فبراير 26, 2023
الزلازل وقابلية الحل في سورية
فبراير 21, 2023
لا يُلام الذئب في عدوانه/ إن يك الراعي عدو الغنم
فبراير 21, 2023
سيكولوجيا الاستذئاب الافتراضي: إيذاء القريب والخذلان أمام الطغيان
فبراير 19, 2023
شرق المتوســــــط .. عصف زلزالي مزدوج
فبراير 18, 2023
أدب وثقافةثقافة

بول أوستر__ عابر المساحات بين الكتابة والقراءة

By احمد ابراهيم
مايو 30, 2025
ثقافة

استياك

By هيفي قجو
فبراير 25, 2023
أدب وثقافةثقافة

الفَرَحْ: (فَصْلٌ مِنْ رِواية)

By تسنيم طه
فبراير 19, 2023
ثقافةشعر

مديح النواقص

By مروى بديدة
يناير 31, 2023
ثقافة

”خاني“ حيٌ بيننا

By عبد العزيز قاسم
يناير 1, 2023

قد يعجبك ايضا

اشتباكات قامشلو

مايو 6, 2021

الاتفاق الكوردي يعزز الموقف السياسي الكوردي في المحطات التفاوضية السورية داخليا وخارجيا

فبراير 18, 2021

المجلس الوطني والاستحقاقات القادمة.. بين الواقع والمأمول

يوليو 5, 2021

من أفغانستان إلى العراق وسوريا… فارق كبير في الظاهر والجوهر

سبتمبر 3, 2021
السابق التالي

تجدنا على مواقع التواصل الاجتماعي

تابعنا
© Foxiz News Network. Ruby Design Company. All Rights Reserved.
انضم إلينا!
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا ولا تفوت آخر الأخبار والبودكاست وما إلى ذلك.
صفر بريد مزعج ، إلغاء الاشتراك في أي وقت.
Welcome Back!

Sign in to your account