ذكرى مأساة شنكال… والجرح الإيزيدي الذي لم يندمل بعد

روماف – تقارير 

قبل ثماني سنوات، وفي الثالث من شهر آب عام 2014، أقدم تنظيم داعش الإرهابي بالهجوم على شنكال، ارتكب جريمة نكراء تقشعر لها الأبدان، ومارس جميع أنواع الظلم والحقد بحق الكورد الايزيديين. وكانت من أبشع الجرائم بحق الإنسان الكردي ..الايزيدي، حيث اقدموا على قتل وذبح الآلاف من الإيزيديين وأسر آلاف آخرين من بينهم النساء والاطفال الذين أخذوا سبايا لرجالهم وبيعهم في أسواق النخاسة.

تحررت شنكال في تشرين الثاني من عام ٢٠١٥ مع دخول قوات البيشمركة المدينة، فلا يزال مصير قرابة ثلاثة آلاف أسير منهم بما فيهم من الاطفال والنساء مجهولين، رغم تحرير أكثر من ثلاثة آلاف عن طريق مكتب الرئيس نيجيرفان بارزاني، وما زالت عشرات المقابر الجماعية لرفات ضحاياهم مجهولة لم تكتشف بعد، ولم تندمل جراحات الايزيديين من أبناء الشعب الكردي طوال السنين الماضية.

تعاطف المجتمع الدولي مع الكرد الإيزيديين، وأدان تلك الجرائم وصنفتها الامم المتحدة والمنظمات العالمية كجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية، وصدر قرار أممي بانشاء فريق خاص من الأمم المتحدة لدعم الجهود لمساءلة التنظيم عما ارتكبه من تلك الجرائم وتقديمهم الى العدالة.

 

1- كيف ترى ما حدث للإيزيديين؟ وهل يمكن اعتبارها من الملفات السياسية؟ أم حالات عشوائية قامت بها جماعات همج إرهابية تدخل في خانة الجرائم القتل والنهب؟

2- برأيك، كيف نظر المجتمع الدولي إلى الملف الإيزيدي بعيدا عن تلك الإدانات وانشاء فريق خاص لدعم جهود المساءلة؟ ولماذا؟

3- هل تعتبر تلك الجريمة نابعة عن حقد المكونات الأخرى للمكون الكوردي؟ أم فقط إدخالها ضمن سياق تلذذ العصابات بالقتل والنهب؟

4- كيف يمكننا أن نُضمد جراح الكرد الإيزيديين؟

 

المجتمع الدولي لم يقم بواجبه كما يجب تجاه المجازر التي ارتكبت بحق الإيزيديين

تحدث عضو الهيئة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني – سوريا، فؤاد عليكو لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « السؤال الأول يتضمن بعدين ايديولوجي وسياسي معاً، ومن الخطأ توصيفهم بتبسيط التعريف بأنهم جماعات همج إرهابية تمتهن القتل والجريمة، بل الموضوع أعقد بذلك بكثير، حيث يتعلق الأمر بالفكر الإسلامي المتطرف والذي يعود بجذوره التاريخية إلى بدايات العهد الإسلامي الأول وتحديدا بعد معركة صفين 37 هجري بين علي ومعاوية وخروج فئة من المسلمين من المعركة سميت ب (الخوارج ) يكفر الطرفين ويستوجب محاربتهم وقتلهم معاً ورفعوا شعار( لا حكم إلا لله )، وقد تمكنوا من علي ولم يفلحوا مع معاوية، لكنهم لم يندثروا، بل واكبوا التاريخ الإسلامي حتى اليوم حيث كانوا ينشطون في مراحل ضعف الإمبراطوريات الإسلامية، وتخبو حركتهم في قوتها، لكن وفي الربع الثاني من القرن العشرين، أعلن زعيم الإخوان المسلمين حسن البنا عن تأسيس تنظيم عسكري سري 1940 تحت اسم (الجهاز السري الخاص)، وكان مهمته محاربة كل فكر يتعارض وتوجهاتهم السياسية، وأن الاسلام وحده يملك القيم السامية عالميا، لذلك يتطلب إقامة دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، كما ربطوا الوطنية بالعقيدة وليست بالجغرافيا، وهذا يعني طرح أنفسهم كمخلص للعالم الإسلامي أجمع، ووفقاً لمبدأ عالمية التنظيم عقائدياً فقد تم تأسيس فروع سياسية وعسكرية للتنظيم في كل الدول والتجمعات الإسلامية، على أن تكون مترابطة مع بعضها من خلال التنظيم الأم في مصر، وهكذا خرج التنظيم من إطاره المحلي إلى الإطار العالمي الإسلامي، وسمي بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. ثم أخذ هذا التنظيم بعداً أكثر راديكالية بعد ان تصدر المشهد المفكر الإخواني الدكتور سيد قطب وذلك من خلال طرحه لأفكار خارج إطار رؤية الإخوان الدعوية التقليدية وخروجاً عنه، والذي يعتبر أفكاره مرجعاً لكل التيارات الإسلامية المتطرفة الحالية حتى اليوم. والتي تنطلق من فكرة (جاهلية المجتمع) حيث يرى (قطب) بأن المجتمع الحالي مجتمع جاهلي لأنه لا يحكم بشريعة الله وإنما بشريعة البشر وهذا مخالف لإرادة الله، وعليه يجب محاربة كل من يقبل بحكم العباد وليس بحكم الله (وهو نفس شعار الخوارج)، سواء كان مسلما أم غير مسلم، وهذا ما يسير عليه كل التنظيمات الجهادية من القاعدة وغيرها الآن، أي تكفير كل من يخالف هذا التوجه. بعد إعدام سيد قطب 1965 برز من بين تلامِذته ثلاث شخصيات يعتبرون الآباء الروحيين للتنظيمات الجهادية الحالية، وهم: 1-الدكتور عبدالله عزام، الفلسطيني الذي ذهب إلى باكستان ضمن قوافل الآلاف من المسلمين الذين ذهبوا لمحاربة النظام الشيوعي في أفغانستان، وهناك أسس مع أسامة بن لادن تنظيم القاعدة من “المجاهدين العرب” والمسلمين بدعم أمريكي سعودي باكستاني. 2- الدكتور أيمن الظواهري طبيب مصري، كان عضوا في جماعة الجهاد الاسلامي التي قامت باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وصاحب الدعوة إلى محاربة الصليبيين واليهود كهدف استراتيجي، كما وجه دفة صراع التطرف الإسلامي إلى أمريكا واوروبا، وهو الآن زعيم تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن عام 2011 وتم تصفيته من قبل أمريكا في نهاية شهر تموز 2022. 3- الشخص الثالث هو الداعية محمد سرور زين العابدين، إخواني سوري عمل في التدريس في السعودية، استطاع بذكائه أن يجمع بين التيار الجهادي الإخواني والسلفي الوهابي، رغم الخلافات الكبيرة، وأدى ذلك إلى خلق قوة كبيرة للتيار المتشدد، كما أصبح تلامِذته دعاة نشطين جدا في السعودية والجزيرة العربية من بينهم سلمان عودة،عايض القرني، أسامة بن لادن، سفر الحوالي، والذين لهم باع طويل في نشر فكرة الجهاد في الجزيرة العربية ويسمون انفسهم بتيار الصحوة الإسلامية أو (السرورية) وبذلك اكتسب التيار الجهادي زخماً كبيراً نتيجة توفر المناخ المجتمعي والسياسي الملائم للنشاط بحرية أكثر، وجاءت الفرصة الذهبية حين استعانت بهم أمريكا بالتنسيق مع باكستان والسعودية في محاربة الحكم الشيوعي في أفغانستان، حين قدم لهم كل الإمكانات المادية واللوجستية والتدريب المثالي، وبذلك اكتسبوا خبرة قتالية كبيرة، إضافة إلى استقبالهم الآلاف من الشباب المسلمين من جميع أنحاء العالم، كما حصل تفاهم بينهم وحركة طالبان بقيادة ” ملا عمر” الذي سمي بأمير المؤمنين للدولة الإسلامية في أفغانستان بعد القضاء على الحكم الشيوعي فيها.

لكن معادلة التعاون بينهم وبين الدول الداعمة لهم قد تغيرت بعد تفجير برج التجارة العالمي في نيويورك عام 2001 من قبل تنظيم القاعدة، حيث دخلت أمريكا في حرب شرسة معهم، وما أن سيطرت أمريكا على أفغانستان حتى توزعت هذه المجاميع و التي تقدر بعشرات الآلاف من الجهاديين في جميع أنحاء العالم، لكن بقي الولاء للقاعدة ولأميرها بن لادن ومن بعده الظواهري وأفكار سيد قطب هو المعتمد والمرجع الاساسي، وبدأوا بتأسيس مجموعات في كل دول أنحاء العالم الإسلامي، وبعض الدول الأوربية ومن المفارقات أن معظم قادتهم قد لجأوا إلى إيران رغم الخلافات العقائدية الكبيرة بين الطرفين من بينهم الظواهري وأسرة بن لادن، وقد جاءت الفرصة الذهبية للطرفين بعد احتلال أمريكا للعراق 2003، حيث دخلا في تحالف (المنفعة المتبادلة) غير معلن. حين استخدمهم إيران في محاربة الأمريكيين في العراق، مما دفع في النهاية بالأمريكيين إلى الانسحاب من العراق وتسليم العراق لإيران وأنصاره، كما استخدمتهم إيران في سوريا بغية إجهاد الثورة ووسم الثورة السورية بالتطرف وقد حققت إيران هدفها من ذلك، كما أن القاعدة وفيما بعد (داعش) حققت الاستفادة من ذلك بسيطرتها على جغرافيا تقدر 300 الف كم٢ ».

على ضوء هذا الاستعراض يتابع عليكو: « عن ما هية هذا التنظيم وجذره التاريخي وتنسيقها مع إيران نستطيع القول بأن: الهجوم على شنكال من قبل داعش ليس بدافع كونهم إيزيديين بل لأنهم مخالفون لحكم ألله وعلينا أن لا نستغرب وجود أكراد منتمين لهذا الفكر شاركوا بالهجوم على شنكال كما لا استبعد وجود بعثيين يعملون في صفوف داعش ويحملون فكراً عنصرياً وحقداً على الكرد ».

يضيف عليكو: « كان هدف إيران بالدرجة الأساس إجهاض تجربة إقليم كُردستان وتعتبر شنكال وكركوك ومخمور مناطق العبور الأولى الى عمق الاقليم، خاصة إذا علمنا أن الخلافات بين المالكي والاقليم كانت في اوجها حينها، وإلا كيف نفسر سيطرة داعش على الموصل بـ3000 مقابل ثلاث فرق عسكرية عراقية في الموصل وحولها؟ وترك كل اسلحتها الثقيلة لداعش والاستحواذ على نصف مليار دولار من البنك العراقي في الموصل».

يتأسف عليكو: « على أن المجتمع الدولي لم يقم بواجبه كما يجب تجاه المجازر التي ارتكبت بحق الايزيديين، فلا عملت على عودة أهلها إليها، إذ لازال حوالي 160الف لاجئ شنكالي يعيشون في المخيمات وهم على بعد كيلومترات قليلة من بيوتهم بسبب رفض الحشد الشيعي الموالي لإيران وحليفهم ب ك ك رغم الاتفاق الموقع بين الاقليم والحكومة العراقية على إنهاء هذا الملف بإخراج الغرباء من شنكال وتمكين أهلها من العودة لبيوتهم والاهتمام بالمنطقة من قبل الطرفين، لكن الحكومة العراقية عجزت عن تنفيذ ذلك بسبب الرفض الإيراني لذلك الاتفاق فأوعزت لأنصارها بالبقاء في شنكال وعدم السماح للجيش العراقي لإخراجهم بالقوة، ولم يقم المجتمع الدولي بالضغط اللازم على إيران والحكومة العراقية على ضرورة عودة اهالي شنكال إلى بيوتهم.

– هناك حوالي 80 الف داعشي في سجون قسد وبإشراف أمريكي من بينهم حوالي 60 الف في مخيم الهول فقط والتي تبعد عن شنكال كيلومترات قليلة، وحتى الآن لم يتم تسفيرهم إلى بلدانهم ولم تقم لهم محاكم خاصة على الجرائم المرتكبة بحق الايزيديين، بل على العكس يعتبر هؤلاء قنابل موقوته قد تنفجر في اية لحظة نتيجة الوضع غير المستقر في المنطقة وقد تكرر مأساة شنكال مرة ثانية أمام بصر المجتمع الدولي، لذلك لا يمكننا تضميد جراح الشنكاليين دون تمكينهم في أرضهم ومن ثم الاهتمام بالمنطقة اقتصاديا بصفة مميزة وتعويض خسائرهم المادية والمساهمة الدولية في البحث عن المفقودين ».

 

هجوم داعش ضد الإيزيديين جريمة ممنهجة وإبادة بحق الانسانية

تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، نافع عبدالله لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « قبل ثماني سنوات من الآن في الثالث من آب أغسطس عام ٢٠١٤ شن تنظيم داعش الإرهابي هجوماً بربرياً على الكورد الايزيديين في شنكال بقرار سياسي صادر من مطابخ استخبارات الدول الإقليمية ارتكب هذا التنظيم أبشع وأفظع الجرائم من قتل وخطف واغتصاب والسبي بحق شعب آمن وصلت إلى درجة الإبادة الجماعية وباعترافات المنظمات والهيئات الدولية، وجاء هذا الهجوم استكمالا لحلقات المؤامرة على كوردستان بعد أن اتخذت الحكومة العراقية مع بعض الدول الإقليمية جملة من الإجراءات للنيل من مكتسبات الإقليم والتجربة الديمقراطية الرائدة على مستوى العراق والمنطقة والنيل من سمعة البيشمركة عبر وسائل إعلامية معروفة بولائها للدول الغاصبة لكوردستان».

يتابع عبدالله: « في البداية لم يكترث المجتمع الدولي إلى حجم الجرائم والاهانات المرتكبة من قبل تنظيم داعش الإرهابي بحق الشعب الكوردي الايزيدي ولكن بعد أن قدمت حكومة إقليم كوردستان الوثائق بالأسماء والأرقام من فظائع يندى لها الجبين حتى سارعت بعض الدول وعلى رأسهم أمريكا بعد شعورهم بخطورة التنظيم على بلادهم وشعوبهم لإنقاذ شعب بأكمله من خطر الإبادة الجماعية وكان للرئيس مسعود البارزاني الدور الأكبر في مناشدة المجتمع الدولي و تحرير شنكال من براثن الإرهابيين ».

يعتقد عبدالله: « بأن بعض المكونات الأخرى القومية منها أو المذهبية تضررت من هذا التنظيم الإرهابي العلة ليست في المكونات بل في الحكومات التي أمنت لهذه الجماعة كل الوسائل والمعدات اللازمة في حربها ضد الايزيديين وتتحمل تلك الدول المسؤولية الكاملة لما جرى بحق الأطفال والنساء وكبار السن من عاهات وأمراض ما عدا المقابر الجماعية والتي لم تتمكن المنظمات الدولية معرفة أماكن أغلب تلك المقابر ».

يؤكد عبدالله: « الاعتراف من قبل المجتمع الدولي بأن تنظيم داعش ارتكب جريمة إبادة جماعية او قتل شعب بشكل منظم وممنهج الجينوسايد غير كافٍ حتى يتم جبر الضرر على الحكومة العراقية أولا ثم المجتمع الدولي ثانيا تعويض تلك العوائل من كافة النواحي ومعالجة أثار تلك الجرائم والبحث عن المفقودين وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي للذين تم تحريرهم بعد هزيمة التنظيم وتأمين حياة كريمة لأبناء الضحايا ».

 

المثقف الإيزيدي أمام مهمة كبيرة لشرح حقيقة ما تم

تحدث الكاتب، إبراهيم اليوسف لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « اعتبرني أحد هؤلاء الذين أعلنوا النفير مع أول لحظات غزو تنظيم داعش الإرهابي لشنكال، بل وللوطن، وإقليم كوردستان، وأنى ارتكب هذا التنظيم من جرائم وحشية تابعها العالم الحر، وصار أمره حديث الساعة على نطاق عالمي، إذ كتبت العديد من المقالات والمتابعات والأخبار عن هذا الخطب الجلل، ناهيك عن متابعاتي شبه اليومية لجرائم داعش منذ الاعتداء على قرى الإيزيدية في ريف منطقة – سري كانييه – وريف قامشلي. ريف الحسكة. ومروراً بالموصل، فشنكال، فإقليم كوردستان، فالرقة ومناطق سورية عدة والعراق، فكتبت قصيدة ذات نفس ملحمي سميتها شنكالنامه – بعد ساعات من الحدث – إلى جانب ما كنت أنشره من مقالات على صفحات النهار اللبنانية، ومقالات أو مقابلات موازية في مواقع وصحف الإقليم : موقع حكومة الإقليم – رووداو- موقع المجلس الوطني الكردي، بالإضافة إلى العديد من المقابلات التي أجريت معي بهذا الخصوص، وكان لي رأيي الحازم الذي لما يتغير، وفق قناعاتي ورؤاي، وعندما وجدت أن القصيدة لا و لم تجد. المقالات لا ولن و لم تجد، رغم إنها لفتت الأنظار على نحو واضح، فقلت في نفسي : أمام هذا الحدث التاريخي العظيم لا يمكن أن يشفى غليلي، وأهدأ قليلاً، ويرتاح ضميري، إلا وأن أنجز عملاً روائياً أقول فيه أكثر ما يمكن قوله.

مناسبة هذا العرض، المطول، تكمن في أنني أحاول تأكيد اهتمامي المسبق بالحدث، منذ الساعات الأولى لحملة هذ التنظيم الإرهابي. قبل كل شيء، أتصور أن الكثير من الأحكام والآراء التي أبديت حول داعش، لا سيما فيما يخص استهدافهم الكرد يساوره الخطل، نتيجة القناعات المسبقة، أو عدم الدقة، أو كحصيلة لتضليل مبرمج، إذ إنه كانت لداعش أجنداته ومن أول هذه الأجندات محو حلم الكرد، في أن تكون لهم خصوصيتهم، وشخصيتهم الاعتبارية، ووجودهم، مهما دفع لذلك من ثمن، شأن من يقبل بدفع كل ما يملك حتى كرامته وهو فاقدها في هذه الحالة، أصلاً، من أجل ألا تقوم لجاره- قائمة – وإن أدى الإيغال في هذه المغامرة إلى خسارة الذات، وهو ما حدث تماماً مع أولاء الذين احتضنوا داعش، لا سيما بعد أن هبت نسمة الحرية والتحرر على المنطقة، بعد ثورات ربيعها، وخشي أعداء الكرد من أن يتمكنوا من تحقيق حلمهم التاريخي، أو بعض هذا الحلم، وألا يبقى الكرد أسرى أوهامهم الشوفينية ».

يتابع اليوسف: « في تصوري، ما عاد خافياً بعد التحريض والتآمر على احتلال كركوك، والتخطيط للتوغل إلى عمق الإقليم، والإجهاز على وجود الكردي، ومن ثم التآمر الإقليمي/ وتحت مسمع ومرأى القوى العالمي الكبرى، وبتواطىء، أو مباركة منها، فقد تم ما تم، ولكن إرادة وعظمة الكردي في مواجهة المؤامرة فوتت الكثير على أعداء الكرد، وإن خسرنا كثيراً، وأول ذلك : ما حدث لسبايانا في شنكال، بل ما تم من جرائم قتل وبطش للأطفال والنساء والشيوخ والرجال بحقد يكاد لم يعرف التاريخ له من مثيل.

من هنا، فالعشوائيات التي تمت، كمفردات في المعادلة العامة التي راحت تسوي ذاتها، إثر كل تطور على ضوء الواقع، كانت من ضمن السياق، السياق الذي هو نتاج الضوء الأخضر، بل المخطط لخريطة طريق هذا التنظيم ما بعد الوحشي ».

يضيف اليوسف: « لدي، بهذا الصدد قناعات راسخة، على ضوء ما حدث ألا وهي إن الدول المتحكمة بالعالم، كانت قادرة على وضع حد لداعش عندما غزوا الموصل، وهكذا عندما شنوا هجومهم على شنكال، وكوباني ومناطق كثيرة، كما إن السبايا التي سقن إلى أسواق النخاسة في الرقة، أو البو كمال، أو منبج، وغيرها من مدن ومناطق كان من السهل إيقاف هذه الجريمة لا سيما وإن المسافة بين شنكال والرقة- على سبيل المثال بضع ساعات، وكانت سيارات الدفع الرباعي وغيرها تسير محملة بالسبايا، كصيد بين أيدي مجرمي التنظيم الذين يهللون، مبتهجين بالنصر، وهم يرفعون الشعار الذي استثمروه: الله أكبر. أقول هذا ونحن نعرف أن وجبة طعام كانت تقدم لأبي بكر البغدادي كانت مكشوفة من قبل – الأقمار الصناعية – الراصدة، كما شأن حالة صدام حسين، وخلفاء البغدادي، من دن أن ننسى – المسيرات – التي تصطاد بها أمريكا من تريد من خصوم، في اللحظة المرادة أمريكياً. من هنا، فإنني أرى العالم كله شريكاً في هذه الجريمة، لا سيما فيما يتعلق بالسبي العام، وبورصة أسواق النخاسة والمقابر الجماعية، على حد سواء! ».

يوضح اليوسف: « نحن هنا أمام أمر آخر. إذ إن حقد المكونات له أبعاد موغلة في التاريخ، وقد تم الاشتغال عليه، منذ إعلان مصطلح- الشعوبية – هذا المصطلح الذي جاء بدوره نتيجة اشتغال مسبق، تراكمي، كان الناصريون والبعثيون وحتى الإخوان المسلمون- في نسختهم القومجية – أحد تجلياته، كما إن علينا أن ندرك أنه تم تفعيل هذا الحقد على الكردي في ظل الأحزاب العنصرية ما بعد القومية التي نشأت على أساس كراهية الآخر، وثقافة الاستعلاء الكاذب عليه، وأشير- هنا – بأسف أنه في الحالة السورية اشتغلت أوساط واسعة من المعارضة على الموقف العنصري تجاه الكرد، كما النظام، إذ التقيا، وتماهيا، في هذا الجانب!».

يؤكد اليوسف: « أنه لابد من نشر الوعي لدى أهلنا الكرد الإيزيديين أن ما تم الاشتغال عليه، من موقف تجاه أهلهم الكرد غير الإيزيديين إنما هو مخطط تضليلي، اشتغل عليه صدام حسين على نحو واضح، كما إن أوساطاً من أهلنا المثقفين الإيزيديين انخرطوا فيما هو شعبوي، وتماهوا مع هذا الخطاب، ومنهم من نظر له، من دون أن يتجرؤوا على فك الشيفرة الأكثر وضوحاً. ثمة خطر كبير يتم الآن في العلاقة بين البيت الكردي: الإيزيدي وغير الإيزيدي، لدرجة استيلاد مصطلحات ملفقة تعد الدين قومية، والكردي عدواً، رغم إن بقايا أيتام البعث اتصلوا ببعض أهلنا الإيزيديين وأغروا أوساطاً منهم بأن – الثورة قادمة – وسيتم إنصافهم، وأن هناك مستهدفين سواهم وهم البيشمركة إلخ، إلا إن جميعهم كانوا يستهدفون أهلنا الإيزيديين من أجل ضرب الكرد بعضهم ببعض، وقد تم تمرير المؤامرة ».

يشدد اليوسف: «على أن المثقف الإيزيدي أمام مهمة كبيرة لشرح حقيقة ما تم. أما الجرح الكبير فأنا عاجز عن خوض الحديث في كيفية مهادنته، أو مداواته، بهذه السهولة، والسرعة، فأنا لا أصالح كل من أجرم بحق أهلنا الإيزيديين، كما كل شعبنا، إذ لا بد من تقديم كل جان إلى المحاكم ».

 

الملف الإيزيدي كغيره من الملفات سيبقى عالقاً وورقة ابتزاز

تحدث القيادي في تيار المستقبل كوردستان- سوريا، وعضو المجلس الوطني الكردي، علي تمي لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « ما حدث في شنكال كان جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الدولية التي خططت لإشعال فتيل الأزمات والصراعات في المنطقة، والمكون الايزيدي، كان ضحايا الحرب ووقودها، من أوجد داعش، وأفسح له المجال للسيطرة على الموصل وبالتالي على البنوك فيها هو لتغذية الحروب في المنطقة وتوسيع نطاقها، وما حدث مع المكون الايزيدي كان مخطط له ولم يكن عشوائيا والهدف منه هو لإثارة الموضوع وتسويقه دوليا تمهيداً للتدخل الدولي تحت عناوين محاربة داعش وهذا ما حصل بالضبط ، للتدخل الاجنبي في المنطقة اهدافاً أبعد من محاربة داعش بحسب قراءتي للوقائع والمعطيات الموجودة على الأرض ».

يعتقد تمي: « أن ملف المكون الإيزيدي كغيره من الملفات سيبقى عالقاً وورقة ابتزاز بين الحشد الشعبي والعمال الكوردستاني، وسيتم المتاجرة بقضيتهم ريثما تنحسم ملف قسد في سوريا، اعتقد ان الدول المعنية بما فيها بغداد غير جادين بإيجاد حل شامل لهذه القضية ويحاولون تحميل معاناتهم لحكومة الإقليم التي تبذل قصار جهدها لإعادة هؤلاء إلى ديارهم ومنازلهم».

يشير تمي: « إلى ان الموضوع ليس نابعاً من حقد هذا المكون على ذاك أو بالعكس، فقط هناك توجه دولي بإثارة الصراعات العرقية والمذهبية في المنطقة لإيجاد حالة الفوضى وبالتالي لإشعال نار الفتنة كل ذلك بهدف خلط الأوراق ودفع المنطقة نحو مزيد من التناحرات والصراعات العرقية والقومية ».

يؤكد تمي: « إلى أن تضميد هذا الجرح يجب ان يتم من خلال إعادة هؤلاء إلى ديارهم ومطلوب من المجتمع الدولي دعم حكومة الإقليم والعمل على إعادتهم الى ديارهم وتعويض المتضررين والبحث عن حل شامل لقضيتهم ومطالبة الحشد الشعبي وحزب العمال الكُردستاني الخروج من شنكال وتسليمها إلى أهلها دون قيد أو شرط ».

 

المجتمع الدولي ملزم بالتحرك للمحافظةعلى خصوصية شنكال

تحدثت مسؤولة الاتحاد النسائي الكُردي رودوز، نجاح هيفو لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « ان ما حدث للكُرد الإيزيديين هو إبادة جماعية ممنهجة نفّذتها جماعة دينية، ضد جماعة دينية. الهدف الرئيسي من هذه العملية كان أولاً إبادة الإيزيديين بسبب معتنقهم الديني، وثانياً لأنهم كُرد. وللقضية بعدان، بعد ديني، وبعد قومي. وهذه ليست المرة الأولى، هذا المجتمع في هذا الحيّز الجغرافي يتعرّض لهجمات وعمليات مستمرة هدفها الرئيسي تفريغ شنكال وجبالها من سكانها الأصليين وإبادتهم، بسبب اختلافهم. وهذه القضية هي إنسانية بالدرجة الأولى ».

تتابع هيفو: « فعلياً لا أرى أن هناك تحركاً حقيقياً تجاه ملف الكُرد الإيزيديين. ما نراه من تحرك دولي وإدانات ودعم، كله يندرج تحت أعمال ونشاطات المجتمع المدني، الذي يعمل في كل القضايا المجتمعية في أوقات النزاع. الإيزيديون بحاجة لتحرك سياسي، لحقوق، لدعم سياسي وقانوني، لمحافظة على الخصوصية والوجود. المجتمع الدولي ملزم أن يتحرك ليحافظ على خصوصية شنكال الإيزيدية، وأيضاً لدعم تطبيق المادة الدستورية المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، لضمها رسمياً إلى إقليم كُردستان، وهو ما يحافظ على الوجود الإيزيدي. اليوم شنكال يتم تفرغيها من أهلها وسكانها الأصليين ».

تضيف هيفو: « ليس للقضية أبعاد عنصرية / قومية. هناك هجوم على أساس قومي، لكن هذا التحرك مرتبط بالجماعة الجهادية نفسها، وليس بقومية أو ديانة. لأن الذين حرروا شنكال كانوا قوات البيشمركة والقوات الكُردية وفرق من الجيش العراقي، وهؤلاء كُرد مسلمون وعرب مسلمون، لذا لا يمكن ربط الموضوع بأي بعد قومي على مستوى الجماعات المجتمعية. وجود فئة مجتمعية وقفت ضد الإيزيديين ودعمت التنظيمات الجهادية، لا يعني أن المجتمع كله يتبنى هذه المسألة. عندما نقول أن العراق مثلاً ينفذ هجوماً على الكُرد حقداً وكرهاً وعداءً للكُرد، لا يعني أن القصد منه هو أن العرب يقومون بهذا الفعل، أو المسلمون الشيعة أو السنة يقومون بذلك. هذه مسائل سياسية لا علاقة لها بالتعايش المشترك والسلم الأهلي بين المكونات ».

تؤكد هيفو: « لا بديل من عزل شنكال عن الصراعات الدائرة اليوم. خطاب الرئيس مسعود البارزاني واضح كان في هذا الصدد، وهو الحفاظ على خصوصية شنكال، وإبعادها عن الصراع الدائر، وإعادة الإعمار، وإعادة اللاجئين، وجبر الضرر، وإكمال ملف الناجيات المختفيات، والدعم السياسي والقومي، ولا أجد أن هذه القضية تحل دون ضم شنكال رسمياً إلى إقليم كُردستان. لأن شنكال اليوم تعيش صراعاً على مستويات عدة، وكل هذه المستويات هدفها الرئيسي هو استغلال المأساة الإيزيدية، واستهداف الكُرد وإقليم كُردستان من خلالها ».

 

ظهور تنظيمات ارهابية في كل من سوريا والعراق ليس طارئاً وجديداً

تحدث السياسي، محمد أمين أوسي لصحيفة « كوردستان »، بالقول: « ان ظهور التنظيمات الارهابية في كل من سوريا والعراق ليس طارئا وجديداً، ولكنها أخذت زخما كبيرا خلال العشر سنوات الماضية على الرغم من جهود مكافحة الإرهاب من قبل التحالف الدولي بقيادة أمريكا لتدميرها وتقليص نفوذها، إلا أن هذه الجهود لم تكن في البداية تتناسب مع قوة وزخم التنظيم الإرهابي داعش أثناء هجومها وزحفها الأولي باتجاه احتلال المناطق الحضرية عام 2014، هذا من جهة ومن جهة أخرى أعتقد انه كان هناك دعم لوجستي مباشر وكبير من الأنظمة الدكتاتورية لمنظمة داعش الإرهابي في هذه المنطقة ولأسباب عديدة لا مجال لذكرها الآن، وإلا كيف نفسر ظهورها الميداني الكبير المفاجئ من حيث امتلاك هذه المنظمات الإرهابية لأسلحة ثقيلة وحديثة ونوعية وبكميات كبيرة لم تأتي من فراغ حسب وجهة نظري.

اذا القينا نظرة عبر التاريخ فيما يتعلق بالمجازر التي حدثت للكُرد الايزيديين سيتبين لنا أن هناك 74 مجزرة حدثت بحقهم حسب التقديرات المنشورة من قبل بعض الباحثين في هذا المجال، ولكن أخطر وأبشع هذه المجازر دموية ووحشية هي مجزرة الثالث من آب 2014 على الاطلاق، وقل نظيرها في التاريخ الكُردي من حيث طريقة التنفيذ الممنهجة والهمجية التي تم ارتكابها بهذه الكيفية انها بحق إبادة جماعية جرى فيها قتل الأطفال والشيوخ والرجال وسبي النساء وأسر الآلاف منهم في مناطق سيطرة التنظيم الارهابي وتدمير المعالم الدينية والثقافية الإيزيدية ومحوها من الوجود بطريقة وحشية لا نظير لها في التاريخ ».

يتابع أوسي: « مجزرة شنكال هي مجزرة جرت في الثالث من شهر آب أغسطس عام 2014 من قبل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية الارهابية داعش ضد الكُرد الإيزيديين في كُردستان العراق في محافظة نينوى في قضاء سنجار وضواحيها، وقد وصلت أعداد ضحايا هذه المجزرة في بعض التقديرات إلى حوالي 5000 شخص، ولم يكتفِ التنظيم بهذه المجزرة بل قام بسبي الفتيات الكُرد الإيزيديات وأخذهن كجواري، وتم بيعهن في أسواق الموصل والرقة أمام أعين المجتمع الدولي المتحضر في القرن الحادي والعشرين، ضاربة عرض الحائط بجميع القوانين الدولية والأممية للمدنيين المسالمين في مجال حقوق الإنسان في الحرب والسلم».

يعتقد أوسي: « ان ما اقدمت عليه تنظيم الدولة الاسلامية في كل من العراق والشام داعش الإرهابي ومن خلفهم جميع الشوفينيين والانظمة الغاصبة لكُردستان بحق الكُرد الإيزيديين في قضاء شنكال وضواحيها، لم تكن مجرد حالات عشوائية قامت بها جماعات همجية إرهابية تدخل في خانة جرائم القتل والنهب والسرقة، بل انها جرائم إبادة جماعية (جينوسايد) وجرائم ضد الانسانية وحملة تعريب وتغيير ديموغرافي لمنطقة شنكال الكوردستانية، وإخراج الكُرد من المناطق الإستراتيجية، وجلب العرب الموالين لداعش بدلا عنهم ومحو هوية وثقافة وديانة الكُرد الإيزيديين واقتلاع جذورهم الراسخ في تاريخ وجغرافيا المنطقة ».

يضيف أوسي: « في الحقيقة كان هناك جهود دولية لمساعدة الإيزديين في شنكال منذ البداية رغم تواضعها وتأخرها لعدة أسابيع، حيث مات الكثير منهم من الجوع والمرض مقارنة بالهجمة الشرسة لمنظمة داعش الارهابي والإمكانات الكبيرة التي امتلكها هذا التنظيم منذ الهجوم الأول في البداية، وتمثل هذا الجهد بتوجيه ضربات عسكرية على مناطق محيطة بجبل سنجار ودعم قوات البيشمركة لحماية أعداد كبيرة من المواطنين العزل الذين هربوا من إرهاب التنظيم الداعشي للتموضع والاحتماء في قمة جبل شنكال، حيث لم يستطع التنظيم الوصول إلى هذه القمة الشديدة العورة, تم تحرير قضاء شنكال وضواحيها عام 2015 ويشير الصحافي احمد شنكالي وهو من شنكال إلى ان المدينة مدمرة بالكامل حاليا على غرار بنيتها التحتية، كما أن 70 بالمائة من مناطق مركز القضاء مدمرة بسبب العمليات العسكرية وعمليات قصف التحالف الدولي واستيلاء داعش عليها، واكثر من 60 من سكان شنكال يعيشون في مخيمات مؤقتة بالقرب من دهوك، ولم يستطع هؤلاء من العودة بسبب انتشار ميليشيات مسلحة في شنكال، وعدم رغبة الحكومة العراقية في تنفيذ اتفاقية شنكال التي وقعت مع حكومة إقليم كُردستان العراق لأجندات ميليشاوية، ومقابل ذلك ما يجري على أرض الواقع من انتهاكات والوضع المزري لما يعانيه الإيزيديين أصدرت مكتب مفوض الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ( يان كوبيش الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق 2016 اب 18 ). نداء من أجل المساءلة والحماية : الإيزيديون الناجون من الاعمال الوحشية التي ارتكبها داعش, واصدر كذلك السيد زيد رعد الحسين المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان 18 اب 2018 سويسرا نداءً بهذا الخصوص. ما عدا قلة قليلة من هذه النداءات الخجولة للمجتمع الدولي التي لم ترتق إلى مستوى الإبادة الجماعية للكُرد الإيزيديين التي حدثت عام 2014 بسبب تشابك الأجندات الدولية والإقليمية المعادية لتطلعات إقليم كردستان في ملف شنكال، المتمثل في عودة النازحين وإعمار كُردستان ،علما ان المنطقة اصبحت مسرحا لتصفية الحسابات، والحكومة العراقية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لتنصلها، وعدم الرغبة في تنفيذ اتفاقية هولير لإخراج المجموعات المسلحة من شنكال، وهذا أدى إلى تراجع جهود المجتمع الدولي في إعادة إعمار شنكال وضواحيها وعودة النازحين من أهلها إلى بلداتهم وقراهم بأمان ».

يشير أوسي: «ان مثل هذه الجرائم نابعة عن رغبة سياسية إرهابية شوفينية متطرفة تتجسد في إرتكاب جرائم إبادة جماعية بحق السكان الأصليين وتهجيرهم بغية للتغيير الديموغرافي العالق في أذهانهم النتنة منذ عقود. فيما يتعلق بضمد الجراح اعتقد انه من المفيد جدا اعادة الروح الى جهود المجتمع الدولي لإعادة اعمار قضاء شنكال وضواحيها وبذل جهودا من أجل الكشف : عن مصير الآلاف من المختطفين من النساء والأطفال والرجال، انها مهمة انسانية عاجلة للم الجراح الهائلة في جسد المجتمع الإيزيدي قبل اية مهمة أخرى وفي هذا السياق لابد من الاشارة للجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة إقليم كُردستان في مجال الكشف عن مصير الآلاف المختفين قسريا من قبل منظمة داعش الارهابية، وما تحرير ثلاثة آلاف أسير من قبل مكتب الرئيس نيجرفان البارزاني جهدا جبارا يصب في هذا الإطار المتواصل. ومن المفيد ايضا الاشارة إلى جهود إقليم كُردستان العراق في إخراج كافة المليشيات المسلحة من المنطقة من خلال اتفاقية اربيل المتعلقة بإخراج الميليشات المسلحة، بغية إعادة إعمار المنطقة وعودة النازحين الى بلداتهم وقراهم بشكل آمن، ولكن جهود الإقليم يصطدم بـ الموقف الملتبس للحكومة العراقية بهذا الصدد بحكم سيطرة، وتغلغل المليشيات داخل مراكز القرار للحكومة الفدرالية ».

أخيراً:

ملف شنكال والكورد الإيزيديين من الملفات الشائكة والمعقدة، بحاجة إلى نفس طويل والعقلانية لحله، وحكومة إقليم كوردستان بذلت جهوداً جبارة باحتضان اللاجئين الإيزيديين وكان لرئيس الإقليم الرئيس نيجيرفان البارزاني الدور الكبير في إعادة أكثر من نصف الإيزيديين المختطفين لدى داعش . أما الأهم هو تضميد جراح الإيزيديين بالعمل الجاد من قبل الحكومة العراقية لتأمين بيئة آمنة لعودة اللاجئين إلى مناطقهم في شنكال وعلى المجتمع الدولي بذل الجهود لعودة المخطوفين الذين تم سوقهم من قبل الدواعش إلى أسواق النخاسة والعبيد.

شارك المقال

مقالات أخرى